ترجمة وتحرير: نون بوست
من الواضح أنه لم يتم الامتثال لطلب الملك الإسباني، خوان كارلوس الأول، الذي لم يرغب في أن يقيم في بيت ابنته أي شخص آخر. وفي الوقت الحالي، أصبح قصر ابنة الدون، كريستينا دي بوربون، وزوجها إيناكي أوردانغاران، ملكا لشخص آخر. ويعد هذا القصر منزلا عائليا، يمتد على مساحة 622 متر مربع، ويضم حديقة بمساحة 2145 متر مربع. وعلى وجه الخصوص، أصبح قصر ابنة الملك خوان كارلوس، ملكا لرجل الأعمال ذو الأصول العربية، ليث فرعون (1968)، منذ تاريخ 27 أيلول/ سبتمبر سنة 2017. وقد تمكنت الصحيفة من جمع هذه المعلومات عبر الاطلاع على سجل العقارات رقم ثمانية للعاصمة الكتالونية، برشلونة، الذي يسلط الضوء على أكثر المناطق فخامة في المجتمع الكتالوني.
تجدر الإشارة إلى أن منزل العائلة أوردانغاران دي بوربون، كان سابقا ملكا لشركة لكسمبورغية، وهي ساوثبوري هولدينج أس أي أر أل (Southbury Holding SARL)، التي تملك علاقة غامضة بإمارة ليختنشتاين. أما المالك الحالي لهذا العقار، فيسعى فعلا إلى الإقامة بهذا المكان. وقد تداولت هذه الجهات على امتلاك هذا القصر بعد أن غادر دوقي بالما دي مايوركا، رفقة عائلتهما، قصر “بيدرالبيس” في 31 آب/ أغسطس سنة 2013، بعد أن تم نفيهم إلى سويسرا.
ليث فرعون، قطب ذو أصول سعودية ولد في لندن
في هذا السياق، يعد سعر الصفقة جانبا لا زالت تحوم حوله العديد من الألغاز إلى حد الآن. أما من الجوانب الأخرى التي تم إزاحة الستار عنها في ظل هذا الجدل، فنذكر أن القطب السعودي -الذي يتردد كثيرًا على القصر الملكي السعودي مؤخرًا- قد طلب من “بنك مارس” الإسباني رهنا بقيمة 4.6 مليون يورو. لكن، لا زال من المجهول ما إذا دفع القطب السعودي المبلغ المطلوب دون الحاجة إلى اللجوء إلى أحد البنوك أم لا. وفي وقت سابق، عندما أرادت شركة ساوثبوري هولدينج أس أي أر أل شراء هذا العقار المثير للجدل، دفعت مبلغ حوالي 6.9 مليون يورو؛ وهي نسبة أقل بحوالي 30 بالمائة من سعر القصر الأصلي. وفي سنة 2013، ظهر هذا العقار في بوابة عقارات روسية بقيمة 9.6 مليون يورو.
من جهة أخرى، خلال فضيحة تورط ابنة الملك خوان كارلوس الأول في قضية فساد، تم مصادرة نصف أملاك ابنة الملك وزوجها، بطلب من القاضي هوراش ونقابة الأيدي النظيفة في إسبانيا. وكان الغرض من مصادرة نصف الأملاك، هو دفع غرامة عن المسؤولية المدنية للعائلة أوردانغاران. وفي ذلك الوقت، طلب من عائلة ابنة الملك دفع قيمة 8.2 مليون يورو، وهي قيمة تم تخفيضها في وقت لاحق إلى حدود 6.1 مليون يورو.
في حقيقة الأمر، تم هدم داخل القصر بالكامل، كما تم إحداث تغييرات على الجدران الخارجية
بالإضافة إلى مصادرة نصف قصر ابنة الملك وزوجها، تم مصادرة نصف ثلاثة منازل أخرى للدوقين السابقين، وثلاثة غرف تخزين، ومساحتان مخصّصتان لوقوف السيارات تحت اسم “أيوزن أس أل”. وبعد بيع القصر في سنة 2015، تمكنت عائلة أوردانغاران من تسديد جزء من ديونها. لكن، لم تكن تلك الصفقة خالية من الجدل.
في المقابل، تم محو كامل آثار قصر “بيدرالبيس” القديمة، إلى درجة أنه لا يمكن التعرف عليه بخصائصه الحالية. وقد بدأت أعمال إصلاح المكان في 15 شباط/ فبراير الماضي. ووفقا لما أكده العمال المشرفون على أعمال الصيانة داخل القصر، الذين تمت استشارتهم، تبين أنه “تم إحداث تغييرات كبرى، كما كانت النتائج رائعة”.
الحالة الحالية لأعمال إعادة الإصلاح في قصر “بيدرالبيس”.
