هل تساءلت من قبل عن العالم الذي ترغب في العيش به؟ أن تكون مثل هاري بوتر أو بيتر بان أو حتى أليس في بلاد العجائب؟
رُغم وجود تلك العوالم التي نحبها، فإنها لا تخلو من المواقف المرعبة التي قد تجعلنا نتردد في المخاطرة بالانتقال إليها لو كانت حقيقية، لكن على الجانب الآخر هناك العوالم السوداوية التي يقشعر بدننا لفكرة العيش بها، فهناك الأغنياء الذين يستطيعون شراء الخلود، وآخرون لا يستطيعون تحمل نفقات شرب المياه، هناك من يهرب من مرض خطير أو زومبي، وهذه قد تكون أقل الأشياء رعبًا التي تواجهها عند قراءة إحدى روايات.
في هذا العالم المجنون الذي يجعلك تعجز عن تخيل بؤس أكثر من الأحداث الجارية، دعني أُريك بعض العوالم التي بالتأكيد لن ترغب في الانتقال إليها لو كانت حقيقية.
حكاية خادمة The Handmaid’s Tale لـ “مارجريت أتوود Margaret Atwood”
إنها كابوس النسويات في كل مكان، عالم صنعته الكاتبة الكندية مارجريت أتوود، ونُشر عام 1985، في نُسخة مستقبلية من إنجلترا أصبحت فيها القوى العظمة الوحيدة في العالم، نتبع رحلة لخادمة يُطلق عليها “أوفيرت”، ففي ذلك العالم الخادمات لا يمكنهن استخدام أسمائهن الحقيقية، ويجب أن تكون أسمائهن ذات علاقة بسيدهن، وفي تلك الحالة كان سيدها يُدعى “فريد”.
في جمهورية “جيليد” أجساد النساء الخصبة يُتحكم بها، ويُصبحن ملكية للزوج أو الأب أو أي كان رأس المنزل، فغير مسموح لهن بالعمل أو امتلاك النقود أو امتلاك أي شيء، وكل الزيجات بالطبع زيجات مُرتَّبة ومحكوم عليهن بارتداء ألوان توضح حالتهن الاجتماعية.
الزوجات – وهي أعلى طبقة اجتماعية مسموحة للنساء – يرتدين الأزرق دائمًا، وهن المتزوجات من ضباط ذوي رتب عالية، وإذا توفي الزوج، يجب أن ترتدي الأرملة الأسود حتى موتها.
البنات: هن فتيات الطبقة الحاكمة، يرتدين الأبيض حتى موعد زواجهن المرتب.
وهناك الخادمات: إحداهن بطلة قصتنا، وهن نساء خصبة، مهمتهن في المجتمع أن يحبلن بالنيابة عن الزوجات غير الخصبات، ولا يرتدين إلا الأحمر، ما عدا غطاء الرأس فيكون أبيض، ويُطلق عليه “أجنحة”، وهذا الغطاء يمنعهن من رؤية أي شيء غير ما هو أمامهم مباشرة، ويمنع أي شخص من رؤية وجوههن.
في العام الماضي 2017 تبنت شركة “هولو” الأمريكية قصة الكتاب، وحولتها إلى مسلسل يُعرض حصريًا على موقعها
وبمجرد أن يُخَصَّبن يذهبن إلى مرافق العمات، حيث يبقين هُناك حتى الإنجاب، ثم يبدأن الدورة من جديد مع شخص آخر، ولا يتمكن من رؤية أطفالهن أبدًا.
النوع الأخير من النساء في هذا العالم الكابوسي هن “العمات”، ومهمتهن تدريب ومراقبة الخادمات، وتقوم به بعض النساء غير الخصبات، اللائي فاتهن قطار الزواج، حين قُدم هذا الكتاب عام 1985 كان يتحدث عن عالم في المستقبل القريب في 2005، كان يتحدث عن عالم تُؤخذ فيه النصوص الدينية بشكل حرفي، لتعميم قوانين وممارسات بشعة على نساء ذلك العالم.
