تسعى السلطات الجزائرية الحاكمة جاهدة للحد من أزمة البلاد الاقتصادية المتواصلة منذ صيف سنة 2014، على إثر انهيار أسعار النفط في الأسواق العالمية، ضمن هذه الجهود من المنتظر أن تلجأ الجزائر لزيادة إنتاجها من المحروقات من خلال منح تحفيزات جديدة للمستثمرين، فضلاً عن الحد من استهلاكها للطاقة.
تخفيف القيود والضرائب المفروضة
تركز الجزائر في إستراتيجيتها الجديدة لقطاع الطاقة على تكثيف الاستكشاف للبحث عن النفط والغاز، ورفع قدرات التكرير وتخزين المنتجات البترولية بخلاف زيادة طاقة التكرير وتخزين المحروقات، لأجل هذا تعمل وزارة الطاقة الجزائرية على إعداد مسودة قانون الطاقة الجديد الذي يتضمن تقديم حوافز ضريبية أوسع للشركات لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.
مسودة قانون الطاقة الجديد التي تعمل الوزارة على إعدادها، من المنتظر أن تتضمن تقديم حوافز ضريبية أوسع للشركات لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، في محاولة لوقف نزيف تراجع عوائد النفط التي أدخلت البلاد في دوامة من الأزمات.
يفرض الظرف الحاليّ وضع سياسة جديدة للطاقة
والضرائب المطبقة على المحروقات حاليًّا في البلاد، وضعت في وقت كان يتجاوز فيه سعر برميل النفط الـ120 دولارًا أمريكيًا، غير أن سعر برميل النفط اليوم لا يتجاوز 50 دولارًا، مما يستدعي ضرورة مراجعتها، وفقًا للعديد من المسؤولين الجزائريين، ويعتبر القانون الساري للمحروقات وفقًا للعديد من الخبراء، منفرًا وغير جاذب للمستثمرين الأجانب، ويخضع قطاع المحروقات الجزائري حاليًّا، لقانون يوليو/تموز 2006 الذي جاء عقب تعديل القانون السابق في أبريل/نيسان 2005.
وتطبق الجزائر قاعدة في الشراكة الأجنبية، تقوم على أساس منح 51% للطرف الجزائري و49 % للجهة الأجنبية، وينتج هذا البلد العربي العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك 1.2 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، وخفضت حصتها بواقع 50 ألف برميل يوميًا تجاوبًا مع اتفاق التخفيض بفيينا في ديسمبر/كانون الأول 2016، بين أعضاء المنظمة والدول المنتجة من خارجها.
تحسن ملحوظ في إنتاج المحروقات
ويفرض الظرف الحاليّ وضع سياسة جديدة للطاقة، ذلك أن السلطات في البلاد تبحث عن تعزيز الإيرادات المالية للخزينة، لتعويض النقص الحاصل من هبوط أسعار النفط الخام؛ فيما تعد الضرائب إحدى حلول زيادة الإيرادات، وفي آخر جولة عطاءات في 2014، لم ترسِ الجزائر سوى عقود أربع مناطق امتياز من 31 منطقة، بعد عطاء مخيب للآمال في 2011، حيث عارضت الشركات الأجنبية الشروط.
شركات جديدة
في حال تغيير القانون الحاليّ، من المنتظر أن تعود الشركات النفطية العديدة للاستثمار في البلاد، حيث تأمل الشركات الأجنبية تخفيف القيود والضرائب المفروضة على استثماراتها الجديدة داخل الجزائر، إذ عبرت شركة شتات أويل النرويجية عن رغبتها في الاستثمار مجددًا وفق شروطها في حقل حاسي موينة الذي تخلت عنه في 2008، ومنذ سنوات تقول السلطات إنها تعكف على إعداد القانون الذي تعتقد أنه ضروري لجذب الاستثمارات، لكن لم يتم حتى الآن تقديم أي مسودة أو تفاصيل بسبب معارضة البعض من النخبة السياسية.
