أحدٌ ما أخبر المشير عبدالفتاح السيسي أن المصريين شعب عاطفي، رغم صحة ذلك إلا أن خطاب السيسي لا يقول سوى أنه لا يعرف عن المصريين سوى تلك الحقيقة. فقد أعلن الرجل في خطاب ترشحه أمس عن وجه يتماشى مع الصورة الذهنية التي وضعها المصريون له على ألواح الشوكولاتة وعلى زجاج سياراتهم وعلى ملابس النساء الداخلية!
صورة يبدو فيها السيسي ببزته العسكرية، لين الجانب خفيض الصوت حزين القسمات، صورة تماما كصورة جمال عبدالناصر حين أعلن تنحيه عقب نكسة يونيو 1967.
لكن الحقيقة أن مصر التي ينتظرها السيسي رئيسا، تختلف كثيرا عن مصر التي تنتظره، هنا نحاول أن نشير إلى بعض الأرقام عن مصر التي تنتظر عبدالفتاح السيسي، الرئيس القادم لمصر.
هل هو رئيس مصر القادم فعلا؟ ألم يكن هو الرئيس منذ أن أطاح بمحمد مرسي من السلطة في الثالث من يوليو؟ إن الأرقام التالية شارك في صنعها أساسا عبدالفتاح السيسي برفقة المقربين من رجاله: هذه الأرقام تأتي من إحصاءات موقع ويكي ثورة، بالإضافة إلى عدد من المصادر غير المسيسة والمعتمدة دوليا.
– منذ 3 يوليو الماضي تحملت قوات الأمن والجيش في مصر مسؤولية قتل ما لا يقل عن 3143 مصريا، بينهم ستين شرطيا وجنديا، وبينهم أكثر من 2528 قُتلوا في تظاهرات سلمية برصاص حي مباشر.
– جُرح أكثر من 17000 مصري في اشتباكات مع قوات الأمن والشرطة حتى نهاية فبراير، في تظاهرات سلمية حاولت قوات الأمن فضها أو تعاملت معها بوحشية.
– اعتقلت قوات الأمن والجيش أكثر من 18977 شخصا، وتقول مصادر معتمدة أخرى إن عدد المعتقلين تجاوز 23000 شخص، وتقول مصادر سياسية متضررة إن عدد المعتقلين لا يقل عن 25 ألف شخص.
إن الأرقام السابقة تخبرنا أننا أمام أكثر من 45000 عائلة مصرية تضررت بشكل مباشر من الانقلاب العسكري في مصر، إما فقدت قتيلا، أو جريحا، أو معتقلا في سجون النظام المصري. لا نتحدث هنا عن الضرر المعنوي الذي أصاب بقية معارفهم وجيرانهم ودوائر علاقاتهم التي تبدأ بالقرابة المباشرة ولا تنتهي عند صفحات التواصل الاجتماعي، نتحدث هنا عن مئات الآلاف من الأشخاص الذين لديهم ثأر شخصي مع وزير الدفاع الذي نفذ الانقلاب العسكري، وملايين من المتعاطفين معهم.
– منذ 3 يوليو الماضي قُتل 281 مصريا في هجمات إرهابية، أكثر من 224 شرطي، و 57 مدنيا، و 56 جنديا من الجيش في سيناء. هذه الأرقام رغم أن قادة الانقلاب العسكري في مصر يتحملون مسؤوليتها المباشرة، إلا أن خطورتها لا تكمن في تلك المسؤولية، لكن التحريض الإعلامي الذي سبقها، والذي تلاها، بالإضافة إلى حالة الاستقطاب البشعة التي تسببت فيها بين قطاعات متعددة من المصريين، ستؤدي بشكل قاطع إلى حالة من عدم الاستقرار التي ستنتظر السيسي لفترة ليست قصيرة من حكمه الذي يرجو أن يمتد كالدكتاتور الذي أطاحت به الثورة.
– يبلغ إجمالي الدين العام في مصر نحو 1.54 تريليون جنيه خلال ديسمبر من العام الماضي – بما نسبته 75.4 % من الناتج المحلي الإجمالي – بمعدل نمو قدره 30 مليار جنيه عن سبتمبر 2013، بعد شهر واحد من فض اعتصام رابعة العدوية.
– حجم الدين العام الخارجي وصل خلال سبتمبر الماضي إلى 47.017 مليار دولار، مقابل 43.23 مليار دولار بنهاية يونيو 2013، بزيادة 9 مليارات دولار عن سبتمبر 2012 وقت حكم مرسي.
الوضع الاقتصادي يقول أن الرئيس السيسي سيواجه معضلة حقيقية، ربما تخفف من وطأتها كثيرا الدول الخليجية، السعودية والإمارات والكويت التي حققت فائضا ضخما في ميزانياتها خلال العام الماضي، لكن لا أحد يتوقع أن يستمر الدعم الخليجي إلى ما لا نهاية.