في حقيقة الأمر، تم هدم داخل القصر بالكامل، كما تم إحداث تغييرات على الجدران الخارجية. وعلى هذا النحو، لم يبق أي أثر لدوقي بالما دي مايوركا السابقين داخل القصر. من جانب آخر، قدرت تكلفة هذه الإصلاحات القاسية بحوالي ثلاثة ملايين يورو، كما كانت هذه الإصلاحات تحمل نفس الخصائص الأولى للقصر. وفي مقابلة مع العمال الذين يدخلون ويخرجون من القصر بفائق السرعة، صرح هؤلاء الرجال أن “عملية الإصلاح ستستغرق وقتا طويلا”.
ما علاقة فرعون بالملك الفخري؟
أولا، من هو مالك القصر الفاخر في برشلونة، الذي كان ملكا لدوقي بالما دي مايوركا السابقين؟ يعد صاحب العقار الجديد من رجال الأعمال، الذي تنافس في بداية مسيرته في حلبة الزوارق البخارية الزوارق السريعة ‘أوفشور كلاس 1’، وفي سباقات السيارات البحرية، وفي سباق الزوارق السريعة أف 1، ولعدة سنوات. وفي الوقت الحالي، يملك رجل الأعمال العديد من الشركات التجارية في برشلونة، والتي تعد جميعها في حالة جيدة. وعلى سبيل المثال، تقدر أصول شركة موراكل برشلونة أس أل بحوالي 60 مليون يورو.
ولد ليث فرعون في الثامن من أيلول/ سبتمبر سنة 1968، وهو ابن غيث فرعون، وهو قطب عربي مثير للجدل، وهو ملاحق من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي. في نفس المعنى، يعد غيث فرعون ابنا لرشيد فرعون، وهو طبيب الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية. ويجمع الطبيب فرعون بملك إسبانيا علاقة “منافسة”، خاصة بعد أن تم تداول معلومات حول تدخل الملك خوان كارلوس الأول، للعب دور وساطة مهم لإبرام عقود ضخمة بين الحكومة السعودية والشركات الإسبانية.
في هذا المعنى، تحدثت آنا روميرو عن هذا الموضوع في كتابها “نهاية اللعبة”، حيث أشارت إلى أن “فرعون تضرر من عمليات الوساطة التي قادها الملك خوان كارلوس، نظرا لأنه كان إلى غاية ذلك الوقت الرجل الذي يملك حقا حصريا في عمليات الوساطة بين العقود الكبرى”.
من جانب آخر، مرت هذه العلاقة من التنافس المفترض إلى الوفاق… وربما قد حدث الأمر عن طريق الصدفة. وفي حقيقة الأمر، انتهى الأمر بأبناء كلا من الطبيب السعودي والملك الإسباني بامتلاك نفس العقارات في برشلونة، خلال فترات مختلفة. وفي وقت سابق، كانت الإقامة رقم 11 في شارع إيليساندا دي بينوس، ملكا لابنة الملك كريستينا دي بوربون، أما الآن فهو ملك لليث فرعون. وعلى الرغم من أن المالك الحالي للقصر قد نأى بنفسه عن حياة والده، إلا أنه لم يتخل عن اهتمام عائلته بالأعمال باهظة الثمن. ومن الجدير بالذكر أن ليث ولد سنة 1968 في لندن، ودرس في سويسرا والولايات المتحدة الأمريكية، حيث تخرج من جامعة جنوب كاليفورنيا. وقد تم تضمين هذه البيانات في سيرة ليث الذاتية، التي يمكن الاطلاع عليها عبر الموقع الالكتروني لشركته: أوركا هولدينج.
يملك القطب السعودي “يختًا، عادة ما يشاهد خلال فصل الصيف في جزر البحر الأبيض المتوسط والريفيرا الفرنسية
في حوار مع صحيفة الكونفدنسيال، أكدت روميرو أن “فرعون والملك الفخري ليسا مقربين من بعضهما، لكنهما يعرفان بعضهما البعض ويعيشان في نفس البيئة”. وحول اختيار ليث للعيش في برشلونة، أشارت الخبيرة الصحفيّة إلى أن “العرب لديهم شغف ببرشلونة. ومنذ عدة سنوات، جاء العرب لمداواة أعينهم في عيادة براكير، لأن شمس الصحراء قد أضرت بها. وفي السابق كانوا يأتون إلى المدينة من أجل إجراء العمليات، أما الآن فهم يشترون المنازل”.
يخت وحفلات في إيبيزا المخروط الجنوبي
يملك القطب السعودي “يختًا، عادة ما يشاهد خلال فصل الصيف في جزر البحر الأبيض المتوسط والريفيرا الفرنسية. أما في المخروط الجنوبي، فيعرف خلال الصيف بحفلاته الفاخرة التي يوفرها في قصره في بونتا ديل إستي، في الأوروغواي”.
