ترجمة وتحرير: نون بوست
تقرير مارك مازيتي ودافيد دي كيركباتريك وبن بروتيس وشارون لافرانييري
واشنطن – ثبت من المقابلات والسجلات أن جورج نادر، الشاهد الذي يتعاون حالياً مع التحقيق الذي يجريه المحقق الخاص، كانت لديه ارتباطات مع دول الخليج العربي ومع روسيا في نفس الوقت وأنه قد تتوفر لديه معلومات من شأنها أن تربط مسارين مهمين في التحقيق معاً.
بالنسبة لعلاقات السيد نادر بدولة الإمارات العربية المتحدة فهي موثقة بشكل جيد، حيث أنه كان مستشاراً لزعيمها، أما ارتباطاته بروسيا فلم يحصل أن تم الكشف عنها قبل ذلك.
بات معروفاً أن السيد نادر، وهو رجل أعمال أمريكي من أصل لبناني، يحظى بسجل حافل من الارتباطات الدولية التي مهدت الطريق للعديد من اللقاءات مع مسؤولين في البيت الأبيض، الأمر الذي لفت انتباه المحقق الخاص روبرت مولر الثالث. فعلى سبيل المثال، استخدم السيد نادر علاقاته الوطيدة مع كيريل دميترييف، وهو مدير صندوق استثمارات روسي مملوك للدولة، لترتيب لقاء في سيشيلز بين السيد دميترييف وأحد مستشاري ترامب قبل أيام معدودة من استلام دونالد ترامب لمهام الرئاسة.
وفي مسار منفصل، سأل المحققون الشهود عن لقاء حضره السيد نادر في عام 2017 شارك فيه مدير أحد صناديق التحوط في نيويورك وانضم إليه فيه جاريد كوشنر وستيفين بانون، وكلاهما كانا في ذلك الوقت مستشارين كبيرين للسيد ترامب.
جاريد كوشنر، صهر ترامب وقامت مؤسسة عائلته بالتبرع لصالح “إسرائيل” عن طريق مؤسسة صديقة مارك جيرسون
حصل السيد نادر على الأقل على حصانة جزئية مقابل تعاونه، ويبدو من غير المحتمل أن يسعى السيد مولر إلى إنشاء قضية ضده
بل لقد قادت التحقيقات فريق السيد مولر إلى توقيف رجل أعمال أسترالي على علاقة بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد أن هبط في أحد مطارات منطقة واشنطن، وذلك بحسب ما أفاد به أشخاص جرى إبلاغهم بتفاصيل القضية. قام المحققون بعد ذلك باستجواب رجل الأعمال الأسترالي حول السيد نادر بما في ذلك علاقة السيد نادر بروسيا واتصالاته بمستشاري السيد ترامب، وكذلك حول نقل الأموال من الإمارات إلى الولايات المتحدة.
حصل السيد نادر على الأقل على حصانة جزئية مقابل تعاونه، ويبدو من غير المحتمل أن يسعى السيد مولر إلى إنشاء قضية ضده. بات متعارفاً عليه، بدلاً من ذلك، أن يقوم المحققون باستجواب أكبر عدد ممكن من الناس في سبيل تعزيز الشهادة التي يدلي بها شاهد أساسي مثل السيد نادر.
تعود تعاملات السيد نادر مع روسيا على الأقل إلى عام 2012 عندما ساعد في التوسط لإبرام صفقة مثيرة للخلاف بقيمة 4.2 مليار دولار مع حكومة العراق لشراء أسلحة روسية. كان حينها مستشاراً غير رسمي لرئيس الوزراء العراقي نوري كمال المالكي، وقد رافق السيد المالكي في رحلة إلى موسكو في سبتمبر 2012 للتوقيع على صفقة السلاح في اجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان موقع المونيتور قد نشر خبراً في وقت مبكر عن دور السيد نادر في إبرام تلك الصفقة.
كيريل ديميتريف، مدير صندوق الاستثمار الروسي الذي تديره الدولة وتربطه بجورج نادر علاقات وثيقة
ما لبثت الصفقة أن ألغيت بعد وقت قصير بسبب مخاوف تتعلق بالفساد، وصرح حينها ناطق باسم رئيس الوزراء بأنه سيتم إعادة التفاوض على الصفقة من جديد.
في وقت مبكر من ذلك العام، حضر السيد نادر أيضاً منتدى سانت بطرسبيرغ الاقتصادي الدولي، وهو مؤتمر يقتصر حضوره على المدعوين شخصياً من قبل كبار المسؤولين المقربين من السيد بوتين، وترى فيه روسيا رداً على منتدى الاقتصاد العالمي الذي يعقد سنوياً في دافوس بسويسرا، ولم يلبث اسم السيد نادر يرد في قائمة المدعوين منذ عام 2012. وقد جرت محاولة للاتصال بممثلين عن منتدى سانت بطرسبيرغ لسؤالهم عن مشاركته في السنوات اللاحقة لكنهم لم يجيبوا.