تحدث الجزائر حاليًّا، مصفاتها الخمسة
لعقد شراكات جديدة والتوسع في الخارج لا سيما في الشرق الأوسط، تحاول الدولة استخدام شركة سوناطراك للنفط والغاز (حكومية)، حيث كشف وزير الطاقة مصطفى قيطوني في وقت سابق، أن “مصر مهتمة بالعمل معنا”، ووقعت سوناطرك الشهر الماضي اتفاقًا مع شركات نفطية عراقية بخصوص مشروعات مشتركة للغاز، كما بدأت عمليات في ليبيا والنيجر ومالي وبيرو.
واستهلت سوناطراك العام الجديد بتوقيع عقد مع شركة ثيبسا الإسبانية بقيمة 1.2 مليار دولار لتطوير حقل حاسي الخروف وزيادة الإنتاج فيه من 11 إلى 24 ألف برميل يوميًا، كما عبرت شركات النفط العملاقة أناداركو وتوتال وإيني عن رغبتها في مساعدة الجزائر على البدء في أعمال تنقيب بحري، وفقًا للرئيس التنفيذي لشركة سوناطراك عبد المؤمن ولد قدور.
وتحدث الجزائر حاليًّا، مصفاتها الخمسة، وتخطط لبناء مصاف جديدة بهدف تلبية الطلب المحلي وتصدير الفائض، كما وقعت اتفاقََا مع فيتول، أكبر شركة لتجارة النفط في العالم، لتكرير كميات من خامها النفطي في الخارج.
التقليص من الاستهلاك
فضلاً عن زيادة إنتاج المحروقات، تعمل الجزائر على إقناع المواطنين بضرورة تقليص استهلاك الطاقة، في هذا الشأن تعرض سلطات البلاد حوافز على مالكي السيارات لمضاعفة عدد المركبات التي تعمل بالغاز الطبيعي إلى أكثر من الضعفين بحلول عام 2021 في مسعى لتقليص استهلاك الوقود المستورد المرتفع التكلفة، وإلى الآن يبلغ عدد السيارات التي تعمل بالغاز 200 ألف فقط من إجمالي ستة ملايين سيارة.
ويأمل المسؤولون في تقليص استهلاك البنزين والديزل اللذين تحتاج الجزائر إلى استيراد 2.9 مليون طن منهما سنويًا، من خلال جعل استخدام غاز البترول المسال أكثر جاذبية، وتعرض الحكومة على أصحاب السيارات تغطية جزء من تكلفة تحويل سياراتهم إلى العمل بالغاز، بالإضافة إلى إعفاءات جمركية وسعر مستقر لبيع غاز البترول المسال الذي لديها منه إنتاج محلي يغطي الطلب.
وتضررت الجزائر، بسبب تنامي الاستهلاك المحلي الذي أثر سلبًا على عائدات الطاقة التي تعتمد عليها الحكومة في بناء الموازنة، حيث ساهم تنامي مستويات الاستهلاك، في زيادة فاتورة الواردات من المنتجات المكررة التي ارتفعت 53.8 % لتبلغ قرابة 1.90 مليار دولار.
سعي متواصل للرفع من عدد السيارات التي تستعمل غاز البوتال
ووفق أرقام نشرتها الشركة الجزائرية لتسويق وتوزيع المنتجات النفطية (نفطال) الحكومية في وقت سابق من العام الحاليّ 2018، فإن الاستهلاك الإجمالي لجميع أصناف الوقود شهد تراجعًا طفيفًا بلغت نسبته 1.4% خلال 2017 ليبلغ نحو 14.68 مليون طن، مقارنة بنحو 14.94 مليون طن في 2016. وفي تصريح له قال رئيس الوزراء الجزائري أحمد أويحي إن اقتصاد البلاد سيتحسن خلال العام الحاليّ مع زيادة الإيرادات من صادرات النفط والغاز الطبيعي التي تراجعت بسبب انهيار أسعار برميل النفط في السوق العالمي.
وارتفعت إيرادات البلاد نهاية السنة الماضية من تصدير الطاقة أكثر من 18%، حيث بلغت 33 مليار دولار وفقًا للبنك المركزي الجزائري، وساهم هذا الأمر في تقليص العجز التجاري للبلاد بنحو 28.9% إلى 14.33 مليار دولار، وبحسب بيانات رسمية زادت صادرات النفط والغاز الطبيعي بنسبة 25% لتبلغ 7.1 مليار دولار خلال أول شهرين من عام 2018، مقارنة بـ5.67 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي.