ترجمة وتحرير: نون بوست
من المقرر أن تُطرح أسهم شركة أرامكو النفطية في سوق الأسهم العالمية خلال الفترة القادمة، علما وأن هذه الشركة ساهمت في تشكيل ثقل جيوسياسي واستراتيجي لآل سعود في منطقة الشرق الأوسط. وبناء على رؤية 2030، سيتم طرح خمسة بالمائة من أسهم الشركة في البورصة العالمية، ومن المتوقع أن تبلغ أرباح الرياض ما يقارب مائة مليار دولار. فضلا عن ذلك، من شأن عملية طرح الأسهم أن تساعد السعودية على تعزيز مكانتها في الشرق الأوسط.
حسب السعوديين، تبلغ قيمة الشركة حوالي اثني تريليون دولار، ما سيمكن المملكة العربية السعودية من استقطاب رؤوس أموال ضخمة، والعديد من الاستثمارات من مختلف القطاعات. وعلى خلفية زيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى لندن من المحتمل أن تعرض أرامكو أسهمها في بورصة لندن.
ما هي حقيقة الشكوك التي تحوم حول أرامكو؟
كشف عرض أرامكو للاكتتاب مدى جشع وطمع السعودية، حيث تنوي الرياض طرح جزء من الأسهم في البورصة السعودية إلى جانب الأسواق العالمية لاستقطاب العملة الأجنبية. ويتنافس على هذه العملية الضخمة ثلاث قوى عالمية ستهَب المملكة العربية السعودية ثقلا سياسيا كبيرا.
تعد بورصة لندن المرشح الرئيسي لاحتضان أكبر عملية اكتتاب في العالم
حسب ما أكده الصحفي الإيطالي، سيسي بيلومو، لدى صحيفة “إل سول 24 أوري”، فإن ترامب يرغب في طرح أسهم الشركة في بورصة وول ستريت، فضلا عن أن بورصة هونغ كونغ ولندن تطمح لأن يكون لها نصيب من عرض الاكتتاب. لكن، من المستبعد أن تطرح أسهم هذه الشركة في منتصف هذه السنة مثلما كان مقررا في السابق، ومن المحتمل أن يؤجل ذلك إلى السنة القادمة بسبب كثرة الشكوك التي تحوم حول أرامكو.
خلال السنوات الأخيرة، تواصلت أسعار النفط في الانخفاض، حيث بلغ سعر البرميل الواحد حوالي 65 دولارا. وبفضل تقنية التكسير الهيدروليكي للتنقيب عن النفط، ارتفع حجم إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط. في المقابل، انخفض حجم إنتاج دول الأوبك، لأنها لم تتخذ أي إجراء يذكر لتحسين حجم الإنتاج. ويعد التخفيض في الأسعار هو الحل الوحيد لهذه الأزمة، إلا أنه تسبب في تراجع قيمة شركة أرامكو.
من جهتها، تسعى السعودية إلى طمأنة المستثمرين واستقطابهم، حيث أكد وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، خالد بن عبد العزيز الفالح، في لقاء صحفي أجراه مؤخرا، أن “أسهم شركة أرامكو ستطرح في السوق العالمية بعد توفير الظروف الملائمة في الوقت المناسب. وقد جاءت تصريحات وزير الطاقة لتبديد الشكوك، لكن لم يتم تحديد موعد رسمي لعملية طرح الأسهم. ومن غير المرجح أن تتم عملية الاكتتاب لأكبر شركة نفطية في العالم خلال هذه السنة. وعلى خلفية الزيارة التي أداها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إلى المملكة المتحدة، تعد بورصة لندن المرشح الرئيسي لاحتضان أكبر عملية اكتتاب في العالم.
تندرج عملية طرح أسهم أرامكو في البورصة ضمن “رؤية 2030” التي وضعها ولي العهد محمد بن سلمان، الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد السعودي الذي يمر بأزمة حادة
متطلبات السعودية
يعتبر بيع نسبة ضئيلة من إجمالي النفط الهائل الذي تمتلكه السعودية بمثابة خطوة مهمة للمملكة لتغطية العجز الذي تمر به خزينة الدولة. وتندرج هذه الخطوة ضمن رؤية بن سلمان 2030، الذي يسعى من خلالها إلى تنويع الإنتاج والتقليل من الاعتماد الكلي على النفط في الاقتصاد. ولكن نجاح هذه المساعي يتطلب من السعودية استقطاب رؤوس الأموال وبعث استثمارات جديدة حتى تتمكن من تحقيق مكاسب مالية وتغطية الأزمة الاقتصادية.
في هذا الصدد، قررت السعودية طرح خمسة بالمائة من شركة أرامكو العملاقة للنفط، وستجني من وراء هذه الصفقة ما يقارب مائة مليار دولار. وتعد هذه الخطوة فرصة للسعودية لتعزيز علاقاتها الدولية وتركيز علاقات جديدة مع دول أخرى، علاوة على زيادة حجم المبادلات التجارية والعسكرية مع بلدان أخرى.
من منظور اقتصادي بحت، يعد تأجيل عملية طرح الأسهم إلى سنة 2019 خطأ فادحا من قبل الرياض، لأن ذلك من شأنه أن يؤثر سلبا على مصداقية ومكانة السعودية في الأسواق العالمية. وفي هذه الحالة، يتعين على السعودية أن تتجنب المماطلة وتعترف بأنها لم تتمكن من احترام موعد الاكتتاب الذي حددته.
حملة التطهير ضد الفساد التي يقودها ولي العهد السعودي للتخلص من منافسيه على العرش، أجبرت المعتقلين على بيع جزء كبير من أصولهم
تندرج عملية طرح أسهم أرامكو في البورصة ضمن “رؤية 2030” التي وضعها ولي العهد محمد بن سلمان، الهادفة إلى إنعاش الاقتصاد السعودي الذي يمر بأزمة حادة. وفي الوقت الراهن، تعاني خزينة الدولة من نقص فادح بسبب الأموال الطائلة التي أنفقتها السعودية في حرب اليمن، إلى جانب تدهور أسعار النفط، لتساهم كل هذه العوامل في خلق ضغوط على ميزانية الدولة.
في هذا الإطار، اتخذت السعودية جملة من إجراءات للخروج من الأزمة، لعل أبرزها فرض الضريبة على القيمة المضافة، علما وأن هذا القرار هو الأول من نوعه في تاريخ المملكة، الأمر الذي لم يرق للشعب السعودي. وقد كشف هذا الإجراء عن مدى العجز الذي تعاني منه خزينة البلاد، ناهيك عن أن البنوك السعودية في حاجة ماسة إلى النقد. أما حملة التطهير ضد الفساد التي يقودها ولي العهد السعودي للتخلص من منافسيه على العرش، فقد أجبرت المعتقلين على بيع جزء كبير من أصولهم.
المصدر: لي أوكي ديلا غويرا