عاد الاقتتال بين جبهة تحرير سوريا من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة ثانية، إلى الواجهة من جديد بعد العديد من المبادرات الشعبية التي كان آخرها اتحاد المبادرات الشعبية التي أطلقها مجموعة من المشايخ والعلماء والفعاليات المدنية، لحقن الدماء، فيما شنت هيئة تحرير الشام حملة عسكرية صباح الأحد، على مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، بعد اشتباكات عنيفة مع جبهة تحرير سوريا واستخدمت الهيئة المدافع والأسلحة الثقيلة والرشاشات في هجومها.
كما أحكمت سيطرتها على بلدات الشيخ مصطفى وموقة وكفرعين وحيش وصهيان والشيخ دامس وكفرمزدة ومدايا والعامرية وتل عاس بريف إدلب الجنوبي، فيما استشهد مدنيان جراء الاشتباكات العشوائية بين الطرفين على أطراف مدينة معرة النعمان ووادي الضيف، كما قتل عنصران من جبهة تحرير سوريا من أبناء مدينة معرة النعمان، في أثناء الاشتباكات داخل أحياء مدينة معرة النعمان.
وفي السياق، سيطرت هيئة تحرير الشام الأحد على مدينة مورك ومعبرها بريف حماة، بعد اشتباكات مع جبهة تحرير سوريا، وقالت مصادر: “اشتباكات متقطعة استمرت لعدة ساعات في محيط المدينة بين جبهة تحرير سوريا وهيئة تحرير الشام، أفضت إلى سيطرة الأخيرة على المدينة ومعبرها وانسحاب تحرير سوريا منها، وأدت الاشتباكات إلى مقتل أحد عناصر جبهة تحرير سوريا شرق مدينة مورك، فيما جرت مفاوضات بين الطرفين عقب الاشتباكات، لتأمين انسحاب عناصر تحرير سوريا من معبر المدينة وتسليمه إلى تحرير الشام، وانسحبت الأخيرة من مورك ومعبرها مطلع العام الحاليّ، وتم تسليمه لإدارة مدنية وذلك بعد اتفاق على تجنيب المدينة الصراعات الفصائلية”.
اتهم شرعي “فيلق الشام”، وعضو اتحاد المبادرات الشعبية لوقف الاقتتال، عمر حذيفة، هيئة تحرير الشام بتعطيل جهود وقف إطلاق النار
كما اندلعت اشتباكات عنيفة منتصف ليلة الأحد وحتى الصباح بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سوريا، في محيط قرى مكلبيس وعاجل والسعدية بريف حلب الغربي، وانتهت بسيطرة جبهة تحرير سوريا، صباح الإثنين، على قرى السعدية وعاجل وتلتي النبي نعمان والضبعة، وتمكنت جبهة تحرير سوريا من قتل عدة عناصر وتدمير آليات محملة بالجنود تابعة للهيئة، فيما تم أسر مجموعة للتركستان تتبع لهيئة تحرير الشام في جمعية السعدية من جبهة تحرير سوريا.
من جانبه اتهم شرعي “فيلق الشام”، وعضو اتحاد المبادرات الشعبية لوقف الاقتتال، عمر حذيفة، هيئة تحرير الشام بتعطيل جهود وقف إطلاق النار، ضاربين عرض الحائط جميع الاتفاقات التي تمَّت مناقشتها، وقال عبر حسابه ببرنامج تلغرام نشر فيه شهادته عن المفاوضات التي قادها بين جبهة تحرير سوريا وصقور الشام من جهة وهيئة تحرير الشام من جهة أخرى، في الجلسة الأخيرة الأربعاء 12 من أبريل/نيسان.
وأوضح أن الطرفين توافقا “على تصور أولي يتمثل في عقد جلسات للنظر في إمكانية توسيع الهيئة التأسيسية التي انبثقت عنها الحكومة وفق صيغة تشارك فيها جميع الفعاليات الثورية والأطراف ذات العلاقة على نحوٍ يحقق مصلحة الساحة”، كما ذكر عدة أمور تم الاتفاق عليها تتعلق بالمقرات والحواجز والمحاكم ومعبر مورك، وإدارة أريحا ومعرة النعمان والحقوق القديمة، وعودة المهجرين في كل المناطق إلى بيوتهم من كلا الطرفين.
وأكد أنه تنازل كل من صقور الشام وجبهة تحرير سوريا استجابوا استجابة مشرفة نحو الصلح وحقن الدماء والتخفيف عن الناس، فيما لم تستجب هيئة تحرير الشام، ولم تتنازل عما فيه دفع للصلح، ففي الوقت الذي كنا ننتظر فيه تمديدًا للهدنة أو وقفًا لإطلاق النار.
