لا يطرق كثير من الشباب العربي باب السفر للخارج بسبب حواجز كثيرة، منها الخوف من إنفاق الكثير من الأموال لقضاء عطلة سياحية، أو حاجز اللغة الأجنبية، إلا أن السفر داخل الوطن العربي يكسر الحاجز الأخير بشكل مؤكد ولكن لا يدرك كثير من الشباب العربي أنه يكسر الحاجز الأول أيضًا.
يمكن لأي مُسافر أن يقرر السفر طبقًا لميزانية محدودة من دون أن يحرم نفسه من قضاء عطلة سياحية في بلد آخر، ولكن كثيرًا ما يستصعب الشباب فعل ذلك في الوطن العربي، على الرغم من إمكانية زيارة أفضل الأماكن السياحية داخل العواصم العربية بميزانية قليلة جدًا مقارنة بالميزانية التي يحتاج المرء أن ينفقها إذا قرر السياحة في أوروبا أو في البلاد الآسيوية.
بداية يعقد الأغلبية تفاصيل ما قبل السفر بمبالغة غير منطقية، فتأشيرة الدخول لأغلب البلاد العربية السياحية منها لا تتطلب طلبات غير واقعية كما هو الحال بالنسبة للبلاد الأوروبية، ولا تتطلب كثيرًا من الوقت حتى تصدر، فأغلبها تحتاج من أسبوع إلى أسبوعين للحصول على تأشيرة دخول البلد.
بعيدًا عن تأشيرة الدخول، لا تتطلب كثير من البلاد العربية الحصول على تأشيرة دخول قبل دخولها من قبل العرب، فمثلًا لا توجد هناك تأشيرة دخول بين مصر والأردن أو لبنان ومصر أو تونس والمغرب مثلًا، حيث يمكن للفرد أن يحمل جواز سفره فقط ويُسافر للبلد، قد تحتاج بعض البلاد العربية مبلغًا نقديًا يحمله المسافر معه في أثناء دخوله البلد عوضًا عن تأشيرة الدخول، ولكن لا يوجد هذا المطلب في كل أغلب الدول العربية.
بالإضافة إلى ذلك، تتميز البلاد العربية السياحية مثل مصر وتونس والمغرب ولبنان بتذاكر طيران رخيصة نسبيًا مقارنة بالبلاد العربية غير السياحية، ولهذا فإن الانتباه لحركة أسعار تذاكر الطيران قبل السفر بمدة قد يقلل من الميزانية التي يحتاجها المسافر لزيارة دولة عربية مجاورة أو قريبة من دولته.
ما الذي يمكن أن يفعله المرء بـ50 دولارًا في المغرب؟
نعرض لك هنا صورة عما يمكنك فعله في هذه البلاد العربية بمبلغ 50 دولارًا فقط ( 900 جنيه مصري) أو (460 درهمًا مغربيًا)، كيف يمكنك أن تتنقل أو تأكل وتشرب أو تتسوق بهذا المبلغ في بلاد عربية مثل تونس أو لبنان أو مصر أو المغرب.
مدينة شفشاون في المغرب
إذا كان اختيارك من بين البلاد العربية المذكور سابقًا هو المغرب فأنت محظوظ للغاية، وذلك لأن 50 دولارًا في المغرب (460 درهمًا مغربيًا) هو مبلغ يكفي لعدة أيام وليس ليوم واحد فقط، فإذا قررت البقاء في مدينة مغربية واحدة لعدة أيام لقضاء عطلة سياحية، فيمكنك أن تستمع بزيارة المعالم السياحية في المدينة والتنقل بين شوارعها من خلال المواصلات العامة وتناول 3 وجبات يوميًا بهذا المبلغ.
ولنفترض أنك اخترت البقاء في كازابلانكا، فيمكنك تناول وجبة الغداء في مطعم محلي متوسط الجودة بحاولي 3-4 دولارات وهو ما يُعادل 30 – 36 درهمًا مغربيًا، ويمكنك تناول مشروب ساخن بما يعادل دولارًا أو أكثر قليلًا (9-15 درهمًا مغربيًا).
أما إذا قررت التنقل من مدينة لأخرى في المغرب فـ50 دولار ًا سيكون مبلغًا كافيًا لذلك بالإضافة إلى الإقامة
أما عن التنقل داخل المدينة فتعتبر المواصلات العامة من أكثر الأشياء التي لن تأخذ حيزًا كبيرًا من الميزانية، إذ إن تذكرة المواصلات العامة لا تزيد على 70 سنتًا (6-7 دراهم)، وإذا ركبت سيارة أجرة (تاكسي) يمكنك دفع 4 دولارات (36 درهمًا) لمشوار متوسط المسافة، ذلك بالإضافة إلى توفر النُزل (Hostel) لـ 20 دولارًا إذا رغبت في اختيار أرخص من الفنادق.
