انطلقت مسيرة العودة يوم الجمعة الماضية 30 من مارس مخلفة ورائها زوبعة من التساؤلات عن براءة توقيتها ومسبباتها وعمق أهدافها والرسائل المراد إيصالها ومدى جهوزية الأطراف للسيناريوهات المحتملة.
الواقع يقول إن مسيرة العودة انطلقت في توقيت سليم، لكن ذلك لم يعجب الإسرائيليين لأنه يتزامن مع الأعياد اليهودية والتحضيرات للاحتفال بقيام الدولة ونقل السفارة الأمريكية للقدس، لذلك تتعامل الحكومة الإسرائيلية مع الحدث بأنه متعمد لتخريب وإفساد تحضيراتهم.
لا يخفى عليكم أن مسيرة العودة أتت في وقت مهم وحاسم بسبب التجاذبات الموجودة بين السلطة الوطنية وحركة حماس، فأتت لإعادة البوصلة وتصحيحها باتجاه العدو المشترك
أما الفلسطينيون فيعتبرونه متزامنًا مع عدة مناسبات وطنية مثل يوم الأرض (30 من مارس) ويوم الأسير (17 من أبريل) ويوم النكبة (15 من مايو)، أما الأسباب الدافعة لمسيرات العودة فهي الشعور العام بالإحباط سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي أو الفصائلي من إعلان ترامب القدس عاصمة لـ”إسرائيل” وتحديد موعد لنقل السفارة الأمريكية إليها.
ولا يخفى عليكم أن مسيرة العودة أتت في وقت مهم وحاسم بسبب التجاذبات الموجودة بين السلطة الوطنية وحركة حماس، فأتت لإعادة البوصلة وتصحيحها باتجاه العدو المشترك؛ مما أدى لرفع المعنويات وزيادة زخم المشاركة الشعبية، والآن سنذكر بعض الأهداف والغايات المرجوة بالحد الأدنى منها وهي:
1-تكريس مفهوم حق العودة.
2-رفع معنويات الشعب والبُعد عن التجاذبات الفصائلية.
3-الوقت الطويل المحدد لمسيرات العودة يتيح لجميع شرائح الشعب المشاركة ويكسر الحاجز النفسي عند البعض بعدم المشاركة.
ولا تقف مسيرة العودة عند الأهداف لأن في جعبتها رسائل تريد إيصالها:
أولاً: للرأي العام الدولي أن قضيتنا عادلة ووسائلنا سلمية لاسترجاع حق واضح أقرته قرارات الأمم المتحدة.
ثانيًا: للاحتلال بأنه رغم الإجراءات التعسفية وقساوة القمع، هناك شعب مؤمن بقضيته ولا ينسى حقه.
ثالثًا: للإدارة الأمريكية وترامب أن صفقة القرن المزعومة لن تمر طالما هناك شعب وقيادة متمسكون بثوابتهم.
والآن بعد انقضاء الجولة الأولى من مسيرة العودة، هل هناك أي إنجازات مقابل تلك الدماء الطاهرة التي روت أرض الوطن؟ من السابق لأوانه الحديث عن إنجازات إلا أن هناك صحوة دولية والدليل على ذلك مطالبات كثير من الدول الأوروبية بفتح تحقيق في مجازر وتجاوزات جيش الاحتلال الإسرائيلي في استخدام القوة المفرطة ضد شعب أعزل وصدور تصريحات من بعض الدول الأوروبية بحق الفلسطينيين في التظاهر.
لكن لو قفزنا داخل العقلية الإسرائيلية وقرأنا الأساليب التي ستنتهجها لتخريب مسيرة العودة أعتقد من خلال معايشتنا للاحتلال أنها ستكون على الشكل التالي:
1-الزيادة في القتل والقمع لإرهاب الجماهير المحتشدة.
2-محاولة التصعيد وزيادة سخونة المناطق الحدودية لتحويلها لاشتباكات مسلحة.
3-بث الشائعات من خلال أعوان الاحتلال للتأثير على معنويات المتظاهرين.
4-الطلب من الوسطاء التدخل وعدم إكمال مسيرة العودة مقابل تخفيف إجراءات الحصار.
5-زرع بذور الخلاف بين الفصائل المشاركة لإلغاء وإفشال عمل الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة.
ما الخطوات التي ستعمل على إنجاحها؟ في تصوري يعتمد ذلك على انضباط والتزام الجماهير بتعليمات وتوجيهات اللجنة الوطنية المنظمة لمسيرات العودة، بحيث يكون هناك برنامج وطني واضح يراعي ظروف الناس ومشاغلهم ومحاولة وضع خطط إبداعية للتغلب على عقبات المشاركة نفسيًا وماديًا
لكن قبل أن نختم: هل وضع الجانب الفلسطيني في تصوراته للسيناريوهات المحتملة فيما لو أصبح الطوفان البشري بالملايين واجتازوا السياج الحدودي، حتى لو افترضنا لمئات الأمتار وعلى أربع جبهات (الأردن وسورية ولبنان والأراضي الفلسطينية وخاصة جبهة غزة)، كيف ستكون ردة الفعل الإسرائيلية؟
في الواقع هذا السيناريو بعيد المنال وصعب التحقق، لكن لو افترضنا نجاح واستمرارية مسيرة العودة وصمودها حتى 15 من مايو (يوم الزحف الأكبر) ما الخطوات التي ستعمل على إنجاحها؟ في تصوري يعتمد ذلك على انضباط والتزام الجماهير بتعليمات وتوجيهات اللجنة الوطنية المنظمة لمسيرات العودة، بحيث يكون هناك برنامج وطني واضح يراعي ظروف الناس ومشاغلهم ومحاولة وضع خطط إبداعية للتغلب على عقبات المشاركة نفسيًا وماديًا.