شهدت الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2024، التي أجريت في وقت مبكر بسبب الوفاة المفاجئة للرئيس إبراهيم رئيسي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، مقاطعة واسعة من الشعب الإيراني. وجرت الجولة الأولى من التصويت في 28 يونيو/حزيران، بنسبة إقبال منخفضة للغاية بلغت 40%، وهي الأدنى منذ ثورة 1979. وشارك في الانتخابات أربعة مرشحين رئيسيين: الإصلاحي مسعود بزشكيان، وثلاثة متشددين هم: محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي ومصطفى بور محمدي.
في الجولة الأولى، تقدم بزشكيان بأكثر من 10.4 مليون صوت (42.45%)، تلاه جليلي بحوالي 9.5 مليون صوت (38.61%). وحصل قاليباف على نحو 3.5 مليون صوت (13.79%)، فيما حصل بور محمدي على أقل من 207 آلاف صوت (0.84%)، ومع عدم حصول أي مرشح على الأغلبية المطلوبة (50+1%)، تقرر إجراء جولة إعادة بين بزشكيان وجليلي في 5 يوليو/تموز.
وأخيرًا، وبعد نحو 50 يومًا من وفاة إبراهيم رئيسي، عينت الجمهورية الإسلامية رئيسها التاسع، وبحسب إعلان مقر الانتخابات في إيران، خلف مسعود بزشكيان إبراهيم رئيسي بحصوله على 16 مليونًا و384 ألف صوت (53.6% من الأصوات)، كما حصل منافسه في جولة الإعادة الثانية من الانتخابات سعيد جليلي على 13 مليونًا و538 ألف صوت (ما يعادل 44.3% من الأصوات) وفشل مثل الجولات السابقة بالتغلب على المرشح الإصلاحي.
وبحسب إعلان وزارة الداخلية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فقد شارك في الجولة الثانية من الانتخابات 30.573.000 شخص من أصل 61.740.000 شخص يحق لهم التصويت بنسبة مشاركة بلغت نحو 49%، وهي إذا اعتمدنا على إحصاءات رسمية، فقد زادت بنسبة 10% مقارنة بالجولة الأولى من الانتخابات، متفوقًا على المرشح المحافظ سعيد جليلي.
منصب الرئيس واجهة ومنفذ للسياسات الكلية للنظام
صمم النظام السياسي الإيراني بشكل معقد لضمان هيمنة المرشد الأعلى على جميع فروع النظام، ما يحد بشكل كبير من استقلال رئيس الجمهورية، ويتمتع المرشد الأعلى، بسلطة واسعة النطاق على النحو المبين في الدستور الإيراني.
وخلال رئاسة محمد خاتمي (1997-2005)، أصبحت هذه الديناميكية واضحة بشكل خاص. وكان خاتمي، الإصلاحي، يهدف إلى تعزيز صلاحيات الرئاسة وتقليل القيود التي يفرضها مجلس صيانة الدستور والمرشد الأعلى. في أغسطس/آب 2002، اقترحت إدارته “مشروعات القوانين المزدوجة” التي تهدف إلى توسيع السلطة الرئاسية وتسهيل الإصلاحات السياسية وإلغاء رقابة مجلس صيانة الدستور على مرشحي الرئاسة الإيرانية، ومع ذلك، واجهت مشروعات القوانين هذه مقاومة كبيرة وترددت مرارًا وتكرارًا بين البرلمان ومجلس صيانة الدستور، ما يدل على سيطرة المحافظين الراسخة على العملية التشريعية.
وكان إحباط خاتمي من هذا النظام واضحًا، وانتقد التفسير المحافظ الذي جعل الرئيس مجرد منفذ للقرارات التي تتخذها المؤسسات الأخرى، مسلطًا الضوء على محدودية دوره. وقد سلط هذا الصراع من أجل الحصول على سلطة رئاسية أكبر والسحب اللاحق لمشروعي القانون المزدوج الضوء على صعوبة تفعيل تغييرات سياسية جوهرية ضمن الإطار الذي يهيمن عليه المرشد الأعلى ومجلس صيانة الدستور، وفي ذلك الوقت وصف خاتمي منصب الرئيس بأنه “المنفذ للسياسات الكلية للنظام” فيما أطلق عليه باللغة الفارسية اسم “تدارکاتچی”.
