ترجمة وتحرير: نون بوست
كتب: شعيب المساوى ومريم صالح
في الخامس من شهر آذار/ مارس، كان عامر علي الصقراء حريدان، البالغ من العمر 13 سنة، وابن عمه في طريق عودتهما إلى منزلهما بعد زيارة أحد أقاربهما، الذي كان يقطن في الحريضة، وهي بلدة تقع في محافظة حضرموت شرق اليمن. وبينما كان الشابان يسيران على الطريق الصحراوي السريع على الساعة الرابعة مساء بالتوقيت المحلي، حلقت طائرة دون طيار أمريكية في السماء. وفي مكان ما على بعد آلاف الأميال، شنت الطائرة هجوما على الشابين.
بعد وقت قصير، استيقظ ابن عم عامر، حسن على مشهد النار والدخان المتصاعد من الشاحنة المحطمة وصخب الطائرة من دون طيار. أصيب حسن بجروح في يده اليمنى وساقه ورأسه، نتيجة بعض الشظايا، التي تم إزالتها من جسده في وقت لاحق. لكن، كان من غير الممكن التعرف على عامر نظرا لأن الهجوم قد جعله عبارة على كتلة متفحمة في حين مزقه إلى أشلاء، ما أدى إلى مقتله على الفور.
في مقابلة عبر الهاتف مع موقع الإنترسبت الأمريكي، أفاد حسن، البالغ من العمر 19 سنة، أن أوّل من تفطن للحادث كانوا مترددين بشأن التوجه إلى موقع الحادث، خوفا من أن تشن الطائرة هجوما ثانيا، حيث ظلت تحوم فوق الضحايا. وقد أثارت هذه الحادثة حيرة العائلة وتساؤلاتهم، بشأن فشل الجيش الأمريكي في التفرقة بين طفل يدرس في الصف الخامس ومقاتل. وأضاف حسن أن “عامر كان أصغر من أن ينضم إلى أي مجموعات مسلحة”. وفي السياق ذاته، أشار عامر صالح حريدان، عم الشاب الأصغر، خلال حوار أجراه مع موقع الإنترسبت إلى أن عامر لا تربطه أي علاقات بتنظيم القاعدة.
عامر علي الصقراء حريدان
كان الهجوم الذي قتل خلاله عامر أول هجوم من بين ثلاث هجمات شُنت بالقرب من الحريضة في غضون أسبوع. وقد قُتل سبعة أشخاص آخرين في هجمات جدت في السابع والتاسع من شهر آذار/ مارس، وذلك وفقاً لأعضاء من قبيلة المهاشمة، التي ينحدر منها جميع القتلى. وأكدت مصادر محلية مستقلة في اليمن، وكذلك منظمة ريبريف الحقوقية الدولية ما أفاد به أعضاء القبيلة. وأشارت المصادر نفسها إلى أن الضحايا كانوا من الفقراء النازحين من محافظة الجوف، الذين تغيرت حياتهم بشكل جذري بسبب الصراع الذي احتدم منذ سنة 2014. وقد ثبُت أنهم لم يكونوا من عناصر تنظيمي الدولة أو القاعدة.
بعد يومين من مقتل عامر، وقف رجل يُدعى صالح الوحير فوق تلة في بلدة الحريضة، لمحاولة الحصول على تردد لشبكة الهاتف الخليوي لإجراء مكالمة. وحسب ما ورد على لسان أحد أفراد عائلة وجهات مستقلة في اليمن، فقد “سقط صاروخ على رأسه وقتله على الساعة الخامسة مساء تقريبا”. نظرا لأنه وقع استهداف المنطقة مرتين خلال يومين فقط، توجه أفراد قبيلة المهاشمة إلى بلدة الجوف لحث السكان على الانتقال إلى مكان أكثر أمنا. وفي التاسع من شهر آذار/مارس، توجه ستة من أعضاء القبيلة، ثلاثة من الأولاد الكبار لعبد الله القبلي الوحير، زعيم العشيرة، وثلاثة من أحفاده الكبار إلى مأرب. في الأثناء، استهدفت طائرة من دون طيار منطقة العبر حوالي الساعة الخامسة مساء وقتلتهم جميعا.
