ترجمة وتحرير: نون بوست
يعمل الملايين منا في وظائف تتطلب الجلوس على المكاتب أو حول طاولات المؤتمرات لساعات طويلة في اليوم. في الأثناء، ترتبط العديد من المخاطر الصحية أساسا بالجلوس لفترات طويلة، لذلك دعنا نكتشف كيف نحافظ على نشاطنا في مكان العمل. أظهرت الأبحاث أن الجلوس لفترات طويلة غالبا ما يرتبط بالبدانة، ومرض السكري من النوع الثاني، إضافة إلى زيادة خطر الوفاة بسبب أمراض القلب والسرطان. فضلا عن ذلك، قد يؤدي الجلوس المطول إلى إبطاء عملية الأيض، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على قدرة الجسم في التحكم في مستوى ضغط الدم والسكر، بالإضافة إلى التخلص من نسبة الدهون التي لا يحتاجها الجسم.
من خلال ممارسة بعض التمارين اليومية، يمكنك أن تحد من نسبة ارتفاع المخاطر الصحية الناجمة عن قلة الحركة. وقد كشفت إحدى الدراسات أن القيام بنشاط بدني لمدة 30 دقيقة على مدار 5 أيام في الأسبوع، سواء من خلال الذهاب إلى النادي الرياضي، أو قيادة الدراجة في الطريق إلى العمل، أو القيام بنزهة في وقت الغداء، يمكن أن يحول دون وفاة شخص من بين 12 شخصا على مستوى العالم. وتجدر الإشارة إلى أن التمتع بلياقة بدنية عالية يمكن أن يحميك من بعض الأضرار الصحية المترتبة عن الضغوط في مكان العمل.
غالبا ما يؤثر الإجهاد على الصحة النفسية للفرد، كما قد يتسبب في ظهور أعراض الاكتئاب وارتفاع في ضغط الدم. وعلى الأرجح، سيحول ذلك دون مزاولتك للعمل. عموما، تتراوح ساعات العمل بين 7 و10 ساعات في اليوم، لذلك قد يكون من المستحيل أن تعثر على فرصة للتحرك من مكانك. ولهذا السبب، قام موقع “ميديكال نيوز توداي” بجمع أفضل 5 نصائح لتكون نشيطا خلال ساعات العمل اليومية.
1. قيادة الدراجة أو الذهاب إلى العمل سيرا على الأقدام
وفقا لمكان عملك والمسافة التي تبعد بينه وبين منزلك، حاول إيجاد طريقة بديلة للذهاب والعودة من مكان العمل. ويمكنك ترك السيارة في المنزل والذهاب إلى العمل إما بالدراجة أو سيرا على الأقدام. عند المقارنة بين التنقل بالدراجة والسيارة أو وسائل النقل العام، نجد أن الذهاب إلى العمل بالدراجة يمكن أن يحد من خطر الوفاة بصفة عامة، في حين قد يخفض من خطر الإصابة بالسرطان بشكل خاص. كما أثبت أن المشي وركوب الدراجة لهما دور كبير في التقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
وفقا لدراسة أجرتها جامعة كوبنهاغن في الدنمارك، في حال كنت تعاني من زيادة الوزن وقلة النشاط، قد يكون ركوب الدراجة إلى العمل فعالا للغاية في فقدان بعض الوزن
علاوة على ذلك، يتمتع الأشخاص الذين يذهبون إلى العمل سيرا أو الذين يقودون الدراجة بمؤشر كتلة جسم ونسبة دهون أقل من أولئك الذين يذهبون إلى العمل بالسيارة. إضافة إلى ذلك، عادة ما يشعرون بتحسن مزاجهم مع قدرة أكبر على التركيز تحت أي ضغط. في الواقع، تشير النتائج الأخيرة إلى أن معظم الأفراد يعتمدون السيارة عوضا عن الذهاب سيرا إلى العمل، وذلك بسبب المخاوف المرتبطة بالوقت الإضافي الذي سيستغرقه المشي أو ركوب الدراجة. ولكن عندما طلب منهم تقدير المدة التي سيستغرقها السير أو ركوب الدراجة إلى مكان العمل، كانت تقديراتهم غير صائبة في معظمها ومبالغا فيها.
وفقا لدراسة أجرتها جامعة كوبنهاغن في الدنمارك، في حال كنت تعاني من زيادة الوزن وقلة النشاط، قد يكون ركوب الدراجة إلى العمل فعالا للغاية في فقدان بعض الوزن، تماما مثل الانضمام إلى نادي الرياضة. فعلى الأرجح، يمكن أن تمثل جولة صباحية بالدراجة حافزا مثاليا إذا كنت ترغب في إنقاص وزنك، خاصة إذا كنت تفتقر للوقت الكافي أو الدافع للذهاب إلى النادي الرياضي بانتظام.
