تعتمد دول الاقتصاد الناشئ على شيء ليس له علاقة بالحكومات ولا بالمستثمرين العاديين ولا بمدخرات الشعب كذلك، بل تعتمد على ما يُعرف بالمستثمرين الملائكة الذين ينهضون بالشركات الناشئة ويحولوها إلى شركات عملاقة تساوي قيمتها قيمة ميزانية دول بأكملها، كان من بين تلك الشركات عملاق التكنولوجيا وإمبراطورية مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك التي تحولت من مجرد شركة ناشئة إلى شركة قيمتها 62 مليون دولار.
ولكن الحديث هنا ليس عن شركة فيسبوك، بل عن دولة توازي ميزانيتها قيمة شركة فيسبوك وحدها، ألا وهي الجمهورية التركية التي طالما كانت الشركات الناشئة فيها محل سوء تقدير في الاقتصاد الدولي، حيث لم تجذب تركيا المستثمرين الملائكة وذلك للترويج الخاطئ لها بأنها ليست مكانًا خصبًا للشركات الناشئة، وليس لها الاحتمالية الكامنة لإنتاج شركات ناشئة بقوة الشركات الأمريكية التي كانت شركات ناشئة سابقًا مثل فيسبوك وجوجل وأوبر.
قبل الحديث عن بيئة الشركات الناشئة في تركيا، دعنا نعرف أولًا من المستثمرون الملائكة (angel investors) الذين لا يحبذون تركيا وجهة لهم للاستثمار؟ المستثمرون الملائكة أو في سياق آخر المستثمرون غير الرسميين هم من يمتلكون في ثروتهم ما لا يقل عن مليون دولار أمريكي ودخل سنوي لا يقل عن 200 ألف دولار، ومختصون بالاستثمار في الشركات الصغيرة الناشئة بشرط أن يكون لهم حصة من الشركة في شكل أسهم أو دين.
على الرغم من أن تركيا تحظى الآن بحركة ملحوظة في زيادة عدد الشركات الصغيرة الناشئة التي طبقت أفكار ريادية كانت الأولى من نوعها في عالم الشركات الصغيرة الناشئة، فلم تجذب اهتمام المستثمرين الملائكة الذين ينهضون بحركة الشركات الصغيرة، لتغيب تركيا عن قائمة بلاد اقتصاد الشركات الناشئة، وتعاني من سوء التقدير في الاقتصاد على الرغم من وجود هذه القائمة من الشركات الناشئة الناجحة.
1- “يميكسيبيتي”.. طلب الطعام في أي وقت
تعني الكلمة “سلة الطعام” في اللغة التركية (Yemeksepti) وهي منصة بدأت كشركة ناشئة في غرفة مساحتها 40 مترًا، لتتحول إلى أضخم شركة ناشئة في تركيا، تعمل فيما يقرب من 60 ولاية، حيث يعمل في الشركة 5000 موظف لتعمل المنصة على مدار 24 ساعة طوال العام، وتصل قيمتها في السوق أكثر من 500 مليون دولار.
تتمتع المنصة بأكثر من 600.000 خيار من بين الخيارات المتنوعة للأطعمة التركية أو الغربية من كل المطاعم المختلفة وسلاسل المطاعم المعروفة والموجودة داخل تركيا، مثل بيتزا هت وبابا جونز وكنتاكي وبرجر كينج، كما يتضمن كل المطاعم المحلية، بحيث يكون أي مطعم مُسجل على المنصة متاح لأي مستخدم الوصول إليه وطلب الطعام منه على الفور.
تعني الكلمة “سلة الطعام” في اللغة التركية (Yemeksepti) وهي منصة بدأت كشركة ناشئة في غرفة مساحتها 40 مترًا
تحتوي المنصة على ما يقرب من 10 مليون مستخدم يستخدمها بشكل مستمر، وهي المنصة الأولى من نوعها دوليًا في فكرة جمع كل سلاسل المطاعم المختلفة على منصة واحدة، وإتاحة الوصول إليها وإلى خدماتها من خلال منصة إلكترونية تصل بين المستخدم والمطعم دون الحاجة للاتصال أو الذهاب للمطعم نفسه لطلب الطعام.
2- ترينديول.. الأزياء على باب البيت
أُسست شركة (Trendyol) في عام 2009، وهي منصة إلكترونية توفر خدمة التسوق الإلكتروني، حيث تجعل أحدث صيحات الموضة والأزياء من ملابس وإكسسوارات وحقائب وأحذية متوفرة بضغطة زر واحدة يرى بها المستخدم ما يبحث عنه في مختلف العلامات التجارية المحلية والدولية منها في كل الأقسام الرجالي منها والنسائي وحتى الأطفال والرضع.
تعتبر المنصة الأكبر من حيث التسوق الإلكتروني في الأزياء في كل من تركيا والشرق الأوسط، حيث تبيع ما يقرب من 35 مليون قطعة أزياء في السنة، حيث يصل المنصة أكثر من 50 مليون زيارة شهريًا مما يجعلها المنصة الأكثر نموًا في مجال التسوق الإلكتروني في تركيا ومنطقة الشرق الأوسط.
