ترجمة وتحرير: نون بوست
في أواخر شهر حزيران/ يونيو الماضي، استضافت شركة تدعى “بيتي في إسرائيل” معرضًا في كنيس يهودي في لوس أنجلوس لتلبية احتياجات عملاء محددين: الأمريكيون اليهود الذين يتطلعون إلى شراء منزل جديد في إسرائيل، أو في المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية في الضفة الغربية المحتلة.
وقد ظهرت معارض عقارية مماثلة في جميع أنحاء أمريكا الشمالية هذه السنة، في أماكن مثل مونتريال وتورنتو ونيوجيرسي وبالتيمور وبروكلين، وواجه العديد منها احتجاجات؛ حيث إن الحرب على غزة قد أثارت من جديد قضية المستوطنات الإسرائيلية والسيادة الفلسطينية.
وقد عرضوا منازل للبيع في مستوطنات معاليه أدوميم وإفرات ومتسبي يريحو ورامات جفعات زئيف وهار أدار وهشمونائيم وأريئيل – وجميعها مستوطنات في الضفة الغربية تقع على بعد ساعة واحدة بالسيارة من القدس – بالإضافة إلى جفعات هاماتوس الواقعة في القدس الشرقية.
وقد دفع اندلاع أعمال العنف في الفعالية التي أقيم في لوس أنجلوس بالحادث إلى بؤرة الاهتمام الوطني؛ حيث اشتبك المتظاهرون عند كنيس “أداس توراة”، الذين نددوا ببيع ما وصفوه بـ”الأرض المسروقة”، مع مؤيدين لإسرائيل في شوارع غرب لوس أنجلوس. وقالت شرطة لوس أنجلوس إن مشاجرات اندلعت بين المتظاهرين، في حين أفاد المتظاهرون بتعرضهم للضرب بالهراوات من قبل الشرطة. وقد تم تصوير المشاجرة في وسائل الإعلام الوطنية على أنها حادثة عنف في مكان للعبادة، وليس احتجاجًا سياسيًا في فعالية للشركات، مما دفع القادة السياسيين من كلا الحزبين، بمن فيهم الرئيس جو بايدن، إلى وصف المظاهرة بأنها معادية للسامية، وقالت وزارة العدل إنها تحقق في الحادث.
لكن مشتري المنازل المهتمين بشراء عقار في الضفة الغربية المحتلة لديهم خيار أكثر ملاءمة لتقديم عرض: تمرير بسيط عبر القوائم على الإنترنت، فعلى مواقع الويب المصممة إلى حد كبير للمشترين الأمريكيين اليهود الذين يتطلعون إلى الانتقال إلى إسرائيل، يمكن لمالكي المنازل المحتملين تصفح العقارات التي تتضمن قوائم للمنازل في المجتمعات الاستيطانية، والتي توفر الزخارف النموذجية لحياة الضواحي.
شاركت حوالي 12 شركة عقارية في معارض عقارية نظمتها شركة بيتي في إسرائيل في جميع أنحاء أمريكا الشمالية هذه السنة. وتعمل ست من هذه الشركات على تسويق ما لا يقل عن عشرين عقارًا منفصلًا للبيع في ثماني مستوطنات مختلفة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وفقًا لقوائمها على الإنترنت. وتدرج شركات عقارية أخرى عادةً عشرات العقارات في الضفة الغربية على مواقعها. ولم تستجب الشركات المذكورة في هذه القصة لطلبات التعليق.
وقد أدرجوا منازل للبيع في معاليه أدوميم، وإفرات، ومتسبي يريحا، ورامات جفعات زئيف، وهار أدار، وهشمونائيم، وأريئيل – وجميعها مستوطنات في الضفة الغربية تقع على بعد ساعة واحدة بالسيارة من القدس – بالإضافة إلى جفعات هماتوس الواقعة في القدس الشرقية.
لطالما أثارت مستوطنات الضفة الغربية انتقادات من المجتمع الدولي الذي يعتبر المستوطنات غير شرعية، في انتهاك للمادة 49 من اتفاقيات جنيف. ومع ذلك تشكك الحكومة الإسرائيلية في عدم شرعية، وتعترف بـ 146 مستوطنة على أنها شرعية، وفقًا لمنظمة السلام الآن، وهي مجموعة إسرائيلية مناصرة تتعقب وتعارض التوسع الاستيطاني. وقالت المجموعة إن الحكومة الإسرائيلية تؤجر الأراضي للإسرائيليين حصريًا؛ حيث يُمنع الفلسطينيون من استخدام الأراضي الجديدة التي اغتصبتها الدولة في الضفة الغربية.
