ترجمة وتحرير: نون بوست
خلال الأسبوع الماضي، توجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى هوليوود برفقة وفد كبير إلى حد تطلب حجز فندق “بيفرلي هيلز فور سيزنس” بالكامل، في إطار جولته الملكية في الولاية المتحدة الأمريكية. وقد تضمن جدول أعمال بن سلمان سهرة جمعت العديد من نجوم عالم الإعلام والترفيه، نظمها رجل الأعمال روبرت مردوخ في الثاني من نيسان/ أبريل. وقد حضر هذه الحفلة أبرز رؤساء الاستوديوهات العالمية، على غرار بوب إيغر وجيف شيل وكيفين تسوجيهارا وستايسي سنايدر.
إلى جانب ذلك، تضمنت جولة ولي العهد السعودي، البالغ من العمر 32 سنة، زيارة منظمة “إنديفور” غير الربحية، حيث يتطلع صندوق الاستثمار السيادي السعودي الذي يديره ولي العهد، البالغة قيمته 230 مليار دولارا، إلى شراء حصة من هذه المنظمة بقيمة 400 مليون دولار.
على الرغم من أن أهم التصريحات التي تم الإدلاء بها، اقتصرت على توقيع المملكة العربية السعودية لاتفاقية للمرة الأولى مع شركة الترفيه الكندية “سيرك دو سوليه”، إلا أن زيارة الأمير لهوليوود قد تزامنت مع الأخبار التاريخية حول حصول شركة “أي إم سي” للترفيه على أول رخصة لافتتاح قاعات سينما في المملكة. وفي هذا الإطار، تخطط الشركة لافتتاح أول قاعات عرض تابعة لها يوم 18 نيسان/ أبريل، ضمن قرار يكسر الحظر المفروض على دور السينما منذ 35 سنة الذي ألغي في كانون الأول/ ديسمبر.
من المقرر أن يكون للإصلاحات الثقافية التي تشهدها المملكة العربية السعودية تأثير كبير على دولة متعطشة للسينما، يبلغ تعداد سكانها 32.3 مليون نسمة، 70 بالمائة منهم دون سن الثلاثين، مما يتيح فرصا كبيرة في هذه الصناعة حتى في الوقت الذي تواجه فيه البلاد انتقادات بشأن ممارساتها في مجال حقوق الإنسان. وفيما يلي، تقرير هوليوود ريبورتر عن انفتاح ما يمكن اعتباره آخر سوق غير مستغلة.
اقترح المحللون أن مبيعات التذاكر قد تصل إلى مليار دولار في السوق السعودية غير المستغلة، مما يجعلها في المرتبة العاشرة على الصعيد العالمي
ستحتل هوليوود مكانة بارزة
من المؤكد أن حقيقة كسر فيلم “النمر الأسود” للحظر المفروض على السينما في المملكة، طيلة 35 سنة، يعتبر خطوة تاريخية وعلامة مؤكدة على أن هوليوود ستلعب دورا مهما في مستقبل الأفلام السعودية. لكن، من المحتمل أن يكون هناك نقص في عدد العروض في المملكة في السنوات القليلة الأولى، بسبب تسابق الموزعين لتلبية الطلبات المتزايدة. ويتوقع أحد الموزعين الإقليميين أنه من المرجح أن “يمنحوا مساحة للعناوين التي حققت نجاحات ضخمة”.
حيال هذا الشأن، اقترح المحللون أن مبيعات التذاكر قد تصل إلى مليار دولار في السوق السعودية غير المستغلة، مما يجعلها في المرتبة العاشرة على الصعيد العالمي. ومن المتوقع أن تهيمن عليها تذاكر الاستوديوهات الأمريكية شأنها شأن شبابيك التذاكر الإقليمية الأخرى.
بوليوود يمكن أن تلعب دورا
من المتوقع أن لا تكون هوليوود الوحيدة التي ستجني ثمار إنتاجها من الأفلام التي ستعرض في قاعات السينما السعودية. ففي الواقع، يمثل الهنود 13 بالمائة من إجمالي سكان المملكة، أي ما يعادل 4.1 مليون نسمة، وهذا يجعلهم من أكبر الجماعات المغتربة بفارق ضئيل عن دولة الإمارات العربية المتحدة المجاورة، حيث يهيمن الهنود أيضا بنسبة 27 بالمائة، وهذا ما يفسر تنامي قوة بوليوود.
خلال السنة الماضية، كانت الأفلام الهندية تستحوذ على القمة في شباك التذاكر في دولة الإمارات العربية المتحدة لمدة ثمانية أسابيع، بفيلم الإثارة والخيال “باهوبالي 2: ذا كونكولوجن”، الذي أزاح فيلم حراس المجرة 2 من الصدارة بعد أسبوعه الثاني من الدخول في السباق.
استطاعت مجموعة “داليان واندا” الصينية استعادة قوتها، بعد تلقيها مؤخرا خطة إنقاذ تقدر بمليارات الدولارات من قبل شركتي التكنولوجيا “تينسنت” و”علي بابا”، بفضل سلسلة مسارح “أي إم سي” التابعة لها في المملكة
في هذا السياق، قال الشريك في شركة “ديلويت”، جيهيل ثاكار، إن “هناك أيضا عددا كبيرا من المغتربين داخل المملكة من دول آسيا الجنوبية مثل بنغلاديش وسريلانكا وباكستان، الذين يمثلون جمهورا مستهدفا”. كما أشار ثاكار إلى تمتع بوليوود “بآفاق واسعة”، مبينا أن السعودية “تجمع أيضا سكانا من دول أخرى، مثل مصر، حيث تحظى بوليوود بمتابعة كبيرة”.