رجح ناشطون أن فيلق الرحمن الذي وصل إدلب مؤخرًا له اشتراك مع هيئة تحرير الشام في الاقتتال الحاصل
وتابع “يتفاجأ الجميع بهجومهم (تحرير الشام) على معرة النعمان صباح الأحد ضاربين عرض الحائط بجميع الاتفاقات التي تمت مناقشتها في الجلسة الأخيرة ليتحملوا مسؤولية الدماء وما ستؤول إليه الساحة من خلال إصرارهم على قتال إخوانهم وتعنُّتهم في ذلك”.
فيما علقت الهيئة السياسية لقوى الثورة في حلب على شهادة عمر حذيفة شرعي فيلق الشام، ودعت عناصر هيئة تحرير الشام عدم الانقياد إلى المعارك، فيما أكد اتحاد المبادرات الشعبية في بيان نشر شهادة شرعي فيلق الشام ودعا الاتحاد هيئة تحرير الشام إلى إيقاف القتال وأن تترجم ما تذكره في بيانها من استعدادها للصلح واقعًا عمليًا.
ورجح ناشطون أن فيلق الرحمن الذي وصل إدلب مؤخرًا له اشتراك مع هيئة تحرير الشام في الاقتتال الحاصل، لكن المتحدث الرسمي باسم فيلق الرحمن وائل علوان، نفى اشتراك الفيلق بالاقتتال الحاصل لوكالة قاسيون للأنباء، وقال: “لا صحة لهذا الكلام لا من قريب ولا بعيد، والفيلق منذ وصوله للشمال أعلن أن سيكون بعيدًا بشكل كامل عن التجاذبات المناطقية أو الفصائلية”.
وأضاف منذ يوم السبت بدأت بعض أصوات الفتن وقنوات الطابور الخامس تشيع ذلك وهو منفي جملة وتفصيلاً، وعلى كل من يحمل السلاح ويدعي الانتماء للثورة السورية العظيمة والدفاع عن حاضنتها أن يلتزم بأهدافها ومبادئها وأن يكون سلاحه موجهًا لبوصلة واحدة هي صد عدوان الأسد والميليشيات المساندة له.
من جهة ثانية أعلنت منظمات طبية تمل في الشمال السوري عن توقيف أعمالها في مشفى مدينة معرة النعمان الوطني، والواقع بريف إدلب الجنوبي، على خلفية اشتباكات جرت بين هيئة تحرير الشام من جهة وجبهة تحرير سوريا من جهة أخرى، حيث استمرت الاشتباكات ما يقارب السبع ساعات مما أدى إلى دمار في بناء المشفى والتجهيزات الطبية وبنك الدم التابع له.
تدور الاشتباكات بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سوريا وصقور الشام منذ 20 من فبراير/شباط الماضي، في ريفي إدلب وحلب الغربي، خسر الطرفان خلالها المئات من القتلى والجرحى في صفوفهم
وقالت المنظمات في بيان لها: “تعتبر المنظمات الطبية المشاركة في البيان أن الاعتداءات التي وقعت على المنشآت الطبية في الآونة الأخيرة التي تواترت بصورة خطيرة وغير مسبوقة، تعكس حالة واضحة من عدم الاحترام والتقدير للجهود الطبية المبذولة في الشمال السوري وتعريض حياة الكادر الطبي والمرضى للخطر المباشر، والأكيد تقوض بلا شك مساعي تقديم الخدمات الطبية للمحتاجين”.
وأشار البيان إلى أن المنظمات الطبية المشاركة قررت إيقاف العمل بشكل كامل في مشفى المعرة الوطني يومي الإثنين والثلاثاء 16و17 من أبريل/نيسان، وكذا إيقاف العمل غير الإسعافي في جميع مشاريع المنظمات في الداخل بما في ذلك مشفى المعرة الوطني لمدة خمسة أيام.
وتدور الاشتباكات بين هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سوريا وصقور الشام منذ 20 من فبراير/شباط الماضي، في ريفي إدلب وحلب الغربي، خسر الطرفان خلالها المئات من القتلى والجرحى في صفوفهم، كما تسببت الاشتباكات بتدمير دبابات وعربات عسكرية لكلا الطرفين خلال المعارك الدائرة، فضلاً عن خسائر بشرية ومادية كبيرة في صفوف المدنيين بمناطق الاقتتال، ناهيك عن توقف الحياة اليومية التي يمارسها المدنيين، نتيجة الاقتتال الحاصل والانتشار الكثيف للحواجز من قبل طرفي النزاع.