ترجمة وتحرير: نون بوست
حل بدر عبد العاطي، وهو دبلوماسي مخضرم، محل سامح شكري كوزير الخارجية المصرية بعد أن شغل شكري المنصب لمدة 12 سنة.
في تعديل حكومي في 3 تموز/يوليو؛ أدى عبد العاطي (58 سنة)، اليمين الدستورية أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتولى مسؤولية وزارتين مدمجتين: وزارة الخارجية ووزارة الهجرة وشؤون المصريين في الخارج. وقد شغل عبد العاطي سابقًا منصب سفير مصر في بروكسل والاتحاد الأوروبي منذ سنة 2022.
وُلد عبد العاطي في سنة 1966، وتخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، بدأ مسيرته المهنية بوزارة الخارجية في سنة 1991 كسكرتير ثالث للسفارة المصرية في إسرائيل، وشغل لاحقًا عدة مناصب في سفارات مصر في الولايات المتحدة واليابان.
وعيّن مديرًا لشؤون فلسطين في الوزارة بين سنتي 2007 و2008، ثم شغل منصب نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي وأوروبا الغربية بين سنتي 2012 و2013.
وشغل عبد العاطي منصب سفير مصر في ألمانيا من 2015 إلى 2019 وهي فترة شهدت قمع المعارضين المصريين العائدين من ألمانيا.
ما هي آراء عبد العاطي تجاه حكم السيسي؟
في تموز/يوليو 2013؛ أطاح انقلاب عسكري بقيادة السيسي بالرئيس المنتخب محمد مرسي، وأصبح بدر عبد العاطي مساعد وزير الخارجية ونائب الناطق الرسمي للوزارة وهو المنصب الذي شغله من 2013 إلى 2015.
ومنذ الانقلاب، كان عبد العاطي من أشد المؤيدين لكل من الاستيلاء على السلطة والإدارة التي أعقبت ذلك، وكان ينكر باستمرار انتهاكات حقوق الإنسان وينتقد التقارير التي تثير القلق بشأن حرية التعبير بعد 2013.
وردًا على تقرير منظمة العفو الدولية لسنة 2015 الذي يدين احتجاز 18 صحفيًّا أنكر عبد العاطي أن مصر تستهدف الصحفيين. وقال لرويترز في أيار/مايو 2015: “لا أحد يُستهدف لأنه صحفي، هذه الاتهامات هي هراء مسيس”.
ودافع عبد العاطي أيضاً عن احتجاز صحفي الجزيرة أحمد منصور في ألمانيا سنة 2015 بناء على طلب مصر، رغم الانتقادات التي وجهتها مجموعات حقوقية وسياسيون ألمان. وقال حينها: “إنه (أحمد منصور) متهم بجريمة ومحكوم عليه، لذلك بالطبع طالبنا بإعادته”.
تم الإفراج عن منصور لاحقًا، ورفضت وزارة الداخلية الألمانية تسليمه إلى مصر، مشيرة إلى خطر إيقاع عقوبة الإعدام عليه.
ووفقًا لمصدر دبلوماسي في القاهرة، فإن عبد العاطي يمثل الوجه البارز للفصيل المؤيد للجيش داخل وزارة الخارجية؛ حيث قال المصدر في تصريح لموقع “ميدل إيست آي” بشرط عدم الكشف عن هويته خوفًا من الانتقام، “إن اختيار عبد العاطي يرمز إلى التحول إلى اعتبار الوزارة جهازًا آخر من أجهزة الدولة العسكرية يتبع أوامر الجهاز الأمني”.
وأضاف المصدر أنه في السنوات الأخيرة “كانت هناك عدة تدخلات من قبل مسؤولي الاستخبارات لعسكرة الوزارة والقطاع الدبلوماسي”.
بالإضافة إلى ذلك؛ أشار المصدر إلى أن الدبلوماسيين الذين قُبلوا في الوزارة حضروا دورات تدريبية في الأكاديمية العسكرية وجهاز المخابرات العامة، وكذلك دورات في الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والإستراتيجية، المعروفة سابقًا باسم أكاديمية ناصر العسكرية.