خطوة في غاية الأهمية بالنسبة لمجموعة واندا
استطاعت مجموعة “داليان واندا” الصينية استعادة قوتها، بعد تلقيها مؤخرا خطة إنقاذ تقدر بمليارات الدولارات من قبل شركتي التكنولوجيا “تينسنت” و”علي بابا”، بفضل سلسلة مسارح “أي إم سي” التابعة لها في المملكة. وقد كانت من أولى الجهات العارضة التي أعربت عن نيتها البحث عن فرص في المملكة، وقد آتت هذه الخطوة الاستباقية ثمارها، إذ أنه من المقرر افتتاح أول سينما في البلاد يوم 18 نيسان/ أبريل.
في هذا الصدد، صرح المدير التنفيذي للشركة، آدم آرون، أنه يأمل في أن تحظى شركة “أي إم سي” بحصة من السوق تقارب 50 بالمائة خاصة وأن الشركة تعمل على مشروع للوصول إلى مائة قاعة عرض أخرى. وأضاف آرون “لن تجد اليوم سوقا غير مستهلكة للأفلام يمكن أن يكون حجم الأرباح فيها مليار دولار في غضون خمس سنوات أو ما شابه؟” لذلك “أعتقد أننا سنبيع الكثير من التذاكر”.
العديد من الشركات العالمية بصدد الانخراط
حتى لو حققت شركة “أي إم سي” هدفها المتمثل في الحصول على نصف سوق السينما السعودية، الذي تبلغ قيمته مليار دولار، فإنه لا يزال هناك الكثير من الفرص المتاحة. لقد علم “هوليوود ريبورتر” أن سلسلة “فوكس” الإقليمية، التي تنشط في الإمارات العربية المتحدة ولبنان ومصر وسلطنة عمان، سوف تسير على خطى شبكة “أي إم سي” العملاقة، وستقوم بفتح أول مركز لها في موفى نيسان/ أبريل.
في حين أن صناعة السينما الناشئة في المملكة يجب أن تكون المستفيد الرئيسي من الإصلاحات الثقافية في البلاد، إلا أن صانعي الأفلام لا يزالون حذرين
في حين أن شركة فوكس لم تؤكد هذا الخبر، أشارت مجموعة ماجد الفطيم القابضة المتعاقدة معها، التي تملك بالفعل أكثر من 3.7 مليار دولار مستثمرة في مشاريع التجزئة والترفيه في المملكة، إلى أنها ستحظى “بدور نشط” في ثورة السينما.
في سياق متصل، قالت شركة “فيو إنترناشيونال الأوروبية للتوزيع”، التي تتخذ من لندن مقرا لها أنها تخطط لبناء 30 مركبا لقاعات السينما، في حين تتطلع مجموعة “سيني سبيس” الخليجية إلى إنشاء 27 قاعة عرض في ثلاثة مواقع بحلول نهاية سنة 2018. كما تستعد سلسلة “أي بيك” الفاخرة للوصول إلى السعودية والاستفادة من طلب العروض ذات المستوى العالي في المنطقة.
يمكن أن يحصل صانعو الأفلام المحليين على فرصة
في حين أن صناعة السينما الناشئة في المملكة يجب أن تكون المستفيد الرئيسي من الإصلاحات الثقافية في البلاد، إلا أن صانعي الأفلام لا يزالون حذرين. أورد محمود الصباغ، الذي عرض فيلمه الدرامي الكوميدي “بركة يلتقي البركة” في برلين سنة 2016، إن الإعلانات حول دور السينما القادمة “أهملت” الإنتاج المحلي حتى الآن. ويأمل الصباغ أن تتبع البلاد خطى فرنسا في التسعينيات من خلال تخصيص “نسبة من الأفلام المحلية، أو ضريبة على جميع الأفلام الأجنبية”، التي يجب أن توجه إلى الإنتاج المحلي.
لكن التأسيس الأخير لمجلس السينما السعودي، الذي يتضمن صندوقا لصانعي الأفلام السعوديين، فضلا عن تعيين المخرجة المحلية الشهيرة هيفاء المنصور في مجلس إدارة الهيئة العامة للثقافة، يعتبر علامة إيجابية بشكل كبير.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الممكن أن يؤدي هذا إلى التأثير على مكانة دبي كمركز صناعة إقليمي بفضل مهرجانها السينمائي الراسخ
هل يمكن أن تفقد دبي مكانتها
بفضل وفرة دور العرض العصرية، أصبحت مدينة دبي وجهة رئيسية للسعوديين المتعطشين للأفلام. فقد صرح أحد السياسيين أن مئات الآلاف يتوجهون إليها كل سنة لمشاهدة الأفلام. لكن، من شأن هذا النوع من السياحة أن يشهد تراجعا في النهاية بعد أن تتسنى الفرصة للسعوديين للتوجه إلى دور سينما بالقرب من ديارهم.
وتجدر الإشارة إلى أنه من الممكن أن يؤدي هذا إلى التأثير على مكانة دبي كمركز صناعة إقليمي بفضل مهرجانها السينمائي الراسخ. في هذا الصدد، أفاد علاء قرقوطي من مركز السينما العربية “إذا أطلقت المملكة العربية السعودية مهرجانا سينمائيا أو أنشأت صندوقا، فسيؤثر ذلك بالطبع على دبي”.
في المقابل، أشاد السيد قرقوطي بمجهودات الجهات المسؤولة على الصناعة في دبي التي تحظى باحترام كبير، وتحاول التركيز على الصناعة، مشيرا إلى القضايا غير المؤكدة المتعلقة بالرقابة في المملكة العربية السعودية. كما أضاف قائلا “يمكن أن تحظى السوق في العالم العربي بمساحة لمزيد من المهرجانات”.
المصدر: هوليوود ريبورتر