إن ولاية خاتمي تجسد التحديات التي يواجهها أي رئيس إيراني يحاول تنفيذ أجندات إصلاحية، ورغم كونه مسؤولًا منتخبًا مفوضًا بالتغيير، فإن تصرفات الرئيس وسياساته تظل مقيدة بشدة بالسلطة الشاملة للمرشد الأعلى، الذي يحتفظ بالكلمة الأخيرة في جميع المسائل الحاسمة للدولة.
يضمن هيكل السلطة المعقد هذا أنه على الرغم من قدرة الرئيس على التأثير على جوانب معينة من السياسة الداخلية، فإن قدرته الإجمالية على قيادة إصلاحات سياسية أو اقتصادية مهمة محدودة للغاية، لذلك ورغم الوعود الكثيرة التي قدمها بزشكيان خلال المنافسة الانتخابية، فإنه سيبقى عاجزًا عن تنفيذ أي إصلاحات جوهرية في الاقتصاد الداخلي الإيراني أو تقليل نفوذها التخريبي في الدول العربية أو تعزيز العلاقات مع الغرب.
هذه الثنائية العجيبة في منظومة الحكم الإيراني القائمة على رئيس مسؤول لا يملك صلاحيات ومرشد أعلى يملك صلاحيات واسعة دون أي مسؤولية قانونية يدفعنا أولًا للبحث في حدود صلاحيات المنصبين، ومن ثم البحث في كيفية إدخال ولاية الفقيه إلى النظام السياسي في إيران.
المرشد/ صلاحيات مطلقة معصومة
1. السلطة الدستورية
إن صلاحيات المرشد الأعلى منصوص عليها في الدستور الإيراني، خاصة في المادة 110 التي تحدد مسؤولياته، وتشمل هذه المهام وضع السياسات العامة لإيران، والإشراف على تنفيذها، وإصدار مراسيم الاستفتاءات الوطنية، كما أنه يقود القوات المسلحة، ويعلن الحرب والسلام، ويعين الشخصيات الرئيسية مثل رؤساء السلطة القضائية والإذاعة الحكومية وقادة القوات المسلحة وقادة الشرطة والمجالس الثقافية والدينية.
2. السيطرة على المؤسسات الرئيسية
للمرشد الأعلى القول الفصل في جميع شؤون الدولة الرئيسية، بما في ذلك تعيين كبار المسؤولين في الحرس الثوري الإسلامي وميليشيا الباسيج، وتمتد هذه السيطرة إلى السلطة القضائية ووسائل الإعلام الحكومية، ما يضمن أن نفوذه يتخلل كل جانب من جوانب الحكم.
على سبيل المثال، تصطدم جهود بزشكيان في اختيار جواد ظريف لمنصب وزير الخارجية بضرورة تأييد ظريف من البرلمان الإيراني الذي يسيطر عليه المحافظون، لذلك فلن يستطيع اختياره لهذا المنصب أبدًا. وفكّر بزشكيان في اختيار ظريف لمنصب النائب الأول له لأن هذا المنصب لا يحتاج إلى تأييد من البرلمان، لكن هذا الخيار قوبل برفض قاطع وصريح من المرشد الأعلى خامنئي حين قال ملمحًا بأن من يعتقد بأنّ ما تم تحقيقه من إنجازات هو بسبب التساهل الأمريكي لن يكون ذا نفع أبدًا، وكان الخطاب موجهًا بشكل خاص إلى بزشكيان لمنعه وبشكل واضح من تقليد جواد ظريف أي منصب حكومي رسمي، لذلك لا منصب رسمي لظريف في حكومة بزشكيان القادمة بخط أحمر من المرشد.
