خلال الأشهر التي تلت الثورة المصرية، تداولت صحف وبرامج حوارية معلومة مفادها أن الولايات المتحدة سعت لتغيير العقيدة القتالية للجيش المصري، ليواكب التحديات الأمنية التي تريد أمريكا مواجهتها، تحديدا: الحرب على الإرهاب.
واظهرت البرقيات الدبلوماسيه التي سربها موقع ويكيليكس خلافا في وجهات النظر بين واشنطن والقاهره بشان تطوير مهمه الجيش المصري مع اصرار القياده المصريه علي اعداده في المقام الاول لمواجهه عسكريه تقليديه.
وكشفت البرقيات، التي تعود الي 2008 و2010، عن ان واشنطن ترغب في تطوير الجيش المصري لتوسيع نطاق مهمته وزياده تركيزها علي التهديدات الجديده، في حين تتمسك القاهره بمهمته التقليديه في حمايه البلاد.
وجاء في برقيه صادره في مارس 2009 ان “الولايات المتحده سعت الي اقناع الجيش المصري بتوسيع مهمته بطريقه تتواكب مع التهديدات الامنيه الاقليميه الجديده مثل القرصنه والامن علي الحدود ومكافحه الارهاب”، الا ان “القياده المصريه القديمه قاومت جهودنا وهي راضيه عن المضي فيما تقوم به منذ سنوات: التدرب علي نزاع تتواجه فيه قوتان بمزيد من القوات البرية والمدرعات”، تحسبا لنزاع محتمل مع اسرائيل في المستقبل.
ورأت واشنطن ان المسئول عن ذلك هو وزير الدفاع، وقتها، المشير محمد حسين طنطاوي، حيث وصفته الوثيقه بانه “العقبه الاساسيه امام تحويل مهمه الجيش”، وقالت انه “منذ تولي المشير طنطاوي مهام منصبه تراجع مستوي التخطيط التكتيكي والعملاني للقوات المسلحه المصريه”.
وذكرت برقيه، صدرت في فبراير 2010، ان “اداره اوباما قالت لمسئولين عسكريين مصريين ان الجيش الحديث يجب ان يكون مجهزا بعتاد نوعي حديث وليس بكميات ضخمه من العتاد القديم”، ورد هؤلاء المسئولون بان “التهديدات التي تواجهها مصر مختلفه” عن تلك التي تواجهها الولايات المتحده.
وتذكر الوثيقه ان العسكريين المصريين اكدوا انه “يجب ان يكون لمصر جيش تقليدي قوي لمواجهه الجيوش الاخري في المنطقه” مشددين علي ان الاولويه بالنسبه لهذا الجيش هي “الدفاع عن الاراضي المصريه وعن قناه السويس”.
اليوم أعلن وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي عن تشكيل قوات التدخل السريع، وأعلن أن تلك القوات التي تم تشكيلها لأول مرة في القوات المسلحة، تأتي لتعزيز قدرة الجيش على مواجهة “التحديات التي تواجه مصر في الداخل” والخارج.
وقال السيسي -خلال تفقده قوات التدخل السريع المحمولة جوا التي شكلت مؤخرا لتنفيذ مهام “نوعية” داخل البلاد وخارجها- إن القوات المسلحة “يعاد تنظيمها وتطويرها وفقا لأحدث النظم القتالية لتنفيذ جميع المهام، وزيادة قدرة الجيش المصري على بذل أقصى جهد لمجابهة التهديدات والتحديات التي قد تواجه الوطن وأمنه القومي”.
وأوضح وزير الدفاع الذي أطاح بالرئيس محمد مرسي من سدة الحكم بعد أول انتخابات رئاسية في تاريخ البلاد، أن قوات التدخل السريع شكلت للقيام بمهام “خاصة جدا”، وأن تأسيسها جرى بعد المناقشة مع أجهزة القوات المسلحة المختصة التي أكدت إمكانية تشكيلها دون صعوبات.
وحول قدرات القوات الجديدة، قال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة على صفحته على موقع فيسبوك، أنه جرى تسليحها “وفقاً لأحدث نظم التسليح العالمية، مما يمكنها من الانتشار والتدخل السريع لتنفيذ كافة المهام بالتعامل مع الأهداف النمطية وغير النمطية، والوصول إلى مسارح العمليات داخل وخارج البلاد في أسرع وقت ممكن باحترافية وفي مختلف الظروف”.
التوجه الجديد للقوات المسلحة، يقول أن القادة الجدد للجيش المصري قد بدأوا بالفعل في تغيير عقيدة القوات المسلحة من قتال إسرائيل إلى محاربة الإرهاب، وهو ما يشي بمحاولة وزير الدفاع وقيادة النظام الجديد إقناع الولايات المتحدة والغرب بدعم وجودهم غير الشرعي على رأس البلاد.
وخلال الفترة الماضية، شارك الجيش المصري في العديد من العمليات ضد من يسميهم الإرهابيين في العديد من المناطق المصرية، فيما بدا وكأنه محاولة للبحث عن الشرعية، التي استطاع بالفعل اكتساب بعضها في إسرائيل، وظهر ذلك في الضغط الإسرائيلي على الولايات المتحدة لاستمرار دعم الجيش المصري، إلا أن قيادة الجيش في مصر لم تستطع الحصول على دعم دولي مضمون الاستمرار.
وتقول العديد من المصادر أن الجيش المصري بدأ منذ فترة في تحريض ضباطه وجنوده بشكل عنيف للغاية ضد الإصلاحيين أو الثوريين من المصريين، وهو ما لم يُستثنى منه اليساريون والليبراليون فضلا عن الإسلاميين، حيث يوزع الجيش كتيبات تضم تحريضا مباشرا ضد المجموعات المطالبة بالتغيير السلمي وحرب اللا عنف، في تأكيد للتوجه الجديد للجيش