وصف الصورة: نائب الرئيس الأمريكي جون بايدن في استقبال الأمير مقرن بن عبد العزيز في أبريل 2010
أصدر العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز البارحة الخميس أمراً ملكيا بتعيين الأمير مقرن بن عبد العزيز، وليا لولي العهد الحالي الأمير سلمان، على أن “يبايع ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد ، ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد”، ليصبح بذلك الأمير مقرن – وهو أصغر أبناء مؤسس الدولة السعودية – ممهداً نحو عرش المملكة بحسب متابعين للشأن السعودي.
الأمير مقرن وهو من الجيل الثالث في العمر هو أصغر إخوة الملك عبد الله، وشغل في السابق منصب رئيس المخابرات، ويشغل حاليا منصب النائب الثاني لرئيس الوزراء، وهو منصب جرت العادة بشكل غير رسمي في السعودية على اعتبار من يشغله المرشح التالي للصعود إلى موقع ولاية العهد.
وفي السعودية، تعتبر هذه المرة الأولى التي يتم فيها تعيين ولياً لولي العهد، وهو ما يزيد التفسيرات الرامية إلى تمهيد الطريق للأمير مقرن نحو العرش السعودي في ظل كبر السن والظروف الصحية للعاهل السعودي -90 عاما- وولي عهده – 78 عاما-.
وكان هيئة البيعة قد بايعت الأمير مقرن بأغلبية تجاوزت ثلاثة أرباع عددها، حيث جاء في الفقرة الثانية من نص الأمر الملكي : “يُبايع صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود ولي ولي العهد ، ولياً للعهد في حال خلو ولاية العهد، ويبايع ملكاً للبلاد في حال خلو منصبي الملك وولي العهد في وقت واحد. ويقتصر منصب ولي ولي العهد في البيعة على الحالتين المنوه عنهما في هذا البند”، مؤكداً البيان على أن القرار “يكون نافذاً اعتباراً من صدور هذا الأمر، ولا يجوز بأي حال من الأحوال تعديله، أو تبديله، بأي صورة كانت من أي شخص كائناً من كان، أو تسبيب، أو تأويل”.
وهيئة البيعة تضم 34 أميرا من أبناء وأحفاد الملك عبد العزيز على رأسهم الأمير مشعل بن بن عبد العزيز الأخ غير الشقيق للملك عبد الله، مهمتهم تأمين انتقال الحكم ضمن عائلة آل سعود لا سيما عبر المشاركة في اختيار ولي العهد. والهيئة مكونة من أبناء الملك المؤسس، وينوب عن المتوفين والمرضى والعاجزين منهم، أحد أبنائهم، ويضاف إليهم اثنان من أبناء كل من أبناء الملك المؤسس يعينهما الملك وولي العهد.
والأمير مقرن الأمير من مواليد عام 1945، وهو الابن الخامس والثلاثون من الأبناء الذكور لمؤسس الدولة السعودية الثالثة الملك عبدالعزيز، وتقلد العديد من المناصب، حيث شغل منصب رئيس الاستخبارات العامة في 22 أكتوب 2005. وظل يتولى هذا المنصب حتى 19 يوليو 2012. كما سبق له أن عين أميراً لمنطقة حائل في 18 مارس 1980، وظل بهذا المنصب حتى 29 نوفمبر 1999، ثم عُين أميراً لمنطقة المدينة المنورة وظل في هذا المنصب حتى أكتوبر / تشرين الأول 2005، حتى شغل آخر مناصبه كمستشار ومبعوث خاص للملك عبدالله بن عبدالعزيز ونائباً لرئيس الوزراء.
وكان شغله لمنصب رئيس المخابرات في الفترة بين عامي 2005 و2012 يعني الكثير، حيث امتلأت هذه الفترة بتحديات عندما أخمدت المملكة هجمات مسلحة للقاعدة وسعت إلى درء خطر عدم الاستقرار من العراق المجاور حيث كانت العديد من الكتائب الشعبية والإسلامية تحارب الاحتلال الأمريكي هناك.
وكان تلقى تعليمه الأولي في معهد العاصمة النموذجي، وبعد تخرجه عام 1964 التحق بالقوات الجوية الملكية السعودية، وأكمل دراسته في علوم الطيران في المملكة المتحدة، وتخرج منها عام 1968. وظل يعمل في القوات الجوية الملكية السعودية حتى عام 1980.
ويعد الأمير مقرن متشدداً إزاء إيران الشيعة وهو أمر ليس مفاجئا لأحد أفراد الأسرة السعودية الحاكمة التي ترى أنها منخرطة في صراع إقليمي مع طهران من أجل النفوذ في الشرق الأوسط.
أما عن حضور الأمير مقرن في وثائق ويكيليكس في عام 2008، فقد قالت برقية دبلوماسية للسفارة الأمريكية في الرياض أنه مؤيد لفرض عقوبات أشد بكثير على إيران. ونقل دبلوماسيون عنه في برقية أخرى في العام التالي قوله أن الهلال الشيعي “في طريقه إلى أن يصبح بدرا كاملا”.
وقالت برقية دبلوماسية أمريكية أخرى تعود لعام 2009 نشرها موقع ويكيليكس أن الأمير مقرن يحظى بثقة الملك عبد الله الذي كلفه بقيادة الجهود السعودية لحل الصراعات في أفغانستان وباكستان وأرسله لبناء علاقات مع سوريا.
وافترض المحللون لسنوات كثيرة أن الأمير مقرن مستبعد من سدة الحكم في المملكة لأن والدته يمنية وليس ابنا لأم تنتمي لإحدى العائلات القوية في منطقة نجد حيث تقع العاصمة الرياض، ثم أصبحت الكفة تميل إليه وإلى شقيقه الأصغر الأمير أحمد وزير الداخلية السابق، حتى رجحت إليه.
وتعزز هذا الانطباع – استبعاده- في صيف عام 2012 عندما عين ابن أخيه الأمير بندر بن سلطان رئيسا للمخابرات بدلا منه وهو أيضا ممن يتبنون موقفا متشددا وله علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة.
لكن دبلوماسيين قالوا إنه استمر في حضور اجتماعات رفيعة المستوى بين الملك عبد الله وكبار الزعماء الأجانب الذين يزورون المملكة مما يشير إلى أنه أحد أفراد الحلقة الداخلية الضيقة في الأسرة السعودية الحاكمة التي تحدد السياسة الخارجية.
وأشارت برقية أمريكية في عام 2009 إلى أن الأمير مقرن منخرط بشدة على ما يبدو في التعاملات السعودية مع اليمن وأن “من المرجح لديه اعتبارات شخصية ومهنية لعمل ذلك” في إشارة لأصول والدته.
ونقلت رويترز عن دبلوماسيين أن الأمير مقرن دمث الأخلاق، وهو صديق مقرب لابن أخيه الأمير بندر بن سلطان رئيس المخابرات الحالي الذي خدم معه في الجيش. كما نقلت عن بعض المقربين من الأسرة السعودية أن الأمير مقرن هو الذي أعاد الأمير بندر للمواقع العليا في الحكومة بعد أن اختفى لسنوات من الحياة العامة.
وحسب رويترز كذلك، يقول سعوديون أن الأمير مقرن موسيقي مدرب يعزف على العود ولديه اهتمام بالفلك. كما أنه يتحدث عدة لغات وذو عقلية منفتحة.