وقد ازدادت حدة الانتقادات الموجهة للمستوطنات في الأشهر الأخيرة وسط تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، مع احتدام الحرب الإسرائيلية في غزة. وفي يوم الجمعة، أعلنت إسرائيل عن خططها لاعتماد خمس بؤر استيطانية غير شرعية في الضفة الغربية كمستوطنات، الأمر الذي أثار إدانة دولية أيضًا.
وعلى موقعها على الإنترنت، نشرت شركة “بيتي في إسرائيل“، التي ساعدت في تنظيم الفاعلية في لوس أنجلوس وتدير فريقًا من وكلاء العقارات في الولايات المتحدة، صورًا من مؤتمراتها الأخرى في تينيك في نيوجيرسي ومونتريال، تُظهر داخل المعابد اليهودية التي تصطف فيها أكشاك تديرها شركات عقارية وشركات رهن عقاري وشركات محاماة تجلس وتتحدث مع المشترين المحتملين. وقد كتب على لافتة أحد الأكشاك: “اعثر على منزل أحلامك في إسرائيل”، وكُتب على لافتة أخرى: “عِش الحلم الأمريكي في قلب إسرائيل”.
قال باروكي كوهين، وكيل العقارات، في إشارة إلى مستوطنات الضفة الغربية: “يرغب الكثير من الناس في العيش هناك – إنها جميلة، والجبال والمناظر الطبيعية الخلابة”. ولم تشارك شركة كوهين “إسرائيل هوم”، في فعالية لوس أنجلوس، ولكنها تسوق عقارات مماثلة للأمريكيين اليهود، وتبيع عقارات داخل إسرائيل إلى جانب المنازل في القدس الشرقية. وهو يخطط لإدراج عقارات في مستوطنة إسرائيلية في مدينة الخليل الفلسطينية في المستقبل. لقد اشترى كوهين، وهو من مواليد نيوجيرسي، منزلًا ثانيًا خلال زيارته للعائلة في إسرائيل في سنة 2014 في القدس.
وقال كوهين إن المؤتمرات العقارية، مثل فعالية لوس أنجلوس، كانت تُعقد باستمرار خلال العقد الماضي. وعادةً ما يتم استضافة المؤتمرات في قاعات المؤتمرات في الفنادق وفي منازل الناس، بالإضافة إلى المعابد اليهودية. ويقدّر عدد المؤتمرات العقارية المختلفة التي تُعقد في جميع أنحاء أمريكا الشمالية كل سنة بما يصل إلى 100 مؤتمر عقاري مختلف.
وقال كوهين: “ليس لديّ أي مشكلة أخلاقية أو قانونية في بيع العقارات [في الضفة الغربية]. سأعيش هناك بنفسي إذا شعرت أنها آمنة. أي شخص يريد الانتقال إلى هناك، يسعدنا أن نسهل عليه الأمر”.
ومنذ السنوات الأولى التي تلت قيام دولة إسرائيل في سنة 1948؛ دعت الدولة إلى هجرة اليهود من جميع أنحاء العالم. وازدهرت الهجرة إلى ما وراء الخط الأخضر – الحدود بين إسرائيل والضفة الغربية التي تم رسمها بعد الحرب الإسرائيلية العربية سنة 1948، والتي تم خلالها تهجير أكثر من 700,000 فلسطيني من منازلهم كجزء من حملة التطهير العرقي المعروفة باسم النكبة – في الثمانينيات؛ حيث توسعت المستوطنات من بؤر استيطانية صغيرة غير شرعية إلى مدن الضواحي بمساعدة تمويل الحكومة الإسرائيلية ودعمها العسكري. ومنذ ذلك الحين، واصلت الحكومة الإسرائيلية طرد الفلسطينيين من أراضيهم ومنازلهم مع توسع المستوطنات.
ويقول الخبراء إن معظم اليهود الأمريكيين الذين يمارسون حقهم في الهجرة إلى إسرائيل لا ينتقلون إلى الضفة الغربية، ولكن لا يزال المئات منهم يختارون القيام بذلك كل سنة.
