أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن أن بلاده لم تعد عازمة على استكمال العمليات العسكرية باتجاه مدينة تل رفعت بريف حلب الشمالي والقرى المحيطة بها وذلك بعد تطمينات من الجانب الروسي تفيد بعدم وجود مقاتلي ميليشيات الحماية الكردية YPG فيها والتي تصنفها أنقرة كجماعة إرهابية.
وقال قالن في تصريحات صحفية له بتاريخ 7 من أبريل/نيسان 2018: “تركيا لم تعد تعتزم تنفيذ عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تل رفعت بعد تأكيدات روسيّة بأن المقاتلين الأكراد لم يعودوا موجودين فيها”، مضيفًا: “لكننا سنتأكد من خلال قنواتنا أن هذا هو الوضع، إذا كان الوضع كذلك، فنحن راضون عن ذلك”.
تصريحات قالن التي أثارت سخط أهالي ريف حلب الشمالي وخاصة أبناء مدينة تل رفعت، سبقها تصريحات رسمية أخرى تفيد بأن عملية غصن الزيتون مستمرة حتى تحرير القرى والبلدات العربية كافة وإعادة نحو 300 ألف نازح إلى ديارهم.
الرئيس التركي نفسه تعهد أواخر شهر مارس/آذار الماضي باستكمال عملية غصن الزيتون وتحرير تل رفعت خلال وقت قصير
فقد أكد نائب رئيس الوزراء التركي والناطق باسم الحكومة بكير بوزداغ، قبل يومين من تصريح قالن بتاريخ 4 من أبريل/نيسان بأن أنقرة تعهدت ببسط سيطرتها على المدينة.
حيث قال: “سنطهر تل رفعت من التنظيم الإرهابي على غرار عفرين، اقتربت النهاية هناك أيضًا”.
كما أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه تعهد أواخر شهر مارس/آذار الماضي باستكمال عملية غصن الزيتون وتحرير تل رفعت خلال وقت قصير، وجاءت تصريحاته هذه بعد موجة غضب كبيرة اجتاحت مناطق وجود النازحين من المدينة، بالقرب من معبر باب السلامة الحدودي الذين خرجوا بمظاهرات حاشدة مطالبين بتحرير مناطقهم من الميليشيات الكردية.
لكن مضى أسبوعان على تصريح أردوغان ولم يتغير شيء، بل يظهر أن عملية غصن الزيتون توقفت فعلاً على حدود تل رفعت، وكذلك حدود نبل والزهراء الشيعيتين التي تسيطر عليهما قوات النظام.
تململ شعبي مع توقف عمليات غصن الزيتون
شهدت مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت موجة غضب واستياء كبيرة بعد تصريحات المتحدث باسم الرئاسة التركية، وطالب البعض بتجاوز الخطوط الحمراء وتجاوز القيادة التركية لغصن الزيتون والتوجه إلى تل رفعت لتحريرها وإعادة المهجرين إلى بيوتهم أسوة بعودة مهجري عفرين في وقت قياسي.
في حين طالب البعض بعدم التسرع والتريث، مؤكدين أن الموقف التركي لم يتغير، ومنهم عضو المكتب السياسي في تل رفعت بشار عليطو حيث نشر على حسابه في فيس بوك قائلاً: “من المؤكد أن الموقف التركي لم يتغير تجاه تل رفعت والبلدات المحيطة، وهو إعادة أهلها لها، والتصريحات الإعلامية متضاربة وتنقلها كل قناة حسب ما تريد وتدس فيها ما تريد، يجب أن لا ننساق خلفها، فهي حتى الآن لا ترقى لأكثر من مجرد شائعات تعودنا عليها، وعلينا تفعيل الحراك الشعبي في هذه الساعات بدل الانشغال بالإشاعات وبناء التحليلات عليها”.