في العام الماضي 2017 تبنت شركة “هولو” الأمريكية قصة الكتاب، وحولتها إلى مسلسل يُعرض حصريًا على موقعها، وحقق المسلسل نجاحًا كبيرًا، ومن المتوقع عرض أولى حلقات الموسم الثاني في الـ25 من أبريل الحاليّ.
الساحر The witcher / Saga o wiedźminie لـ”أندرزيج سابكوسكي Andrzej Sapkowski”
في عام 1993 تعرفنا على “جيرالد” القادم من “ريفيا” أو “الذئب الأبيض” في مجموعة قصص قصيرة بولندية تحت اسم “الأمنية الأخيرة”، تلك القصص القصيرة التي كتبها أندرزيج سابكوسكي كانت أولى خطواتنا لعالم فانتازي ساحر نتتبع فيه مغامرات “جيرالد”.
نتابع رحلات جيرالد في ذلك العالم المليء بكل المخلوقات الأسطورية المُرعبة التي تتخيلها، لكن “الذئب الأبيض” لا يملك رفاهية تجنب تلك الوحوش، فجيرالد هو “ويتشر”، وأقرب ترجمة لها في العربية “ساحر” ولكنها ليست كذلك بالضبط؛ ففي ذلك العالم المليء بالمستذئبين ومصاصي الدماء والجنيات والأشباح، يعمل “الويتشر” كمرتزقة، حيث تدرب منذ طفولته في قلعة الذئاب على أن يُحارب تلك الوحوش.
الويتشر ليس إنسانًا بالضبط؛ فالتدريبات التي تلقاها في الصِغَر علمته أن يستخدم خلطات عشبية لصناعة ترياق ومواد كميائية تساعده، وتعطيه قدرات غير بشرية.
ذلك العالم مُظلم حقًا، ستجد كل كوابيسك موجودة هناك، وأملك الوحيد ثُلة صغيرة من السحرة (الويتشرز) ويجب أن تملك ما يكفي من المال للاستعانة بخدماتهم أو تلاقي كل تلك الأهوال وحدك.
بالتأكيد ذلك عالم لا نرغب في العيش به، لكن إن كنت مصرًّا فيمكنك أن ترى جوانبًا من ذلك العالم في مجموعة ألعاب مبنية على سلسلة “ويتشر”، تحت الاسم نفسه، حيث تأخد دور جيرالد في ذلك العالم الكابوسي.
صعود الأحمر Red rising لـ”بريس براون Pierce Brown”
إنه العالم المستقبلي المعهود في أدب اليافعين، ولكن مع لمسة من الحضارة الرومانية، حيث ينقسم العالم إلى عدة طبقات يُرمز لهم بالألوان، أكثرهم حظًا الذهبيون الذين يحكمون كل الكواكب المأهولة وتخدمهم جميع الطبقات الأخرى التي تليهم، وهم:
الفضيون: وهم رجال الأعمال الأثرياء، البنفسجيون: الفنانين والأدباء، البرتقاليون: المهندسون، الرماديون: رجال السلطة الفاسدين، البنيون: الخدم، وأخيراً الورديون: وهم من يعملون في الدعارة.
لو كنت سيئ الحظ بشكل لا يصدق فسوف تكون من ذوي اللون “الأحمر”، فهم يشكلون عمالة رخيصة، باقية في قلب الكوكب، يستخرجون الغاز والمعادن بأقدم تقنية موجودة، مُعرضين أنفسهم وحياتهم للخطر، ولا يتلقون إلا الفتات، والأسوأ من ذلك كله أنهم لا يعلمون أن الكوكب الذين يعيشون في قلبه مأهولًا من الأساس، ومن فوقهم يعيشون في رخاء بسبب مجهوداتهم.