وبحسب ما يقوله أشخاص على معرفة بتحركاته، تردد السيد نادر منذ ذلك الحين مراراً وتكراراً على روسيا بالنيابة عن الحكومة الإماراتية، بل لقد رتب لالتقاط صورة جمعته بالسيد بوتين، حسبما صرح به شخص شاهد الصورة، رغم أنه من غير الواضح متى تحديداً التقطت تلك الصورة.
سأل محققو السيد مولر عدداً من الشهود حول اجتماع سيشلز، وذلك كجزء من تحقيق موسع يدور حول الاتصالات القائمة بين مستشاري حكام الإمارات ومسؤولين في إدارة ترامب
يذكر في هذا الصدد أن ولي عهد أبو ظبي والحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة محمد بن زايد حليف مقرب من الولايات المتحدة ويتردد باستمرار على البيت الأبيض. كما زار موسكو والتقى بالسيد بوتين عدة مرات خلال السنوات الأخيرة. وقال شخص لديه اطلاع على الموضوع إن السيد نادر كان يرافق ولي عهد أبو ظبي في العديد من رحلاته إلى موسكو.
ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد
وفي العام الماضي، وتحديداً قبل أيام من استلام السيد ترامب للرئاسة، ساعد السيد نادر في ترتيب لقاء في منتجع في جزر سيشلز بين السيد دميترييف ومسؤولين إماراتيين وإريك برينس، الرئيس السابق لمؤسسة بلاكووتر عبر العالم وأحد مستشاري فريق ترامب في المرحلة الانتقالية. وكان الاجتماع الذي جرى في حانة داخل فندق فور سيزنس المطل على المحيط الهندي قد رتب ولو جزئياً بهدف استطلاع إمكانية إقامة قناة خلفية للحوار بين إدارة ترامب والكريملين، بحسب ما صرح به أشخاص على اطلاع بتفاصيل ما جرى في اللقاء.
إيريك برنس مقرب من ترامب ومؤسس شركة بلاك ووتر للخدمات الأمنية
تحظى مثل هذه الاتصالات باهتمام كبير من قبل التحقيق الذي يجريه السيد مولر، ولم يتردد محققوه من حين لآخر في استخدام الشدة لدى استجواب الشهود. قبل أربعة أسابيع تقريباً، قام عملاء لمكتب التحقيقات الفيدرالي يعملون ضمن فريق السيد مولر بتوقيف رجل أعمال روسي في أحد مطارات منطقة نيويورك واستجوبوه عن تعاملاته مع السيد ترامب وصادروا منه أجهزة إلكترونية، بحسب ما صرح به شخص مطلع على الموضوع الذي كانت محطة سي إن إن أول من نشر عنه تقريراً إخبارياً.
إليوت برويدي، نائب الرئيس المالي للجنة الوطنية في الحزب الجمهوري والمسئول عن التبرعات ومقرب من ترامب
سأل محققو السيد مولر عدداً من الشهود حول اجتماع سيشلز، وذلك كجزء من تحقيق موسع يدور حول الاتصالات القائمة بين مستشاري حكام الإمارات ومسؤولين في إدارة ترامب. كما ضغطوا على الشهود للحصول على تفاصيل بشأن لقاء حضره السيد نادر في نيويورك في مطلع عام 2017 وشارك فيه السيد كوشنر والسيد بانون مع مدير صندوق التحوط ريتشارد غيرسون، وهو صديق للسيد كوشنر كما أنه مؤسس شركة اسمها فالكون إيدج كابيتال.
ليس واضحاً ما الذي يسعى إليه السيد مولر بالتحديد من التحقيق في ذلك الاجتماع، رغم أن السيد غيرسون كانت له تعاملات تجارية مع ديوان محمد بن زايد في الإمارات. ولقد طور السيد غيرسون عبر السنين علاقات مع عدد من كبار المسؤولين الإماراتيين، بما في ذلك مع ولي العهد محمد بن زايد نفسه، وكثيراً ما سعى للحصول على استثمارات من صناديق الدولة الإماراتية.