دخلت الحرب السعودية ضد ميليشيا الحوثيين الموالين لإيران في اليمن سنتها الرابعة
وحسب منسق منظمة ريبريف، براء شيبان، الذي قام بنشر تغريدة على موقع التواصل تويتر حول مقتل عامر بعد يوم من وقوعه، كان جميع الضحايا من عائلات نازحة، لا صلة لها بالإرهاب، ويعيشون في ظروف صعبة في الخيام. وفي السياق ذاته، أفاد المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، إيرل براون، ردا على أسئلة موقع الإنترسبت أن “القيادة المركزية الأمريكية شنت ست ضربات، بالتنسيق مع الحكومة اليمنية، ضد تنظيم القاعدة في اليمن هذا الشهر. وقد استهدفت جميعها مناطق في محافظة حضرموت”.
عندما ظهرت تقارير عن وفاة عامر لأول مرة في اليمن، قيل إنه قُتل في مأرب، ولكن اتضح لاحقاً أن الهجوم الذي أسفر عن مصرعه وقع في حضرموت، وقُتل بينما كان عائداً إلى مأرب. في المقابل، لم يجب براون على أسئلة تتعلق بتقديم تفاصيل حول الضربات الجوية التي نفذتها القوات الأمريكية، بما في ذلك معلومات عن هويات الضحايا وتواريخ إجراء الضربات الجوية. وعندما طُلب منه التعليق على وفاة عامر تحديدًا، قال المسؤول الأمريكي: “نشكرك على لفت انتباهنا إلى هذا الأمر. نحن نأخذ هذه الادعاءات على محمل الجد وننظر فيها”.
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وهو يستعد للتحدث إلى قادة العالم في الدورة 72 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التي عقدت في 21 أيلول/سبتمبر 2017.
يوم الاثنين، دخلت الحرب السعودية ضدميليشيا الحوثيين الموالين لإيران في اليمن سنتها الرابعة. خلال شهر أيلول/سبتمبر من سنة 2014، سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء، وطردوا الرئيس عبد ربه منصور هادي. وبعد ستة أشهر، أطلقت قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية، التي تحظى بدعم من قبل الولايات المتحدة، حملة عسكرية لإعادة هادي إلى السلطة. وقد قصفت قوات التحالف المناطق حيث يتمركز المدنيون، مما ساهم في تفشي الكوليرا، ودفع ملايين المواطنين إلى حافة المجاعة.
في الأثناء، أصبح لهجمات الطائرات من دون طيار الأمريكية في اليمن، التي تعمل على استهداف تنظيم القاعدة، والتي استمرت لما يقارب عن عقد من الزمن، دور ثانوي في هذه الحرب. ولكنها، وعلى غرار كل الاستراتيجيات الأخرى التي اعتمدتها الولايات المتحدة في حربها المزعومة ضد الإرهاب، فقد أودت بحياة مئات المدنيين.
حيال هذا الشأن، أوضح مركز الصحافة الاستقصائية، الذي يضم مجموعة مستقلة من الأفراد الذين يراقبون حروب الطائرات دون طيار الأمريكية، أن “الولايات المتحدة الأمريكية شنت هجومًا واحدًا من خلال طائرة من دون طيار في اليمن خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2002، ومن ثم استأنفت نشاطها خلال سنة 2009. وحتى شهر كانون الثاني/ يناير من هذه السنة، نفذت القوات الأمريكية 302 غارة جوية على الأقل في البلاد، 129 منها وقعت خلال سنة 2017”.
أفادت مديرة مشروع الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية بشأن الأمن القومي، هينا شمسي، أن “الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين، الذي صدر خلال سنة 2001، قد أضحى بمثابة تصريح يخول للولايات المتحدة شن حروب مختلفة ضد خصوم متعددين”
بالإضافة إلى ذلك، كشفت إحصائيات المركز أن هجمات الطائرات من دون الأمريكية قتلت ما بين 166 و210 مدنيا يمنيا منذ سنة 2002. وقد أشار تقرير أرسلته إدارة ترامب بتاريخ 12 آذار/مارس إلى الكونغرس، إلى أنه بالإضافة إلى الضربات المستمرة التي تشنها القوات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة، فقد نفذت غارات جوية ضد معاقل تنظيم الدولة في اليمن للمرة الأولى خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
في سياق متصل، أكد البنتاغون أن القوات الأمريكية تستمد السلطة القانونية لتنفيذ ضرباتها في اليمن من الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين، الذي صدر خلال سنة 2001. ويعطي هذا القانون، الذي اعتمدت عليه ثلاث إدارات متتالية، الجيش الحق في ملاحقة مرتكبي هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر الإرهابية وكل الأطراف التي على صلة بهم. في المقابل، أوضح بعض النقاد أنه قد تم تجاوز حدود الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين، نظرا لأنه يقع استخدامه، في الوقت الراهن، لإضفاء الشرعية على الهجمات التي تشنها القوات الأمريكية ضد مجموعات تنظيم الدولة، التي لم تكن موجودة خلال سنة 2001.
