أصيب الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر بجلطة دماغية مما اضطر الدائرة الضيقة المحيطة بالجنرال نقله إلى المستشفى العسكري في فرنسا، وهو يتلقى العلاج بشكل سرّي هناك، بحسب ما أوردته صحيفة لوموند الفرنسية.
الجنرال الليبي فرض نفسه بقوة على الساحة السياسية والعسكرية في ليبيا، بدعم من قوى إقليمية ودولية، ممّا ساعده في اقتحام المشهد وأن يكون جزءا رئيسيا من الخريطة السياسية والعسكرية في المنطقة.
ويبرز سؤال رئيسي في الأوساط السياسية والاجتماعية في ليبيا، كيف سيصبح المشهد في شرق ليبيا في حال اختفاء حفتر بشكل نهائي عن الساحة الليبية؟
ويرى مراقبون أن الساحة في المنطقة الشرقية ستشهد انقساما واضحا بين أبناء خليفة وقيادات في عملية الكرامة.
الفيدراليون
ويقول المحلل السياسي فرج دردور لموقع ليبيا الخبر إن التيار الفيدرالي في المنطقة الشرقية سيرتفع صوته من جديد بعد أن قلل حفتر من سطوتهم.
وتوقّع دردور أن تشهد المنطقة نزاعا قبليا، فالشرخ الاجتماعي الذي سببته الكرامة من خلال تقوية قبائل على قبائل أخرى في الشرق، سيسهم في أن تطالب هذه القبائل بما فقدته على أيدي الكرامة، مشيرا إلى أن القبيلة هناك لا تقبل بإسقاط رمزيتها.
حول موقف الدول الداعمة لحفتر، يقول دردور، أن هذه الدول ستنقسم فمثلا فرنسا ترى انه انهى مهمته، ومصر والامارات سوف يحاولون توفير بديل عنه ولكن النزاع في المنطقة الشرقية الذي سيحصل يجعل من الصعب ان يحققوا شيئا
وأوضح المحلل السياسي أن الساحة ستنقسم إلى تيّارين اثنين؛ التيار الفيدرالي الذي يطالب بالانفصال، وآخر مدني يتمسك بوحدة ليبيا ومركزه في بنغازي، مضيفا أن سطوة الفيدراليين ستكون هي الأقوى في البداية.
وتابع دردور أن مجلس النواب لا يستطيع أن يغيّر شيء في المشهد، معتبرا أن مجلس النواب جسم غير موجود ومن يحرك المجلس هو عقيلة صالح والدائرة المحيطة به وهم من الفيدراليين.
ومن جهة أخرى، يرى دردور أن المجلس الرئاسي يستطيع أن يكون فاعلا في الساحة الشرقية من خلال عضو المجلس فتحي المجبري نظرا لخلفيته القبلية.
وحول موقف الدول الداعمة لحفتر، يقول دردور، أن هذه الدول ستنقسم فمثلا فرنسا ترى انه انهى مهمته، ومصر والامارات سوف يحاولون توفير بديل عنه ولكن النزاع في المنطقة الشرقية الذي سيحصل يجعل من الصعب ان يحققوا شيئا.
صراع على النفط
ويتفق موقف دردور مع مدير مركز اسطرلاب للدراسات والبحوث عبدالسلام الراجحي، حيث يرى الراجحي أن بمجرد انتهاء حفتر عن المشهد فإن المنطقة هناك ستدخل في صراع قبلي بين قبائلها، للسيطرة على المنطقة والأهم للسيطرة على الموانئ النفطية.
وقال الراجحي لموقع ليبيا الخبر إن القوات العسكرية في الشرق والتي يرأسها حفتر هي ميلشيات قبلية وغير منظمة، مشيرا إلى أن القوات ستتفكك وتنهار بمجرد خروج حفتر عن المشهد، لأنها قوات غير متجانسة فيما بينها.
بيّن المحلل العسكري عادل عبدالكافي أن القوات الموالية لوكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فرج قعيم وأيضا قوات القيادي في قوّات الصاعقة محمود الورفلي ستظهر على السّاحة الشرقية من جديد
ويتابع الراجحي أن مجلس النواب والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني لن يستطيعا أن يفعلا شيء في الساحة الشرقية.
وأضاف الراجحي أن الدول الداعمة لمشروع حفتر ستبدأ بالبحث عن بديل للجنرال الذي دعمته هذه الدول في محاولة منها لملئ الفراغ الذي سيحدث هناك.
وأشار الراجحي أن التيار المدني في المنطقة هناك لن يستطيع أن يحدث شيء نظرا لضعفه مشيرا إلى أنه لا يملك القوة الكافية للتغيير.
انهيار
وقال المحلل العسكري عادل عبدالكافي، إن عملية الكرامة شهدت انشقاقات وخلافات ظهرت على السطح أثناء وجود حفتر في قيادة العملية، مشيرا إلى أنه بمجرد اختفاء حفتر عن المشهد ستنهار قواته تماما.
عبدالكافي أوضح في حديثه لموقع ليبيا الخبر أن هناك شخصيات في عملية الكرامة وجودها مرتبط بوجود خليفة حفتر في المشهد وأنها صنعت مجد لنفسها من خلال حفتر معتبرا أن هذه الشخصيات لا وجود فعلي لها في المنطقة.
وبيّن المحلل العسكري أن القوات الموالية لوكيل وزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني فرج قعيم وأيضا قوات القيادي في قوّات الصاعقة محمود الورفلي ستظهر على السّاحة الشرقية من جديد، ولا يمكن التنبؤ بالدور الذي ستلعبه هذه القوات.
حفتر أظهر تناقضا واضحا في حياته السياسية والعسكرية، كان يتحدث عن الديمقراطية واحترام الأراء المختلفة، ليكون أول عسكري ينقلب على المسار الديمقراطي الذي انتهجه الليبيون بعد ثورة فبراير
ويرى عبدالكافي أن فرنسا والإمارات ومصر ستحاول لفترة طويلة بالتكتم على الوضع الصحي لخليفة حفتر إلى حين البحث عن الخطة البديلة، موضحا أن فرنسا وحلفائها على الساحة الليبية مدركون تماما أن قوات التابعة لحفتر غير متجانسة وأنها ستدخل في نزاع عسكري بينهم بمجرد انتهاء خليفة حفتر من المشهد السياسي والعسكري.
بدورها أشارت صحيفة الغارديان البريطانية، إأنه رحيل خليفة حفتر الذي يحظى بدعم إماراتي مصري عن الحياة العامّة، من شأنه أن يؤزم الوضع السياسي الليبي ويزيد من الفوضى.
خليفة حفتر، هذا الجنرال الذي أثار جدلا واضحا، شارك في الانقلاب الذي أطاح بالملك إدريس السنوسي في سبتمبر 1969، فتولى بعد ذلك مهام متعددة في القوات المسلحة الليبية، وقاد القوات البرية الليبية تحت مظلة القذافي، وترأس حرب الرمال المتحركة بين وتشاد في ثمانينيات القرن العشرين فأُسِرَ مع مئات من الجنود الليبيين عام 1987، ثم انقلب على القذافي لينضم للمعارضة الليبية آنذاك.
حفتر أظهر تناقضا واضحا في حياته السياسية والعسكرية، كان يتحدث عن الديمقراطية واحترام الأراء المختلفة، ليكون أول عسكري ينقلب على المسار الديمقراطي الذي انتهجه الليبيون بعد ثورة فبراير، جمّد الإعلان الدستور وأسقط المؤتمر الوطني العام أول سلطة مدنية منتخبة من الشعب.
المصدر: ليبيا الخبر