قُتل السبت 7 من أبريل أكثر من 150 مدنيًا وأصيب أكثر من ألف أغلبهم من النساء والأطفال، بحالات اختناق نتيجة قصف قوات النظام مدينة دوما المحاصرة الواقعة في الغوطة الشرقية بريف دمشق بصواريخ تحوي غاز الكلور السام، وأخرى تحتوي على غاز يرجح أنه غاز السارين السام المحرم دوليًا، وذلك بحسب الأعراض التي ظهرت على المصابين.
وقالت مصادر طبية من مدينة دوما إن قوات النظام استهدفت مدينة دوما بغاز السارين المحرم دوليًا، مما أدى إلى مقتل عشرات المدنيين، والأعراض التي ظهرت على الضحايا تشبه أعراض غاز السارين من صعوبة في التنفس وقيء وسيلان من الأنف والفم، مشيرة إلى أن غاز الكلور نادرًا ما يسبب حالات وفاة بأعداد كبيرة، وأضافت المصادر أن الغاز المستخدم خُلط بغازات أخرى حتى لا يُكتشف في الفحوصات وعمليات التحقيق، كما أشارت إلى أن الوضع في المدينة مأساوي ولا تستطيع الفرق الطبية أن تقدم للمصابين أكثر من التنفس الاصطناعي، إذ إن المدينة محاصرة منذ سنوات والأدوية فيها شحيحة.
وأكدت “تنسيقية مدينة دوما” أن عدد المصابين بحالات الاختناق وصل إلى أكثر من ألف مدني، ووضحت أن القتلى وجودوا في أقبية كانوا يختبئون بها خشية القصف العنيف الذي يستهدف المدينة بشكل استمراري، ونشرت صورًا لعدد من الأطفال والنساء الذين قتلوا نتيجة القصف بالغازات السامة الذي استهدف المدينة.
وتعرضت مدينة دوما، السبت، لأكثر من 400 غارة جوية و70 برميلًا متفجرًا و800 راجمة صواريخ و40 صاروخًا محمّلاً بقنابل عنقودية، وأكد الدفاع المدني أن قوات النظام استهدفت المدينة بغاز الكلور السام والسارين منتصف ليلة الأحد، مشيرًا أن عدد ضحايا القصف الكيميائي على دوما غير معروف لعدم القدرة على إحصاء القتلى، فيما أكد ناشطون أن حصيلة القتلى تتراوح بين 150 إلى 200 مدني، وسط قصف جوي وصاروخي على المدينة لا يكاد يتوقف.
كما قال الدفاع المدني في ريف دمشق، الأحد، إن عشرات المدنيين سقطوا بين قتيل وجريح من جراء القصف الجوي، مشيرًا إلى أن الطائرات الروسية شنت نحو عشرات الغارات الجوية، فيما قصفت قوات النظام الأحياء السكنية في المدينة بعشرات الصواريخ.
اعتبر الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة مجزرة دوما الأخيرة “تحد سافر واستهتار بالقيم الإنسانية”
وهجمة القصف التي استهدفت مدينة دوما وبدأت عصر الجمعة كانت تستهدف المراكز الحيوية في المدينة والنقاط الطبية، حيث كانت المدفعية لا تكاد تقف والطيران من جانبها أوقع عشرات الشهداء في صفوف المدنيين، إضافة إلى ضعف إمكانية إسعاف المصابين جراء قصف الطيران الممنهج الذي كان يعيق حركة الدفاع المدني في انتشال الجرحى.
غضب شعبي في المناطق المحررة
شهدت مناطق ريف حلب الشمالي مساء السبت وقفات تضامنية مع مدينة دوما في الوقت الذي قصفت فيه المدينة، كما ندد ناشطون بحملة القصف العنيفة ودعوا لمظاهرات وإضرابات ووقفات مع أهالي المدينة المحاصرة التي تتعرض لأسوأ آلة إجرامية مرت بسوريا.
ونظم ناشطون، السبت، في كل من مدن أعزاز ومارع وجرابلس وقفات تضامنية مع مدينة دوما رفعوا فيها شعارات تندد بفعل النظام الإجرامي بحق مدني دوما، فيما خرجت مظاهرة حاشدة في مدينة أعزاز طالبت المجتمع الدولي بحماية المدنيين من إرهاب قوات النظام، كما خرجت مظاهرات في مدينة أخترين والباب بريف حلب الشرقي، ووقفات تضامنية بمدينة الأتارب بريف حلب الغربية وإدلب التي بدورها نددت بالفعل الإجرامي من قوات النظام.
من جانبه اعتبر الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة مجزرة دوما الأخيرة “تحد سافر واستهتار بالقيم الإنسانية”، وأكد أن مصير مئات العوائل في الملاجئ ما زال مجهولاً بسبب انقطاع الاتصالات والكهرباء وصعوبة وصول فرق الإنقاذ.
وأضاف أن قصف الغوطة بالسلاح الكيماوي وقنابل النابلم والفوسفور جرائم حرب وإبادة، استهدفت مدنيين من أطفال ونساء كانوا يبيتون في ملاجئ متواضعة احتماءً من القصف العنيف، وتتحمل روسيا مسؤولية هذه الجرائم الوحشية.
تُظهر الصور حجم الدمار الهائل الذي خلفه القصف الهيستيري على المدينة التي رفض سكانها الخروج حتى استهدفهم النظام بالسارين
وعلى ما يبدو أن النظام يخوض حرب إبادة في آخر ما تبقى من الغوطة الشرقية خشية بقاء جيش الإسلام في مدينة دوما المحاصرة، خاصة بعد مفاوضات حثيثة مع جيش الإسلام ورفضه الخروج من المدينة وتسليمها لقوات النظام.
وقال إعلامي قناة المنار “حسين مرتضى” الذي توعد بمقطع فيديو – قبل استهداف مدينة دوما بالمواد الكيميائية – باستهداف المدينة بشيء أعظم من القصف الجوي الذي اتضح مساءً عندما استهدفت طائرات النظام المدينة بصواريخها التي تحمل موادًا كيميائية، ويكون هذا رد النظام مقابل إجبار جيش الإسلام على التخلي عن أبرز معاقله في العاصمة.
وتُظهر الصور حجم الدمار الهائل الذي خلفه القصف الهيستيري على المدينة التي رفض سكانها الخروج حتى استهدفهم النظام بالسارين الذي أجبرهم على الموافقة بالتهجير من المدينة مقابل الحفاظ على ما تبقى من سكانها، كما قالت هيئة التفاوض مع الجانب الروسي إنه تم الاتفاق على إجلاء عناصر جيش الإسلام وأهاليهم ومن يرغب من مدنيي مدينة دوما الانتقال إلى منطقة جرابلس بريف حلب الشمالي الشرقي.