من الممتع جدًا أن تقرأ هذا الكتاب، لكن سيكون من المؤلم جدًا أن تكون جزءًا من ذلك العالم
في بداية الثلاثية نتبع الحياة اليومية لأحد الرجال من ذوي اللون الأحمر، وكيف يقتل الرماديون زوجته، بعد أن غنت أغنية مُحرمة، تذم فيها العرق الذهبي، وتدعو لنهوض العرق الأحمر والثورة.
بعدها يكتشف حقيقة أن الكوكب من فوقه مؤهل للعيش وكل الأعراق الأخرى تعيش في بذخ، وهنا يقرر أن يخترق صفوف العرق الذهبي بمساعدة بعض الثوار؛ حتى يستطيع أن يهدم ذلك الهرم الاجتماعي الظالم.
يجعلك ذلك العالم تفكر في أول من قسم المجتمع بهذا الشكل “إتش جي ويلز” في رائعته “آلة الزمن”، ولكن هذا العالم الذي نتحدث عنه يختلف في الكثير من الأشياء؛ فـ”بيرس براون” قدم لنا ثلاثية في غاية الإمتاع، مليئة بالمفاجآت، تنقلنا من حروب بالسيف إلى حروب في الفضاء بسفن تستطيع التنقل بين الكواكب، كما لمس العديد من تيمات العدالة الاجتماعية وتيمات الثورة، مع حبكة إثارة جاسوسية غير مسبوقة.
من الممتع جدًا أن تقرأ هذا الكتاب، لكن سيكون من المؤلم جدًا أن تكون جزءًا من ذلك العالم.
هذيان Delirium لـ”لورين أوليفر Lauren Oliver”
تجرؤ أن تُحب؟ أو (Dare to love)، إنها الجملة التي طبعت فوق غلاف تلك الرواية التي نُشرت في الأول من يناير عام 2011 وتحكي عن فتاة صغيرة “لينا هالواي” تقع في الحُب في ذلك المجتمع الذي ينظر إلى الحب على أنه “مرض”.
إنها ثلاثية بائسة، فمن الذي قد يرغب في العيش في ذلك المكان الذي يُحرم الحُب! ذلك الشعور الذي يمنحنا الأمل، وتلك الروايات المبهجة التي تمتلئ بالنهايات السعيدة لن يكون لها وجود في ذلك العالم.
تدور أحداث الرواية في “بورتلاند”عام 2091، بعد قصف شديد على مدار عدة عقود، تمكنت بعض المدن من الهروب من ذلك القصف، لكن أصبح السفر بينها مقيدًا للغاية، فالعديد من الأسوار الكهربائية تحيط بتلك المدن.
تبدأ حكومة تلك المدينة في اعتبار “الحُب” مرض، ويشار إليه باسم “الهذيان”، وقد طُوِّرَ علاج جراحي له، وهو إلزامي لجميع المواطنين من سن الـ18.
كانت لينا تتطلع إلى ذلك العلاج، مُقتنعة تمام الاقتناع بأن ما تقوله الحكومة هو الحقيقة، وأن الحُب مرض يجب القضاء عليه، لكن يشاء القدر قبل قيامها بالعملية المقررة، تقع لينا في حُب شخص غير صالح (لم يُجر تلك العملية، ويعيش في البرية) يُدعى “أليكس”، وقد وُلِدَ في خارج المدينة، انضم إلى المقاومة، وتظاهر بأنه شُفي كي يعيش دُون أن يُكشف.
القِبَاح Uglies لـ”سكوت ويسترفيلد Scott Westerfeld”
القِبَاح هي رواية صدرت عام 2005، كتبها سكوت ويسترفيلد للبالغين، تتعامل مع موضوع “التغيير” سواء العاطفي أو الجسدي، وهذه الرواية الأولى جزء من رباعية وهي: “القِباح Uglies، الجِمال Pretties، الاستثنائيون Specials، الزائدون Extras”.
في المستقبل البعيد، تتمكن الحكومة من توفير كل شيء، بما في ذلك “العمليات الجراحية التجميلية”، عليك في عيد ميلادك الـ16 أن تحصل على عملية تجميل تُمكنك من الانتقال إلى مدينة “أجمل”.