ما هي آراء عبد العاطي حول مصر والاتحاد الأوروبي؟
وصف موقع “صدى البلد” – المحسوب على الدولة – عبد العاطي بـ “مهندس العلاقات المصرية الأوروبية خلال العقد الماضي”؛ فخلال فترة عمل عبد العاطي كدبلوماسي في برلين وبروكسل، تضمنت التطورات البارزة اتفاقية سنة 2022 لتصدير الغاز من “إسرائيل” عبر مصر إلى الاتحاد الأوروبي، بهدف تقليل اعتماد أوروبا على الطاقة الروسية، وشهدت فترته أيضًا اتفاقيات استثمار وتمويل بمليارات الدولارات مع الاتحاد الأوروبي، والتي استنكرتها جماعات حقوقية باعتبارها “مكافأة لاستبداد” نظام السيسي.
وقال مصدر عمل في إحدى السفارات الأوروبية بمصر عندما كان عبد العاطي سفيرًا في بروكسل لـ”ميدل إيست آي” إن الوزير الجديد كان ” كثيرًا ما يدافع عن فكرة أن مصر قد تطلق سراح المهاجرين إلى أوروبا إذا لم يستمر الاتحاد الأوروبي في دعم الحكومة وتجاهل انتهاكاتها لحقوق الإنسان”.
وأضاف المصدر أنه “كثيرًا ما كان يعبر عن أن مصر تحمي أوروبا من طفرة في الهجرة غير الشرعية، وهي الرواية التي تبنتها القيادة السياسية منذ سنة 2017 عندما بدأت أوروبا في استعادة ثقتها بالسيسي”.
لماذا يُعتبر عبد العاطي مخبراً؟
شغل عبد العاطي منصب سفير مصر في برلين من 2015 إلى 2019، لطالما كانت المدينة مركزًا لمنتقدي القاهرة، بما في ذلك الباحثين والطلاب والصحفيين والنشطاء.
وفي سنة 2017؛ وقعت مصر اتفاقية أمنية مثيرة للجدل مع برلين، سمحت بتبادل المعلومات الاستخباراتية بين وكالات الأمن الألمانية ووزارة الداخلية المصرية، وكذلك التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والجريمة المنظمة.
ومنذ سنة 2016، اتُهمت السفارة المصرية في برلين بأنها مركز لعملاء السيسي، وفقاً لشهادات متعددة لموقع “ميدل إيست آي” ووسائل إعلام أخرى، بما في ذلك مدى مصر وإلموندو.
وكشف مصدر دبلوماسي أن عبد العاطي لديه علاقات وثيقة مع أجهزة الأمن المصرية، وهي علاقة تعمقت أثناء عمله كسفير في برلين مع تصاعد حملة القمع ضد المعارضين في ألمانيا.
وقد أبلغ العديد من النشطاء والصحفيين أنهم تعرضوا للمضايقات أو الاستجواب من قبل عملاء أمن مصريين أثناء سفرهم من ألمانيا إلى مصر، وهو تكتيك استخدمته الحكومة ضد المنتقدين منذ أن تولي أصبح السيسي للرئاسة.
واتهم نشطاءٌ مقيمون في ألمانيا، بمن فيهم عدة أشخاص تحدثوا إلى موقع ميدل إيست آي، عبد العاطي وموظفيه بكتابة تقارير استخباراتية ضدهم، مما أدى إلى اعتقال القوات الأمنية لهم أو ترهيبهم عند وصولهم إلى مصر.
وقد نفى عب دالعاطي هذه الاتهامات، وقال لقناة “إل تي سي” التلفزيونية بعد استجواب الباحث الألماني-المصري عاطف بطرس من قبل شرطة مطار القاهرة ومنعه من دخول مصر بسبب ارتباطاته بمنظمة غير حكومية ألمانية-مصرية تدعى ميادين التحرير: “هذه الأكاذيب التي يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي تعكس إرادة شريرة لتشويه مؤسسات الدولة وجهلاً تاماً بكيفية عمل وزارة الخارجية والسفارات”.
وقال أسامة، الناشط والكاتب المصري البالغ من العمر 40 سنة، والذي يقيم في فرانكفورت منذ سنة 2020، “لميدل إيست آي” إن تعيين عبد العاطي يعد تطبيعًا لاستهداف المصريين المقيمين في أوروبا.
مستخدماً اسماً مستعاراً خوفاً من الانتقام؛ روى أسامة أنه تم احتجازه لمدة 10 ساعات في مطار القاهرة الدولي سنة 2021 وتم استجوابه حول احتجاجاته في برلين ونشاطه ضد السيسي، وقال: “إذا اختار النظام شخصاً له سمعة سيئة مثل عبد العاطي، فهذا يعني أننا جميعاً مستهدفون”.
