ترجمة وتحرير: نون بوست
وفقا لمنظمة الأمم المتحدة، تهدد المجاعة حوالي 124 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم. ويعزى ذلك إلى اتساع رقعة الحروب والتقلبات المناخية. ولعل الخيارات السياسية الخاطئة من أبرز العوامل المؤدية إلى تفشي ظاهرة المجاعة. للمرة الثانية على التوالي، ارتفع عدد الأشخاص المهددين بالمجاعة. خلال السنة الماضية، اتسعت رقعة الجوع نتيجة تأزم الأوضاع في كل من بورما واليمن ونيجيريا، علاوة على جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان. مؤخرا، نشرت منظمة الأغذية والزراعة (الفاو) دراسة جديدة كشفت أنه خلال سنة 2017، ضربت المجاعة قرابة 124 مليون شخص في 51 دولة، في حين لم يتجاوز عدد الأشخاص الذين يشكون من الجوع، في سنة 2015، 80 مليون شخص موزعين في 48 دولة.
أسباب متنوعة
تعزى ظاهرة انتشار الجوع إلى العديد من الأسباب. وفقا للدراسة المذكورة آنفا، تسببت الحروب في ثلثي حالات الجوع في كل من اليمن وشمال نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية. أما بقية الحالات، فكانت نتيجة العوامل المناخية على غرار الجفاف والفيضانات في كل من إثيوبيا ومالاوي وزيمبابوي.
ظاهرة مثيرة للقلق
في غالب الأحيان، لا يعود الجوع إلى سبب واحد، بل يعد نتاج تضافر جملة من العوامل والأحداث. ويُعتبر الجوع ظاهرة سياسية، حيث عادة ما يبرز على السطح عندما ينكب الحكام على التفكير في مصالحهم الخاصة ولا يتوانون في شن حروب. علاوة على ذلك، تكتسح المجاعة بعض البلدان في حال غابت الإجراءات الوقائية ضد التغير المناخي وتقلصت الاستثمارات في القطاع الزراعي.
عجز برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة عن مجاراة نسق ارتفاع أعداد الأشخاص المحتاجين إلى الموارد الغذائي
يرزح ربع سكان القارة الأفريقية تحت وطأة الجوع وسوء التغذية. وتنتشر هذه الظواهر خاصة في الدول الاستبدادية، التي لا تكترث لمعاناة شعوبها على غرار جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان. ففي هذه الدول، لا يعمل الحكام على حل الأزمات الإنسانية التي تمر بها شعوبهم، نظرا لأنهم يستفيدون من الأوضاع المتردية. وحسب منظمة الأمم المتحدة، سيشهد جنوب السودان في الأسابيع المقبلة مجاعة، فيما تعيش الكونغو الديمقراطية في الوقت الراهن إحدى أكبر أزمات اللاجئين في العالم.
أكثر من 800 مليون شخص يعانون من سوء التغذية
خلال الخريف الماضي، أصدر برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة تقريرا أشار فيه إلى ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية المزمن. على ضوء هذا التقرير، بلغ عدد الأشخاص الذين يشكون سوء التغذية المزمن في سنة 2017، 815 مليون شخص، أي أن العدد ارتفع بنحو 50 مليون شخص مقارنة بسنة 2016. من هذا المنطلق، يبدو أن الجوع سيضرب بقوة من جديد بعد أن نجحت برامج الأمم المتحدة من تحقيق تقدم نسبي في مجال مكافحة الجوع. منذ مطلع الألفية الجديدة، تراجع عدد الأشخاص الذين يشكون الجوع والمصابين بسوء التغذية في جميع أنحاء العالم. في المقابل، وخلال السنتين الأخيرتين، ارتفع عدد الأشخاص المتضررين من الجوع في كل من أفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوقيانوسيا.
هل يشهد العالم انتكاسة بعد التقدم الكبير الذي تحقق؟
يبدو أن الهدف الذي وضعته بعض الدول في إطار “أجندة 2030” لتحقيق التنمية المستدامة، من خلال التقليص من رقعة الجوع على امتداد 12 سنة المقبلة، أمر صعب المنال. وقد كشف تقرير منظمة فاو أن الوضع الإنساني العام لن يتحسن خلال السنة الجارية. علاوة على ذلك، أوضح التقرير أن الوضع الإنساني قد يزداد تأزما في بعض الدول نتيجة الجفاف واستمرار الحروب، خاصة في اليمن، حيث يعيش قرابة 17 مليون شخص على المساعدات الإنسانية.
في سنة 2015، أكدت كل من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة أنه يجب توفير قرابة 267 مليار دولار بشكل سنوي من أجل القضاء على الجوع في العالم في غضون سنة 2030.
المنظمات الإنسانية تحتاج للمزيد من الموارد المالية
عجز برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة عن مجاراة نسق ارتفاع أعداد الأشخاص المحتاجين إلى الموارد الغذائية. ففي الواقع، لا يتطلب تقديم يد المساعدة للمحتاجين معدات لوجستية فحسب، بل يقتضي أيضا تأمين التمويل والموارد الضرورية. خلال السنوات الماضية، واجهت منظمات الإغاثة الدولية العديد من الصعوبات المالية، حيث غطت ميزانية المساعدات الإنسانية التي رصدتها منظمة الأمم المتحدة، أقل من نصف الاحتياجات. أما خلال الثلاثة الأشهر الأولى من السنة الجارية، فلم يتم تأمين سوى 17.4 بالمائة من التمويل اللازم.
المنظمات الإنسانية تشكو من نقص الأموال
مؤخرا، أدى نقص الأموال إلى تخفيض حصص المساعدات الغذائية المخصصة للكثير من الدول. نتيجة لذلك، عانت الكثير من العائلات من عدم تلقي المساعدات الأساسية في ظل حاجتها الماسة للغذاء، وذلك بشكل خاص في المناطق ذات التغطية الإعلامية الضعيفة. فعلى سبيل الذكر لا الحصر، كان من المفترض أن تحظى المؤسسات الخيرية في جمهورية الكونغو الديمقراطية بحوالي 1.6 مليار دولار بهدف تقديم يد المساعدة لقرابة 10 مليون شخص.
على هذا الأساس، يبدو أن القضاء على الجوع في غضون السنوات القادمة يعد أمرا صعب التحقق. في سنة 2015، أكدت كل من منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة أنه يجب توفير قرابة 267 مليار دولار بشكل سنوي من أجل القضاء على الجوع في العالم في غضون سنة 2030.
المصدر: نويه تسوريشر تسايتونغ