رأى مراقبون أن تصريحات نائب رئيس الوزراء الأردني للشؤون الاقتصادية جعفر حسان، التي أطلقها خلال الاجتماع مع المزارعين بشأن الضرائب المفروضة على القطاع، لا تليق بالحكومة صاحبة الولاية العامة.
فقد أثارت تلك التصريحات التي اعتبرها مراقبون سقطة سياسة كبيرة، تدعو للاستقالة أو الإقالة في الحكومات التي تحترم نفسها وأدائها، ردود فعل وانتقادات واسعة عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وكان حسان قد دعا عددا من ممثلي القطاع الزراعي المعتصمين أمام مجلس النواب الأردني، لبحث الضريبة المفروضة على مدخلات الإنتاج الزراعي، مع ممثلي صندوق النقد الدولي، وهو ما اعتبر أمرا مرفوضا ومستهجنا.
إذ تساءل الكثير كيف للحكومة الأردنية السماح لصندوق النقد الدولي، التدخل في القرارات الداخلية للبلاد، الأمر الذي أعطى انطباعا بأن الحكومة ليست صاحبة الولاية ولا القرار السيادي، بل ذهب البعض إلى القول إن الحكومة رهنت قرارها للصندوق الذي بات هو من يقرر للشعب.
“سياسات حكومة الملقي الفاشلة أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الاقتصادي الصعب على المواطن، فحاربه بلقمة عيشه ودوائه كما حارب المزارعين وفرض عليهم الضرائب”
تأتي تصريحات حسان الخطيرة، في ظل تصريحات رئيس الحكومة الأردنية الدكتور هاني الملقي، التي نفى فيها تعرض حكومته لأي إملاءات خارجية وتحديدا من صندوق النقد الدولي، حيث قال إن “الأردنيين لا يقبلون أبدا أن يفرض عليهم شيء، وعمل صندوق النقد الدولي استشاري ليس أكثر”.
وإزاء الحملة الشرسة التي انتقدت الحكومة بعنوان السيادة على القرار الوطني، اضطر نائب رئيس الوزراء وزير الدولة للشؤون الاقتصادية جعفر حسان، إلى نفي ما تم تناقله حول اقتراح بعقد اجتماع يضم ممثلين من المزارعين مع ممثلي صندوق النقد الدولي، مؤكدا على أن ذلك عار عن الصحة تماما.
وقال حسان في تصريح صدر عنه إن “ما تناقلته مواقع إخبارية ونسبته إلى أعضاء في لجنة اعتصام المزارعين ولجنة الزراعة النيابية، وتصريحات أخرى بأن قرار إلغاء الضريبة مرهون حصرا بقرار صندوق النقد، وأن لا ولاية للحكومة الأردنية عليه لم تصدر عنه، ولم يُصرح بهذا الحديث أو أي أجزاء منه”.
وأردف حسان قائلا إن “مثل هذه التصريحات التي تناقلتها المواقع، لا تمثل موقف الحكومة الرسمي”، مشيرا إلى أن “وقائع الاجتماع مسجلة لكل من يرغب بمراجعة مضمونها والتأكد مما تم مناقشته فيها”.
لكن لجنة الدفاع عن المزارعين على لسان الناطق الإعلامي باسمها عبد الشكور جمجوم، استهجنت التصريح المنسوب لنائب رئيس الوزراء، الذي قال فيه إنه “لم يتم طرح مقترح اللقاء مع ممثلي صندوق النقد الدولي”. وقال جمجوم لـ”أردن الإخبارية” إن “هذا الموضوع تم طرحه من قبل نائب رئيس الوزراء وفريقه الوزاري، في اللقاء الذي جمعنا بهم بتاريخ 6 آذار/مارس في مجلس النواب بحضور رئيس وأعضاء اللجنة الزراعية وعدد من النواب الآخرين”.
“القرار السيادي ليس بيد الحكومة، بل مرهون للخارج وبالتجديد لصندوق النقد الدولي، الأمر الذي له تبعات خطيرة على الولاية العامة للحكومة والسيادة والوطنية”
وشدد جمجوم على أنه “صدر على لسان المسؤولين بأن وضع البلد صعب اقتصاديا، ولا عوده عن فرض ضريبة على القطاع الزراعي وأن هنالك لقاء مع صندوق النقد الدولي خلال شهر، وسيتم جمع كافة الأطراف من الحكومة واللجنة الزراعية وممثلي المزارعين، لإيجاد حل لمشكلة الضريبة المفروضة على القطاع الزراعي”.
