ترجمة وتحرير: نون بوست
يوم الإثنين، أعلن الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب اختياره السيناتور عن ولاية أوهايو جي دي فانس ليكون نائبه، وهو مرشّح يمكنه أن يحفّز القاعدة الجمهورية ومؤيدي سياسة “أمريكا أولًا” الخارجية بالإضافة إلى الناخبين المؤيدين لإسرائيل. وقد أعلن ترامب عن اسم نائبه في منشور على موقع “تروث سوشيال” خلال اليوم الأول من المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري في ميلووكي، بعد يومين فقط من نجاته من محاولة اغتيال في تجمّع حاشد في بنسلفانيا.
نجح فانس (39 عامًا) في الترشح لمجلس الشيوخ في سنة 2022 وتولى منصبه في كانون الثاني/ يناير من سنة 2023. وهو عضو في اللجان المتعلقة بالبنوك والتجارة والاقتصاد والشيخوخة. وكان هذا السيناتور سابقًا رجل أعمال رأسمالي مغامر في مجال التكنولوجيا ومحامي شركات. وقد سطع نجمه من خلال مذكراته التي صدرت سنة 2016 بعنوان “هيلبيلي إليجي” حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية في منطقة أبالاتشيا – مسقط رأسه. خدم فانس في سلاح مشاة البحرية الأمريكية لمدة أربع سنوات ابتداءً من سنة 2003. وشملت فترة خدمته في الجيش العمل في الشؤون العامة في العراق بعد الغزو الأمريكي في تلك السنة.
“أمريكا أولاً”
على عكس الأصوات الأكثر تشددًا وجناح المحافظين الجدد في الحزب الجمهوري، انتقد فانس المساعدات الخارجية والعمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. وفي خطاب ألقاه في أيار/ مايو في معهد كوينسي، شكّك فانس في جدوى المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا. وقال في الخطاب: “أنا بالتأكيد معجب بالأوكرانيين الذين يقاتلون ضد روسيا، لكنني لا أعتقد أنه من مصلحة أمريكا الاستمرار في تمويل حرب لا تنتهي فعليًا في أوكرانيا”. وانتقد فانس قرارات السياسة الخارجية الأمريكية خلال خطاب معهد كوينسي قائلاً إن الولايات المتحدة “خلقت وكيلاً لإيران في الشرق الأوسط” من خلال غزو العراق سنة 2003، من بين أمثلة أخرى.
وبعد أن وافق مجلس الشيوخ على تقديم مساعدات عسكرية جديدة بقيمة 61 مليار دولار لأوكرانيا في أواخر نيسان/ أبريل، وبّخ فانس زملاءه مستندًا إلى تجربته في العراق. وقال فانس في قاعة مجلس الشيوخ: “لقد خدمت بلدي بشرف، ورأيت عندما ذهبت إلى العراق أنه تم الكذب علي”، مضيفًا أن “وعود مؤسسة السياسة الخارجية لهذا البلد كانت مزحةً”.
وفي خطاب مجلس الشيوخ نفسه، عزا فانس نزوح المسيحيين من العراق إلى الغزو الأمريكي. وقال: “في العراق، قبل غزونا، كان هناك 1.5 مليون مسيحي في العراق، والكثير منهم من الطوائف القديمة، الكلدانيون – وهم أناس يرجع نسبهم وأجدادهم إلى أشخاص عرفوا رسل يسوع المسيح حرفيًا. والآن، اختفت كل تلك المجتمعات المسيحية التاريخية تقريبًا. وهذه هي ثمرة العمل الأمريكي في العراق: حليف إقليمي لإيران والقضاء على إحدى أقدم الطوائف المسيحية في العالم وإبادتها”.
كان تعداد الطائفة الكلدانية الكاثوليكية وغيرها من الطوائف المسيحية الأخرى في العراق حوالي 1.5 مليون نسمة قبل حرب سنة 2003، لكن عددهم تضاءل منذ ذلك الحين إلى حوالي 150 ألف نسمة. وواجه المسيحيون العراقيون عنفًا كبيرًا منذ الحرب، بما في ذلك من تنظيم الدولة في سنة 2014. وفي مقال نُشر في نيسان/ أبريل، وصفت مجلة بوليتيكو فانس بأنه يتمتع برؤية عالمية لـ “أمريكا أولاً” في إشارة إلى الشعار الذي أعاد ترامب تعميمه خلال حملته الرئاسية لسنة 2016.