في تصريح خاص لـ”نون بوست” قال الناشط السياسي إسماعيل الحجي وهو عضو في حزب التحرير ومن أهالي تل رفعت المهجرين: “هذا هو حال حكام تركيا الذين يزعمون صداقتنا لا يهمهم سوى تحقيق مصالحهم الخاصة، وكذلك أهداف دول كبرى تساهم في شقائنا ومعاناتنا، فبعد وعود تركية سابقة ضمن عملية درع الفرات بعودة المهجرين إلى أرضهم وقراهم، جاءت عملية غصن الزيتون وتكررت نفس التصاريح والوعود، ولكن على ما يبدو أنها تصريحات للاستهلاك المحلي وخاصة بعد قمة أنقرة الثلاثية التي تقرر فيها تقاسم الكعكة بين هذه الدول.
وعلى فصائل الثورة أن تعي أن الدول الداعمة لا يهمها سوى مصالحها ويجب أن يتحركوا خارج إرادة هذه الدول، لأجل تحرير أراضيهم وقراهم التي ضحوا من أجل استعادتها وخاضوا معارك غصن الزيتون على أمل استرجاعها ولكن تبين أنهم يركضون وراء سراب.
عليهم إيصال رسالة قوية إلى تركيا والمجتمع الدولي وقلب الطاولة وخلط الأوراق وإعادة الثورة إلى مسارها الصحيح وإعادة ثقة الحاضنة الشعبية إلى ما كانت عليه في بداية الحراك الثوري بعد أن توسع الشرخ بين الفصائل وعموم الشعب الثائر”.
أما الناشط الإعلامي سيف الشامي من تل رفعت فيقول: “ما زالت الوحدات الكردية موجودة داخل مدينة تل رفعت وهناك عملية مراوغة من الروس وقوات النظام لإقناع الأتراك بأن الأكراد غادروا المنطقة، أما عن مطالبنا نحن أبناء تل رفعت فنطالب قوات غصن الزيتون من الجيش الحر والجيش التركي باستكمال العملية وتحرير القرى والبلدات العربية كافة لإعادة أكثر من 250 ألف مهجر إلى أراضيهم وبأسرع وقت ممكن”.
يُقدر عدد المقاتلين من تل رفعت وما حولها بنحو 2000 مقاتل جلهم انخرط في عملية غصن الزيتون على أمل تحرير مدينتهم من الوحدات الكردية ولمساعدة أهليهم وذويهم للخلاص من العيش في المخيمات العشوائية قرب الحدود التركية
أنس بكور من المهجرين أيضًا من تل رفعت ومقيم حاليًّا في بلدة صوران صرح لـ”نون بوست”: “أطالب جميع الفعاليات والهيئات والمجالس والمدنيين وأخص بالذكر أصحاب السلاح وفصائل الثوار، أن نعمل معًا على استعادة ما خسرناه من أرضنا معتمدين على أنفسنا وألا ننتظر من أحد أن يعيدها لنا ويفرض شروطه وقراراته علينا، فمن الذي قدم الشهداء والجرحى ومن الذي يعيش منذ أكثر من سنتين في مخيمات الذل والعار”.
الموقف العسكري لمقاتلي تل رفعت
موقف مقاتلي غصن الزيتون من أبناء تل رفعت والقرى المحيطة بها ما زال متماسكًا حتى الآن مع دعوات لبعض أهالي المدينة للانتظار إلى نهاية شهر أبريل/نيسان يتم في أثنائها تكثيف الحراك الشعبي الضاغط لاستكمال عمليات غصن الزيتون وإلا فقد يكون ثمة احتمال أن تتحرك بعض المجموعات أو الفصائل بدفع شعبي وبقرار ذاتي لتحرير القرى العربية ومن هذه الفصائل، فصائل غرفة عمليات أهل الديار التي تشكلت منذ عام بهدف تحرير تل رفعت ومنغ وعين دقنة من الميليشيات الكردية.
هذا ويُقدر عدد المقاتلين من تل رفعت وما حولها بنحو 2000 مقاتل جلهم انخرط في عملية غصن الزيتون على أمل تحرير مدينتهم من الوحدات الكردية ولمساعدة أهليهم وذويهم للخلاص من العيش في المخيمات العشوائية قرب الحدود التركية والعودة إلى وطنهم وديارهم، فهل سيعي الجانب التركي حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه لحل هذه الأزمة الإنسانية، بعيدًا عن التفاهمات مع الروس والإيرانيين الذين كانوا سببًا في تلك الأزمة.