هل الحكومة عاجزة؟
وتعليقا على ما سبق، شدد رئيس لجنة الزراعة النيابية النائب خالد الحياري، على أن “نائب رئيس الحكومة الدكتور جعفر حسان، هو من اقترح عقد لقاء بين المزارعين وصندوق النقد الدولي، وذلك أثناء اللقاءات التي جمعته بالمزارعين المحتجين على رفع الضريبة على المنتجات الزراعية”.
وقال الحياري لـ”أردن الإخبارية” إنه “لم يسمع هذا المقترح من نائب رئيس الحكومة فقط، بل سمعه أيضا من رئيس الحكومة الدكتور هاني الملقي شخصيا”. واعتبر الحياري أن هذا التصريح يشير إلى أن “القرار السيادي ليس بيد الحكومة، بل مرهون للخارج وبالتجديد لصندوق النقد الدولي، الأمر الذي له تبعات خطيرة على الولاية العامة للحكومة والسيادة والوطنية”.
خطاطبة: إدارة الحكومة الأردنية للملف تشير أنها عاجزة عن الاستمرار بالدفاع عن قراراتها
وأشار الحياري إلى أن “سياسات حكومة الملقي الفاشلة أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الاقتصادي الصعب على المواطن، فحاربه بلقمة عيشه ودوائه كما حارب المزارعين وفرض عليهم الضرائب”.
بدورها استغربت النائب الأردني السابق خلود خطاطبة تصريحات نائب رئيس الوزراء حول ضريبة المزارعين، متسائلة بقولها “ماذا يمكن أن نفسر دعوة الحكومة إلى ترتيب لقاء بين نواب ومزارعين مع ممثلين عن صندوق النقد الدولي للبحث في إمكانية إلغاء الضريبة المفروضة على القطاع الزراعي”.
وقالت خطاطبة في تصريح صحفي، “أريد أن أذكر بتصريحات ليست بعيدة لرئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي، نفى فيها تعرض حكومته لأي إملاءات خارجية وتحديدا من صندوق النقد الدولي”، مشددا على أن ” الأردنيين لا يقبلون أبدا أن يفرض عليهم شيء، وعمل صندوق النقد الدولي استشاري”. ورأى خطاطبة أن “إدارة الحكومة للملف تشي أنها عاجزة عن الاستمرار بالدفاع عن قراراتها مهما كانت صعبة، لذلك لجأت إلى تلبيس الطابق لصندوق النقد الدولي”.
العمل الإسلامي: الحكومة رهنت القرار الوطني لصندوق النقد
من جهته، استهجن حزب جبهة العمل الإسلامي، ما نقل عن نائب رئيس الوزراء للوفد الذي مثّل القطاع الزراعي، عن نيّته ترتيب لقاء بين المزارعين، وممثلين عن صندوق النقد الدولي، ما اعتبره الحزب تأكيداً على أن الحكومة رهنت القرار الوطني لصندوق النقد الدولي.
دراسة: الخروج من الالتزامات مع صندوق النقد الدولي ليست بتلك البساطة
واعتبر الحزب في بيان صدر عنه أن “هذه الحكومة سلّمت ورهنت قرار الأردن وسيادته إلى صندوق النقد الدولي، مما يجعل هذه الحكومة فاقِدة للأهليّة والولاية على قراراتها ويدعو لرحيلها، حيث أنها لم تعد تملك مقوّمات وجودها”.
إلى ذلك، صدرت الدراسة الأخيرة للمجلس الاقتصادي الاجتماعي، التي شكلت أول سابقة رسمية بالاعتراف بأن “برامج صندوق النقد الدولي لم تكن فعلياً برامج إصلاح اقتصادي، بقدر ما ساهمت في تعقيد المشكلة وتثبيط النمو الاقتصادي”.
ورأت الدراسة أن “الخروج من الالتزامات مع صندوق النقد الدولي ليست بتلك البساطة، لكن هناك إجراءات ممكنة تمكننا من تخفيف عجز الموازنة من دون تكرار ما يحصل منذ سنوات، حيث تعاقب كل الإجراءات الملتزمين وتتراخى مع غير الملتزمين بل وتكافئهم”.
وأشارت الدراسة إلى أنه “من المفيد إتباع توصيات منتدى الاستراتيجيات الأردني، الذي أنتج عدة أوراق للسياسات مؤخرا، تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار من قبل الحكومة لتحفيز الاقتصاد، بدلا من تكرار الأخطاء التي أوصلتنا إلى هنا”.
المصدر: أردن الأخبارية