ترجمة وتحرير: نون بوست
مرت سبع سنوات على الحرب الدائرة ضد أطفال سوريا، وثلاث سنوات من الحرب الدائرة ضد أطفال اليمن. والسؤال هنا، مَن لا يزال مهتما بهذه التواريخ؟!
ما الذي يقلقكم؟
يبدو أن التلاشي التدريجي للوعي العام بمهمتنا الأساسية في حماية الأطفال، جرد العالم من مشاعره أمام الانتهاكات الوحشية. وفي الواقع، إننا نغمض أعيننا عن حقيقة أن المستقبل سيشكله هؤلاء الأطفال، الذين عايشوا عن قرب نظاما عالميا لا يحمي أكثر مكونات المجتمع هشاشة، ويسمح لمن يهاجمون الأطفال أن يستفيدوا من أفعالهم. وتظهر الإحصاءات أن واحدا من كل خمسة أطفال يعيشون جحيم الصراعات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
إن الحرب الدائرة في كل من سوريا واليمن، قد سرعت من معدل تآكل الوعي الإنساني المشترك. وأصبح من غير الممكن التظاهر بعدم معرفة ما يحصل من استهداف للأطفال. ومع ذلك، لا يطلق أحد صرخة غضب، والأسوأ من ذلك هو غياب التحرك السياسي الفعال.
تمثل الحرب في كل من سوريا واليمن، نموذجا واضحا يظهر تجاهل أبسط قواعد حماية الطفولة، في كل يوم وفي كل دقيقة
قبل سبع سنوات، في بداية الحرب التي لا تزال مستمرة حتى الآن، أدى مقتل طفلين سوريين إلى إطلاق موجة من الاحتجاجات. وبعد أربع سنوات، اندلعت حرب وحشية أخرى في اليمن. وفي سنة 2014، شهد الوعي العام هزة قوية، عندما وصل عدد الأطفال السوريين اللاجئين إلى مليون طفل. وحتى وقتنا هذا، بلغ عدد الأطفال اللاجئين مليونين ونصف المليون طفل. وفي الأثناء، يموت في اليمن طفل كل عشر دقائق، بسبب أمراض كان من الممكن الوقاية منها، حيث عادت أمراض مثل شلل الأطفال، والكوليرا لتنتشر بأعداد مأساوية.
سنة 2016، اعتقد العالم أن معاناة الأطفال اليمنيين والسوريين قد وصلت لأقصى الحدود، ولا يمكن لأوضاعهم أن تزداد سوء. ولكن، تبيّن لاحقا أن سنة 2017 كانت أكثر وحشية وقسوة على هؤلاء الأطفال، حيث قتل وأصيب أكثر من ألفي طفل، بعضهم أصابته تشوهات سترافقه حتى بقية حياته. والمؤسف أن هذا هو ما تم توثيقه، أما الحقيقة فقد تكون أكثر من ذلك بكثير.
لقد انتشرت صور هذه الصراعات في كل مكان، وبعضها اشتهر في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، على غرار “الطفل أيلان” البالغ من العمر ثلاث سنوات، الذي قذفته الأمواج على الشاطئ أثناء هروبه نحو بر الأمان. ويتذكر العالم أيضا “الطفل عمران”، ذو الخمس سنوات، الذي جلس في حالة صدمة داخل سيارة الإسعاف، ووجهه مغطى بغبار منزله الذي تعرض للقصف في حلب. بالإضافة إلى أطفال صغار يغادرون العالم بأعين مفتوحة، بسبب المجاعة الناتجة عن الحروب.
سنة 1989، صادق العالم بالإجماع على تبني معاهدة حقوق الطفل، ولكن، هل انتهى اليوم تطبيق تلك المبادرة السياسية؟ ستسجل السنوات السبعة الأخيرة في التاريخ، أنها كانت حربا غير مسبوقة على الأطفال، في إطار سباق بلا رحمة نحو تحقيق أقصى درجات الرعب، والموت والوحشية.
تواصل منظمة اليونيسيف والجمعيات العاملة في مجال حماية الطفولة، العمل على توصيل أصوات الأطفال المنكوبين. والدفاع عنهم بلا كلل، على أمل أن يتم احترام قدسيّة مبدأ حماية الطفولة
في الحقيقة، تمثل الحرب في كل من سوريا واليمن، نموذجا واضحا يظهر تجاهل أبسط قواعد حماية الطفولة، في كل يوم وفي كل دقيقة. وفي السياق ذاته، هناك العديد من الصراعات الأخرى وحالات العنف الدموي في كافة أنحاء العالم، تشهد ذات القدر من الانتهاكات تجاه الأطفال.
كل هذا يطرح تساؤلا: من هم المسؤولون عن هذه الحرب على الأطفال؟ إنهم أولئك الذين يساندون صراعات العنف الدموي، وأولئك الذين يتساهلون مع الانتهاكات ضد الأطفال، أو حتى يكتفون بالمشاهدة. كلهم متورطون في تجاهل القيم والقوانين التي تمليها علينا إنسانيتنا، والتي تنص عليها مبادئ الحقوق العالمية للإنسان، والقوانين التي من المفترض أن تحمي الأطفال تحت أي ظروف. هذه هي المسؤولية التي التزمت دول العالم بتحملها قبل عقود.
في عالم اليوم، باتت تلك القوانين والمبادئ وقيمنا الإنسانية، أكثر أهمية من أي وقت مضى. وأصبحت حماية الأطفال تحت أي ظروف أمرا غير قابل للتفاوض، ولا ينبغي أبدا أن تكون الحرب على الأطفال خيارا مقبولا. على الجانب الآخر، تواصل منظمة اليونيسيف والجمعيات العاملة في مجال حماية الطفولة، العمل على توصيل أصوات الأطفال المنكوبين. والدفاع عنهم بلا كلل، على أمل أن يتم احترام قدسيّة مبدأ حماية الطفولة. ولكن، في ظل غياب القيادة السياسية، ماذا يسعنا وماذا ينبغي على كل واحد منا أن يفعل؟ إذ إن جهودنا الفردية لن تكون كافية لإيقاف الحرب على الأطفال.
المصدر: الموندو