الصومال توجه صفعة جديدة للإمارات

في خطوة مرتقبة أنهت الحكومة الصومالية الفيدرالية الدور الإماراتي في تدريب القوات الصومالية، مما يؤكد توتر العلاقات بين الطرفين الناتجة عن التدخلات الإماراتية المتواترة في الشؤون الداخلية للصومال وتجاوزها الحكومة المركزية في أكثر من مرة، وآخرها محاولة إدخال مبالغ مالية ضخمة للبلاد دون علم الحكومة.
إنهاء دور الإمارات بتدريب قواته
وزير الدفاع الصومالي محمد مرسل شيخ عبد الرحمن، قال في أعقاب هذا القرار إن الحكومة الفيدرالية ستتولى إدارة قوات بلاده التي تدربها الإمارات بشكل كامل، وقال الوزير في تصريح لوكالة الأنباء الصومالية “صونا” إن مسؤولية إدارة القوات التي دربتها الإمارات تقع على عاتق الحكومة الفدرالية، مضيفًا أنه تم إعداد خطة مسبقة بهذا الشأن من أجل ضم وإدراج تلك القوات إلى صفوف وحدات الجيش الصومالي ومنحهم رواتب.
من المنتظر أن يجرى تسلم مهمة إدارة القوات المدربة من قبل الإمارات بالتزامن مع مناسبة إحياء الذكرى السنوية للجيش الوطني الصومالي التي تصادف اليوم الخميس، وتشرف الإمارات على تدريب قوات من الجيش الصومالي في العاصمة مقديشو وإقليم بونتلاند (ذاتي الحكم) شمال شرقي البلاد، ضمن اتفاقية وقعها البلدان عام 2014.
تأتي هذه الخطوة الصومالية بعد يومين من احتجاز طائرة السفير الإماراتي ومصادرة 9 ملايين و600 ألف دولار كان يحملها
وخرجت مراكز التدريب الإماراتية في الصومال عشرات الوحدات من الجيش المحلي، إلا أن بعض هذه القوات تخضع لإدارة أبو ظبي بشكل رسمي، وتقوم بمهمات تتمثل في حراسة مراكز التدريب العسكرية وبعض الشوارع في العاصمة، حسب تقارير إعلامية.
وتقام اليوم الخميس في العاصمة مقديشو وبعض أقاليم البلاد عروض لإحياء مرور الذكرى السنوية الـ58 لتأسيس الجيش الوطني الصومالي، ومن المقرر أن يشارك في هذه المناسبة السنوية كبار قادة البلاد والقوات المسلحة الوطنية، بالإضافة إلى مسؤولين آخرين وضيوف شرف، تجدر الإشارة إلى أنه قد تم تأسيس الجيش الوطني في الـ12 من شهر أبريل عام 1960.
مصادرة قرابة 10 ملايين دولار
تأتي هذه الخطوة الصومالية بعد يومين من إعلان السلطات الصومالية احتجاز طائرة السفير الإماراتي في مطار آدم عدى الدولي بالعاصمة مقديشو محمد أحمد عثمان الحمادي، ومصادرة 9 ملايين و600 ألف دولار كان يحملها، وزعمت السفارة الإماراتية بمقديشو أنها كانت مخصصة لدفع رواتب القوات الصومالية التي تشرف على تدريبها.
وقال بيان لوزارة الأمن الداخلي الصومالية إن الصومال ورغم ارتباطه بعلاقات تعاون مع عدد من الدول التي توفر الدعم لمختلف المؤسسات الحكومية، فإن هذا الدعم يتم عبر طرق تتوافق مع قوانين البلاد والقوانين الدولية فيما يخص تحويل الأموال.
https://twitter.com/abdulsalamfareh/status/983069718725713920?tfw_site=Arabi21News&ref_src=twsrc%5Etfw&ref_url=https%3A%2F%2Farabi21.com%2Fstory%2F1084946%2F%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B5%25D9%2588%25D9%2585%25D8%25A7%25D9%2584-%25D8%25AA%25D8%25B5%25D8%25A7%25D8%25AF%25D8%25B1-10-%25D9%2585%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%258A%25D9%258A%25D9%2586-%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2584%25D8%25A7%25D8%25B1-%25D9%2585%25D9%2586-%25D8%25B7%25D8%25A7%25D8%25A6%25D8%25B1%25D8%25A9-%25D8%25A5%25D9%2585%25D8%25A7%25D8%25B1%25D8%25A7%25D8%25AA%25D9%258A%25D8%25A9-%25D8%25AE%25D8%25A7%25D8%25B5%25D8%25A9-%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1
السلطات الصومالية صادرت الحقائب الثلاثة التي تحتوي هذه النقود عندما لم تستطع السفارة الإماراتية تقديم توضيحات مقنعة بشأن تلك الأموال، حيث قالت السلطات الإماراتية إن هذه الأموال كانت مخصصة لدفع أجور الجنود الذين يتم تدريبهم في الصومال، وفي أعقاب ذلك فتحت السلطات الصومالية تحقيقًا بخصوص مصدر تلك الأموال وإلى أين تتجه، إلى جانب دوافع إدخال هذا المبلغ إلى البلاد.