استوجب محققو السيد مولر جويل زامل، رجل الأعمال الأسترالي الذي يملك مكتباً في تل أبيب وعلى معرفة بالسيد نادر، حسبما صرح به أشخاص أحيطوا علماً بالتفاصيل
كما أن لعائلة السيد غيرسون علاقات تجارية وارتباطات في مؤسسات خيرية مع عائلة كوشنر. كما يرتبط السيد كوشنر منذ عقود بعلاقات صداقة بشقيق السيد غيرسون، واسمه مارك، وهو أحد مؤسسي شركة متخصصة في الأبحاث اسمها مجموعة غيرسون ليهرمان. هذا بالإضافة إلى أن مارك غيرسون كان من أوائل المستثمرين في شركة لتكنولوجيا العقارات اسمها كيدر، والتي أسسها السيد كوشنر وشقيقه جوش.
كما قامت المؤسسة التابعة لعائلة جاريد كوشنر بالتبرع بعشرات الآلاف من الدولارات لمجموعة عون طبي إسرائيلية يترأسها مارك غيرسون.
مارك جيرسون، مسئول عن مجموعة دعم طبي تقدم مساعدات للمصابين في جيش الاحتلال وتربطه صداقة قديمة مع جاريد كوشنر
رفض محامي السيد نادر التعليق على المعلومة كما رفض التعليق عليها أيضاً ناطق باسم ريك غيرسون، ولم يجب مارك غيرسون على طلبات وجهت له للتعليق على الأمر.
كما استوجب محققو السيد مولر جويل زامل، رجل الأعمال الأسترالي الذي يملك مكتباً في تل أبيب وعلى معرفة بالسيد نادر، حسبما صرح به أشخاص أحيطوا علماً بالتفاصيل. ويذكر أن السيد زامل كانت له اتصالات مع كبار المسؤولين في دولة الإمارات العربية المتحدة من ضمن الدائرة المقربة من حاكمها، وذلك حتى عام 2014 على الأقل.
وكان عملاء فيدراليون يعملون مع السيد مولر قد أوقفوا السيد زامل في مطار ريغان الوطني خارج واشنطن وصادروا منه لفترة محدودة أجهزة إلكترونية، حسبما صرحت به المصادر. ثم مثل السيد زامل من بعد أمام هيئة المحلفين الكبرى وتم استجوابه حول السيد نادر، على الرغم من أنه لم يتضح حينها ما إذا كان السيد زامل لديه أي معلومات تفصيلية حول العلاقات التي تربط السيد نادر بروسيا.
وطبقاً لما قاله مارك موكاسيه، وهو محامي يمثل السيد زامل وشركة الاستشارات التابعة له واسمها ويكيستارت، فإن السيد زامل شاهد في التحقيق الذي يجريه السيد مولر وليس متهماً بأي مخالفات أو انتهاكات. وكانت صحيفة وال ستريت جورنال قد نشرت خبراً يوم الإثنين مفاده أن السيد زامل التقى بفريق السيد مولر بشكل غير رسمي.
ضمن قائمة أسماء المجلس الاستشاري لمؤسسة ويكيستارت عدداً من أشهر الخبراء ومنهم مايكل هايدين، الرئيس السابق للسي آي إيه ولوكالة الأمن الوطني
وقال السيد موكاسيه: “لم توجه لجويل ولا لويكيستارت أي تهم، وهما لم يقترفا أي جنح وليسا موضع تركيز التحقيق الذي يقوم به السيد مولر. يرغب فريق الادعاء باستجواب أكبر عدد ممكن من الناس – حتى لو لم تكن لهم مشاركة تذكر وحتى لو كانت معلوماتهم محدودة جداً.” ويذكر أن السيد موكاسيه هو الرئيس الدولي لمكتب محاماة اسمه غرينبيرغ تروريغ متخصص في التحقيقات الدفاعية والخاصة.
وكان السيد زامل قد التقى لوقت محدود في الربيع الماضي بجاريد كوشنر داخل البيت الأبيض، بحسب ما أفاد به شخص آخر، رغم أن ذلك الاجتماع لا يبدو موضع اهتمام من قبل تحقيق السيد مولر.
وكانت ويكيستارت، التي تدفع لخبراء أمنيين حول العالم مقابل رؤاهم وتحليلاتهم، قد فازت بعدد من عقود العمل الحكومية، بحسب ما يستخلص من البيانات والتقارير الإخبارية. ويذكر موقعها على الإنترنيت أن المؤسسة بإمكانها الاستفادة من خبرات ما يزيد عن 2200 محلل من مختلف أنحاء العالم، حيث يقوم هؤلاء بالإدلاء بأفكارهم وتحليلاتهم من خلال منصة تفاعلية.
تتضمن قائمة أسماء المجلس الاستشاري لمؤسسة ويكيستارت عدداً من أشهر الخبراء ومنهم مايكل هايدين، الرئيس السابق للسي آي إيه ولوكالة الأمن الوطني، وكذلك دينيس روس، الدبلوماسي الأمريكي السابق صاحب الخبرة العميقة في قضايا الشرق الأوسط.
المصدر: نيويورك تايمز