3. السلطات الإشرافية
تنص المادتان 57 و110 من الدستور على أن سلطة المرشد الأعلى تحل محل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهذا يعني أنه بينما تعمل هذه الفروع بشكل مستقل، فإن أعمالها تخضع للإشراف المباشر والموافقة من المرشد الأعلى، ما يؤدي إلى مركزية السلطة فعليًا في يديه.
4. التأثير على السياسة الداخلية والخارجية
يمتد تأثير المرشد الأعلى إلى السياسة الداخلية والخارجية، وعلى الصعيد المحلي، يشكل الخطاب السياسي والسياسة من خلال توجيهاته ومن خلال المعينين المخلصين في المناصب الاستراتيجية. وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، فهو يلعب دورًا حاسمًا في المفاوضات والعلاقات الدولية، وغالبًا ما يدير بشكل مباشر القضايا الحاسمة مثل المفاوضات النووية.
5. الإعفاء من المساءلة
لا يخضع المرشد الأعلى الإيراني للمساءلة بنفس الطريقة التي يتم بها محاسبة فروع الحكومة الأخرى. وعلى الرغم من أن مجلس الخبراء يتمتع نظريًا بسلطة إقالة المرشد الأعلى، فإن هذه الهيئة نفسها تتأثر بشدة بالمرشد الأعلى، ويتم فحص أعضاء الجمعية من مجلس صيانة الدستور، الذي يتم تعيين نصف أعضائه من المرشد الأعلى، ما يجعل الرقابة المستقلة صعبة للغاية.
علاوة على ذلك، غالبًا ما تكون قرارات وتوجيهات المرشد الأعلى نهائية ولا تخضع للطعن أو التدقيق القانوني، ويعزز الدستور والهيكل السياسي العملي هذا الافتقار إلى المساءلة، حيث يتم تثبيط المعارضة وقمعها في كثير من الأحيان.
الرئيس: صلاحيات مقيدة
صلاحيات الرئيس الإيراني مقيدة بشكل ملحوظ بموجب الدستور الإيراني، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى السلطة الواسعة التي يتمتع بها المرشد الأعلى، وعلى الرغم من أن الرئيس هو أعلى مسؤول منتخب ويتمتع بنفوذ كبير على الشؤون الداخلية، فإن دوره ثانويًا بشكل أساسي بعد المرشد الأعلى.
لقد تم تقليص قدرة الرئيس على التأثير على التشريعات بشكل كبير من مجلس صيانة الدستور ومجلس تشخيص مصلحة النظام. تتمتع كلتا الهيئتين الخاضعتين لتأثير المرشد الأعلى، بسلطة منع أو تعديل التشريعات والميزانيات المقترحة من الرئيس، وبالتالي الحد من نفوذه التشريعي.
ويشرف مجلس صيانة الدستور أيضًا على الانتخابات الرئاسية، ويدقق في المرشحين ويضمن أن أولئك الذين يتوافقون مع آراء المرشد الأعلى فقط هم الذين يمكنهم الترشح للانتخابات. وهذا يحد من التنوع السياسي والاستقلال داخل السلطة التنفيذية.
عندما يتعلق الأمر بالمساءلة والعزل، يمكن عزل الرئيس من مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان). إذا وجد البرلمان أن الرئيس مذنب بعدم الكفاءة أو سوء السلوك، فإن المرشد الأعلى يتمتع بالسلطة الدستورية لإقالة الرئيس بناءً على توصية البرلمان، بالإضافة إلى ذلك، يتمتع المرشد الأعلى بسلطة عزل الرئيس مباشرة إذا رأى ذلك ضروريًا. ويؤكد هذا الحكم السيطرة المطلقة التي يتمتع بها المرشد الأعلى على جميع فروع الحكومة، بما في ذلك السلطة التنفيذية التي يرأسها الرئيس.