بعد العملية تتمكن من عبور ذلك النهر الذي يقسم المدينة ويقودك إلى حياة جديدة دون مسؤوليات أو التزامات، تلك الحياة التي لا يتوقف فيها المرح.
هناك أيضًا نوعان من العمليات الأخرى مُتاح؛ الأولى سوف تُحولك من “جميل” إلى “شخص متوسط الجمال”، وأخرى ستُحولك من “متوسط الجمال” إلى “قبيح”.
تدور أحداث القصة في المستقبل، وبعد مرور أكثر من 300 سنة، وقد انهار المجتمع القديم الذي كان يعتمد على النفط، تلعب دور البطولة في تلك الرواية فتاة شابة تُدعى “تالي” اقتربت من سنتها الـ16، وتتطلع بشدة إلى تلك العملية التي ستُمكنها من التخلص من قبحها، وتلحق بصديقها في المدينة الجميلة الجديدة، تُقابل “تالي” فتاة أخرى متمردة تٌدعى “شاي” تحاول إقناعها بعدم إجراء الجراحة لكن “تالي” لا تستمع إليها.
هناك أيضًا بعض الأمثلة الجديرة بالذكر مثل “مباريات الجوع”، و”عالم رائع جديد”، كذلك “1984”، وغيرها من العوالم السوداوية
قبل العملية بعدة أيام تهرب “شاي”، تاركة وراءها معلومات خفية عن مستوطنة متمردة تُدعى “الدخان”، حيث يذهب إلى هُناك الهاربون من العملية. تتعرض “تالي” للضغط إما أن تدلهم على مكان “الدخان” أو لا تصبح جميلة أبدًا، وبالتالي تبدأ الصغيرة في محاولة تقفي أثر صديقتها، كي تشي بها، وبتلك المنظمة المتمردة، لكن هل ستشي “تالي” بصديقتها فعلًا؟ ولماذا يهربون من الجمال ليبقوا في مجتمع أكثر قبحًا؟ وماذا يحدث فعلًا لأولئك الذين يقومون بالعملية؟ ثق بي، أنت حقًا لا تريد أن تعلم.
هناك أيضًا بعض الأمثلة الجديرة بالذكر مثل “مباريات الجوع”، و”عالم رائع جديد”، كذلك “1984”، وغيرها من العوالم السوداوية، وإذا أتينا للعوالم العربية السوداوية فيجب علينا أن نذكر:
الآن هُنا (شرق المتوسط مرة أخرى) لـ”عبد الرحمن منيف”
يتحدث عبد الرحمن منيف في روايته تلك عن الوصع السياسي الذي تعيشه شعوب العالم العربي، الرواية تتحدث عن واقع يُعاش في سجون العالم العربي، الزمان والمكان غير محددين، يخترع منيف دولتين يحاول فيهما تجسيد الواقع الذي تعيشه الشعوب العربية وهما (دولة عمورية، ودولة موران).
عُطارد لـ”محمد ربيع”
تتحدث هذه الرواية عن ظابط يُدعى “عطارد”، ممن شهدوا انحدار الشرطة في ثورة يناير المصرية، وتدور أحداث الرواية في زمن مستقبلي يتخيل مصر تحت احتلال غامض، ومستقبل غاية في السواد.
يوتوبيا لـ”أحمد خالد توفيق”
أن ينقسم الشعب لطبقتين فقط، المعدمين والأغنياء، ويستقل فيه الأغنياء في مكان منعزل محاط بأسوار، وتكون هواية ذلك العالم الجديد الذي يعيش في رخاء هي التسلل خارج أسواره، والذهاب إلى تلك الرقعة البائسة التي يعيش فيها المعدمون لا بغرض آخر سوى “صيدهم”! هذا بالطبع عالم لا ترغب بالعيش فيه أبدًا.
والآن أخبرني.. أي العوالم تلك لن تتحمل العيش بها؟