وفي رد فعلها أدانت حكومة أبوظبي الخطوة التي قامت بها مقديشو، واتهمتها بخرق الأعراف الدبلوماسية ومذكرة تفاهم بين البلدين تم توقيعها في 2014، إلا أن الحكومة الصومالية سرعان ما ردت على الإدانة الإماراتية، وأكدت على أن مذكرة التفاهم قد انتهت صلاحيتها في 2016 بعد عامين من توقيعها، كما اتهمت الإمارات بإدخال تلك الأموال بحقائب غير دبلوماسية.
بداية الأزمة
هذه الأزمة بين دولتي الإمارات والصومال لم تكن وليدة اللحظة، بل تعود إلى سنة 2016 بعد توقيع شركة موانئ دبي العالمية الحكومية على اتفاقية مع صومال لاند الانفصالية دون وساطة الحكومة الاتحادية، الأمر الذي اعتبرته الصومال تجاوزًا لسيادتها ودستورها.
وصرح مندوب الصومال في الأمم المتحدة أبو بكر طاهر عثمان في أواخر مارس/آذار الماضي بأن إجراءات الإمارات في “أرض الصومال” انتهاك صارخ للقانون الدولي، ورفضت حكومة الصومال في يناير/كانون الثاني 2017 الاتفاق بين دولة الإمارات وما يعرف بـ”جمهورية أرض الصومال” المعلنة من جانب واحد، بشأن إنشاء القاعدة العسكرية في مدينة بربرة على ساحل خليج عدن.
يمثل هذا القرار الصومالي الجديد ضربة موجعة للإماراتيين ومشروعهم في منطقة القرن الإفريقي
وفي كلمته أمام مجلس الأمن أدان المندوب الصومالي “انتهاكات الإمارات”، قائلًا إن الصومال ستتخذ كل ما يلزم للدفاع عن سيادة البلاد”، داعيًا المنظمة الأممية إلى وقف الانتهاكات، وضمان وقف العمل ببناء القاعدة العسكرية هناك التي تتم دون موافقة الحكومة الفيدرالية.
يعد هذا الاتفاق الذي تصفه الصومال بغير القانوني، استكمالاً لمساعي السلطات الإماراتية في تمديد أذرعها داخل دول القرن الإفريقي، ولا سيما أن سيطرتها على معظم المواقع الحيوية في إريتريا وإقامتها قاعدة عسكرية هناك برضى كامل من سلطات أسمرة، ولّدا لديها شعورًا غير مسبوق بالقدرة الفائقة على التوسع.
يُذكر أن جمهورية الصومال تقدمت في بداية شهر مارس/آذار الحاليّ بشكوى رسمية إلى جامعة الدول العربية ضد الإمارات، بسبب إبرام الأخيرة اتفاقية لاستغلال ميناء بربره الصومالي، واصفة الاتفاقية بأنها “باطلة” وتزامن ذلك مع إصدارها قرارًا يُلغي اتفاقية الشراكة الثلاثية المُبرمة بين موانئ دبي وأرض الصومال “صومالي لاند” والحكومة الإثيوبية في تشغيل الميناء.
ضربة موجعة للإماراتيين
من المنتظر أن يمثّل هذا القرار الصومالي الجديد ضربة موجعة للإماراتيين ومشروعهم في منطقة القرن الإفريقي، خاصة أنه سبق أن أنهت سلطات دولة جيبوتي عقد الامتياز الممنوح لشركة موانئ دبي العالمية الذي يقضي بأن تشغل محطة دوراليه للحاويات في ميناء جيبوتي لمدة خمسين عامًا، لتضع بذلك حدًا للسيطرة الإماراتية على الميناء.
ومنذ سنوات تعمل الإمارات على تمديد نفوذها الإقليمي ومحاولة مزاحمة الكبار في الحضور الإفريقي خاصة في منطقة القرن ذات الأهمية الإستراتيجية المحورية، إذ تطل هذه المنطقة التي تضم كلاً من الصومال وجيبوتي وإثيوبيا وإريتريا على المحيط الهندي من ناحية، وتتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب من ناحية ثانية، وهو ما أهلها لأن تتحكم في طريق التجارة العالمي، خاصة تجارة النفط القادمة من دول الخليج والمتوجهة إلى الغرب، كما أنها تُعد ممرًا مهمًا لأي تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة في اتجاه منطقة الخليج العربي.
منطقة القرن الإفريقي الحيوية
يعتبر مضيق باب المندب، وفقًا لخبراء ملاحيين، أحد أهم نقاط العبور البحري التي تستخدمها حاملات النفط في العالم، حيث يمر به ما يقرب من 4.7 مليون برميل من النفط يوميًا، ويبلغ عرضه 28.9 كيلومتر فقط عند أضيق نقطة منه التي تمتد من رأس سيان في جيبوتي إلى رأس منهالي في اليمن، وقد ازدادت أهميته بوصفه واحدًا من أهم الممرات البحرية في العالم مع ازدياد أهمية نفط الخليج العربي.