في الإطار ذاته، أفادت مديرة مشروع الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية بشأن الأمن القومي، هينا شمسي، أن “الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين، الذي صدر خلال سنة 2001، قد أضحى بمثابة تصريح يخول للولايات المتحدة شن حروب مختلفة ضد خصوم متعددين”. وأضافت شمسي، أن “العديد من المدنيين قد قتلوا دون الاعتراف بهذه الجرائم أو تقديم تعويض فعلي مقابلها. ومن المرجح أن يموت المزيد من الأفراد بموجب قوانين القتل السرية الجديدة التي سنتها إدارة ترامب، التي ما فتأت تتهاون فيما يتعلق بالضمانات التي تحمي المدنيين من أي ضرر”.
في الحقيقة، كانت هينا شمسي تقصد القرار الذي أصدرته إدارة ترامب في الخريف الماضي، الذي ينص على تغيير المعايير الخاصة التي تسمح لوكالة الاستخبارات المركزية أو الجيش بمهاجمة إرهابيين مشتبه بهم. وتابعت شمسي، أنه “من جوانب مختلفة، تساهم حكومتنا في تفاقم حالة الدمار والمعاناة التي يعيشها الشعب اليمني”. في تقرير أرسلته إدارة ترامب إلى الكونغرس في وقت سابق من هذا الشهر، أخفت الإدارة عن الرأي العام التفاصيل المتعلقة باعتمادها على الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين، الذي صدر سنة 2001، من أجل شن ضربات قاتلة في اليمن.
على الرغم من تصريح القيادة المركزية الأمريكية بأن هجمات آذار / مارس كانت بالتنسيق مع الحكومة اليمنية، إلا أن بعض المراقبين يشككون في حقيقة ما إذا كان الوضع هكذا على الدوام
تحت قسم بعنوان “قواعد القانون المحلي لاستخدام الجيش الأمريكي المستمر للقوة”، أحالت الإدارة إلى مرفق سري يحتوي على المزيد من المعلومات حول تطبيق الإذن باستخدام القوة العسكرية ضد الإرهابيين لسنة 2001 على “مجموعات أو أفراد معينين”. حيال هذا الشأن، صرحت هينا شمسي أنه “في خضم نظام ديمقراطي، من المثير للدهشة والخطير أن تخفي الحكومة عن شعبها هوية الخصوم الذين تدعي أنها في حالة حرب معهم، فضلا عن القوانين التي تطبقها في إطار عمليات قتل الأفراد”.
أفاد مسؤول كبير في المخابرات اليمنية في مدينة الجوف، الذي طلب عدم ذكر اسمه نظرا لكونه غير مخول للحديث إلى الصحافة، أنه في حال تبين هويات الأشخاص الذين قضوا بسبب هجمات الطائرات دون طيار منذ تولي دونالد ترامب مهامه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، نجد أن معظمهم مدنيون أو مقاتلون لا ينتمون للتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، ينشطون ضمن التحركات المقاومة للحوثيين. وأردف مسؤول الاستخبارات المنتسب إلى حكومة هادي أن الهجمات الأمريكية لا يمكن أن تنفذ إلا بعد التنسيق مع الحكومة اليمنية.
على الرغم من تصريح القيادة المركزية الأمريكية بأن هجمات آذار / مارس كانت بالتنسيق مع الحكومة اليمنية، إلا أن بعض المراقبين يشككون في حقيقة ما إذا كان الوضع هكذا على الدوام. من جانبه، أقر المسؤول في المخابرات اليمنية، بأن “هجمات الطائرات من دون طيار تحدث بسبب ضعف حكومة هادي. يجب أن تكون هناك سلطة قانون وحظر لأي تدخل، سواء كان ذلك من قبل أحد الجيران أو من دولة أجنبية”، وذلك في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية.
من جهته، أعرب محمد عسكر، وزير حقوق الإنسان اليمني، عن شعوره بالغضب إزاء هذه الضربات. وقال عسكر في تغريدة نشرها على حسابه الخاص في موقع تويتر إنه يدين عمليات القتل التي وقعت خارج نطاق القضاء، كما أن هذه الممارسات لن تخدم الحرب على الإرهاب بقدر ما تساهم في انتشارها. في واقع الأمر، تسلط انتقادات المسؤولين اليمنيين الضوء على العلاقة المتوترة بين حكومة هادي الضعيفة والمسؤولين الأمريكيين في مكافحة الإرهاب. عقب الغارة العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر كانون الثاني / يناير لسنة 2017، التي أودت بحياة 12 مدنيا على الأقل بينهم أطفال ونساء، أوضح محسن خصروف، مسؤول في وزارة الدفاع اليمنية، أن حكومة هادي لم تكن على علم مسبق بالهجوم.
