ترجمة وتحرير: نون بوست
ينتج الإحباط عن حرمان أحد ما من شيء كان يتوقعه، في حين أن التعدي عن طريق العنف يعني تطبيق تدابير عنيفة على أشياء أو أشخاص من أجل التغلب على مقاومتهم. في حقيقة الأمر، وعد قادة عدة أحزاب، والحركة الاجتماعية الانفصالية، منذ ست سنوات، بالظفر باستقلال الدولة الجديدة لجميع الكتالان. وقد أشارت هذه المجموعة إلى أنه يجب عليهم الظفر بهذه “الجنة الموجودة على الأرض” وإحكام السيطرة عليها.
في الأثناء، بلغت التحركات من أجل تحقيق هذا “المكسب” ذروتها خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عبر تنظيم استفتاء من أجل الاستقلال غير القانوني (1-0). ويضاف إلى هذه الخطوة، الإضراب العام الذي وافق عليه مجلس هيئة “خينيراليتات كتالونيا” (3-0)، وإعلانا الاستقلال من طرف واحد، من قبل برلمان الحكم الذاتي (10-0 و27-0). وعلى الرغم من أن خبر “الجمهورية” تم تداوله كثيرا، إلا أنه ظل من دون أثر ولم يتجسد على أرض الواقع.
عمل المتظاهرون، الذين تم تحريضهم من قبل الزعيمين الانفصاليين، ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالهيئتين المؤيدتين للانفصال، على فرض حصار على الهيئة القضائية ومنعها من أداء عملها بالطريقة السليمة
منذ ذلك الحين، أصبحت الحركة الانفصالية غارقة في دوامة من العنف، بقيادة لجان الدفاع عن الجمهورية الكتالونية، وبدعم من الأقمار الصناعية الحديثة لحزب “ترشيح الوحدة الشعبية” الكتالوني. في المقابل، لم تُجابَه هذه الأعمال العدوانية بقيادة هذه المجموعة، والتي تتولى تنفيذها أقلية متطرفة للغاية، بتنديدات على العلن من قبل حزب اليسار الكتالوني الجمهوري، أو حزب “معا من أجل كتالونيا”. والأسوأ من ذلك أن أعمال العنف تمت الإشادة بها في مقر البرلمان الكتالوني.
عموما، يجتاح الإحباط الحركة الداعية إلى الانفصال. وقد كانت هذه الحالة نتاج قطع البعض لوعود لم يتمكنوا من تنفيذها على أرض الواقع. بناء على ذلك، لم يعد العنف والحركات العدائية مقتصرا على أوقات محددة، أو مجرد تفصيل من بين الأحداث المتطورة، بل تحول إلى عمل دوري، بشكل يومي، ومنظم.
20 و21 أيلول/ سبتمبر سنة 2017
فرض حصار على لجنة قضائية في قسم هيئة الاقتصاد الكتالوني
خلال 20 و21 أيلول/ سبتمبر الماضي، منع آلاف الأشخاص، الذين حرّضتهم الجمعية الوطنية الكتالونية وجمعية أومنيوم الثقافية، إلى جانب رؤساء هذه الهيئات وهما؛ الزعيم الانفصالي، خوردي سانشيز، وخوردي كويكسارت، لجنة قضائية من العمل في مقر هيئة الاقتصاد في وسط برشلونة.
في خضم هذه الأحداث، عمل المتظاهرون، الذين تم تحريضهم من قبل الزعيمين الانفصاليين، ومواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بالهيئتين المؤيدتين للانفصال، على فرض حصار على الهيئة القضائية ومنعها من أداء عملها بالطريقة السليمة (مما اضطر بعض عناصرها إلى استعمال سقف المبنى والاختباء في مسرح مجاور).
في الوقت ذاته، عمل العديد من المتظاهرين على تهشيم سيارات الحرس المدني الإسباني، ونهبها، وذلك دون أن يحرك رجال الشرطة الكتالونية (موسوس) ساكنا. ووسط هذه الفوضى، رسخت صورة مهمة في الذاكرة، التي جسدت الزعيمين خوردي، وهما فوق إحدى السيارات المهشمة التابعة للحرس المدني الإسباني، أثناء توجيه المتظاهرين، وتشجيعهم على مزيد التظاهر.
الزعيمان الانفصاليان فوق سيارة الحرس المدني الإسباني المهشمة.
