ترجمة حفصة جودة
لقد نشأت في عصر ما قبل الكمبيوتر، وأقرب شيء حصلت عليه شبيه للآي باد كان لوحة “Etch-A-Sketch” التي كانت تجعلني مستمتعًا في رحلات العائلة بالسيارة، أما الآن فيبدو أن جميع الأطفال في الرابعة من عمرهم يملكون هواتف محمولة، هذا العالم الرقمي محفوف بالمخاطر لكنه يملك إمكانات رائعة أيضًا، ولأننا نستطيع تحميل أفلام الكارتون الممتعة للأطفال على الأجهزة اللوحية، فإننا بذلك نربي جيلًا يتوقع أن يحصل على المتعة الدائمة طوال اليوم.
هناك أيضًا مجموعة من البرامج التعليمية الجيدة التي تتضمن برامجًا لتعليم الأطفال مهارات القراءة، لكن إذا لم تُصمم هذه البرامج وفقًا لمبادئ نفسية سليمة؛ فإنها لن تكون فعالة في تعليم القراءة والكتابة.
يبدأ العديد من الأطفال تعلم أسماء الحروف في عمر الرابعة، وأشهر طريقة لتعلم أسماء الحروف هي طريقة “النظر والتكرار”، حيث يرى الطفل الحرف ونخبره اسمه ثم يردده عدة مرات.
لكن الطرق التفاعلية مهمة أيضًا، تقول عالمة النفس كارين جيمس من جامعة إنديانا إن تدريب الطفل على الكتابة باليد ضروري لتعلم القراءة بشكل فعال، وقد أعطت سببين لتفسير ذلك، أولاً: التعلم بالممارسة أكثر فعالية من التعلم بالرؤية، فمن الواضح أنك لا تستطيع أن تتعلم السباحة من خلال مشاهدة مقطع فيديو، مشاهدة الآخرين وهم يؤدون بعض المهام يمنحك بعض الأفكار عن كيفية القيام بها، لكن ما لم تنزل الماء وتبدأ في السباحة فلن تتعلم أبدًا كيف تسبح، وذلك لأن التعلم الإجرائي يتضمن وجود اتصال بين المناطق الحسية والحركية في المخ لأداء المهمة.
المزيد من الممارسة اليدوية يساعد الطفل على تعلم المكونات الأساسية للحرف
للوهلة الأولى تبدو هذه الحجة غير فعاله في حالة القراءة التي تبدو أنها مهمة بصرية خالصة، لكن جيمس تختلف مع ذلك وهذا يقودنا إلى السبب الثاني الذي يدفعها للقول بأن الكتابة باليد ضرورية لتعلم القراءة، أي أن كتابة الطفل للحروف يساعده في التعرف عليها، فالحروف تتنوع بشكل كبير وكذلك هناك تشابه بين بعض لحروف يتطلب القدرة على تمييزها.
يعتقد الكثيرون أن الأطفال في عمر 4 سنوات لا يمكنهم الكتابة اليدوية ببراعة، لكن جيمس ترى أن ضعف هذه المهارة يساعدهم على إتقان الحروف، فعندما ينسخ الأطفال الحروف فإنهم يكتبونها بشكل مختلف عن الشكل الصحيح؛ حيث تميل الخطوط ويضيع التوازن وتنحرف الزوايا، لكن عندما ينظر الطفل إلى الحرف الذي رسمه يعرف أنه نفس الحرف الأصلي المكتوب أمامه، واكتساب المزيد من الممارسة اليدوية يساعد الطفل على تعلم المكونات الأساسية للحرف وطرق كتابته المختلفة بين الأشخاص.
لاختبار الفرضية التي تقول بأن الكتابة اليدوية تخلق روابط بين المناطق الحسية والحركية في المخ، أجرت جيمس دراسة باستخدام الرنين المغناطيسي الوظيفي على أطفال بعمر 4 سنوات، كان هناك روابط واضحة بين المناطق البصرية والحركية لدى القراء البالغين ولم تكن موجودة لدى الأطفال غير المتعلمين، انقسم الأطفال إلى مجموعتين، وتعرض كلاهما إلى تمرين تعلم الحروف لكن إحدى المجموعتين استخدمت طريقة النظر والتكرار أما الأخرى فاستخدمت طريقة نسخ الحروف.
بعد 4 أسابيع أُجريت عملية مسح أخرى لأدمغة الأطفال، فوجدوا أن الروابط بين المناطق الحسية والحركية بدأت في التشكل بالفعل لدى الأطفال الذين تعلموا بالنسخ، بينما لم تظهر في المجموعة الأخرى التي تعلمت من خلال النظر فقط.
يجب أن تتضمن البرامج التعليمية للأطفال برامج للكتابة اليدوية
استُكملت الدراسة لاختبار الفرضية الأخرى التي تقول إن الكتابة باليد تساعد الأطفال على استخراج المكونات الرئيسية للحرف من خلال الأشكال المتنوعة له، ولتجنب فساد البيانات نتيجة الخبرة السابقة، علمت التجربة الأطفال بعمر 5 سنوات الحروف الإغريقية، تعلم مجموعة من الأطفال من خلال النظر والتكرار وبعضهم من خلال الكتابة باليد، وتعلمت مجموعة ثالثة الحروف الإغريقية بالنظر والتكرار ولكن مع التعرض إلى مجموعة متنوعة من الخطوط للحرف الواحد، كان أداء الأطفال في المجموعة الثالثة قريبًا من أداء الأطفال الذين تعلموا بالكتابة، لكن الأطفال الذين تعلموا بالنظر لشكل واحد للحرف كان أداؤهم هو الأسوأ.
في النهاية؛ أُجريت دراسة لمسح المخ تبحث في تعلم الحروف المتصلة، وفي حالة الأطفال الذين كتبوا الحروف المتصلة بأيديهم تطورت لديهم الروابط الحسية الحركية في المخ، أما هؤلاء الذين شاهدوا البالغين وهم يكتبون الأحرف المتصلة لم تتكون لديهم الرواطب، الأمر نفسه بالنسبة للأطفال الذين تعلموا الحروف من خلال الكتابة على لوحة المفاتيح؛ حيث لم تتطور لديهم الروابط أيضًا.
باختصار؛ تعلم الحروف من خلال الكتابة باليد لا يساعد الأطفال فقط على استخراج العناصر الرئيسية للحروف، لكنه الطريقة الوحيدة لإنشاء الروابط الحسية الحركية في المخ من أجل تعلم القراءة والكتابة بشكل كامل.
قد تبدو الورقة والقلم أدوات قديمة بالنسبة لجيل التكنولوجيا، لكن الأجهزة اللوحية قد تساعد أيضًا في عملية التعلم الفعالة، يجب أن يكون هناك برامج لتعلم الخطوط المتنوعة، كما يجب أن تتضمن البرامج التعليمية للأطفال برامج للكتابة اليدوية التي يستطيع الأطفال استخدامها.
لقد غيرت التكنولوجيا من الطريقة التي نتواصل بها وغيرت كذلك في طرق الكتابة والقراءة، لكن إذا تعلمنا جيدًا كيف نستخدم تلك الأجهزة بطريقة تحقق الفائدة لنا فسوف نتمكن من تجنب مخاطرها.
المصدر: سيكولوجي توداي