على طريقة “امضي يا أبو العلا”، سار النظام المصري في كل المناسبات الانتخابية التي تلت بيان 3 من يوليو 2013، غير أن مشاهد انتخابات 2018 الرئاسية التي انطلقت أول أمس الإثنين 26 من مارس وتنتهي اليوم الأربعاء، كانت الأكثر فجاجة، حيث اتبع النظام كل وسائل الترهيب والترغيب لإجبار المصريين على الذهاب إلى اللجان الانتخابية، بل واستحدث طرقًا جديدة قايض من خلالها الناخبين على خدمات الدولة مقابل تصويتهم في الانتخابات التي وُصفت بالأكثر هزلية، بعدما أطاح رأس النظام عبد الفتاح السيسي بكل خصومه، بإرسال بعضهم إلى السجن وإلزام الآخرين بعدم الترشح أمامه.
الانتخاب مقابل المياه
قبل يوم واحد من إجراء الانتخابات الرئاسية، أجرت نادية عبده، مُحافِظة البحيرة، مداخلة هاتفية في برنامج “90 دقيقة”، المُذاع على فضائية “المحور”، قايضت خلالها سكان المُحافَظة على حل مشاكلهم مقابل تصويتهم في الانتخابات.
https://www.youtube.com/watch?v=nuYidJoh8PM
وقالت نصًا عبده: “المحافظة ستكافئ القرى والمراكز التي ستشهد إقبالًا كبيرًا على اللجان الانتخابية بحل مشاكلهم سواء في المياه أو الصرف الصحي”.
تصويت بالإكراه
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو من مدرسة كفر “كلا الباب الجديدة” بمركز السنطة، محافظة الغربية، يظهر فيه مسؤول بوزارة التربية والتعليم وقد اجتمع بعدد من المدرسين يجلسون أمامه كالتلاميذ، ليبلغهم تعليمات الوزارة بشأن حتمية المشاركة في الانتخابات.
وقد حرص المسؤول، كما ظهر في مقطع الفيديو، على تخويف المدرسين، مؤكدًا أن على الجميع إثبات تصويته عن طريق كروت وزعها عليهم لطبع الحبر الفسفوري عليها عقب الانتهاء من التصويت لمعرفة منذ ذهب ومن تخلّف عن الانتخابات، وتوعد المخالفين لهذه الأوامر قائلًا: “عايز تعمل أحمد عرابي أنت حر.. بس دي تعليمات الدولة”.
المؤسسات الإعلامية شاركت في “مولد” الانتخابات أيضًا، حيث فوجئ المصريون برسائل sms عبر هواتفهم المحمولة تدعوهم للمشاركة في العملية الانتخابية
“مولد” الانتخابات
على طريقة اللافتات الانتخابية التي انتشرت في أرجاء محافظات مصر دعمًا للسيسي، حرصت جهات حكومية وغير حكومية على إثبات مشاركتها في “مولد” الانتخابات، بطرح العروض والمكافآت لمن يذهب إلى صناديق الاقتراع.
مدينة الألعاب “دريم بارك” قدمت خصمًا 50% على تذاكرها لكل شخص يشارك في العملية الانتخابية، على مدار أيام الانتخابات الثلاث، مقابل إظهار الحبر الفوسفوري، عند الدخول من بوابة المدينة.
وأصدرت مؤسسة الأزهر الشريف قرارًا إداريًا، قبل يوم واحد من إجراء الانتخابات الرئاسية، يقضي بوقف ومنع جميع الإجازات لجميع العاملين، وخطوط سير الموظفين، خلال فترة الانتخابات الرئاسية.
المؤسسات الإعلامية شاركت في “مولد” الانتخابات أيضًا، حيث فوجئ المصريون برسائل sms عبر هواتفهم المحمولة تدعوهم للمشاركة في العملية الانتخابية، من صحيفتي المصري اليوم واليوم السابع، على سبيل المثال.
وثّق عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال اليوم الأول والثاني من انتخابات الرئاسة، عدة وقائع ومشاهد تكشف رشوة المواطنين بالمال والوجبات مقابل الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.
الأندية الرياضية لم تتخلف هي الأخرى عن “مولد” الانتخابات، حيث أعلن مجلس إدارة النادي المصري البورسعيدي برئاسة سمير حلبية، طرح 5000 تذكرة مجانية لجماهيره من المشاركين بالانتخابات، لحضور مباراة النادي القادمة ضد مونانا الجابوني في البطولة الكونفدرالية، تشجيعًا من المجلس لأهالي المحافظة على المشاركة.
