استهدف الطيران الحربي، الأحد، مجمعًا طبيًا في مدينة أريحا بريف إدلب الجنوبي الغربي، مما أدى لخروجه عن الخدمة، في الوقت الذي تصل فيه قوافل المهجرين من الغوطة الشرقية، كما نشر مركز الأمين للمساعدة الإنسانية على حسابه على “فيسبوك”: “نظام الأسد وحليفه الروسي لم يكتفيا بتهجير المدنيين من الغوطة الشرقية، بل استمرا بملاحقتهم بأسلحة الدمار والموت ليستهدفوا الأماكن السكنية والتجمعات والمراكز الطبية والمستودعات الإغاثية ليزيدوا من معاناة الناس”.
كما استهدف القصف مستودعات إغاثية ومرائب منظومة الإسعاف؛ مما أسفر عن إصابة اثنين من الكوادر الطبية، فضلًا عن وقوع خسائر مادية في المجمع الطبي، فيما خرجت خمس سيارات إسعاف عن الخدمة، وأكد المركز أن المجمع الطبي خرج عن العمل بشكل نهائي بعد الأضرار المادية في البناء والمعدات والآليات جراء استهدافه بصواريخ الطائرات الحربية بشكل مباشر.
وطالب المركز المجتمع الدولي والمنظمات الأممية بتحمل مسؤولياتها بالضغط لإيقاف آلة القتل والتدمير وحماية ورعاية المدنيين العزل وتحييد المراكز الطبية وحماية العاملين في المجال الإنساني، فيما كان يعمل مجمع الأمين الطبي على تقديم الرعاية الصحية الأولية، إضافة إلى مركز غسيل الكلى، ومركز للمعالجة الفيزيائية، ويخدم سكان منطقة أريحا والقرى المجاورة لها.
كما استهدف الطيران الحربي، الأحد 4 من فبراير/شباط مستشفى معرة النعمان مخلفًا أضرارًا كبيرة في بناء المستشفى، فيما أعلنت إدارة المستشفى خروجه عن الخدمة، كما حوصر الكادر الطبي داخل بعض غرف المستشفى، واستهدف الطيران الجوي في 15 من فبراير/شباط مستشفى بلدة حاس بإدلب مما تسبب في دمار أبنية المشفى.
توجد مشافي صغيرة غير مجهزة للتعامل مع جميع أنواع الإصابات، وفي أغلب الأحيان تكون في الطوابق السفلية
تعرف على المشافي الميدانية في المناطق المحررة
في ظل الحرب الدائرة في سوريا، والقصف والتدمير الناتج عنها من قبل النظام، نشأت المشافي الميدانية لتغطي الكم الهائل من إصابات القصف المتراكمة بشكل يومي، كما أصبح لكل بلدة مستشفى لمعالجة أهالي القرية، إلا أن هذه المشافي تواجه صعوبات عديدة ومعوقات تقف أمام عملها في المنطقة.
وبسبب سيطرة النظام على مراكز المدن التي تتركز فيها المشافي والمراكز الصحية الكبرى، أجبر الأطباء على إنشاء مشافي تتلقى دعمها عبر منظمات إنسانية توفر لها بعضًا من المعدات وكذلك الدعم المادي، ويتكون بناء المشافي الميدانية من بناء إسمنتي اختير قبل افتتاح المشفى ليتحمل القصف، وغالبًا ما تكون في الأقبية تحت بناء مؤلف من عدة طوابق، كانت قد استخدمت سابقًا كمدرسة أو بناء سكني.
قال طبيب يعمل في أحد المشافي أن المشفى الذي يعمل به لا يمتلك المعدات المطلوبة في قسم العناية، وهذا النقص يؤثر على المصابين والجرحى إثر استهدافهم من طائرات النظام.
توجد مشافي صغيرة غير مجهزة للتعامل مع جميع أنواع الإصابات، وفي أغلب الأحيان تكون في الطوابق السفلية والأقبية، وهذه بعض احتياجات المشافي، أما بالنسبة للبناء نفسه قد يكون معرضًا للدمار نتيجة الهجمات المستمرة على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، والكثير من جدران الأبنية والغرف الطبية أصبحت غير قابلة للاستخدام.
نقص الكوادر الطبية
تعاني المشافي الميدانية من نقص في الكوادر الطبية نتيجة هجرة آلاف الأطباء السوريين إلى خارج البلاد بسبب الحرب السورية التي لم تبق حجرًا على آخر، فالكثير منهم اتجهوا نحو بلاد توفر لهم العمل وكذلك السكن.