أما إذا قررت التنقل من مدينة لأخرى في المغرب فـ50 دولارًا سيكون مبلغًا كافيًا لذلك، حيث سيكفيك للتنقل من كازابلانكا إلى مدينة فاس مثلًا التي قد تُكلفك (120 – 160) درهمًا مغربيًا (متوسط 16 دولارات) ودفع ثمن الإقامة في فاس سواء كان فندق أو نزل سكني ليوم واحد.
المزارات السياحية في المغرب إما تكون عامة أو ذات أسعار رمزية للغاية، فأغلبها تكون معمارية يمكنك مشاهدتها دون الحاجة لدفع رسوم زيارة، وذلك بالنسبة للشوارع والأسواق والجوامع والمعمار المغربي، فإن كانت وجهتك هذه الأماكن فلن تحتاج منك رسوم زيارة تُذكر.
ما الذي يمكن أن تفعله بـ50 دولارًا في تونس؟
50 دولارًا يعني بالعملة التونسية ما يٍقارب (122 دينارًا تونسيًا) إذا أردت السفر ملتزمًا بميزانية محدودة في تونس فعليك أن تبتعد عن إنفاق جزء كبير من الميزانية على الطعام، ولهذا يمكنك تناول المأكولات الشعبية كحل بديل ورخيص، فيمكنك تناول وجبة بأقل من دولار وهو ما لا يزيد على دينارين تونسيين.
إذا أردت الاستمتاع بالشواطئ التونسية دون أن تضطر لدفع الكثير من الأموال للشواطئ الخاصة، فتونس تتمتع بكثير من الشواطئ العامة الجيدة والخلابة التي تحتاج منك مبلغ يُقدر بـ5 دولارات فقط أو ما يُعادل 12-13 دينارًا تونسيًا لتستمتع بجمال الشواطئ التونسية دون الحاجة للتسجيل في منتجع سياحي أو شاطيء خاص إن كانت ميزانيتك محدودة.
المواصلات العامة في تونس لا تزيد تذكرتها على نصف دولار، أما عن سيارات الأجرة فمشوار بعيد المسافة مثل ساعة مثلًا قد يحتاج منك 15 دولارًا أجرة أي ما يُعادل 36 دينارًا تونسيًا، كما يوجد هناك مواصلات عامة تنقلك بين المدن التونسية إذا رغبت في التنقل والتي تترواح أجرتها بين 10-15 دولارًا أي 30-36 دينارًا تونسيًا، لا تتمتع المواصلات بين المدن بجودة عالية إلا أنها تكفي الغرض للتنقل بميزانية بسيطة جدًا.
تتمتع تونس بوجود النزل أيضًا كحل بديل ورخيص عن الفنادق إن كنت مسافرًا وحدك ولا ترغب في دفع الكثير من الميزانية على الفنادق الفاخرة، حيث تترواح تكلفة الليلة الواحدة في النزل للشخص الواحد نحو 15 دولارًا أو ما يعادل 36 دينارًا تونسيًا، بهذا يمكنك الإقامة والتنقل وزيارة الشاطئ وتناول 3 وجبات محلية ورخيصة ويمكن ألا تُنفق الـ50 دولارًا كلها كذلك.
المواصلات العامة في تونس لا تزيد تذكرتها على نصف دولار، أما عن سيارات الأجرة فمشوار بعيد المسافة مثل ساعة مثلًا قد يحتاج منك 15 دولارًا أجرة
هل 50 دولارًا كافية للسياحة في مصر؟
في الواقع، ستكون أكثر الناس حظًا إذا قررت السياحة في مصر في هذه الأيام، وهذا لسبب واحد، أن بعد ارتفاع قيمة الدولار بشكل جذري في الفترة الأخيرة، أصبح من الممكن السياحة في مصر من خلال ميزانية محدودة للغاية، فـ50 دولارًا توازي 900 جنيه مصري وهو ما يمكن للسائح أن ينفقه على بضعة أيام وليس يومًا واحدًا إذا ما قرر البقاء في نفس المدينة لعدة أيام.
نهر النيل ليلًا – القاهرة
الوجبات الغذائية في مصر رخيصة نسبيًا مقارنة ببقية الدول العربية، ولهذا يمكنك الاستمتاع بمختلف أنواع الطعام المحلي الذي يعد أرخص أنواع المأكولات في مصر، فإذا تناولت الفول والفلافل للفطور ووجبة الكشري الشهيرة للغداء فهذا لن يتطلب منك أكثر من 20- 25 جنيهًا مع المشروبات وهو ما يُعادل دولار ونصف فقط.
