المحروقات هي الشريان الرئيسي في المناطق المحررة، وتحظى باهتمام كل السوريين بشكل عام لأنها أحد أهم مقومات الحياة في نواحي عدة ويومية الاستخدام في المطابخ وحركة النقل والمصانع خاصة في المناطق التي تفتقد للكهرباء أصلاً بسبب الأزمة السورية، ولكن الحرب في سوريا وتغير الجهات المسيطرة باختلاف أهدافها، يخلف عواقب سلبية على الجانب المدني والمعيل الأسري الذي لا زال يقاوم الحياة من خلال العمل وبذل الجهود لتأمين لقمة العيش التي افتقدها السوري على مائدته.
طوال السنوات السابقة كانت ميليشيا الوحدات تسيطر على عفرين وتفصل ريفي حلب وإدلب عن بعضهما بشكل كلي، إلا أن التجارة كانت تعمل بشكل مستقل ولكنها تخضع للجمركة خلال عبورها من عفرين، فقد كان يدفع سائقو الصهاريج أموالاً في الدخول والخروج من كلا الجهتين، كما كانوا يدفعون لقوات المعارضة بأعزاز ثم لميليشيا الوحدات بعفرين ثم لهيئة تحرير الشام بأطمة بريف إدلب الشمالي، وكل هذا يرفع من سعر البرميل الواحد؛ مما يزيد معاناة المدنيين في محافظة إدلب وريفي حلب الجنوبي والغربي.
ومع انطلاق عمليات غصن الزيتون التي كانت هدفًا لتحرير منطقة عفرين، أُغلق الطريق بشكل كلي، فواجه المدنيون في المنطقة نقصًا كبيرًا بمادتي المازوت والبنزين للنقل والتدفئة، حيث سجلتا ارتفاعًا هائلاً بأسعارها، فقد وصل سعر برميل المازوت خلال الفترة الأخيرة قبل تحرير عفرين إلى 110 آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل 200 دولار أمريكي، كما بقي سعر البينزين مرتفعًا لـ500 ليرة للتر الواحد، أي ما يعادل الدولار الأمريكي، وسبب حفاظه على هذا السعر أنه يأتي من مناطق قوات النظام، وهذه الأسعار تعيق استخدامات أهالي المنطقة وتؤدي إلى غلاء النقل والتدفئة.
المدنيون وجدوا البديل خلال تلك الفترة؛ فتوجهت العديد من العائلات إلى استخدام الحطب وأكياس البلاستيك لتأمين النار في الاستخدامات المنزلية من تدفئة وطبخ وغيرها
كما أن أنواع المحروقات الأخرى سجلت ارتفاعًا هائلاً خلال الفترة السابقة، فقد وصل سعر أسطوانة الغاز 18500 ليرة سورية، ما يعادل 40 دولارًا أمريكيًا، كما ارتفع سعر الكاز الذي استخدم بديلاً عن الغاز في المنازل إلى 400 ليرة سورية للتر الواحد، فاقتتال الفصائل المسلحة في المنطقة زاد من ارتفاع أسعار المحروقات بسبب احتكار تجار المناطق وفرض الجهة المسيطرة قوانينها.
مصطفى الخليل من مدينة إدلب صاحب محل تجاري صغير قال: “واجهنا بالفترة السابقة مشاكل عديدة خصوصًا بعد إغلاق الطريق الواصل إلى أعزاز، كما أن اقتتال الفصائل زاد الطين بلة، ورفع التجار المستغلون الأسعار وافتقدنا للمحروقات وأصبحت أسعارها هائلة ووجدنا صعوبة في تأمينها”.
لكن المدنيين وجدوا البديل خلال تلك الفترة؛ فقد توجهت العديد من العائلات إلى استخدام الحطب وأكياس البلاستيك لتأمين النار في الاستخدامات المنزلية من تدفئة وطبخ وغيرها، وهذا الأمر أشد معاناة يحملونها على عاتقهم.
انخفاض أسعار المحروقات واستغلال تحرير الشام
بعد فتح الطريق بين أعزاز وإدلب الذي لاقى ترحيبًا لدى مدنيي المنطقتين وتحررهم من استغلال ميليشيا الوحدات وتخلصهم من القيود الجمركية التي كانت تفرضها على الصهاريج العابرة من منطقة عفرين، شهدت المنطقة انخفاضًا كبيرًا في أسعار المحروقات كافة؛ فقد وصل سعر البرميل الواحد من المازوت إلى 55 ألف ليرة سورية، كما سجلت الأنواع الأخرى من المحروقات انخفاضًا كبيرًا، فوصل سعر أسطوانة الغاز إلى 8000 ليرة سورية.
بحسب أحد سائقي الشاحنات فإن هيئة تحرير الشام فرضت قيودًا مادية على الصهاريج التي تعبر إلى إدلب تصل لـ35 دولارًا أمريكيًا للصهريج الواحد؛ مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات بالأيام القادمة
ويروي الخليل: “شهدنا بعد فتح الطريق بين أعزاز وإدلب انتعاشًا في الحركة التجارية بإدلب، كما أن أجور النقل انخفض سعرها والمواد الغذائية التي تعتمد على المازوت في نقلها سجلت انخفاضًا بأسعارها”.
في الفترة السابقة عقدت الحكومة التركية صفقة مع شركة وتد للمحروقات التي تتبع لهيئة تحرير الشام، فأصبحت تحتكر المحروقات وتبيعها بأسعار باهظة، ولا تصل كذلك إلى المناطق الأخرى التي تخضع لفصائل الجيش السوري الحر.
كما حدثني أحد تجار المحروقات الذي يعمل على شاحنة تحمل صهريج، أن الأسعار انخفضت كثيرًا، لكن هيئة تحرير الشام فرضت قيودًا مادية على الصهاريج التي تعبر إلى إدلب، فقد وضعت حاجزًا في بلدة أطمة بريف إدلب الشمالي، وأصبحت تأخذ من كل صهريج يعبر إلى إدلب 35 دولارًا أمريكيًا، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات بالأيام القادمة ومن المتوقع أن تزداد هذه القيود في حال لم تواجه من جهة معينة.
وهذا ما سيؤدي إلى الارتفاع بالأسعار وتلاعب الجهة المسيطرة، ليس بأسعار المحروقات وحسب بل ممكن أن تضع قيودًا جمركية على كل الناقلات التجارية، مما يزيد من ارتفاع أسعارها على المدنيين الذين يستخدمونها بشكل يومي، فيجب ضبط هذه الحواجز التي تتبع لجهات عسكرية معارضة، ومنعها من فرض ضرائب على التجار ليتمكن المدنيون من قضاء حاجياتهم من الأسواق.