ترجمة حفصة جودة
“لقد تزوجت من مقاتل أجنبي من جزر المالديف عام 2016؛ وقد قتُل في نفس العام في اشتباكات مع قوات النظام، كنت حاملًا حينها ووضعت بعد 3 أشهر من وفاة زوجي”، هذه السيدة التي تبلغ من العمر 30 عامًا –من معرة النعمان بمحافظة إدلب- قادها انعدام الأمن إلى الزواج من هذا الأجنبي، حيث تقول: “قُتل والديّ في غارة جوية شنها النظام، ونتيجة لذلك كنت أنتقل في المعيشة بين بيوت أشقائي الخمس المتزوجين، لكنني كنت أقضي معظم الوقت في بيت أخي الأكبر، كنت أشعر بعد الراحة وقلة الاستقرار وأنني عالة على غيري، لذا قررت الزواج”.
هذه القصص ليست نادرة في بعض المدن السورية، لذا انطلقت حملة شعبية بعنوان “من زوجك؟” وهي تهدف إلى إثناء النساء السوريات عن الزواج من المقاتلين الأجانب ومحاولة تثقيف العامة من خلال اللافتات والجرافيتي في الشوارع عن التحديات التي ستواجه هؤلاء السيدات وأطفالهن.
تم جذب العديد من المقاتلين الأجانب إلى سوريا مع بداية الصراع على أمل انضمامهم إلى بعض الجماعات المتطرفة التي نشأت هناك وبعضها ينتسب إلى القاعدة والدولة الإسلامية “داعش”، وتواجه السيدات اللاتي يتزوجن من هؤلاء المقاتلين أعباءً عديدة، فالمرأة السورية لا يمكنها أن تنقل جنسيتها إلى زوجها الأجنبي، بينما تستطيع المرأة الأجنبية الحصول على الجنسية السورية بمجرد زواجها من رجل سوري.
إذا وُلد الطفل لأم سورية وأب أجنبي فإنه لا يحصل على حقوق ومميزات المواطن السوري
كما تنتقل الجنسية السورية إلى الأبناء من خلال الأب فقط، فلو وُلد الطفل لأم سورية وأب أجنبي فإنه لا يحصل على حقوق ومميزات المواطن السوري، وهناك جهود ومحاولات لتغيير هذا القانون لكن الوضع ما زال كما هو عليه.
هناك أيضًا وصمة العار التي تلحق بزوجات وأرامل المقاتلين الأجانب، يقول قاسم زيدان –مؤسس حملة “من زوجك؟”-: “هؤلاء المقاتلين الأجانب الذي يُقتلون أو يهربون أو يختفون يتركون وراءهم أطفال وزوجات تتأثر حياتهم الاجتماعية بشدة نتيجة لذلك”.
تؤكد السيدة –التي رفضت نشر اسمها من معرة النعمان- هذه الادعاءات حيث تقول: “كانت الفتيات يسألونني كيف قبلت بالزواج من هذا الشخص؟ كان بإمكانك أن تتزوجي من هو أجمل وأفضل منه، حتى أقربائي كانوا ضد هذا الزواج فهو بالنسبة لهم رجل غريب ولا نعرف عن أصله أي شئ، والأهم من ذلك أنه كان أحد أعضاء حياة تحرير الشام”
جرافيتي في إحدى المدن السورية يقول: “لا تتزوجي مجهول الهوية”
يتكون ائتلاف حياة تحرير الشام من عدة منظمات تتضمن جبهة النصرة والتي كان في السابق مرتبطًا بالقاعدة، تنوعت واختلفت الأسباب التي دفعت هؤلاء السيدات للزواج من أجانب، فبعضهن يعتقدن بأنهن لا يملكن خيارات أخرى، وهناك أخريات انجذبن لهذا الزواج بسبب انبهارهن بشجاعة وبطولة المقاتلين، لكن حملة “من زوجك؟” تحاول مساعدة السوريات في إدلب وحلب على فهم مخاطر هذا الزواج.
يقول زيدان أن الحملة بدأت في ديسمبر 2017، ورصد فريق المتطوعين الذي يبلغ عدده 150 متطوع 1735 حالة لسيدات من إدلب وغرب حلب تزوجن من مقاتلين أجانب، 1124 امرأة من هؤلاء أنجبن أطفالًا بلغ عددهم 1826 طفل.
قال أحد المتطوعين في الحملة والذي رفض عن كشف اسمه خوفًا من عقاب الائتلاف؛ أن الحملة تأمل في وقف هذه الظاهرة لكنهم يواجهون تهديدات من الائتلاف، وأضاف: “يحاول أفراد الائتلاف تتبع فريق العمل لمعرفة هويتنا الحقيقية، ويقوم المقاتلون الأجانب بإزالة الملصقات وتمزيقها في مدينة أريحا”.
بعض المقاتلين الأجانب يمنعون أطفالهم من الاندماج مع الأطفال الآخرين في المجتمع
هدف الحملة الآخر هو مساعدة الأطفال الناتجون عن تلك الزيجات على الاعتراف بهم من قِبل المجالس المحلية، ففي المناطق التي تسيطر عليها المعارضة تعد هذه المجالس الوسيلة الوحيدة التي يستطيع الأطفال من خلالها الحصول على وثائق رسمية لتلقي اللقاحات والتسجيل في المدارس.
يقول عبد الرحيم حمادي –رئيس المجلس المحلي في كفر رماح بإدلب: “معظم الناس في القرية يحاولون منع أقاربهم الإناث من الزاوج من هؤلاء المقاتلين الأجانب، لكن مخاوفهم تدور حول المستقبل القريب من احتمالية وفاة الزوج في أرض المعركة، ولا ينصحونهم بشان المستقبل البعيد فيما يتعلق بحقوق أطفالهم وجنسيتهم”.
أما فاطمة الأبرش؛ والتي تعمل في مركز مزايا للمرأة ويقيم أيضًا برامج للأطفال، فتقول أن هذه الزيجات لها عواقب أخرى، فبعض المقاتلين الأجانب يمنعون أطفالهم من الاندماج مع الأطفال الآخرين في المجتمع، كما يمنعونهم من الذهاب إلى المدارس العامة لأنها برأيهم مدارس “علمانية”، لذا فإنهم يرسلون أبناءهم إلى المعاهد الإسلامية التي أسسها ائتلاف حياة تحرير الشام بديلا عن المدرسة، هذا الأمر يخلق صدعًا اجتماعيًا هائلًا بين الأطفال.
ويقول زيدان: “حتى الآن رفضت اثنين من النساء الزواج من مقاتلين أجانب، ومن واجبنا أن نعمل على حل هذه المشكلة، وأن نتحمل مسؤوليتها”.
المصدر: الغارديان