المواصلات العامة في مصر تنقلك بين أحياء المدن المختلفة، وبالأخص في القاهرة والإسكندرية، حيث يمكنك التنقل من شرق المدينة إلى غربها ولن تدفع أكثر من نصف دولار إذا ما قررت ركوب أكثر من وسيلة مواصلات عامة واحدة مثل المترو والحافلة والترام، أما إذا فضلت ركوب سيارة الأجرة أو استخدام شركات مثل أوبر و كريم فهي رخيصة نسبيًا في مصر عن أغلب الدول العربية، حيث من الممكن أن تكون أجرة مشوار طويل نسبيًا بسيارة أجرة يستغرق ساعة مثلًا 5 دولارت أو ما يعادل 90 جنيهًا مصريًا.
المتاحف المصرية والمزارات السياحة تعتبر رخيصة للغاية، حيث لن يكون سعر تذاكر زيارة المتاحف غاليًا على الإطلاق، حيث تعتبر أسعار زيارة القلاع والقصور والكنائس والمساجد والأسواق أسعارًا رمزية ولن تشغل حيزًا كبيرًا من الميزانية المخصصة لليوم على الإطلاق.
المواصلات العامة في مصر تنقلك بين أحياء المدن المختلفة، وبالأخص في القاهرة والإسكندرية، حيث يمكنك التنقل من شرق المدينة إلى غربها ولن تدفع أكثر من نصف دولار
تكفي السائح 50 دولارًا للتنقل من القاهرة إلى الإسكندرية وهو من الممكن أن يتطلب من 5- 10 دولارات، كما تشبه طريقة الإنفاق في الإسكندرية طريقة الإنفاق اليومي في القاهرة المذكورة هنا سابقًا، حيث لن يحتاج المرء للتنقل وتناول 3 وجبات من الطعام المصري الشعبي أكثر من 3 دولارات فقط، وهو ما يجعل في جيب المرء فائضًا من الـ50 دولارًا لزيارة المزارات السياحية وربما شراء تذكارًا من هناك أيضًا.
ما الذي يمكن فعله بـ50 دولارًا في لبنان؟
تعتبر بيروت، العاصمة اللبنانية، من أغلى المدن العربية مقارنة بالمدن المذكورة هنا، ولهذا فإن 50 دولارًا لا يعتبر مبلغًا كافيًا للسياحة والتنقل وتناول الوجبات، نظرًا لغلاء أسعار البنزين في لبنان وعليه فإن التنقل بسيارات الأجرة غالي نسبيًا قد يشغل حيزًا كبيرًا من الـ50 دولارًا، فمشوار بسيط بسيارة الأجرة لـ15 دقيقة تقريبًا قد يحتاج 20 دولارًا على سبيل المثال.
وسط البلد – بيروت
إلا أن 50 دولارًا قد تكفي السياحة في بيروت ليوم واحد ورؤية أهم المعالم السياحية فيها، نظرًا لميزة السير على الأقدام بين أهم المزارات، أو إمكانية تأجير دراجة للتنقل بين الشوارع السياحية التي توجد نسبيًا بالقرب من بعضها البعض، وبهذا من الممكن تجنب أسعار سيارات الأجرة المرتفعة في بيروت.
التسوق في بيروت يُعتبر غالي نسبيًا ولهذا لا يُنصح به، ولكن تناول الوجبات في المطاعم المحلية يكون بأسعار متوسطة، فيمكنك تناول وجبة لشخص واحد في مطعم متوسط بملغ 10-13 دولارات وهو ما يُعادل 15-20 ألف ليرة لبنانية، كما يمكنك أن تتناول وجبات بسيطة من البائعين المتجولين في الشوارع مثل “البليلة اللبنانية” وتناول قهوة عربية بمبلغ 3 دولارات وهو ما يُعادل 5 آلاف ليرة لبنانية.
التنقل بين المدن اللبنانية غالي نسبيًا ولهذا فإنه لا يقع تحت ميزانية الـ50 دولارًا لليوم الواحد، إلا أن المدن اللبنانية الأخرى غير بيروت مثل صيدا أو طرابلس تعتبر أرخص نسبيًا من بيروت من حيث الإقامة والمأكل والمشرب والمزارات السياحية، ولهذا إن كانت ميزانيتك محدودة أثناء السفر إلى لبنان، يمكنك تخصيص وقت أقل لبيروت بينما تتنقل أكثر في المدن اللبنانية الأخرى.
السفر في الوطن العربي ليس باهظ الثمن كما يصوره البعض بصورة نمطية معينة، يمكن للمسافر الترحال والتنقل داخل المدن العربية السياحية بميزانية محدودة إن قام بتقليل الميزانية في جوانب معينة من الرحلة واستغلال الفرص التي يستغلها المحليون في تلك الدول في حياتهم اليومية.