كما أوضح مجلس الإدارة في بيانه أنه سيوجد مندوبون من النادي المصري خارج مقار اللجان الانتخابية الفرعية، لتسجيل بيانات الناخبين الراغبين في حضور المباراة.
الرشوة بالمال والوجبات
وثّق عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خلال اليوم الأول والثاني من انتخابات الرئاسة، عدة وقائع ومشاهد تكشف رشوة المواطنين بالمال والوجبات مقابل الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات.
“اللي هيروح ينتخب هياخد 50 جنيه”، فيديو انتشر بقوة خلال اليومين الماضيين، لأحد الأشخاص وهو يتجول بسيارة، ويعرض بالميكروفون على أهالي إحدى المناطق الشعبية رشوة 50 جنيهًا لمن يدلي بصوته في الانتخابات.
وهنا، أمام إحدى اللجان الانتخابية، أقبل عدد من المواطنين المصريين على سيارة توزع وجبات غذائية.
أحد المواطنين وثّق أيضًا “مكافأة” الانتخابات، وهي عبارة عن سلع غذائية (مكرونة، زيت، شاي، أرز)، كما في هذا الفيديو.
كما وثّق أحد المصورين الصحفيين ظاهرة شراء الأصوات الانتخابية، أمام مدرسة معاذ بن جبل بمدينة العبور (محافظة القليوبية)، حيث جمع مندوب عن إحدى الجمعيات الأهلية بطاقات تحقيق الشخصية الخاصة بالناخبين وسجّل أعدادهم وأعطى لكل ناخب ورقة مكتوب عليها كود خاص، وأوصاهم بتسليم هذا الكود ليلًا لمقر الجمعية لاستلام مبلغ نقدي.
الحافلات تحت أمر الناخبين
المواطن المصري الذي يعاني يوميًا من أزمة المواصلات والزحام، سيشعر بالراحة، فقط خلال أيام الانتخابات الثلاثة، حيث حرصت أغلب الجهات الحكومية والخاصة على توفير وسائل انتقال مجانية لنقل الناخبين للجان الاقتراع.
على سبيل المثال، قرر رئيس جامعة قناة السويس تخصيص حافلات لنقل الطلاب إلى اللجان الانتخابية للإدلاء بأصواتهم، كما خصص الاتحاد المصري لجمعيات المستثمرين برئاسة رجل الأعمال المقرب من النظام محمد فريد خميس، حافلات لنقل الناخبين أيضًا، الأمر ذاته فعله مسؤولو وملاك الفنادق والقرى السياحية بالبحر الأحمر الذين خصصوا أتوبيسات لنقل العاملين الوافدين الذين لهم أصوات انتخابية من مقار عملهم إلى لجان الاقتراع.
كما أعلن رئيس جامعة بني سويف هو الآخر توفير أتوبيسات لنقل الطلاب المقيمين والمغتربين للجان الانتخابية، كذلك نقلت عدة أتوبيسات بمحافظة مطروح الناخبات في القرى والنجوع، مجانًا، في 149 لجنة فرعية للإدلاء بأصواتهن، ومن جهتها، خصصت جامعة المنيا أتوبيسات لنقل العاملين لمقار اللجان الانتخابية.
التهديد بالغرامة
لم يترك النظام وسيلة لإغراء أو إجبار المصريين على الذهاب للجان الانتخابية إلا واتبعها، في هذا السياق جاء تهديد المواطنين بالغرامة الانتخابية، حيث أكدت الهيئة الوطنية للانتخابات أنها ستوقع غرامة مالية على الناخبين الذين يتخلفون عن الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، تطبيقًا لنص المادة (43) من القانون رقم 22 لسنة 2014 في شأن تنظيم الانتخابات الرئاسية والتي تنص على أنه “يعاقب بغرامة لا تجاوز 500 جنيه من كان اسمه مقيدًا بقاعدة بيانات الناخبين وتخلف بغير عذر عن الإدلاء بصوته في انتخاب رئيس الجمهورية”.
استمرار ظاهرة الرقص
نهاية، ما زالت تستمر ظاهرة الرقص في الانتخابات، حيث انتشرت خلال اليومين الماضيين عدة فيديوهات وصورًا لمجموعة من الناخبات والناخبين، يرقصون أمام اللجان الانتخابية على أنغام أغانٍ وطنية وشعبية، هذه بعض منها.