في أجواء أشبه بالسوق جلس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام ضيفه الأمير محمد بن سلمان ممسكا لوحة عليها عدة أنواع من الأسلحة الأمريكية المتطورة، مستغرقًا في شرح مميزاتها وقدراتها الفائقة مقارنة بأي سلع (أسلحة) أخرى، مخاطبًا الأمير الشاب بسخرية:”هذا فول سوداني بالنسبة إليك..”.
ولي العهد السعودي بوصفه “الزبون الكبير” للولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، لم يبد أي اعتراض على طلب ترامب زيادة قيمة سلعته المعروضة للبيع، بل اكتفى بضحكة ملء فيه، مرسِلاً تعابير تجلّي موافقته على طلب “حليفه المقرب”، لن يبخل “الرجل الثري القادر على الدفع” -وفق ما يصف نفسه في إحدى المقابلات- على واشنطن بما لديه، استثمارات بمئات مليارات الدولارات يحملها في جعبته لشركات السلاح والتكنولوجيا والترفيه.
لقاء ترامب – ابن سلمان، الذي يعد الأول منذ تنصيب الأخير وليًا للعهد يونيو/حزيران الماضي، جاء ضمن زيارة يراها البعض تأسيسية بما تحمله الكلمة من معنى، حيث يمكث الأمير الشاب واحدة من أطول زياراته الخارجية إن لم تكن أطولها على الإطلاق، تقارب 3 أسابيع، يتجول خلالها في سبع مدن، ويلتقي العشرات من رؤساء الشركات والكيانات الأمريكية، ليقدم الأمير الطامح في كرسي العرش أوراق اعتماده رسميًا للولايات المتحدة بصفته مختلف عن سابقيه من المسؤولين السعوديين، خاصة في التعامل مع إيران، وأيضاً إمكانية التعاون مع “إسرائيل”، هذا بخلاف فتحه لخزائن بلاده أمام الأمريكان.
التاجر والزبون
كعادة التاجر الناجح الدارس لفنون التسويق الحديثة، والخبير بمداخل زبائنه وكيفية إقناعهم بأقل جهد، غازل ترامب ولي العهد السعودي خلال مآدبة غداء أقامها له والوفد المرافق خلال زيارته إلى البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، عازفًا على وتر الصداقة الذي يربط بين الضيف والمضيف.
لجأ ترامب إلى استخدام الأسلوب المباشر في طرح بضاعته التي يريد تسويقها، قائلا إن “السعودية دولة ثرية جداً، وسوف تعطي الولايات المتحدة بعضاً من هذه الثروة كما نأمل في شكل وظائف وشراء معدات عسكرية”، هذا بعد أن رحب بالأمير وضيفه: “شرف لنا أن نستضيف ولي العهد السعودي والوفد المرافق له الذي أعرف الكثير منهم والتقيتهم في مايو/أيار الماضي خلال زيارتي للرياض، عندما وعدتنا السعودية بـ400 مليار دولار لشراء معداتنا العسكرية وأشياء أخرى”.
التاجر الأمريكي لم يأخذ وقتًا كبيرًا في تقديم سلعته التي يعرف قدرها عند الزبون، “لا يوجد أي أحد في مكان بالعالم قريب حتى من قوة صواريخنا وطائراتنا وكل معداتنا العسكرية من ناحية التكنولوجيا ونوعية المعدات والسعودية تقدر ذلك”، مبينًا أن السعوديين “أجروا اختبارات لكل شيء ويفهمون ذلك جيداً ربما أفضل من الجميع”.
أمام هذا العرض المباشر والجريء من “التاجر” المتمكن من آليات تسويق سلعته، لم يمكن “الزبون الكبير” إلا أن يضحك ملء فيه ويومئ برأسه مبديًا موافقة أولية على زيادة المقابل للصفقات الأمريكية، الأمر لم ينته عند هذا الحد وفقط، بل تعهد ولي العهد بما هو أكبر من ذلك قائلا: “نعمل على خطة لاستثمار 200 مليار دولار بين البلدين”.
المحللون الماليون يتوقعون مزيدًا من تدفق رؤوس الأموال خارج السعودية خلال الفترة المقبلة خاصة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنها ولي العهد ضد عدد من الأمراء ورجال الأعمال
بناءً على البيانات الأولية لعام 2017 الصادرة من الهيئة العامة للإحصاء، تحتل أميركا المرتبة الثانية في حجم التبادل التجاري للمملكة مع دول العالم بمقدار 135 مليار ريال (36 مليار دولار)، وفي ظل الاتفاقيات الضخمة التي وقعتها السعودية وأميركا خلال شهر مايو (أيار) الماضي، – أبرزها اتفاقيات لشركة “أرامكو” النفطية السعودية بـ50 مليار دولار مع شركات أميركية، وصفقات شركة «جنرال إلكتريك» المقدر قيمتها 15 مليار دولار بالصناعة والتعدين، فيما ستطور «ريثيون العربية» أنظمة الدفاع الجوي والأسلحة الذكية بالسعودية – فمن المنتظر أن تقفز حجم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين إلى آفاق جديدة خلال المرحلة القادمة
تزامنت الزيارة مع رفض مجلس الشيوخ الأميركي، أمس الثلاثاء، قراراً يسعى لإنهاء دعم الولايات المتحدة لحملة السعودية في الحرب الأهلية باليمن، حيث صوَّت المجلس بأغلبية 55 مقابل 44 برفض القرار، الذي سعى للمرة الأولى لاستغلال بند في قانون سلطات الحرب لعام 1973، يسمح لأي سناتور بطرح قرار حول سحب القوات المسلحة الأميركية من أي صراع لم تحصل على تفويض من الكونغرس للمشاركة فيه.