غرة تشرين الأول/ أكتوبر سنة 2017
استفتاء غير قانوني، مقابل عشرات الجرحى من رجال الشرطة والحرس المدني
أعلنت خينيراليتات كتالونيا أنها سجلت حوالي ألف حالة اعتداء على الناخبين، خلال الاستفتاء غير القانوني (1-0). من جانبها، أجابت وزارة الداخلية على هذه التصريحات عن طريق الإعلان عن عدد الجرحى في صفوف الشرطة الوطنية والحرس المدني الذي بلغ حوالي 431 جريح. وأكدت وزارة الداخلية الإسبانية أن من ارتكب هذه الاعتداءات هم “الناخبون السلميون”، وتحديدا، المواطنون الذين حالوا دون تطبيق القانون الصادر عن العدالة الإسبانية.
في الحقيقة، قام بعض من هؤلاء “الناخبين المسالمين” في مدينة سانت كارلوس دي لا رابيتا (تاراغونا)، برشق الحجارة على قافلة الشرطة، التي اضطرت إلى مغادرة المدينة دون الالتزام بالتعليمات القضائية. ومن بين هؤلاء الجرحى الذين يقدر عددهم بحوالي 431، يحتاج حوالي مائة منهم إلى مساعدة طبية.
الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر والثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 2017
إضرابات همجية بتأييد من الخينيراليتات
نظمت الأحزاب والهيئات الانفصالية (التي يُضاف إليها نقابة اللجان العمالية، واتحاد العمال العام) إضرابا سياسيا عاما خلال يومي الاستفتاء غير القانوني. وخلال هذه الأحداث، كان دعم، ومساندة، وتعاون الخينيراليتات كاملا ودون نقائص. وقد عملت هذه المجموعة على إغلاق جميع المدارس العمومية، وجميع أنواع المراكز البلدية أو المستقلة، دون أن تقدم أدنى الخدمات.
في 25 آذار، قادت فروع لجان الدفاع عن الجمهورية الكتالونية في كل من خيرونا وليريدا، ضمن حركة منسقة بشكل تام، احتجاجات عنيفة مماثلة لتلك التي حدثت في برشلونة
في ظل هذا الوضع، عمل المتظاهرون على ارتكاب أعمال عنف منظمة أمام مراكز ومقر الشرطة الوطنية. وخلال هذه الأيام، اعتدت الهيئات المتطرفة على عناصر شرطة التعزيز التي تم إرسالها إلى كتالونيا، والتي تمركزت في عدة فنادق. وفي مدينتي كاليلا وبينيدا دي مار (برشلونة)، تم تأييد أعمال العنف بتصفيق كل من رئيس بلدية كاليلا، مونتسيرات كانديني، والنائبة الأولى لرئيس بلدية بينيدا دي مار، كارم أراغونيس.
وفي الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تم تنظيم إضراب آخر لأسباب سياسية. وخلال ذلك اليوم، تم قطع عشرات الطرقات، والطرقات السريعة، والطرق الثانوية. كما احتل المتظاهرون محطات القطار الرئيسية، مما عرقل الطرق المربوطة بكتالونيا.
23 آذار/ مارس سنة 2018
هجمات عنيفة على مقر الحكومة الإقليمية في برشلونة
اضطرت شرطة كتالونيا إلى تفريق مئات المحتجين، الذين حشدتهم لجان الدفاع عن الجمهورية الكتالونية، والذين تواصلت احتجاجاتهم إلى غاية ليلة الخامس والعشرين من آذار/ مارس سنة 2018. وخلال هذه الليلة، حاول المحتجون الوصول إلى بوابة مقر الحكومة الإقليمية في برشلونة.
بعد ساعات من ضبط النفس، التي تلقى خلالها أفراد الشرطة المستقلّة العديد من الهجمات باستعمال البيض وغيرها من المواد، ومحاولتهم إطفاء إحدى الحاويات المشتعلة، تحرك الموسوس لوقف أعمال المتظاهرين العدوانيين. وانتهت احتجاجات هذا اليوم، واليومين الذين سبقاه، بسقوط حوالي مائة جريح، من بينهم 25 جريحا من الموسوس.
