ظهرت مؤخرا على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات شبيهة تمسّ أكثر درجات الأمن القومي حساسية، وكانت كلها ترفع من قبل حساب مجهول.
كان التسريب الأخير لاجتماع ضم رئيس (مستشار) المخابرات التركية هاكان فيدان ووزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو ومستشار وزير الداخلية فريدون سينيرلي أوغلو والرئيس الثاني للأركان يشار غولير. وكان الاجتماع لبحث التدخل العسكري في سوريا على خلفية تهديد “تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)” بالهجوم على مقام سليمان شاه شمال سوريا الذي هو تحت حماية الجيش التركي حتى الآن.
قال فيدان في التسريب إن “سليمان شاه مهما يكن مقامه كبير عندنا لكنه ميت والأحياء أهم من الأموات”، ورأى أنه كان من الأولى خوض الحرب في وقت سابق لحماية الشعب التركي المهدد بالقتل يوميا والدفاع عن الأراضي التركية التي تعرضت للاختراق من قبل قوات الأسد جويا أكثر من مرة، كما تورط “الأسد في تفجيرات في المعابر التي أودت بحياة الكثير من الأتراك”.
وفي التسجيل رأى وزير الخارجية أحمد داود أوغلو – ذو الخلفية الأكاديمية – أن الحرب لا يجب أن تشن إلا إذا كان لها مبررات تتسق مع القانون الدولي. إلا أن فيدان قال إنه من الممكن خلق ذلك المبرر وفق القانون الدولي بتنفيذ عملية إطلاق صواريخ من سوريا على أرض فارغة في تركيا.
تأتي خطورة هذا التسريب في تضمنه تسجيلا لاجتماع بالغ السرية لبحث مسألة تمس الأمن القومي التركي، مما يطرح تساؤلا حول المنظومة الأمنية المحيطة بكبار مسؤولي الدولة التركية، ويفتح المجال أمام احتمالات تورط أجهزة أو مجموعات تمتلك تقنيات عالية المستوى.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان لها إن التسريب “هجوم رديء” على الأمن القومي، مضيفة أن التسجيل كان “متلاعبا به بشكل جزئي”.
وصرح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو منذ دقائق بأن هذه التسريبات تساوي اختراق الطائرات السورية للأراضي التركية، وأن الحكومة ستلاحق المتورطين في هذا الاختراق وسيعاقبون أشد العقاب، مُقِرّا منه بصحة محتوى التسجيل.
توجد بين الحكومة التركية وموقع يوتيوب – كما بين الموقع ومعظم الدول – اتفاقية يلتزم الموقع بموجبها بعدم نشر مواد تمس الأمن القومي التركي أو مواد “خلاعية”، كما تلزم الموقع بمنع التعليق أو الإعجاب عن بعض مقاطع الفيديو. إلا أن الموقع لم يلتزم مؤخرا بهذه الاتفاقية مرارا بنشره تسجيلات تدرجت من حديث رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مع مسؤولين في حملته الانتخابية إلى تسريبات تخص الأمن القومي التركي.
وقد أصدرت “هيئة الاتصالات التركية TiB” قرارا بحجب موقع يوتيوب لعدم التزامه بالاتفاقية الموقعة بينه وبين الحكومة. كما كانت قد أصدرت قرارا بحجب موقع تويتر للسبب نفسه. لكن موقع يوتيوب بعكس تويتر سرعان ما تواصل مع هيئة الاتصالات لحل الإشكال الحاصل في خطوة إيجابية تشكل إقرارا من يوتيوب بوجود إشكال يستوجب الحل، فيما لم يتفاعل موقع تويتر مع قرار الحجب إلا بعد تواصل الهيئة.
ولموقع يوتيوب ممثل في تركيا هو نفسه ممثل شركة جوجل، ومن المتوقع عقد اجتماع بين هيئة الاتصالات التركية TiB وموقع يوتيوب. وكان موقع تويتر قد عين المحامي Gönenç Gürkaynak جونينتش جوركايناك ممثلا له، إلا أن جوركايناك ممثل غير مفوض فهو وسيط بين الهيئة وموقع تويتر، ولم يسجل أي تقدم في القضية حتى الآن.
من الجدير بالذكر أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يعاني بُحَّةً في صوته. ويقول مصدر في حزب العدالة والتنمية إن الطبيب منع أردوغان من إلقاء خطاب لأنه قد يفقد صوته، إلا أن أردوغان أصر أن يلقي خطابا في المجمع الانتخابي في مدينة “وان van”.
كما رفضت محكمة الصلح الخامسة في إسطنبول الطعن الذي قدمه محامي شركة تويتر في قرار الحجب الاحترازي في تركيا. وفيما نقلت وكالة الأناضول عن محامي مرشح حزب العدالة والتنمية التركية لرئاسة بلدية إزمير بنالي يلدرم أن “تويتر لم يغلق الحساب الذي ينشر الإساءات”، يرى مراقبون أن من المتوقع رفع الحجب عن تويتر بعد انتهاء انتخابات البلديات التي تشهدها البلاد هذه الأيام.