ترجمة وتحرير: نون بوست
من المستحيل مشاهدة التوثيق الفوتوغرافي للمتظاهرين البشعين العنيفين خلال موكب التفوق اليهودي في شوارع القدس يوم الأربعاء دون سماع تحذير البروفيسور يشعياهو ليبوفيتش يتردد في الخلفية؛ حيث قال الفيلسوف البصير: “إن الفخر الوطني والنشوة التي تلت حرب الأيام الستة مؤقتة وستنقلنا من الوطنية الفخورة الصاعدة إلى الوطنية المتطرفة المشحونة بالمسيحية، المرحلة الثالثة ستكون التوحش، والمرحلة الأخيرة ستكون نهاية الصهيونية”.
العملية التوحشية في ذروتها؛ حيث كتب نير حسون، الصحفي في هآرتس، والذي تعرض للاعتداء من قبل عصابة من المراهقين الذين ألقوه على الأرض وركلوه: “الروح العامة كانت الانتقام. الرمز البارز على قمصان المتظاهرين كان قبضة كاهان والمتظاهرون كانوا يهتفون بأغنية انتقام دموية للغاية إلى جانب هتافات “الموت للعرب” و”لتحترق قريتهم”. وكان الوزير الأكثر شعبية هو إيتمار بن غفير والأجواء العامة كانت مرعبة”.
لم يكن حسون الشخص الوحيد الذي تعرض للاعتداء، فقد هدد المشاغبون وسبّوا ودفعوا واعتدوا على المارة الفلسطينيين وأي شخص تم التعرف عليه كصحفي أو حاول تصويرهم، والسبب في مهاجمتهم للصحفيين هو أنهم لم يجدوا عددًا كافيًا من الضحايا الفلسطينيين؛ حيث كانت العائلات الفلسطينية متحصنة في منازلها، فلقد تعلموا بالفعل أنه عندما يحتفل اليهود بيوم القدس من الأفضل إخلاء المنطقة حتى لا يُغروا المحتفلين بالفتك بهم.
نحن لا نتحدث عن مجموعة بسيطة أو أي من العبارات الملطفة التي تستخدمها بعض أجزاء الحركة الصهيونية الدينية في تجسدها الكاهاني الكامل، فلم يعد التوحش محصورًا بالأطراف أو بالمستوطنات والبؤر الاستيطانية؛ بل انتشر في كل الاتجاهات بشكل مروع؛ حتى إنه اخترق الجيش والكنيست ومجلس الوزراء.
لقد انضم الوزراء وأعضاء الكنيست إلى الآلاف من المتظاهرين؛ بل حتى رقص بعضهم على الأغنية الدموية الانتقامية “انتقم ولكن من إحدى عينيَّ على فلسطين”، التي تتحدث عن انتقام شمشون التوراتي من الفلسطينيين. وشارك الوزراء بتسلئيل سموتريتش وميري ريغيف، وكذلك النواب تسفي سوكوت وسمحا روثمان وعلموغ كوهين، وبالطبع ملك الكاهانيين بن غفير، الذي استغل الفرصة لتهديد الوضع القائم في جبل الهيكل (المعروف لدى المسلمين بالحرم الشريف، موقع المسجد الأقصى) وإثارة حرب دينية.
إذا لم يتحرك الوسط السياسي في إسرائيل لإعادة المتطرفين إلى هامش المجتمع، والقضاء على الكاهانية وإزالة النمو السرطاني الخبيث للاحتلال من الجسد السياسي؛ فإن سقوط إسرائيل النهائي لن يكون إلا مسألة وقت.. لقد بدأ العد التنازلي لها.
المصدر: هآرتس