وفقا لتقرير نشر على الموقع خلال السنة الماضية، ساعدت المعارك ضد الحوثيين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على توطيد علاقاته داخل المحافظات التي تستهدفها جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية
من جهته، صرح سفير اليمن لدى واشنطن، أحمد عوض بن مبارك، في مقابلة أجراها مع صحيفة وول ستريت جورنال خلال السنة الفارطة، أن الحكومة اليمنية أعربت عن عدم رضاها للسلطات الأمريكية. في هذا الصدد، أورد بن مبارك، قائلا: “لقد أكدنا على أنه يجب أن يكون هناك المزيد من التنسيق مع السلطات اليمنية قبل القيام بأي عملية في المستقبل، ويجب أن يتم أخذ مسألة سيادتنا بعين الاعتبار”.
كان للصحفي اليمني عبد الرزاق الجمل رأي مخالف، حيث ارتأى أن هجمات الطائرات دون طيار، في الوقت الحالي، تسببت في سقوط المزيد من المدنيين أكثر من أي وقت مضى. وتجدر الإشارة إلى أن هيئات المراقبة الخارجية، على غرار مركز الصحافة الاستقصائية، تمتلك بيانات محدودة حول العديد من الضربات التي جدت في الآونة الأخيرة. ومن المحتمل أنه لم يقع التبليغ عن الإصابات التي جدت في صفوف المدنيين. واستطرد الجمل، قائلا إنه “على ما يبدو أن حالة من العمى قد أصابت الاستخبارات الأمريكية. من الواضح أن الولايات المتحدة الأمريكية تكافح بالفعل لبلوغ الأهداف التي ترمي لتدميرها على غرار تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”.
في شأن ذي صلة، أورد منتدى “جاست سكيوريتي” على الإنترنت أن المصاعب التي تواجهها القوات الأمريكية قد تكون مرتبطة بشكل جزئي بحقيقة أن تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب قد التحقا بركب الأطراف المقاتلة ضد الحوثيين في اليمن. وفي بعض الحالات، عمد التنظيمان إلى القتال إلى جانب القوات التي يدعمها التحالف. ووفقا لتقرير نشر على الموقع خلال السنة الفارطة، ساعدت المعارك ضد الحوثيين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب على توطيد علاقاته داخل المحافظات التي تستهدفها جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية، وعلى تعزيز قوته. وأضاف التقرير أن التنظيم استغل الحرب الأهلية على اعتبارها فرصة سياسية حتى يزدهر.
تشدد الوكالات المحلية على أن الضحايا السبع لعمليات القصف التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية بواسطة الطائرات من دون طيار، على غرار حسن وعامر، لم يكونوا تابعين لتنظيم الدولة أو لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب
على الرغم من الحضور القوي لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب في جميع أصقاع الأراضي اليمنية، على غرار مدينة البيضاء وتعز وعدن، إلا أن نشاطه بات محدودا بشكل ملحوظ في مدينتي الجوف ومأرب. وفي تصريح له لصالح وسائل الإعلام، أفاد ناشط مدني في مدينة مأرب، رفض أن يتم الكشف عن هويته بسبب مخاطر التحدث علنا عن تنظيم القاعدة ، أن هذا التنظيم توارى عن الأنظار في المنطقة منذ أواخر سنة 2011، باستثناء تنفيذ عدد محدود من الهجمات الصغيرة المتفرقة. وأضاف المصدر ذاته أن مجال استقطاب التنظيم لأفراد جدد في المنطقة بات محدودا للغاية، لأن جميع القبائل اتحدت ضد الحوثيين، العدو المشترك بالنسبة لهم جميعا.
عموما، تجسد قصة حسن، الشاب اليمني صاحب 19 سنة الذي تعرض لإصابة دامية في خضم الضربة الجوية التي أودت بحياة قريبه عامر، مدى تشابك المعارك المعقدة التي تدور رحاها في اليمن. وينتمي الجندي حسن إلى وحدة عسكرية مقاتلة ضد الحوثيين موالية للرئيس هادي. وقد تعرض حسن لهجمة الطائرة من دون طيار فور عودته من عملية توزيع في قرية اليتمة، إحدى الخطوط الأمامية للقتال في محافظة الجوف. بعبارة أخرى، كان حسن يقاتل في الجانب ذاته مع الولايات المتحدة الأمريكية بشكل ما، لكن ذلك لم يحل دون إمكانية تعرضه للقتل على يد حلفائه المزعومين.