وتواصل “موقع ميدل إيست آي” مع عبد العاطي بشأن هذه الاتهامات، لكنه لم يتلق رداً حتى وقت نشر هذا التقرير.
في تشرين الثاني/نوفمبر 2016، اتهم الباحث المصري والصحفي الاستقصائي المقيم في برلين إسماعيل الإسكندراني السفارة المصرية في برلين بالتوصية باعتقاله، وتم احتجازه فور وصوله إلى مطار الغردقة الدولي في مصر بتهم تتعلق بنشر أخبار كاذبة ونشر معلومات تتعلق بالعمليات العسكرية المصرية ضد الجماعات المسلحة في شمال سيناء.
وتمت إحالة الإسكندراني إلى محاكمة عسكرية وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات وأُطلق سراحه في كانون الأول/ديسمبر 2023
وقد أفاد الباحث المصري تَقادم الخطيب أيضًا بتعرضه لتدابير انتقامية في مصر بينما كان عبد العاطي سفيرًا في برلين؛ ففي سنة 2017، تم فصل الخطيب من عمله في إحدى الجامعات في مصر بعد اجتماع مع الملحق الثقافي المصري في برلين؛ وقال الخطيب في تقرير نشره موقع ميدل إيست آي في 2021، إن المسؤول استجوبه حول منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي ومقالاته وأبحاثه.
وفي 3 تموز/يوليو، نشر الخطيب نسخة من خطاب من الملحق الثقافي، أحمد فاروق حامد غنيم، يوصي باتخاذ إجراءات عقابية ضده بسبب انتقاده العلني للحكومة، وأفاد الخطيب أن الخطاب كان بناءً على “توجيهات من السفير”.
وبرز اسم عبد العاطي من جديد في سنة 2020، عندما وجه المدعي العام الألماني اتهاماً لمواطن ألماني من أصل مصري يعمل في المكتب الصحفي الاتحادي بالتجسس لصالح المخابرات المصرية.
في ذلك الوقت، أفادت دويتشه فيله بأن المتهم كان يجمع معلومات لصالح جهاز المخابرات العامة المصري، بما في ذلك “معلومات عن أعضاء المعارضة – بما في ذلك نشطاء من جماعة الإخوان المسلمين وكذلك الليبراليين أو اليساريين”.
ولم يكن من الواضح ما إذا كان عبد العاطي مرتبطاً بشكل مباشر بالقضية، ولم تعلق وزارة الخارجية المصرية عليها علناً، ومع ذلك، قال نشطاء لصحيفة إل موندو الإسبانية إنهم يرون قضية التجسس تتوافق مع سلوك السفارة تحت قيادة عبد العاطي؛ حيث تعمل كـ “وكيل لأجهزة الاستخبارات” في مصر.
لماذا تمت مداهمة مقر إقامته في برلين في سنة 2017؟
في نيسان/أبريل 2017، أفاد موقع “مدى مصر” المصري المستقل، أن وفداً من هيئة الرقابة الإدارية، وهي وكالة مكافحة الفساد في مصر، داهم السفارة المصرية ومقر إقامة السفير في برلين، وصادروا مواد مختلسة تقدر قيمتها بحوالي ربع مليون يورو (533,450 دولار)، بما في ذلك سجادة تاريخية ولوحة فنية. وأفاد مدى مصر أن عبد العاطي اتُّهم أيضًا بشراء سيارة مرسيدس بنز لسفارة برلين وتسجيلها باسمه. وبعد شهر، نفت الوزارة تلك الادعاءات، مشيرة إلى أن عبد العاطي وموظفيه لا يخضعون للتحقيق.
لماذا واجه عبد العاطي انتقادات أخرى؟
بعد تعيين عبد العاطي، تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق واسع مقابلة أجراها مع قناة الحياة في سنة 2015 خلال فترة عمله كمتحدث باسم الوزارة، وفي المقابلة، أكد عبد العاطي على استجابة الوزارة الفورية لمكالمات العمال المصريين الفارين من ليبيا بعد ذبح 21 مسيحي قبطي على يد مسلحين من تنظيم الدولة. ومع ذلك، عندما حاول المذيع الاتصال بالأرقام التي وفرتها الوزارة على الهواء مباشرة، سُمع عبد العاطي وهو يوبخ أحد الموظفين قائلاً، “رد يا ابن… الكلب”.
المصدر: ميدل إيست آي