الداعمون للقرار أشاروا إلى تورط المملكة في حربها باليمن طيلة السنوات الثلاث الماضية، متسببة فيما وصفوه بـ “كارثة إنسانية”، فيما أكد المعارضون لإنهاء دعم أمريكا للرياض في تلك الحرب بأن “السعودية شريك لا غنى عنه في المنطقة، بدونه لن تُحقق الولايات المتحدة النجاح المرجو”
ازدواجية في السياسات
في الوقت الذي يهرول فيه ابن سلمان للتودد إلى ترامب عبر إرضاء نهمه في الحصول على المال في مقابل كسب دعمه في تحقيق حلمه بخلافة والده على عرش المملكة، إذ لم يكتف بالـ 460 مليار دولار التي دفعها خلال مايو/ آيار الماضي، متعهدًا بما يقرب من 200 مليار آخرين خلال المرحلة القادمة، يعاني السعوديون من أزمات اقتصادية خانقة، نقلت السعودية من أحد أغنى الدول في المنطقة إلى دولة تلجأ للاقتراض الخارجي.
وللعام الرابع على التوالي تشهد الميزانية العامة السعودية عجزًا غير مسبوق، نتيجة تراجع عائدات النفط بسبب انخفاض أسعاره، ما دفع الحكومة إلى إطلاق حزمة من الإجراءات التقشفية الواسعة في بعض القطاعات بهدف تقليل الإنفاق إلى حد ما، حيث اعتمدت السياسة التقشفية الجديدة على تخفيض الدعم للمحروقات والكهرباء والماء وبعض السلع الأساسية الأخرى، وربما إلغاؤه كليًا، بالإضافة إلى دراسة إمكانية فرض ضرائب على الدخل والتحويلات الخارجية بالنسبة للأجانب، وزيادة بعض الرسوم على تجديد الإقامات ورخص القيادة والخدمات البيروقراطية الرسمية الأخرى.
تحذيرات عدة أطلقتها مؤسسات بحثية بشأن ما يمكن أن تواجهه المملكة من أزمات اقتصادية خلال الفترة القادمة على رأسها هروب رأس المال للخارج، وهو ما يمثل تحديًا خطيرًا ربما يقوض النظام الاقتصادي السعودي برمته، حيث تشير البيانات خلال الربع الثالث من 2017 إلى هروب ما يقرب من 64 مليار دولار خارج المملكة.
المحللون الماليون يتوقعون مزيدًا من تدفق رؤوس الأموال خارج السعودية خلال الفترة المقبلة خاصة بعد حملة الاعتقالات الأخيرة التي شنها ولي العهد ضد عدد من الأمراء ورجال الأعمال، التي أثارت لديهم التخوفات من تأميم أموالهم ومصادرتها، ما قد يدفعهم إلى نقلها خارج المملكة، وهو ما يعني كارثة حقيقية للداخل السعودي الذي يعتمد بصورة أساسية على تلك الأصول المملوكة لرجال الأعمال الحاليين في دعم منظومته الداخلية.
ترامب لمحمد بن سلمان : السعودية دولة ثرية جداً، وسوف تعطي الولايات المتحدة بعضاً من هذه الثروة كما نأمل في شكل وظائف وشراء معدات عسكرية”
لم يكتف ترامب بـ 460 مليار دولار خلال مايو/ حزيران الماضي
جرأة تثير الجدل
أثارت تصريحات ترامب الجريئة والمباشرة والتي طالب فيها بمشاركة ثروة السعودية حالة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي، حيث تباينت ردود الفعل بين من يرى في التقرب مع أمريكا ظاهرة ايجابية تهدف إلى حماية المملكة وتقوية شوكتها في مواجهة إيران، وآخرون يرونها جزية يدفعها الأمير الشاب من أجل دعم ترامب له للجلوس خلفا لوالده حتى لو كان ذلك على حساب مستقبل السعوديين الذي يعاني الكثير منهم من أزمات اقتصادية طاحنة.
حساب يحمل “انفو السعودية” علق على هذه الزيارة بقوله “الضرائب للشعب.. والمليارات لترامب” لافتًا إلى رغبة الرئيس الأمريكي في الحصول على 700 مليار دولار قيمة صفقات مع المملكة خلال العام الجاري.
https://twitter.com/info1sa/status/976198506825375744
ومن قال لكم انهم سيعطونهم هذه الأسلحة
كل هذه المبالغ مقابل الحماية الأمريكية
الم يقل ترامب بأن السعودية هي البقرة الحلوب
وهو مستمر في الحلب— أبو البعير النفطي (@lastrespected) March 20, 2018
https://twitter.com/cou_revolution/status/976384094601924608
فيما أشار حساب يحمل عنوان “بن عويد” إلى أنه “قبل عام .. شككوا في صفقة التسليح 400 مليار وقالوا انها وهمية ولشراء مواقف سياسية..والآن بعد عام في المؤتمر تم التأكيد أن 35 % من الصفقة تم إنجازها “،،، وسيتم الانتهاء منها خلال 3 سنوات !.. السعودية تقوي جيشها.. وتبني نهضتها.. وأعدائها في القاع”.
قبل عام .. شككوا في صفقة التسليح 400 مليار وقالوا انها وهمية ولشراء مواقف سياسية..
الان بعد عام .في المؤتمر تم التاكيد ان 35 % من الصفقة تم إنجازها "،،، وسيتم الانتهاء منها خلال 3 سنوات !..
السعودية تقوي جيشها.. وتبني نهضتها.. وأعدائها في القاع
— بن عويد #2030 🇸🇦 (@fdeet_alnssr) March 20, 2018
https://twitter.com/MBS20__30/status/976139892655886346