2. النهوض والتحرك من وقت إلى آخر
يمكن أن يساعد التحرك بعض الشيء من حين إلى آخر أثناء العمل، في الحد من المخاطر الصحية المتعلقة بالجلوس لمدة طويلة. ولإيجاد حل لهذا السلوك المتكرر والفترة التي يقضيها الشخص جالسا، قامت المجلة البريطانية للطب الرياضي في سنة 2015، بنشر نصائح مفيدة قام بتقديمها ثلة من المختصين. وقد استنتج فريق المختصين أن الموظفين الذين يتكفلون بمهام مكتبية يجب عليهم الوقوف لمدة ساعتين على الأقل خلال الدوام، مع احتمال أن تبلغ المدة 4 ساعات، وذلك للحد من الجلوس لفترات طويلة. كما يعتقد الباحثون أن الدمج بين النشاط الحركي والوقوف خلال العمل قد تكون قابلة للتطبيق من قبل الموظفين أكثر من القيام بتمرينات محددة.
ارتفع عدد الشركات التي تستخدم مكاتب جلوس/وقوف خاصة بعد اكتشاف فوائدها
تتضمن سلوكيات الوقوف الموصى بها في العمل ما يلي:
• الوقوف أو القيام بنشاط حركي بسيط لمدة تتراوح بين ساعتين وأربع ساعات على مدار ساعات العمل بالنسبة للموظفين الذين تستوجب وظائفهم الجلوس إلى المكتب
• استخدام مكتب من نوع جلوس/وقوف أو مراكز عمل تعتمد على الوقوف للحد من هذه العادة ضمن الوظائف التي تستوجب الجلوس بانتظام
• تجنب الوقوف الثابت لفترات طويلة، الذي يمكن أن يكون ضارًا للغاية تماما مثل الجلوس لفترة طويلة جدا
• تغيير طريقة الوقوف باستمرار لتجنب التعب والألم العضلي الهيكلي المحتمل
في حقيقة الأمر، ارتفع عدد الشركات التي تستخدم مكاتب جلوس/وقوف خاصة بعد اكتشاف فوائدها. في هذا السياق، اكتشفت جامعة آيوا أن الموظفين الذين توفر لهم مكاتب جلوس/وقوف يقضون فترة طويلة نسبية في الوقوف تعادل 60 دقيقة ويحرقون ما يقرب دعن 87 سعرة حرارية بالمقارنة مع نظرائهم الذين يمتلكون مكاتب جلوس عادية. كما أشار الباحثون إلى أن هذه الفترة التي يقضيها الموظف في الوقوف يمكن أن تثبت أهميتها في مكافحة انتشار ظاهرة البدانة.
أشارت دراسة أخرى إلى أن استخدام مكاتب من نوعية جلوس/ وقوف بدلا من الجلوس لمدة 6 ساعات متواصلة في اليوم يمكن أن يساعد الأشخاص على إنقاص الوزن مع مرور الوقت. وأظهرت النتائج أن الوقوف يساعد على حرق 0.15 سعرة حرارية في الدقيقة الواحدة أكثر من الجلوس، أي ما يعادل خسارة 5.5 باوند (2.5 كيلوغرام) بالنسبة للبالغين الذين يقدر وزنهم بحوالي 143.3 باوند أي 65 كيلوغرام، خلال سنة، وحوالي 22 باوند أي قرابة 9.97 كيلوغرام خلال 4 سنوات، شريطة الالتزام بوجبات غذائية محددة. علاوة على ذلك، أثبت استخدام مكاتب من نوعية جلوس/ وقوف أن لهذا الأمر تأثير إيجابي على مشكلة الضعف الإدراكي. على سبيل المثال، شهد الطلاب الذين يستخدمون دائمًا مكاتب من نوعية جلوس/ وقوف تحسنا في الوظائف التنفيذية وقدرات الذاكرة العاملة.
