في الوقت الذي كثف فيه المغرب من تحركاته الدبلوماسية بخصوص قضيته الأولى “قضية الصحراء الغربية”، تحدثت مواقع إعلامية محلية قريبة من مصادر الحكم عن عزم المملكة سحب قواتها الجوية المشاركة في الحرب على اليمن واستعادة سرب الطائرات المشارك في التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية منذ أكثر من ثلاث سنوات.
بدأ الانسحاب؟
موقع “الأيام 24” المغربي، نقل عن مصادر وصفها بـ”المطلعة” قولها إن الجيش المغربي قرر استعادة سرب طائراته المشاركة في إطار التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويشن حربًا ضد جماعة “أنصار الله الحوثي” في اليمن منذ 2015، لدعم استعادة الحكومة الشرعية السيطرة على البلاد.
وكان المغرب قد أعلن مبكرًا مشاركته في “عاصفة الحزم” باليمن، منذ انطلاقها في شهر مارس/آذار 2015، خلافًا لكل دول المغرب العربي الأُخرى، مُبديًا وقوفه الكامل مع المملكة العربية السعودية في حربها ضد الحوثيين وإعادة شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي.
خلال هذه المشاركة، أسقط الحوثيون طائرة مقاتلة مغربية من نوع “F16“
تشارك المملكة في التحالف العربي بقوات جوية وبرية، تشمل سربًا من ست طائرات “F16” الأمريكية الصنع (نفس المقاتلات المغربية التي تشارك بالحرب الدولية على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في العراق وسوريا)، و1500 جندي من القوات الخاصة التابعة للدرك الحربي، وتعمل هذه القوات تحت قيادة الإمارات العربية المتحدة.
يقول المغرب إن مشاركة قواته في هذا التحالف العسكري جاءت “استجابة لطلب الرئيس الشرعي للجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي ومن منطلق دعم الشرعية في اليمن والتضامن مع مناصريه والالتزام الموصول بالدفاع عن أمن المملكة العربية السعودية والحرم الشريف وبقية دول مجلس التعاون الخليجي الذي تجمعه بالمملكة المغربية شراكة إستراتيجية متعددة الأبعاد”.
وخلال هذه المشاركة، أسقط الحوثيون طائرة مقاتلة مغربية من نوع “F16“، توفي على إثرها الربان فورًا، كما قتل بعض الجنود المغاربة المشاركين في هذه الحرب، وفقًا لما أكدته تقارير إعلامية مغربية وأخرى عالمية.
تزايد التوترات بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو
الحديث عن سحب المغرب لقواته العسكرية المشاركة في الحرب في اليمن، تزامن مع تزايد التوترات بين المملكة المغربية وجبهة البوليساريو، خاصة بعد اتهام الرباط للجبهة بانتهاك الاتفاق العسكري لعام 1991 الذي أقام منطقة عازلة، وبنقل مراكز عسكرية من مخيمات تندوف في الجزائر إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي (منطقة عازلة) للصحراء، واعتبر ذلك عملًا مؤديًا للحرب وخرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار يستهدف تغيير المعطيات والوضع القانوني والتاريخي على الأرض.
تحركات عسكرية مغربية تجاه الصحراء
تقول مصادر مغربية إن استدعاء المغرب قواته إن تم، فهو يتنزل في إطار الاستعداد لتصعيد مرتقب في الصحراء، ويُعتبر الملك، حسب الدستور المغربي 2011، القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية وله صلاحية إشهار الحرب في المجلس الوزاري الذي يرأسه وفقًا للدستور، بعد إحاطة البرلمان علمًا بذلك من دون أن تكون للأخير أحقية الاعتراض.
ويتطلب الوضع في الصحراء، حسب عديد من الخبراء، وجود القوات المسلحة المغربية تحسبًا لاندلاع مواجهات مع قوات جبهة البوليساريو، وكان المغرب قد أبلغ الجزائر عبر القنوات الدبلوماسية، بإمكانية التدخل عسكريًا في الصحراء الغربية إذا لم تنسحب القوات الصحراوية من المنطقة الواقعة شرق الجدار.
تعتبر الصحراء الغربية الواقعة على الساحل الأطلسي، وفق الأمم المتحدة، أرضًا متنازعًا عليها بين المغرب وجبهة “البوليساريو”
ووصفت الرباط تحركات البوليساريو الأخيرة بكونها “عملًا مؤديًا للحرب” وخرقًا لاتفاق وقف إطلاق النار يستهدف تغيير المعطيات والوضع القانوني والتاريخي على الأرض، ويتضمن الاتفاق العسكري رقم 1 بين المغرب والأمم المتحدة لسنة 1991 مناطق ومراكز محددة بالصحراء مشمولة بالمراقبة والرصد، وتشمل نطاقين أحدهما شرق والآخر غرب الجدار الذي شيده الجيش المغربي حول 80% من مناطق الصحراء المتنازع عليها، فيما بقيت 20% خارج الجدار اعتبرتها جبهة البوليساريو مناطقها وتصفها بـ”الأراضي المحررة”.
وتعتبر الصحراء الغربية الواقعة على الساحل الأطلسي، وفق الأمم المتحدة، أرضًا متنازعًا عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو، يسيطر المغرب على 80% منها ويديرها بصفتها الأقاليم الجنوبية، بينما تشكل المنطقة الواقعة تحت سيطرة جبهة البوليساريو بين منطقة سيطرة المغرب وموريتانيا 20% من مساحة الصحراء الغربية، وأقيم في الثمانينيات “جدار دفاعي” كما تسميه السلطات المغربية يبلغ طوله 2700 كيلومتر، ويقسم المستعمرة السابقة من الشمال إلى الجنوب.
صعوبة القيام بذلك
في مقابل ذلك، استبعد المحلل السياسي المغربي رشيد لزرق إمكانية سحب بلاده لقواته المشاركة في الحرب في اليمن، وقال لزرق في تصريح لنون بوست: “المغرب لن ينسحب بشكل منفرد في حرب اليمن”، واعتبر لزرق أن القوات المغربية الموجودة في اليمن لن يكون لها تأثير في أي حرب مغربية قادمة خاصة أن سلاح الجو المغربي قوي له أحدث الطائرات”، وفق قوله.
يؤكد المغرب أن الصحراء الغربية جزء من سيادته الترابية منذ خروج إسبانيا منها عام 1975، مستندًا إلى رأي استشاري لمحكمة العدل الدولية أقر بوجود روابط قانونية وأواصر بيعة بين الملوك المغاربة وشيوخ الصحراء عبر تاريخ البلاد، ويقترح إعطاء الأقاليم الصحراوية حكمًا ذاتيًا تحت السيادة المغربية كحل للنزاع مع البوليساريو، وهو ما ترفضه الجبهة مطالبة باستفتاء بشأن تقرير المصير.
ترتبط المغرب بعلاقات وثيقة مع السعودية
وسبق أن تحدثت تقارير إعلامية في يونيو/حزيران سنة 2016، عن سحب المغرب لقواته من اليمن، إلا أن ذلك لم يحدث، ويقول خبراء إن عودة الحديث عن سحب هذه القوات لا يعدو إلا أن يكون مجرد كلام فقط، فليس من مصلحة المغرب الآن أن يعادي المملكة العربية السعودية.
وترتبط المشاركة المغربية في الحرب الدائرة في اليمن، وفقًا للعديد من الخبراء، بعلاقات الرباط الوثيقة مع بلدان الخليج وبالأمل في تدفق الاستثمارات المالية منها لتطوير البنية التحتية للبلد وسد العجز المتفاقم منذ سنوات في ميزانيته.