ترجمة وتحرير: نون بوست
من المتوقع أن إعادة انتخاب الرئيس السابق للقوات المسلحة المصرية، عبد الفتاح السيسي، لولاية ثانية ستدق مسمارا آخر في نعش الربيع العربي. وعلى هذا النحو، فإن الثورة التي وضعت حدا لدكتاتورية نظام حسني مبارك، قد أصبحت بالفعل “قصة منسية”. في المقابل، يحذر بعض الخبراء والمحللين من أن السخط المتزايد الذي ينتشر بين الطبقات الوسطى وقمع المعارضة يهدد بإطلاق انفجار اجتماعي جديد.
في هذا السياق، يحذر الخبير الاقتصادي عمرو عدلي من أن “سياسة التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي، فضلا عن الزيادة في ضريبة القيمة المضافة، وتعويم الجنيه، أدت إلى تدني القدرة الشرائية للغالبية العظمى من المصريين، وهو ما نتج عنه انخفاض مستوى المعيشة بشكل عام”.
إلى جانب ذلك، حذر هذا الباحث، الذي يعمل في مركز توجيهات الشرق الأوسط التابع للمعهد الجامعي الأوروبي، بصفة خاصة من أن “المنتمين إلى الطبقة الوسطى الذين يعملون في الإدارات، قد فقدوا قدرتهم الاستهلاكية ولم يعودوا قادرين حتى على تغطية احتياجاتهم من المنتجات الأساسية”. ويعتقد الأستاذ عدلي أن “حوالي 27 بالمائة من الشعب المصري الذين يعيشون تحت خط الفقر، كانوا أقل تأثرا بالتضخم الذي شهدته البلاد، الذي لم يكن له تأثير كبير على المنتجات المدعمة”.
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، أن انخفاض شعبية السيسي من خلال تراجع نسبة إقبال الناخبين على التصويت، يعود أساسا إلى إجراءات التقشف الاقتصادي
منذ سنة 2015، شهد قطاع السياحة في مصر انهيارا خاصة على إثر حادثة انفجار الطائرة الروسية بعد إقلاعها من سيناء، التي أودت بحياة 224 راكبا. أما انخفاض قيمة قيمة العملة، الذي حول مصر إلى وجهة سياحية أكثر جذبا للزوار، فضلا عن تحسن مستوى الأمن في البلاد، قد ساعد على تحقيق انتعاش نسبي للقطاع، لتسهيل دخول العملة الأجنبية في الاقتصاد.
حيال هذا الشأن، أكد الخبير الاقتصادي المصري “لا أعتقد أن مصر يمكن أن تعاني اليوم من نفس الصدمات والاضطرابات التي عانت منها خلال سنة 2011، لأن التهديد الإرهابي في مصر والبلدان المجاورة قد زاد من تسامح وقبول السكان لإجراءات الطوارئ”.
في المقابل، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، أن انخفاض شعبية السيسي من خلال تراجع نسبة إقبال الناخبين على التصويت، يعود أساسا إلى إجراءات التقشف الاقتصادي. وفي ظل هذا الوضع، اضطرت الحكومة إلى تقديم بعض العروض لحشد مزيد من الناخبين خلال اليوم الأخير من الانتخابات، من خلال تقديم مقابل مادي أو بعض الهدايا، أو الضغط على موظفي القطاع العام في الشركات العمومية لإجبارهم على الإدلاء بأصواتهم.
أوضح كامل السيد: أن “من المتوقع أيضا أن يعمل السيسي على تكثيف الإجراءات القمعية في البلاد، التي قد تكون أشد مقارنة بعهد الرئيس السابق حسني مبارك”
بناء على ذلك، يتوقع هذا المحلل السياسي، الذي عرف بحضوره الدائم في برامج الحوار التلفزيوني، أنه “من المحتمل أن يتم إحداث تعديل صارم في البلاد على إثر إعادة انتخاب الرئيس السيسي. ولا ننسى أن البطالة والفقر على وجه التحديد كانت من بين الأسباب الرئيسية التي أدت إلى اندلاع الثورة سنة 2011”.
كما أشار هذا السياسي إلى أن السيسي لم يقدم أي برنامج في حملته الانتخابية، وعادة ما يقدم نفسه على أنه “رجل أهم الأعمال في البلاد”؛ في إشارة إلى المشاريع العملاقة التي أحدثها مثل توسيع قناة السويس. بالإضافة إلى ذلك، لا أحد يتوقع حدوث أي تغييرات على مستوى السياسة المتشددة الحالية المفروضة ضد المعارضة، فضلا عن سياسة مكافحة الإرهاب، الذي يتركز في شبه جزيرة سيناء والحدود المتاخمة لليبيا.
في سياق متصل، أوضح مصطفى كامل السيد أن “السيسي، سيواصل خلال فترة ولايته الثانية السير على خطى الليبرالية الاقتصادية، وسيحافظ أيضا على العلاقات الوثيقة التي تربطه مع الولايات المتحدة ودول الخليج. ومن المتوقع أيضا أن يعمل السيسي على تكثيف الإجراءات القمعية في البلاد، التي قد تكون أشد مقارنة بعهد الرئيس السابق حسني مبارك”. وفي إطار المناخ الحالي، “من غير المتوقع أن يتمكن النظام من التخفيف من الاستياء والسخط الاجتماعي في البلاد، ما دام ربيع الثورة مستعدا دائما للاخضرار من جديد”.
المصدر: البايس