اقترحت دراسة أجرتها جامعة ليدز في المملكة المتحدة أن الحركات البسيطة مثل التململ، قد تكون مفيدة للتصدي لبعض الآثار السلبية الناجمة عن الجلوس مطولا
3. تحرك أكثر
قد يبدو التحرك بصفة دائمة أمرا بديهيا من الواجب الالتزام به عندما لا تكون مضطرا للجلوس، ولكن عندما تكون مكلفا بمشروع للضرائب من الطبيعي قضاء ساعات طويلة دون القيام بأي نشاط حركي. في هذا الإطار، بينت الأبحاث أنه إذا حافظت على وضعية الجلوس لأكثر من خمس ساعات، يزداد حجم الخصر بمقدار 2 سنتيمتر بمعدل كل ساعة، كما يرتفع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 0.2 بالمائة. في الأثناء، ترتفع نسبة البروتين الدهني منخفض الكثافة أو الكولسترول الضار، في حين تنخفض نسبة البروتين الدهني مرتفع الكثافة أو الكولسترول النافع.
فيما يتعلق بالتساؤلات حول معدلات الجلوس الحالية والمنشودة بالنسبة للموظفين، ذكرت إحدى الدراسات أن الموظفين الذين تستوجب مهامهم ملازمة مكاتبهم يرغبون في قضاء وقت أقل في الجلوس ووقت أطول في ممارسة نشاط بدني خلال عملهم. ومن المثير للاهتمام أنه وحتى إن تطلب الأمر الجلوس، يمكنك الاستعانة بالتحرك قليلا وأنت على الكرسي، الأمر الذي من شأنه أن يحدث الفرق.
في هذا السياق، اقترحت دراسة أجرتها جامعة ليدز في المملكة المتحدة أن الحركات البسيطة مثل التململ، قد تكون مفيدة للتصدي لبعض الآثار السلبية الناجمة عن الجلوس مطولا. كما أظهرت الأبحاث أن وظيفة الأوعية الدموية تضعف بعد قضاء 6 ساعات من الجلوس في المكتب. في الأثناء، يمكن أن يعزز السير في أرجاء المكتب لمدة 10 دقائق بعد فترة طويلة من الجلوس صحة الأوعية الدموية. عموما، يمكنك أن تضمن أن تكون نشيطا في المكتب من خلال إجراء بعض التغييرات البسيطة مثل:
• الذهاب إلى مكتب أحد الزملاء في العمل للتحدث معه بدلا من إرسال بريد إلكتروني
• استعمال الدرج بدلا من المصعد
• ركن السيارة على بعد مسافة من مدخل عملك
• سلوك الطريق الأبعد باتجاه مكتبك وذلك للقيام ببضع خطوات إضافية.
يتسم إدماج التمارين الرياضية بروتينك اليومي خلال ساعات الدوام بالعديد من الفوائد على الصحة، كما يساهم ذلك في تقليص نسبة التغيب عن العمل فضلا عن تعزيز القدرات الإدراكية وتحسين المزاج، ناهيك عن ارتفاع نسبة الإنتاجية
• إعادة ترتيب مكتبك بحيث يتوجب عليك الوقوف والحركة والوصول إلى الأدوات التي تستخدمها بانتظام
• الوقوف للرد على المكالمات الهاتفية أو لكتابة رسائل بريد إلكتروني
• ضبط منبه لتذكيرك بأخذ استراحة سريعة للقيام بنشاط حركي
4. إعادة هيكلة محيط العمل
يتسم إدماج التمارين الرياضية بروتينك اليومي خلال ساعات الدوام بالعديد من الفوائد على الصحة، كما يساهم ذلك في تقليص نسبة التغيب عن العمل فضلا عن تعزيز القدرات الإدراكية وتحسين المزاج، ناهيك عن ارتفاع نسبة الإنتاجية. وفي ظل الفوائد الإيجابية العديدة للحركة وعدم الركون للخمول، قد يبادر مديرك بتغيير محيط العمل لتوفير مساحة أكبر للقيام بنشاط حركي. والجدير بالذكر أن بعض الشركات قامت فعلا بتخصيص حصص بهدف ممارسة تمارين الإطالة قبل انطلاق ساعات العمل، بالإضافة إلى تمارين اليوغا خلال ساعات العمل. فضلا عن ذلك، بادرت هذه الشركات بتنظيم مجموعات للعدو خلال فترة راحة الغداء، في إطار مبادرة لمساعدة الموظفين على العناية بصحتهم وتعزيز مردودهم. وفي هذا الإطار، يمكن اتخاذ جملة من الخطوات لإعادة هيكلة محيط العمل، على غرار:
• التخلي عن الكراسي ومقاعد المكتب
• التشجيع على عقد الاجتماعات سيرا على الأقدام
