هؤلاء مبتكرون عرب استخدموا التكنولوجيا لإنقاذ حياتك.. تعرف عليهم

يشعر أغلب الناس بالتشاؤم من كل ما يجهلونه، ولأن للتكنولوجيا إمكانية على تغيير الكثير إلى حد لا يمكن أن يُدركه البشر، تكون التكنولوجيا أكثر ما يجعل الناس يشعرون بالتشاؤم، وذلك لأن شعورهم تجاهها لا يكون محفوفًا بالخوف أيضًا، فعلى الرغم من سعادتهم بالتطور التكنولوجي في بدايات الألفية الحديثة مع استخدام الهواتف الذكية والحواسيب النقالة بدأ الأمر يختلف قليلًا حينما هددت التكنولوجيا أهميتهم بالنسبة للوظائف وسيطرتهم على الآلة.
بدأ قلق الناس من التكنولوجيا يظهر حينما تخطت التكنولوجيا حدود مجرد كونها وسيلة لتحسين حياة الناس إلى كونها وسيلة للسيطرة على حياتهم، حينها ظهرت نقاشات حول حدود التكنولوجيا بالنسبة لخصوصية مستخدمينها وحدود تأثيرها على علاقاتهم الاجتماعية وأسرارهم الشخصية على المدى الطويل.
ومع زيادة التطور التكنولوجي يومًا بعد يوم، وظهور الذكاء الاصطناعي على الساحة، زاد تشاؤم الناس من خطر التكنولوجيا المحتمل في المستقبل القريب، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي يخاف فيها الناس من شيء يجهلونه أو لا يملكون المعرفة الكافية عنه، لقد كان الخوف مصاحبًا لأي نوع من التغيير تحدثه التكنولوجيا، ولكن كان هناك دومًا مجموعة من الأشخاص تُغير تلك النظرة التشاؤمية عن التكنولوجيا، كان من بين هؤلاء “نادين حرم” و “وليد حسنين”.
“نادين حرم” تُغير مستقبل الجراحة بتقنية الواقع المعزز
الجراحة “نادين حرم”
ربما يكون مجال الطب من أكثر المجالات التي لن يخاف الناس فيها من التكنولوجيا، فعلى الرغم من أنهم ما زالوا يجهلون ما تفعله التكنولوجيا حقًا بتطوير الأجهزة الطبية والعمليات الجراحية، إلا أنهم سيجدون أن في ذلك نفعًا لهم وليس تهديدًا لحياتهم أو خصوصيتهم، استغل الكثير من الأطباء التطور التكنولوجي ليكون جزءًا من عملهم لإنقاذ حياة البشر، كان من بين هؤلاء الجراحة اللبنانية “نادين حرم”.
تقوم “نادين” باستخدام تقنية الواقع المعزز في الطب بصنع المعجزات، من خلال نظام جديد يُساعد الجراحين على تنفيذ العمليات الجراحية معًا وتدريب بعضهم البعض على استخدام طرق جديدة عن بعد باستخدام أدوات تقنية الواقع المعزز بتكلفة منخفضة.
تطور شركة “بروكسيمي” نظام جديد مزوّد بتكنولوجيا الواقع المعزز AR يسمح للجراحين أن يتواجدوا في أي غرفة للعمليات في أي مكان وأي وقت
الاتصال عبر التكنولوجيا الرقمية هو معجزة العصر الحديث بالنسبة لـ “نادين حرم”، ولكن على الرغم من أن الاتصالات عبر التكنولوجيا الرقمية في ذروة تطورها في العصر الحالي، إلا أن هناك ما يقارب 70٪ من الكثافة السكانية في العالم لا يمكنها الحصول على الإجراءات الجراحية البسيطة في الوقت والمكان الذي يحتاجونه، في حديثها على منصة ” تيد” أعطت “نادين” مثالًا لذلك في دولة سيراليون، جمهورية صغيرة في غرب إفريقيا على ساحل المحيط الأطلسي، حيث يوجد فيها 10 جراحين مؤهلين فقط لخدمة 6 مليون مواطن، وهذا يعني جراح واحد لكل 600 ألف شخص.
لا توجد هذه المشكلة في الدول النامية فحسب، حيث أثبتت دراسات حديثة أن الولايات المتحدة ستحتاج إلى 100 ألف جراح إضافي لكي لا يحدث عجز في عدد الجراحين المطلوبين لإجراء جراحات روتينية بسيطة بحلول عام 2030، تقول الطبيبة اللبنانية “نادين حرم” في حديثها أن ذلك يزعجها كثيرًا بحكم عملها كجراحة، وذلك لأن المرضى قد يخسرون حياتهم بسبب عدم وجود جراح متاح، وكان الحل بالنسبة لـ “نادين” هو في الاتصالات الرقمية.
أسست الجراحة “نادين حرم” شركة “بروكسيمي” الموجودة في بيروت، بوسطن ولندن، وهي شركة تعكس شغف “نادين” التكنولوجيا والإبداع في مجال الجراحة، حيث تطور الشركة نظام جديد مزوّد بتكنولوجيا الواقع المعزز AR يسمح للجراحين أن يتواجدوا في أي غرفة للعمليات في أي مكان وأي وقت ويشاركوا في العملية الجراحية من البداية وحتى النهاية لتوفير عملية جراحية ذات جودة وكفاءة وتكلفة منخفضة لأي مريض حول العالم.