وتقدر سارة يائيل هيرشهورن، الأستاذة الزائرة في جامعة حيفا والخبيرة في شؤون المستوطنين الأمريكيين اليهود، أن من بين 3000 يهودي أمريكي ينتقلون إلى إسرائيل كل سنة، ينتقل حوالي 15 بالمائة منهم إلى المستوطنات. وهناك حوالي 500,000 مستوطن إسرائيلي يعيشون في الضفة الغربية، من بينهم حوالي 60,000 أمريكيين، وفقًا لهيرشهورن. وهذا لا يشمل أكثر من 200,000 مستوطن إسرائيلي يعيشون في القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل سنة 1967.
وقالت سارة إن الحدود بين دولة إسرائيل والضفة الغربية المحتلة لا تزال مهمة بالنسبة لغالبية المهاجرين الأمريكيين، لكن الشركات العقارية التي تستفيد من التدفق المتواضع والثابت للهجرة الأمريكية أقل تمييزًا لهذه الحدود.
وتقوم شركة “نعوم هومز” التي تتخذ من القدس مقرًا لها، والتي كانت جزءًا من الفعالية العقارية في لوس أنجلوس، بإدراج العقارات داخل إسرائيل، في مدن مثل تل أبيب، إلى جانب المنازل خارج الخط الأخضر، في المستوطنات الكبرى مثل إفرات ومعاليه أدوميم، والتي يبلغ عدد سكانها أكثر من 30,000 نسمة مع اعتراف ضئيل بوضعها كمستوطنات. وتُظهر معظم قوائم التجمعات الاستيطانية عنوانًا في إسرائيل، وفي بعض الأحيان تشير إلى المنطقة بالاسم التوراتي “يهودا والسامرة”، وهو المصطلح المفضل لدى الحكومة الإسرائيلية للضفة الغربية.
وقالت راشيل فيلدمان، عالمة الأنثروبولوجيا في كلية دارتموث والمتخصصة في اليهودية وإسرائيل وفلسطين: “هذه ليست مثل البؤر الاستيطانية الصغيرة على قمم التلال، إنها كتل استيطانية ضخمة متاخمة لدولة إسرائيل ومندمجة فيها. لقد تحدثت إلى مستوطنين يهود أمريكيين هنا لا يشعرون بأنهم يعيشون خارج حدود الدولة”.
وقالت راشيل إن الآباء غالبًا ما يرسلون أطفالهم إلى هناك لقضاء سنة دراسية أو مدرسة لاهوتية، ويتعاملون مع المستوطنات كجزء من إسرائيل، مضيفة أنه في عهد ترامب، تشجع المزيد من اليهود الأمريكيين على تجاهل الخط الأخضر.
لقد سبقت دراستهما هجمات 7 تشرين الأول/ أكتوبر؛ لذلك لم يتمكن هيرشهورن وفيلدمان من تحديد تأثير حرب غزة على اهتمام الأمريكيين بتملك المنازل في الضفة الغربية.
غير أن كوهين، الوكيل العقاري، قال إنه شهد زيادة في الطلب على العقارات الإسرائيلية منذ بدء الحرب؛ حيث كان يتلقى، قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، حوالي أربعة أو خمسة استفسارات من مشتري المنازل كل أسبوع. وفي حين كانت الأسابيع التي تلت الهجمات مباشرةً هادئة، إلا أن الاهتمام ازداد خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بالتوازي مع سلسلة من التوسعات الاستيطانية التي أعلنت عنها الحكومة الإسرائيلية. وقال كوهين إنه يتلقى الآن 15 استفسارًا أسبوعيًا.
وتتوجه الشركات العقارية بمناشدة صريحة للوطنية في زمن الحرب؛ حيث تتصدرها الصراع كنقطة بيع وسبب للاستثمار.
وقالت مجموعة ميني غروب في مواد ترويجية على موقعها الإلكتروني، مستخدمةً الاسم الرسمي للحكومة الإسرائيلية للحملة: “على الرغم من أننا في خضم حرب السيف الحديدي، إن سوق العقارات مزدهر”. وقالت عدة شركات أخرى إن الاستثمار في الإسكان هو وسيلة لليهود لدعم إسرائيل في أوقات الصراع وعدم الاستقرار. كما أشارت الشركات أيضًا إلى السنوات الأولى من جائحة كوفيد-19 باعتبارها أزمة أخرى نجا منها الاقتصاد الإسرائيلي بفضل دعم المشترين الأجانب والأمريكيين.