علاوة على ذلك، فإن مجلس صيانة الدستور لا يشرف على الانتخابات فحسب، بل يتمتع أيضًا بسلطة استبعاد المرشحين الرئاسيين، حتى بعد فوزهم بالانتخابات، إذا تبين أنهم يفتقرون للمؤهلات اللازمة، وهذا يوضح أيضًا الاستقلالية المحدودة للرئاسة داخل النظام السياسي الإيراني، حيث يعمل الرئيس ضمن المعايير الصارمة التي وضعها المرشد الأعلى، الذي يحتفظ بالسيطرة المطلقة على الحكم في إيران، وبمعنى آخر فإن مسعود بزشكيان مهدد وبشكل مستمر بالعزل من مجلس صيانة الدستور إذا ما قرر ذات يوم القيام بإصلاحات جذرية أو تخطي الخطوط الحمراء للنظام السياسي.
الثنائية العجيبة.. الجمهورية الإسلامية
كانت الثورة الإيرانية عام 1979 حدثًا بالغ الأهمية أعاد تشكيل المشهد السياسي في البلاد، ومع اكتساب الثورة زخمًا، غادر الشاه محمد رضا بهلوي إيران في 16 يناير/كانون الثاني 1979، ما خلق فراغًا في السلطة. مهد هذا الرحيل الطريق لعودة آية الله روح الله الخميني من المنفى في الأول من فبراير/شباط عام 1979، وكان وصوله بمثابة بداية فصل جديد في تاريخ إيران. وفي غضون فترة قصيرة، في 11 فبراير/سباط 1979، انهار النظام البهلوي، وأعلن الثوار النصر، وشكلوا حكومة مؤقتة.
من المثير للاهتمام أنه في الأسابيع التي سبقت الثورة، أثيرت مسألة نوع الحكومة التي ستحكم في إيران، حيث طرح البعض أن الاستفتاء في نوع الحكومة سيتضمن بالإضافة إلى خياري “الملكية الدستورية” و”الجمهورية الإسلامية”، خيارات “الجمهورية” في الشكل المطلق لمفاهيم الجمهورية و”الجمهورية الديموقراطية الإسلامية”.
لكن آية الله الخميني رفض جميع هذه الخيارات وأعلن أن الخيار الوحيد الذي سيطرح على الاستفتاء هو “الجمهورية الإسلامية” دون إضافة أو حذف أي كلمة أخرى. وبالفعل جرى الاستفتاء على نوع النظام من 30 إلى 31 مارس/آذار 1979، وادعى النظام أن 99% من الناخبين صوتوا بنعم لهذا النظام السياسي، وبعد هذا التفويض، وفي الأول من أبريل/نيسان عام 1979، أعلن الخميني رسميًا أن إيران أصبحت جمهورية إسلامية، وهو التاريخ الذي يتم الاحتفال به سنويًا الآن باعتباره يوم الجمهورية الإسلامية.
في البداية، قدم آية الله الخميني نظامًا سياسيًا هجينًا استثنائيًا، يعرف باسم “الجمهورية الإسلامية”، بهدف استرضاء الفصائل المختلفة التي شاركت في الثورة ضد الشاه، وخلافًا للاعتقاد السائد، لم يكن الإسلاميون هم المجموعة الأكبر في هذه الثورة. وبدلاً من ذلك، كان تحالف التجار والطبقة التقليدية واليسار الإيراني والشيوعيين وأنصار محمد مصدق هم الذين قادوا الحركة التي أدت في النهاية إلى سقوط الشاه.
لقد استغل الخميني ببراعة الأجواء الفوضوية والحماسية التي أعقبت الثورة لاقتراح هيكل جديد للدولة، وهو مزيج من الجمهورية والإسلاموية، وقد طرح هذا الاقتراح للتصويت، ولم يكن من المستغرب أن يتم إقراره. ومع ذلك، منذ اللحظة التي اعتنق فيها الشعب هذا الإطار الثنائي، بدأ الخميني في تقويض الجانب الجمهوري بشكل منهجي من خلال تأسيس مفهوم “ولاية الفقيه”.
ولاية الفقيه: تزوير وتلاعب
كانت نظرية ولاية الفقيه غير مسبوقة في الفقه الشيعي والفقه الإسلامي الأوسع، وقد واجهت معارضة كبيرة من العديد من كبار علماء الدين الشيعة، وعلى الرغم من طبيعتها المثيرة للجدل وتأثيراتها العميقة على مستقبل إيران السياسي، فقد وافق عليها مجلس الشورى الإيراني على عجل دون مناقشة مستفيضة.