تهدف الشركة للوصول إلى قيمة المليار ليرة تركي بعد أن حققت 600 مليون ليرة تركية في الآونة الأخيرة (150 مليون دولار) على الرغم من أنها منصة حديثة الإنشاء، فإنها قطعت مشوارًا طويلًا في وقت قصير؛ حيث توصل المنتجات إلى جميع أنحاء تركيا والشرق الأوسط كذلك، ويعهد إليها بجودة الخدمة.
3- بي تاكسي.. سيارة الأجرة تصل إليك في أي مكان
بدلًا من أن يُعاني البعض من الانتظار الطويل لوصول سيارة الأجرة إليه، وبدلًا من المفاوضة بين الراكب وسائق السيارة على تسعيرة الطريق، فضل الأتراك صنع النسخة التركية الخاصة بهم بدلًا من أوبر، إلا أنه سيكون سيارات أجرة مُرخصة من الدولة وتتبع جهات رسمية، حيث تكون نفس لون وشكل سيارات الأجرة العادية إلا أنها مُسجلة على تطبيق “Bitaksi”.
يُساعدك تطبيق “بيتاكسي” على الدفع من خلال بطاقة الائتمان كذلك، حيث تُسمى سيارة الأجرة في هذه الحالة بـ”Smart Taxi”
“بيتاكسي” هو تطبيق على الهواتف الذكية يُساعدك على إيجاد أقرب سيارة أجرة إليك، ويعطيك معلومات عن موقع السائق ومدى قربه أو بعده منك، بالإضافة إلى معلومات السيارة والسائق، بالضبط كما هو الحال حينما يطلب المرء سيارة تتبع شركة أوبر، إلا أن في حالة “بيتاكسي” تكون سيارة أجرة عادية صفراء اللون تشبه سيارات الأجرة الموجودة في الشوارع التركية بشكل عادي.
بالإضافة إلى إمكانية الدفع نقدًا لسائق السيارة، يُساعدك تطبيق “بيتاكسي” على الدفع من خلال بطاقة الائتمان كذلك، حيث تُسمى سيارة الأجرة في هذه الحالة بـ”Smart Taxi” أو التاكسي الذكي الذي لن تضطر فيه للبحث عن أقرب ماكينة سحب ATM لدفع الأجرة ويمكنك استخدام البطاقة نفسها داخل السيارة، كما يطلب من الراكب تقييم الرحلة والسائق والشكوى إن أراد من خلال التطبيق.
4- تطبيق “ليت جو”.. إمبراطورية الأشياء المستعملة
إن كنت تملك الكثير من الأغراض المستعملة وترغب في التخلص منها، سواء كانت ملابس أو أثاث منزلي أو دراجة أو هاتف أو أجهزة كهربائية، يمكنك عرض كل ما يخطر على بالك على تطبيق أو منصة “Let go” المخصصة لبيع الأشياء المستعملة بين الأفراد فحسب وليس الشركات.
يمكنك إنشاء حساب لك على التطبيق ومن ثم تلتقط صورة لكل ما تود بيعه وتحدد موقعك الجغرافي والسعر الذي تقرره لبيع القطعة المراد التخلص منها، حينها يستعرض المستخدمون المختلفون كل ما هو معروض على المنصة وإن قرر أحدهم شراء القطعة التي عرضتها يمكنه التواصل معك مباشرة من خلال المنصة وتحديد موعد للقاء وشرائها.
5- “جيتير”.. البقالة صارت إلكترونية
“كل دقيقة في حياتك مهمة، لهذا نحن لن نضيع وقتك، وسنوصل إليك طلباتك خلال دقائق”، هذه رسالة منصة وتطبيق “Getir” التركي المختص بإيصال طلبات البقالة المختلفة في غضون دقائق إلى باب منزلك، حيث يوفر الوقت والمجهود للذهاب إلى البقالة أو السوبرماركت، حيث يمكنهم إيصال كل شيء من الماء وحتى الخضراوات والفواكه والحلوى.
يعني اسم التطبيق “وصل”، حيث يوصل “getir” البضائع إلى أي مكان يريده المستخدم، لمنزله أو لمكان عمله، أو حتى إن أراد توصيل بعض الطلبات إلى الحديقة، يمكن للتطبيق إيصالها للمستخدم في أي مكان وفي غضون دقائق، ليقبل الدفع بأي وسيلة يُفضلها المستخدم سواء نقدًا أو من خلال البطاقة الائتمانية.
القائمة لا تنتهي عند هذه الشركات، إلا أنها تعتبر الأكثر شهرة والأكثر استخدامًا بين الأتراك، والأكثر نموًا بالنسبة للشركات التركية الناشئة التي تلعب دورًا مهمًا في الاقتصاد الرقمي الجديد في تركيا، وتُغير من الصورة النمطية التي تُحيط بالبلد عن كونها تفتقر لأفكار الشركات الناشئة الجذابة والناجحة.