وتناشد معظم المواد التسويقية لمعظم الشركات على نطاق أوسع المُثُل الصهيونية المتمثلة في دعم الوطن واقتصاده، وتروج لامتلاك “قطعة من أرض الميعاد لأنفسهم وللأجيال القادمة.” وتشير إحدى هذه الشركات، وهي مجموعة ميني غروب، التي كانت حاضرة أيضًا في المؤتمرات العقارية في جميع أنحاء أمريكا الشمالية، إلى ارتفاع معاداة السامية في جميع أنحاء العالم؛ حيث صورت إسرائيل على أنها “منارة الأمن لليهود.”
وسلطت الشركات العقارية الضوء على المخاوف الاقتصادية للمشترين الأمريكيين. ويسلط الموقع الإلكتروني لمجموعة ميني غروب الضوء على خيارات التعليم العام التي تدرس التوراة، في مناشدة للعائلات الأرثوذكسية التي تكافح من أجل تغطية تكاليف التعليم الديني في الولايات المتحدة. وكتب أحد وكلاء العقارات الذي انتقل من الولايات المتحدة أن الرسوم الدراسية لأطفاله الأربعة تكلف ما يقرب من 17,500 دولار لكل طفل. بينما بلغت تكاليف سنة واحدة لأطفاله في إسرائيل 3,000 دولار.
وقالت سارة هيرشهورن إنه على الرغم من أن السكن مكلف في إسرائيل والضفة الغربية – كما هو الحال في الولايات المتحدة – إلا أن انخفاض تكلفة المعيشة بشكل عام الذي أصبح ممكنًا بفضل البنية التحتية اليهودية التي ترعاها الدولة يسمح بأن تكون الحياة في متناول الجميع. ويتم أيضًا تعميم الرعاية الصحية في إسرائيل، وقد يحصل الوافدون الجدد أيضًا على رواتب صغيرة أو حوافز ضريبية وخصومات لشراء سيارة جديدة أو أجهزة جديدة لمنزل جديد.
وقالت: “تكلفة طعام الكوشر أقل بكثير، ولا داعي للقلق بشأن إرسال أطفالك إلى مدرسة نهارية يهودية، وتكلفة الكلية في إسرائيل لن تكون باهظة. إن كونك جزءًا من المجتمع اليهودي ليس أمرًا مكلفًا أو صعبًا.”
والعقارات في المستوطنات ليست رخيصة، لكنها أقل تكلفة من المنازل داخل المدن الإسرائيلية. ويتراوح سعر الشقة السكنية في مجموعة مستوطنات غوش عتصيون الشهيرة من 500,000 دولار إلى مليون دولار، للعقارات التي تضم حوالي أربع إلى ست غرف نوم وأكثر من 1000 قدم مربع. وقال كوهين إن منزلًا بنفس الحجم في وسط القدس قد يصل سعره إلى 3 ملايين دولار.
وتعرض إحدى القوائم شقة بنتهاوس مساحتها 2,000 قدم مربع في إحدى ضواحي مستوطنة معاليه أدوميم، شرق القدس، مقابل 1.2 مليون دولار. وتحتوي المساحة، المدرجة على أنها “بنتهاوس مذهلة” على خمس غرف نوم وشرفتين “بمساحات كبيرة” مع إطلالات بانورامية. وهناك أيضًا مساحة تخزين كبيرة مضمونة. ومع ذلك، تشتمل البنتهاوس أيضًا على ميزة أخرى أقل شيوعًا في المنازل الأمريكية: “غرفة آمنة مخصصة لراحة بالك”.
وتقول راشيل فيلدمان: “قد يرغب اليهود الأمريكيون في الحفاظ على مستوى معيشي معين من الطبقة المتوسطة إذا كانوا يتخيلون الانتقال إلى إسرائيل، وقد لا يكون ذلك ممكنًا في الواقع داخل إسرائيل نفسها. ولذلك يبدأون في التطلع إلى الضفة الغربية. فما يبدو وكأنه منزل لطيف وواسع من الطبقة المتوسطة مع فناء يبدو جميلاً مقارنةً بشقة صغيرة لا يمكن تحمل تكلفتها في تل أبيب”.