تهديدات للقاضي لارينا في منزله في داس (خيرونا)
25 آذار/ مارس سنة 2018
هجوم على مقر الحكومة المحلية في خيرونا
خلال ذلك اليوم، قادت فروع لجان الدفاع عن الجمهورية الكتالونية في كل من خيرونا وليريدا، ضمن حركة منسقة بشكل تام، احتجاجات عنيفة مماثلة لتلك التي حدثت في برشلونة. وفي ليريدا، تمت محاصرة العديد من رجال الشرطة المحلية والموسوس في بوابات مقر الحكومة المحلية. وفي ظل هذه الفوضى، ولولا إطلاق النار، لتمكن المحتجون من دخول مقر الحكومة الفرعية. أما في خيرونا، فقد قام متطرفون انفصاليون بالوقوف طوال اليوم أمام أبواب الحكومة المحلية، من أجل التظاهر ضد إلقاء القبض على كارلس بوجديمون في ألمانيا.
في صبيحة ذلك اليوم، شجعت عمدة المدينة، مارتا مادريناس، على الاحتجاج، الذي اعتبرته حركة سلمية للتظاهر. من جهتهم، قام هؤلاء المحتجون “السلميون” بمهاجمة مقر الحكومة الإسبانية في خيرونا، ونزع أعلام الاتحاد الأوروبي وإسبانيا، ورفعوا مكانها علم الانفصال الأسود. وتدل هذه المؤشرات على أن المحتجين يرفضون بتاتا رفع علم الاستسلام الأبيض. وخلال الثالث والعشرين من الشهر ذاته، شجعت عضوة البرلمان، مادريناس، المتطرفين على مواصلة التظاهر في الشوارع إلى غاية “طرد” الإسبانيين من كتالونيا.
2018-2017
مضايقات واتهامات شخصية ضد المدعين العامين والقضاة في كاتالونيا
في مطلع سنة 2017، وخلال إحدى المحاكمات، تعرضت آنا ماغالدي، التي كانت في منصب المدعي العام في برشلونة، إلى المضايقة والإهانة عند مغادرة قصر العدالة في برشلونة. وقد وُجّهت لها عبارات مهينة من قبيل “أنت فاشية” أو “أنت ملعونة”، فضلا عن تهديدات أخرى. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أدان قاضي التحقيق في قضية 13 في برشلونة، خوان أنطونيو راميريز سنيير، العديد من الكتابات على أبواب منزل له، في إحدى مناطق خيرونا. وتجدر الإشارة إلى أن راميريز سنيير هو القاضي الذي حقق في الاستفتاء غير القانوني (1-0) خارج المحكمة العليا والمحكمة الوطنية.
إلى جانب أعمال العنف والاعتداءات الآنف ذكرها، بقيادة المتطرفين بشكل عام، تجدر الإشارة إلى الرسومات اليومية التي تظهر بشكل دوري على مقرات الأحزاب الدستورية
من جانب آخر، يتولى بابلو لارينا، وهو قاضي التحقيق بالمحكمة العليا، التحقيق في القضية الأخيرة التي تتمحور حول المضايقات التي يتعرض لها أعضاء المحكمة. ويتولى المسؤول ذاته مهمة التحقيق في القضية المرفوعة ضد الحكومة الكاتالونية ومكتب البرلمان الكتالوني بسبب اتمام الاستفتاء (1-0)، على الرغم من اعتباره غير قانوني. ونتيجة لذلك، تعرض لارينا إلى الشتم والتهديد عن طريق العديد من الرسومات على أبواب منزله في إحدى القرى الصغيرة الموجودة بالقرب من جبال البيريني.
2018-2017
أعمال عنف في مقرات الأحزاب، وقطع للطرقات
إلى جانب أعمال العنف والاعتداءات الآنف ذكرها، بقيادة المتطرفين بشكل عام، تجدر الإشارة إلى الرسومات اليومية التي تظهر بشكل دوري على مقرات الأحزاب الدستورية (على غرار الحزب الشعبي). وخلال الأسابيع الأخيرة، تعرضت هذه المقرات للرشق بالحجارة، وغيرها من المواد الحادة الأخرى. كما لم تعد هذه الأحداث، شأنها شأن قطع الطرقات، تقتصر على أوقات معينة، إذ أصبحت تحدث بشكل دوري، ومنظم، وبالتنسيق مع لجان الدفاع عن الجمهورية الكتالونية. في المقابل، لم تتم إدانة أعمال العنف المنهجية من قبل حزب اليسار الكتالوني الجمهوري، أو حزب معا من أجل كتالونيا.
المصدر: أ بي ثي الإسبانية