وجدت “نادين” أهدافًا أخرى لتكنولوجيا الاتصال غير التسوق عبر الإنترنت أو لعب ألعاب الفيديو، فكان هدفها هو إنقاذ حياة البشر،من دون الحاجة للروبوت الآلي ذو المليون دولار لتجري جراحة عن بعد، بل يحتاج الأمر هاتف ذكي، جهاز لوحي، أو حاسوب، واتصال بالإنترنت، وزميل موثوق به على الصعيد المهني ومكّون سحري، ألا وهي تقنية الواقع المعزز التشاركي التي يمكن للجرّاح الخبير بها الآن أن ينقل نفسه فعليًا إلى أي عملية جراحية ببساطة عن طريق استخدام هاتفه أو جهازه اللوحي أو حاسوبه، ويمكنه أن يتفاعل بصريًا وعمليًا في أي عملية من بدايتها حتى نهايتها، مُوجّهًا ومراقبًا الطبيب المحلي خلال إجراء العملية خطوة بخطوة.
حديث الجراحة “نادين حرم” عن اختراعها
أرادت “نادين” إثبات أن ذلك ممكنًا أمام الجمهور في إحدى لقاءاتها العامة على منصة “تيد“، حيث بدأت في عرض جراحة تنظير مفصلي، جراحة شق صغير للركبة، أمام الجمهور بعد الحصول على موافقة المريض على عرض العملية مع إخفاء هويته، استطاعت “نادين” أمام الجمهور أن ترى كل ما يدور في ركبة المريض من خلال جهاز الحاسوب النقال الخاص بها لتنتقل إلى غرفة عمليات لجراحة يجريها أحد زملائها الجراحين وتمنح بعض النصائح خلال بضعة دقائق قبل أن تنتقل إلى الجمهور.
بالنسبة لـ”نادين” من المفترض أن تكون هذه هي القوة الحقيقية للتكنولوجيا، للمساعدة على إنقاذ حياة الناس بدلًا من التدخل فيها والتلاعب بها ومحاولة السيطرة عليها بشتى الطرق، ولكن من خلال تلك التكنولوجيا يمكننا الوصول إلى كل المناطق النامية التي لا يتواجد فيها عدد كاف من الجراحين أو مساعدة المرضى في مناطق الصراع والنزاع أو الحروب.
وليد حسنين وإمكانية حياة القلب خارج الجسد
الجراح المصري وليد حسنين بجوار اختراع جهاز “OCS”
يمكن للقلب أن يبقى صالحًا للحياة في الصندوق المُبرد المخصص لرعايته بعد وفاة المانح لمدة 3 ساعات ونصف، ولهذا فإن أية ظروف قد تطرأ على الرحلة التي ينتقل فيها القلب إلى من يحتاج زراعته، أو أي تأخير قد يجعل المريض يخسر حياته بعد أن يكون القلب غير صالحًا للحياة بعد مرور ثلاث ساعات ونصف على بقائه خارج الجسد، هددت تلك المشكلة حياة الكثير من مرضى القلب الذين لا يتوفر بالقرب منهم بنوك لحفظ الأعضاء، فإن كان يحتاج أحدهم إلى عملية نقل في مدينة معينة ويتواجد البنك في مدينة أخرى فإن مسافة نقله بين المدينتين قد تكلف المريض حياته.
إن كنا نستطيع حفظ القلب 3 ساعات ونصف، لماذا لا نحفظه 24 ساعة كاملة منذ وفاة المانح؟ لم يتوقف الطبيب المصري “وليد حسنين” عند هذا السؤال فحسب، بل حاول التنفيذ للوصول إلى إجابة، حيث بدأ في ذلك بعد حصوله على الماجيستير من جامعة جورج تاون الأمريكية ودرجة زمالة جراحة أبحاث القلب من مركز بريجهام الطبي 1995، ذلك قبل أن يُشرع في تأسيس شركته “TransMedics” والتي أحدثت طفرة نوعية في مجال نقل الأعضاء البشرية.
وردت الفكرة للجراح المصري حينما كان طبيبًا مُقيمًا في في مستشفى جورج تاون بالعاصمة الأمريكية واشنطن بعد انتظاره أن يتوفى المريض، المانح، لكي يسرعوا في نقل القلب في مدة زمنية لا تزيد عن الثلاثة ساعات ونصف في مُبرد فيه أكياس ثلج، إلا أن “وليد حسنين” قرر في هذه الليلة أن يكون له شركة ريادية تحفظ الأعضاء البشرية لمدة أطول من ذلك.
بدأ الاستخدام الفعلي للجهاز عام 2007 ما أحدث طفرة في مجال تقنية نقل الأعضاء
أنشأ حسنين شركة “TransMedics” عام 1998 لتطوير أجهزة نقل الأعضاء البشرية gan Care System ، ونجحت الشركة الناشئة في إنتاج ثلاثة أجهزة للحفاظ على الأعضاء البشرية لمدة تتجاوز 24 ساعة عن الفترة التقليدية باستخدام المبرد للحفاظ على القلب والكبد خارج الجسم.
اختير الجراح المصري وليد حسانين ضمن قائمة أعدتها صحيفة “فورين بوليسي” عام 2015 لمئة من المفكرين حول العالم، احتل الطبيب المصري مكانة على القائمة مع نبذة مختصرة عن اختراعه الناجح في كثير من عمليات نقل وزراعة الأعضاء البشرية حول العالم.
يبدو أن النظرة التشاؤمية للتكنولوجيا ليست في محلها كليًا، وأن الخوف الذي يسيطر على البشر تجاه التكنولوجيا لن يساعدهم في استغلالها لمصلحتهم، استطاع هؤلاء أن يقلبوا المشهد لصالحهم وصالح الناس، بدلًا من استغلال أموالهم ومعلوماتهم الشخصية لأغراض تجارية أو سياسية.