وغالبًا ما يكون للمستوطنات مدارسها الخاصة، وحدائقها، وحمامات السباحة، ومحلات السوبر ماركت، ومحلات التنظيف الجاف، والمرافق الرياضية، ومصففي الشعر، والكنس.
وعلى الموقع الإلكتروني لمنظمة “نيفيش-بنيفيش”، وهي منظمة غير ربحية تشجع وتسهل هجرة اليهود من الولايات المتحدة إلى إسرائيل، يمكن للمستخدمين قراءة الملفات التعريفية للأحياء لمقارنة الخيارات التعليمية والدينية في المستوطنات. وتذكر الملفات التعريفية أيضًا ما إذا كان هناك متحدثون آخرون باللغة الإنجليزية في المنطقة. وغالبًا ما تكون البوابة الإلكترونية هي نقطة البداية للأمريكيين اليهود الذين يتطلعون إلى الهجرة؛ حيث تساعد المنظمة في الأعمال الورقية والخطوات البيروقراطية الأخرى.
وعلى غرار شركات العقارات، لا تحترم المنظمة غير الربحية الخط الأخضر؛ حيث تدرج المستوطنات غير الشرعية في ملفات تعريف الأحياء التي تعرضها كجزء من إسرائيل. كما يربط الموقع المستخدمين بموقع ياد 2، على غرار موقع زيلو وكريجزليست، الذي يعرض عشرات قوائم المساكن في جميع أنحاء إسرائيل والمستوطنات.
وخلال البحث الذي أجرته لكتابها عن المستوطنين الأمريكيين اليهود، قالت هيرشهورن إن امرأة أخبرتها أن المجتمع الاستيطاني الذي تعيش فيه “هو المكان الذي يمكنني فيه الحصول على الخبز صباح يوم الأحد، ولكنني أعلم أيضًا أنني سأكون في المكان المناسب عندما يأتي خلاص الشعب اليهودي والمسيح”.
وفي أواخر حزيران/ يونيو، استولت الحكومة الإسرائيلية على 3,000 فدان إضافي من أراضي الضفة الغربية لإقامة مستوطنات أخرى مخطط لها، ومنعت الفلسطينيين من استخدامها. وقالت حركة السلام الآن إن عملية الاستيلاء على الأراضي، التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي، هي الأكبر من قبل إسرائيل منذ اتفاقات أوسلو سنة 1993. وقالت المجموعة إن الحكومة استولت على أكثر من 5,000 فدان من الأراضي في الضفة الغربية هذه السنة، وهو أكبر عدد من الأراضي في أي سنة واحدة خلال نفس الفترة الممتدة على مدار 30 سنة. كما وافقت الحكومة الإسرائيلية في آذار/ مارس على بناء 3,400 منزل جديد في المستوطنات، سيتم بناء معظمها في معاليه أدوميم. وتدرج معظم الشركات المرتبطة بالفعاليات العقارية عقارات في المستوطنة.
ولا يزال سوق العقارات اليهودية في الضفة الغربية جزءًا مهمًا من توسع الحكومة الإسرائيلية الحالية في الأراضي المحتلة. وقد احتفى وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وهو سياسي يميني متطرف يشرف على المكتب الذي يتولى مشاريع التطوير السكني الجديدة، بالمشروع، وأعلن في تصريح له على إكس: “الأعداء يحاولون إيذاءنا وإضعافنا، لكننا سنواصل البناء باستمرار في هذه البلاد”. إنه يعيش في مستوطنة كدوميم، على الرغم من أن منزله، الذي بُني خارج المستوطنة نفسها، يبدو أنه ينتهك حتى القانون الإسرائيلي، وفقًا للتقارير.
وقد أدلى سموتريتش مؤخرًا بتصريحات تكشف عن أهدافه طويلة الأمد المتمثلة في ضم الضفة الغربية بأكملها بعيدًا عن الفلسطينيين، وأعرب عن دعمه لإضفاء الشرعية على المستوطنات الجديدة غير القانونية.