عادة ما يظهر المالك الجديد للقصر في وسائل إعلام دول أمريكا الجنوبية، خاصة الأرجنتين والأوروغواي. ويعود الفضل في ذلك إلى حفلاته الكبرى فيما يسمى بإيبيزا المخروط الجنوبي. ومن بين أشهر الحفلات، تلك التي نظمها منذ أربعة سنوات في منزل الضيافة الريفي “لا نور”، والتي استدعى خلالها حوالي 700 شخص (من بينها عارضة الأزياء الإسرائيلية بار رافائيلي)، من أجل استقبال فصل الصيف في منطقة المخروط الجنوبي. وخلال هذه الحفلة، لم تفوت وسائل الإعلام الأوروغوايانية الإشارة إلى ضيوف فرعون الذين كانوا جميعا من الشخصيات المرموقة، من بينهم أبناء الراحل معمر القذافي.
لكن، ما هي مهنة هذا الرجل الغامض؟ تعد أوركا هولدينج مجموعة من الشركات التي تهتم بالقطاع السياحي، ويقع مقرها في شارع دياغونال في برشلونة (كما أن لها فروع في سنغافورة وميامي). وفي إسبانيا، تمتلك الشركة فندق “سوهو هاوس”، وهو أحد أكثر الأماكن المفضلة في المدينة. ويوجد الفندق في ساحة ميديناسيلي، وقد افتتح منذ أكثر من عامين، كما ينصح بالإقامة فيه. وتملك هذه الشركة مطعم سيكوني، الذي يعد من أفضل المطاعم الإيطالية في المدينة، أو على الأقل الأكثر زيارة.
اضطرت شركة ساوثبوري هولدينج أس أي أر أل إلى بيع عقارين لها في المناطق الفاخرة في برشلونة، لتتمكن من دفع ديونها
الشركة اللكسمبورغية الغامضة
تجدر الإشارة أيضا إلى أن ساوثبوري هولدينج أس أي أر أل لم يعد لها ممتلكات في إسبانيا. وفي وقت سابق، امتلكت هذه الشركة الغامضة قصر “بيدرالبيس”، وعقارات أخرى قريبة من شارع إسكويلاس بياس. وفي الوقت الراهن، لم تعد هذه العقارات ملكا لها، وأصبح لها ديون فقط في إسبانيا. وعلى وجه الخصوص، طلبت الشركة اللكسمبورغية رهنا بقيمة 3.373.440 يورو من كايشا بنك الإسباني من أجل شراء العقارات المذكورة في شارع إسكويلاس بياس، لأنه تم بيع قصر ابنة الملك دون ديون أو تأجيل دفع.
من جهة أخرى، منحت المحكمة التي تتبعت قضية الدوقة السابقة، كريستينا، المتهمة في قضية الفساد مهلة لا تتجاوز تاريخ 29 شباط/ فبراير من سنة 2040، لتسديد الديون المتخلّدة بذمة عائلتها. ولهذا السبب، تعرض ابنة ملك إسبانيا عقارا آخر للبيع بقيمة 5.8 مليون يورو.
كريستينا دي بوربون وزوجها إيناكي أوردانغاران
في الأثناء، لم يكن من الممكن إثبات علاقة بين ساوثبوري هولدينج أس أي أر أل وأوردانغاران؛ لكن كانت هناك العديد من حالات المصادفة. وعلى سبيل المثال، تؤكد ملاحظات السجل العقاري أنه تم تسجيل هذا العقار (القصر) في 21 أيار/ مايو سنة 2010. وفي 21 تموز/ يوليو من سنة 2009، نقل دوقي بالما دي مايوركا إقامتهما رفقة أبنائهم، من برشلونة إلى واشنطن. وفي وقت لاحق، تم تسمية أوردانغاران مندوبا لشركة تيليفونيكا في أمريكا اللاتينية والولايات المتحدة الأمريكية. أما الشركة الغامضة فقد تم تسجيلها بشكل قانوني في السجل العقاري في لوكسمبورغ في 15 نيسان/ أبريل سنة 2008، أي قبل سنة من انتقال الدوقين السابقين رفقة أبنائهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
اضطرت شركة ساوثبوري هولدينج أس أي أر أل إلى بيع عقارين لها في المناطق الفاخرة في برشلونة، لتتمكن من دفع ديونها. وعلى وجه الخصوص، يتمثل هذين العقارين في قصر “بيدرالبيس”، والأخرى الموجودة في شارع إسكويلاس بياس. وبعد حل مشاكل الشركة الغامضة وإسبانيا، لا زال هناك قطب آخر، ألا وهو ليث فرعون، للبحث في قصته والتوصل إلى استنتاجات.
المصدر: الكونفدنسيال الإسبانية