عند عودته إلى إيران، وعد آية الله الخميني بتشكيل “مجلس تأسيسي” لكتابة دستور للبلاد، خلال خطاب ألقاه في مقبرة “جنة الزهراء”، وفي هذا الخطاب، أشار الخميني خطأ إلى تأسيس “مجلس الشيوخ”، ومن ثم نبهه بعض مرافقيه إلى الخطأ فقام بالتصحيح والقول بأنه سيشكل مجلس تأسيسي، ومع ذلك، أظهرت الأيام والأسابيع التالية لهذا التصريح بأنه لم يكن هناك خطأ لغوي وذلك لأن الخميني أنشأ “مجلس شيوخ” ديني، سُمي فيما بعد “مجلس الخبراء”.
أعد مجموعة من الحقوقيين مسودة أولية للدستور الإيراني، بينهم حسن حبيبي، وناصر كاتوزيان، وعبد الكريم لاهيجي. كانت هذه المسودة في الأساس عبارة عن مزيج من ترجمة دستور الجمهورية الفرنسية الخامسة، وبعض النظريات الإسلامية، وجوانب من دستور الثورة الدستورية الذي أقره مظفر الدين شاه قاجار في 30 ديسمبر/كانون الأول 1906، وفي هذه المسودة لم تتم الإشارة إلى نظرية ونظام ولاية الفقيه أبدًا.
استبدل آية الله الخميني المجلس التأسيسي للحقوقيين الثوريين، بـ”مجلس المراجعة النهائية لدستور الجمهورية الإسلامية” هذا المجلس هو نفسه مجلس الخبراء وكانت مهمته الرئيسية في ذلك الوقت مراجعة الدستور المقترح والموافقة عليه وطرحه للاستفتاء.
ترأس محمد بهشتي، وهو من المقربين للخميني، معظم اجتماعات مجلس الخبراء الأول، باستثناء عدد قليل ترأسه حسين علي منتظري، وكانت اللقاءات مكثفة ومتكررة. تمت الموافقة على مبدأ وأصل ولاية الفقيه في الجلسة الخامسة عشرة المنعقدة في 9 ديسمبر/كانون الأول 1979، بناءً على اقتراح منتظري وتم إدراج هذا الأصل المستحدث في الدستور. انعقدت هذه الجلسة، التي ترأسها بهشتي، بعد ثلاثة أيام فقط من وفاة محمود طالقاني، أحد أهم أركان ما عرف بالثورة الإيرانية والمعارض الشديد لولاية الفقيه.
احتج عزت الله سحابي، أحد أعضاء مجلس الخبراء، خلال هذه الجلسة على عدم منحه الفرصة لبيان أسباب رفض ولاية الفقيه. ولم يسمح بهشتي إلا لمعارض واحد ومؤيد واحد فقط بالتعبير عن آرائهم قبل التصويت، ولم يُمنح سحابي الفرصة للإدلاء ببيان مستفيض، وبدلًا من ذلك، كان رحمة الله مقدم مراغي، ممثل أذربيجان، هو الخصم الوحيد الذي سُمح له بالتحدث ضد هذا المبدأ، وقال مراغي إن إدراج ولاية الفقيه في الدستور يمكن أن يؤدي إلى ظهور دكتاتورية في جمهورية إيران الإسلامية، وهذا ما حدث بالفعل بعد مرور أكثر من 45 سنة. وقد تم إقرار الدستور الإيراني بتاريخ 12 سبتمبر/أيلول 1979.
ويعزز الدستور الإيراني، خاصة بعد تعديلات عام 1989، السلطة المطلقة للمرشد الأعلى، ما يجعل المنصب الركيزة الأساسية للحكم الإيراني، حيث ألغت هذه التعديلات شرط أن يكون المرشد الأعلى مرجعًا معترفًا به (أعلى وأفقه رجل دين) لاستيعاب صعود خامنئي إلى السلطة، رغم رتبته الدينية الأقل نسبيًا في ذلك الوقت.