وخلال السنوات الأولى من اندلاع الثورة أُجبر العديد من الطلبة في كليات الطب الذين لم تسنح لهم الفرصة لإكمال دراستهم، بسبب انحيازهم لمناطق الثوار أو انضمامهم لركب الثورة، على مزاولة العمل كطبيب أو ربما كممرض في المعالجات الأولية في المظاهرات ثم الإصابات نتيجة القصف الذي تتعرض له مناطقهم.
رغم نقص الكوادر تتعامل هذه المشافي مع جميع الحالات
واستطاعت هذه المشافي تأمين بعض الأطباء من خلال توفير السكن لهم، وأغلبهم من مناطق باتت تحت سيطرة النظام، وكثير من الأحيان لا تجد في المشافي الميدانية أطباءً، وإنما أغلبهم كانوا طلابًا أصبحوا يعملون لسد النقص في المشافي، كما عملت بعض المنظمات على دعم معهد تمريض في منطقة إعزاز شمالي حلب يشرف عليه عدد من الأطباء، وقد خرّج هذا المعهد دفعتين إلى الآن وتم توظيفهم في المشافي، ولكن عددهم لا يكفي لسد الحاجة، فالمناطق المحررة تحتاج لأطباء متخصصين.
ورغم نقص الكوادر تتعامل هذه المشافي مع جميع الحالات، من جروح وحروق وبعضها معقد تحتاج لعمليات جراحية، كما أنها تستقبل حالات لأطراف مبتور وغيرها، ولا تستطيع هذه المشافي تأمين العمليات الجراحية التي تحتاج لمعدات وأطباء اختصاصيين.
المدنيون.. معاناة مع المرض والبحث عن علاج
لم يعلم سمير 30 عامًا أن سبب الألم في رجله انسداد في أحد عروق الدم الواصلة إلى أسفل قدمه، عانى مع الألم ثلاث سنوات، تأزم الأمر أكثر، ذهب إلى المشفى الميداني في المنطقة التي يسكن فيها بريف حلب، عاينه أحد الأطباء، ولكنه لم يعلم سبب ألمه، عاد إلى بيته وأدراج الخيبة تمتلئ في عينيه لأن الألم ما زال موجودًا.
وفي حديث له قال: “حاولت أن أذهب إلى المشفى من شدة الألم لعله يهدأ قليلًا، ولكن أحد الأطباء قال: “لا يوجد علاج لك عندنا، والمنطقة كلها تفتقد لمعدات وطبيب اختصاصي يعالج لك قدمك”.
وأضاف “طلبت إحالة إلى تركيا لعلي أتمكن من معالجة قدمي، لكنني قوبلت بالرفض بحجة أن باب المعبر مغلق الآن وربما في وقت آخر تسمح السلطات التركية بإدخالي”، لكن ألم سمير لم يهدأ، وبعد عدة أيام تمكن من دخول الأراضي التركية لمعالجة قدمه، ذهب إلى مشفى كلس الواقعة جنوب تركيا، وصور أطباء المشفى قدمه، وقالوا له: “قدمك يجب أن تبتر قبل تأثر الثانية من الدواء الذي تأخذه طوال الفترة السابقة وتأخرك عن إجراء العمليات اللازمة”.
على الرغم من ضعف إمكانات المشافي ما زالت تتعرض للقصف ويتكرر قصفها خصوصًا في مناطق إدلب التي شهدت في الربع الأول من عام 2018 عددًا من الاستهدافات المتكررة
خضع سمير لعملية البتر وهو يحمل هموم أربعة أطفال ووالدتهم، وأوضح: “لا يمكنني مزاولة عملي كيف لي أن أطعم أطفالي؟”، وعلى هذا النطاق تكثر القصص التي يعاني فيها المدنيون الذين يواجهون أسوأ الحالات المرضية ولا يجدون لها العلاج، في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة، أما على صعيد الإصابات المدنية والعسكرية بسبب القصف المتكرر نجد الأمر يصبح أصعب خصوصًا أن هناك حالات حرجة في أغلب الإصابات تودي بحياة الجريح.
وعلى الرغم من ضعف إمكانات المشافي ما زالت تتعرض للقصف ويتكرر قصفها خصوصًا في مناطق إدلب التي شهدت في الربع الأول من عام 2018 عددًا من الاستهدافات المتكررة، إذ تعرضت أكثر من ثلاثة مراكز طبية اثنين منها خرجا عن الخدمة والآخر تعرض لدمار جزئي، وهذه المشافي أصبحت الحاجة إليها ملحة خصوصًا مع توافد المهجرين من الغوطة الشرقية وتزايد عدد سكان المنطقة وصعوبة تأمين الحالات الحرجة والإسعافية.