في المقابل، تشدد الوكالات المحلية على أن الضحايا السبع لعمليات القصف التي نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية بواسطة الطائرات من دون طيار، على غرار حسن وعامر، لم يكونوا تابعين لتنظيم الدولة أو لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب. علاوة على ذلك، صرح ناشط محلي من الجوف يمتلك مصادر مقربة من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، أن عامر ليس لديه أي صلة بتنظيم القاعدة. والجدير بالذكر أن معظم الأشخاص الذين أدلوا بتصريحات رفضوا أن يتم الإفصاح عن هوياتهم، والأمر سيان بالنسبة لهذا الناشط الحقوقي. وقد برر تحفظه مشيرا إلى أن الحديث عن نشاط المقاتلين المسلحين قد يعرضه للخطر.
من جانبه، أكد أحد أعضاء القبيلة، الذي يضطلع بدور المراسل المحلي، رواية الناشط المحلي بشأن عامر وقال إن جميع ضحايا هجمات الطائرات من دون طيار المتتالية لم يكن لهم أي علاقات مع الجماعات الإرهابية. من جهته، أقر عامر صالح حريدان، عم الطفل عامر صاحب 13 سنة، بأنه كان يعرف ضحايا هجمات التاسع من آذار/مارس الجاري أيضا، ولم يكونوا تابعين لأي تنظيمات إرهابية مثل تنظيم القاعدة. وأكد حريدان أن أربعة من الضحايا كانوا يقاتلون إلى جانب الوحدات العسكرية التي تعمل بالتوافق مع التحالف السعودي الأمريكي.
كان عامر يعيش رفقة خمسة من أشقائه وشقيقاته. واضطر إلى النزوح رفقة أسرته بسبب الصراع القائم في ذلك الوقت
أحال الناشط المحلي، الآنف ذكره، إلى أن بعض أفراد قبيلة المهاشمة ينتمون لتنظيم القاعدة، لكن الأشخاص الذين لقوا حتفهم لا يمتون له بصلة. وشدد المصدر ذاته على أنه من المرجح أن يكون الناجي حسن قد قابل بعض الأفراد المنتمين لتنظيم القاعدة، لكنه لم يكن عضوا في هذا التنظيم. وقد أكد مسؤول الاستخبارات اليمني أن أعضاء قبيلة المهاشمة الذين ثبت انتمائهم لتنظيم القاعدة في المنطقة تعرضوا للقتل منذ مدة طويلة.
على سبيل المثال، يعتبر عم الوحير، الرجل الذي لقي حتفه هذا الشهر عندما كان بصدد البحث عن إشارة هاتف خلوي، قائدا في تنظيم القاعدة، لكنه تعرض للقتل نتيجة هجمة شنتها طائرة من دون طيار منذ خمس سنوات، وذلك وفقا لتصريحات أحد المقربين من آل الوحير. في المقابل، كان والد عامر قائدا في حزب الإصلاح اليمني الذي اضطلع بدور ريادي في التصدي للمقاتلين الحوثيين بالتعاون مع قوات التحالف. وقد لقي والد عامر حتفه في خضم معركة ضد الحوثيين في سنة 2014.
كان عامر يعيش رفقة خمسة من أشقائه وشقيقاته. واضطر إلى النزوح رفقة أسرته بسبب الصراع القائم في ذلك الوقت. وتعيش هذه العائلة حاليا في خيمة بالقرب من حقل نفط في محافظة مأرب، مسقط رأس عامر الذي كان من المفترض أن يعود إليه يوم لقي حتفه. وتحدث عم عامر، الذي يعمل راعيا، إلى موقع الإنترسبت من خلال الهاتف، مؤكدا أنه يحمل الأطراف المتسببة في هذا الهجوم الإرهابي المسؤولية، وطالب بتوفير تعويض لعائلات الضحايا. وأضاف المصدر ذاته، قائلا: “نحن ندين الأعمال الإجرامية الصادرة عن أي طرف. إذا أمعنتم النظر إلى وضعية العائلات النازحة في الخيام، ستجدون أنهم في حاجة إلى الإغاثة والكهرباء، فضلا عن الطعام والماء، وليس القصف”.
المصدر: الإنترسبت