• إنشاء مسالك للمشي
• استحداث برنامج عداد الخطى
• استخدام أجهزة الجوال بدلاً من الهواتف القارة التقليدية
توصلت دراسة قامت برصد تأثير إعادة هيكلة محيط العمل على الأفراد إلى أنه وعلاوة على خسارة الموظفين للوزن الزائد وتقليص نسبة الدهون في الجسم، ارتفعت إيرادات الشركة بنسبة 10 بالمائة تقريبًا في الأشهر القليلة الأولى منذ الشروع في الدراسة
• إضافة الألعاب في مكان العمل
• توفير أجهزة لمراقبة مستويات النشاط البدني
• تقديم النصائح للموظفين حول النشاط البدني والتغذية
• توفير مكاتب خاصة تعتمد آلات رياضية، مثل آلات المشي
• الجلوس على الكرات المطاطية
توصلت دراسة قامت برصد تأثير إعادة هيكلة محيط العمل على الأفراد إلى أنه وعلاوة على خسارة الموظفين للوزن الزائد وتقليص نسبة الدهون في الجسم، ارتفعت إيرادات الشركة بنسبة 10 بالمائة تقريبًا في الأشهر القليلة الأولى منذ الشروع في الدراسة. وقد كشف أحد الأساتذة في جامعة كليمسون في كارولينا الجنوبية أن استخدام “فت ديسك” ساهم في تحسين الحالة المعنوية للموظفين وقام بتحفيزهم على العمل بشكل أكبر، في حين ساهم في تعزيز قدرتهم على حل المشكلات واتخاذ القرار، والإبداع. وتجدر الإشارة إلى أن اعتماد المكاتب التي تضم آلات رياضية ليس له أي جوانب سلبية. إلى جانب ذلك، يمكن لجهاز صغير مثل آلة الدواسة المحمولة محاربة بعض الآثار الضارة للعمل دون التحرك، وذلك وفقا لدراسة نشرت في المجلة البريطانية للطب الرياضي.
5. احرص على ممارسة أنشطة بدنية خلال استراحة الغداء
بدلا من تناول وجبة الغداء جالساً أمام حاسوبك، بينما تستخدم هاتفك الذكي للرد على رسائل البريد الإلكتروني، خذ استراحة وقم بنشاط بدني. سيساعدك هذا الأمر حتما حتى تعود إلى عملك وأنت تشعر بالانتعاش والنشاط، في حين ستكون أكثر قدرة على التركيز خلال بقية اليوم. سواء كنت تمارس المشي السريع، أو ركوب الدراجة أو السباحة، أو حتى زيارة صالة الرياضة لمدة ساعة، تساعد ممارسة أي نوع من التمارين على كسر الروتين، كما سيحفزك ذلك خلال ساعات العمل المتبقية في المكتب.
عليك أن تتذكر أن أي نشاط مهما كان بسيطاً، ولو لمدة 10 دقائق فقط، يعد أفضل بكثير من بقاءك ساكناً دون حراك
في هذا الصدد، كشفت دراسة أجريت على أكثر من مليون شخص أن النشاط البدني لمدة ساعة على الأقل يومياً من شأنه أن يجنبك خطر الموت المتزايد الناتج عن الجلوس لمدة 8 ساعات متواصلة في اليوم. وقد تبين أن الأشخاص الذين قضوا ثمانية ساعات يومياً في وضعية جلوس لكن قاموا بنشاط بدني كانوا أقل عرضة لخطر الموت المبكر من أولئك الذين جلسوا لساعات أقل لكن دون ممارسة أي نشاط حركي. فضلا عن ذلك، نجد أن الموظفين الذين يقومون بتخصيص وقت لممارسة الأنشطة البدنية أقل عرضة لمواجهة مشاكل نفسية، على غرار الاكتئاب والإرهاق، مقارنة بأولئك الذين لا يمارسون التمارين الرياضية. وتساهم ممارسة الرياضة لمدة أربع ساعات في الأسبوع في تقليص حجم خطر الإصابة بالمشاكل النفسية إلى النصف.
بغض النظر عن النشاط البدني الذي قد تمارسه خلال اليوم أثناء العمل، عليك أن تتذكر أن أي نشاط مهما كان بسيطاً، ولو لمدة 10 دقائق فقط، يعد أفضل بكثير من بقاءك ساكناً دون حراك. بناء على ذلك، حاول أن تمارس أي نشاط رياضي بشكل تدريجي من خلال الهرولة لمدة 10 دقائق كل يوم على سبيل المثال، على أن تكرر ذلك ثلاثة مرات، أو قم بالتمارين البدنية المعتدلة لمدة 30 دقيقة، على امتداد خمسة أيام في الأسبوع.
المصدر: ميديكال نيوز دايلي