مؤيّد لإسرائيل
لا تشمل انتقادات فانس للسياسة الأمريكية التشكيك في الدعم الأمريكي لإسرائيل. وفي خطاب معهد كوينسي الذي ألقاه في معهد كوينسي، أوضح أن إسرائيل تختلف عن أوكرانيا من حيث المساعدات الأمريكية. وقال في المعهد: “من الغريب نوعًا ما أن تفترض هذه المدينة أن إسرائيل وأوكرانيا متشابهتان تمامًا. إنهما ليستا كذلك بالطبع، وأعتقد أنه من المهم تحليلها في مجموعات منفصلة”، مضيفًا أن السياسيين بحاجة إلى توضيح أفضل يبيّن كيف أن دعم إسرائيل يصب في “مصلحة أمريكا”.
وقال فانس إن إسرائيل “واحدة من أكثر الدول ديناميكية وتقدمًا تكنولوجيًا في العالم”. وأشاد بتطوير إسرائيل لنظام الدفاع الجوي الإسرائيلي “الشعاع الحديدي”، قائلًا: “الإسرائيليون يقومون بأهم عمل لإعطائنا التكافؤ في الدفاع الصاروخي”. وأشار فانس إلى الدين كسبب لتأييد العديد من الأمريكيين لإسرائيل، قائلاً إن الولايات المتحدة “لا تزال أكبر دولة ذات أغلبية مسيحية في العالم” مشيرًا إلى الاعتقاد المسيحي بأن يسوع المسيح عاش ومات وبُعث في إسرائيل والضفة الغربية في العصر الحديث. وأضاف أن “فكرة وجود سياسة خارجية أمريكية لا تهتم كثيرًا بتلك الشريحة من العالم هي فكرة منافية للعقل بسبب ماهية الأمريكيين”.
ووصف موقع “جويش إنسايدر” فانس بأنه يضع “نظرة مؤيدة لإسرائيل على حساب نظرة أمريكا أولًا للعالم” من خلال هذا الخطاب. وفي مقابلة مع شبكة “سي إن إن” في الشهر نفسه، أعرب فانس عن دعمه لاستمرار إسرائيل في حرب غزة، ورفض الضغوط الأمريكية على البلاد وألقى باللوم على حماس في سقوط ضحايا فلسطينيين.
وذكر أن “حماس بدأت الحرب، والآن يختبئون وراء المدنيين الفلسطينيين، لذلك إذا أردنا أن نتعلم من دروس السنوات الأربعين الماضية فإن أهم شيء هو أن علينا هزيمة حماس كمنظمة عسكرية قابلة للحياة. لن تتمكن أبدًا من هزيمة أيديولوجية حماس، ولكن يمكنك استئصال هؤلاء القادة، وتلك الكتائب التي تم تدريبها عسكريًا بشكل نهائي، وأعتقد أنه يجب تمكين الإسرائيليين من القيام بذلك”.
لقد تزايدت انتقادات إدارة بايدن لسلوك إسرائيل في الحرب، لكنها حافظت حتى الآن على الدعم العسكري الأمريكي لها. ووفقًا لفانس فإن الولايات المتحدة لم تُبل بلاءً حسنًا في “الإدارة التفصيلية” للحروب في المنطقة ويجب أن تترك إسرائيل تقرر كيفية إدارة الحرب بنفسها. وقال: “أعتقد أن موقفنا تجاه الإسرائيليين يجب أن يكون كما يلي: نحن لسنا جيدين في الإدارة الدقيقة لحروب الشرق الأوسط فالإسرائيليون هم حلفاؤنا، فليخوضوا هذه الحرب بالطريقة التي يرونها مناسبة”.
دعا فانس إلى “شرق أوسط جديد” في المقابلة التي أجرتها معه شبكة سي إن إن، في إشارة إلى الجهود الأمريكية للتوصل إلى اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية. وقال: “يجب أن يكون هدفنا في الشرق الأوسط السماح للإسرائيليين بالوصول إلى مكان جيد مع السعوديين ودول الخليج العربية الأخرى. ولا توجد طريقة يمكننا من خلالها القيام بذلك ما لم ينهِ الإسرائيليون المهمة مع حماس”.
الصراع مع إيران
في أعقاب الهجوم الإيراني على إسرائيل في نيسان/ أبريل، حذّر فانس من أن هناك “خوفًا حقيقيًا من التصعيد” في المنطقة وأن على الولايات المتحدة العمل على احتواء الصراع. وقال في مقابلة أخرى مع شبكة “سي إن إن”: “أعتقد أن أهم شيء بالنسبة للولايات المتحدة هنا هو أولاً منع تحول هذا الصراع إلى صراع إقليمي أوسع، لأننا بالفعل مشغولون للغاية؛ وثانيًا، دعم حلفائنا الإسرائيليين”. وذكر فانس أن الخوف من التصعيد موجود لأن “العالم يرى الولايات المتحدة مستنزفة للغاية”، ودعا الولايات المتحدة إلى “إعادة تأسيس قوة الردع”، بما في ذلك إعادة بناء القدرات التصنيعية.
المصدر: المونيتور