وقال سموتريتش الأسبوع الماضي خلال اجتماع، وفقًا لصحيفة هآرتس: “سنرسخ السيادة… أولًا على الأرض ثم من خلال التشريع. وأعتزم إضفاء الشرعية على المستوطنات الناشئة. إن مهمة حياتي هي إحباط إقامة دولة فلسطينية.”
ويواجه 2.8 مليون فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية بالفعل قيودًا على الحركة اليومية في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية. ومنذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر، قد أسفر العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية عن مقتل أكثر من 500 فلسطيني، 133 منهم أطفال، على يد القوات العسكرية الإسرائيلية أو المستوطنين، وفقًا لأكبر مسؤول حقوقي في الأمم المتحدة وتحقيق أجراه موقع إنترسبت. وكان عدد القتلى في سنة 2023 هو الأعلى منذ سنة 2005 عندما بدأت الأمم المتحدة في تتبع الخسائر البشرية في الضفة الغربية.
وقال هدار سوسكيند، رئيس منظمة “أمريكيون من أجل السلام الآن” الذي يعارض الاستيطان في الضفة الغربية: “بينما كانت أنظار العالم مركزة على غزة في المقام الأول، استمرت حركة الاستيطان بلا هوادة ودفعت أكثر فأكثر لإقامة مستوطنات غير شرعية، وتطوير المستوطنات، والاستيلاء على المزيد من الأراضي”. وأضاف: “لقد دفعوا مجتمعات فلسطينية بأكملها خارج أراضيهم كل يوم تقريبًا، وبالتأكيد كل أسبوع.”
وقد أبلغ زملاؤه في نظيرتها في إسرائيل، منظمة “السلام الآن”، التي تتعقب حركة المستوطنين، عن حوادث عنف من المستوطنين اليهود، ومضايقات وحرق بساتين الزيتون وسرقة الأغنام من المزارعين الفلسطينيين. وفي سنة 2023، قام المستوطنون ببناء 26 بؤرة استيطانية غير قانونية جديدة، وهو أكبر عدد منذ أن بدأت المجموعة في تتبعها في سنة 2002، حسبما أفادت المجموعة. وحتى الآن هذه السنة، تم بناء 14 بؤرة استيطانية إضافية.
وقال سوسكيند إن الأمريكيين، حتى من خارج المجتمع اليهودي، يلعبون دورًا رئيسيًا في دعم توسيع المستوطنات، مشيرًا إلى الجماعات المسيحية الإنجيلية التي تضخ الملايين في القضايا المؤيدة للاستيطان. ففي شباط/ فبراير، جمعت إحدى المجموعات المسيحية الأمريكية المؤيدة للاستيطان، وهي مجموعة “هايوفيل”، 3.5 ملايين دولار لشراء مئات السترات والخوذات والمناظير والمصابيح الكهربائية والطائرات المسيرة الأمنية للمستوطنين في الضفة الغربية، وتتطلع المجموعة إلى جمع 25 مليون دولار إضافية.
وقد حثت منظمة أمريكيون من أجل السلام الآن الحكومة الأمريكية على بذل المزيد من الجهود لوقف تدفق هذه الأموال. وأثنى ساسكيند على الأمر التنفيذي لبايدن الذي سمح لوزارة الخارجية بفرض عقوبات على بعض المنظمات والأفراد بسبب أعمال العنف المرتكبة في الضفة الغربية. وقد فرضت الحكومة حتى الآن عقوبات على المستوطنين اليهود الإسرائيليين، تسفي بار يوسف، وموشيه شارفيت، ونيريا بن بازي، وبن تسيون غوبشتاين بسبب الهجمات والتهديدات المتكررة ضد الفلسطينيين، ومنظمتي صندوق جبل الخليل وشلوم أسيريش، اللتين جمعتا الأموال التي غذت المزيد من عنف المستوطنين، و”تساف 9″، وهي مجموعة إسرائيلية متطرفة هاجمت قوافل المساعدات في الضفة الغربية في طريقها إلى غزة.
وقال ساسكيند: “سيستمر الفلسطينيون في مواجهة جميع المشاكل اليومية، وبالتأكيد لن يحصلوا على العدالة والمساواة حتى ينتهي الاحتلال. عليك أن تتعامل مع احتياجات الناس المباشرة، ولكن الصورة الكبيرة هناك إجابة واحدة فقط، وهي إنهاء الاحتلال”.
المصدر: إنترسبت