تهميش نظام معمر القذافي للأدب والثقافة في ليبيا طيلة فترة حكمه التي تجاوز الأربعة عقود، لم يمنع من بروز أدباء ليبيين سطّروا أسماءهم بأحرف من ذهب في هذا البلد العربي، أدباء سطعت أسماءهم في سماء الثقافة العربية بما خلّدوه من كتابات كثيرة، في هذا التقرير سنتعرّف على أبرز 6 منهم.
خليفة التليسي
واحد من أهم رجالات الفكر في ليبيا، حتى أن البعض يعتبره شيخ أدباء ليبيا، توفي بداية يناير/كانون الثاني سنة 2010 عن عمر ناهز 80 عامًا، مخلفا تراثا كبيرا من المؤلفات في التاريخ والأدب، فضلا عن المؤلفات العالمية التي ترجمها للعربية، وأثرى بها المكتبة العربية وساهم من خلالها في تدعيم أسس الهوية العربية الإسلامية.
من بين الكتب التي ترجمها خليفة التليسي، كتاب أنريكو أغوستيني عن القبائل الليبية
بلغت مؤلفات التليسي في التاريخ والترجمة والأدب والفكر 45 كتابًا، ومن بين هذه المؤلفات “رحلة عبر الكلمات”، ” قفٌ عليها الحبُّ”، ” زخارف قديمة”، ويعتبر “البحر المتوسط.. حضاراته وصراعاته” آخر كتاب صدر له عن المؤسسة العامة للثقافة.
كما يعود إليه الفضل -وفقا لما ورد في معجم القصاصين الليبيين لمؤلفه عبد الله مليطان- في تأسيس عدد من المطبوعات الصحفية من بينها مجلتا الرواد والمرأة، بالإضافة لتأسيسه اللجنة العليا لرعاية الآداب والفنون ومشاركته في تأسيس جمعية الفكر.
كتب التليسي 45 كتابا في مختلف المجالات
من بين الكتب التي ترجمها خليفة التليسي، كتاب أنريكو أغوستيني عن القبائل الليبية الذي ترجمه ونال به الشهرة التي يتمتع بها، بالإضافة إلى ترجماته الأخرى التي جعلت منه رائد الترجمة من الإيطالية إلى العربية في العالم العربي.
تيسير بن موسى
بداية هذا الكاتب تيسير بن موسى الذي وافته المنية نهاية يناير/كانون الثاني سنة 2009، كانت بصحيفة “الأسبوع الثقافي” الليبية محررًا ونائبًا لرئيس التحرير، ومن خلال هذه الصحيفة تعرف القراء على الكاتب بشكل اوسع.
كتب بن موسى في الأدب الليبي والتاريخ والتراث، وله أكثر من إصدار، ومن أهم الكتب التي أصدرها كتاب “نظرة عربية على غزوات الافرنج” الذي تضمّن دراسة تاريخية معمقة وثرية لغزوات الافرنج الصليبية على مصر وبلاد الشام في العصور الوسطى من خلال نظرة عربية موضوعية.
اهتم تيسير بن موسى بالتاريخ
يعتبر تيسير بن موسى، حسب الراحل خليفة التليسي، “مرجعية يرجع إليها الباحثون فيما يتصل بموضوعات التاريخ الإسلامي من خلال نظرته العربية إلى غزوات الفرنج والتاريخ الوطني من خلال دراساته لبعض ملامح المجتمع الليبي وكذلك الجهاد الدبلوماسي لليبيين في المهجر، وجميعها أعمال مرجعية تميزت بالنظرة الموضوعية الصائبة والاحكام الدقيقة”.
محمد فريد سيالة
من أبرز رجال الثقافة والأدب والصحافة في ليبيا، توفي في مارس/اذار 2008 عن عمر يناهز الثمانين عامًا، يعود إليه الفضل في نشأة الرواية الليبية، حيث كان أول من كتب رواية في ليبيا بعنوان “وتغيرت الحياة” سنة 1957، ثم تلتها رواية “الحياة صراع” سنة 1959 وبعدها الرواية الثالثة “اعترافات إنسان” عام 1962.
يعود الفضل في نشأة الرواية الليبية إلى سيالة
تميّزت معظم كتابات محمد فريد سيالة، بنقد العادات والتقاليد التي كانت سائدة في المجتمع الليبي، خاصة المتعلّق منها بالمرأة، وقد أثارت كتاباته خاصة “اعترافات إنسان” وكتاب “نحو غدٍ مشرق” و “الحياة صراع” ضجة كبيرة في الشارع الليبي لدعوتها الواضحة إلى “تحرير المرأة الليبية”.
إبراهيم الكوني
يعود له الفضل في إخراج الرواية الليبية من قوقعتها المحلية والدفع بها لتكون رافدًا جديدًا للرواية العربية، حتى أنها أصبحت قرينة لاسمه عالميًا وعربيًا، إنه الكاتب والشاعر إبراهيم الكوني الذي يصعب أن يتكلّم أحد عن رواية ليبية دون الحديث عن روايته التي كتبها.
كتب الكوني أزيد من سبعين عملاً أدبيًا وترجمت أعماله إلى أكثر من أربعين لغة
نسج الكوني علاقته بالحقل الثقافي والأدبي أثناء دراسته المرحلتين الإعدادية والثانوية بالجنوب الليبي. وبعد أن انتقل إلى موسكو لدراسة الآداب والنقد بدأ كتابة الرواية، ثم أصدر لاحقًا دواوين وكتبا نقدية. ومعظم مصنفاته تتناول السياسة والتاريخ والصحراء فكتب روايات وملاحم صحراوية تدور في معظمها حول واقع ليبيا والعلاقة التي تربط الإنسان بالصحراء.
اهتم الكوني بالصحراء الليبية
من إصدارات الكوني: ثورات الصحراء الكبرى، نقد الفكر الثوري عام 1975، الصلاة خارج نطاق الأوقات الخمسة، بيان في لغة اللاهوت، وروايات: رباعية الخسوف 1989، التبر، نزيف الحجر عام 1990، وطن الرؤى السماوية عام 1991، لغز الطوارق يكشف لغز الفراعنة وسومر 2001، من أنت أيها الملاك. ومن أعماله الشعرية ديوانا: البر والبحر، النثر البري.
كتب الكوني أزيد من سبعين عملاً أدبيًا وترجمت أعماله إلى أكثر من أربعين لغة، وظل موضع تقدير في محافل أدبية مرموقة في اليابان وفرنسا وسويسرا وألمانيا والعالم العربي. يقول الكوني إنه “يحب الكتابة باللغة العربية لا لثرائها وتعبيرها عن الصحراء فحسب، بل لقدرتها على صياغة وسوسة الروح”.
وفاء البوعيسي
من أبرز الأقلام النسوية في ليبيا، ولدت سنة 1973، كتبت عن الثالوث المحرم في الدين والجنس والسياسة، وتعتبر رواية “للجوع وجوه أخرى” التي صدرت سنة 2006 روايتها الأولى، وهي التي كانت سببا في مغادرتها ليبيا واللجوء إلى هولندا سنة 2008.
هاجرت وفاء إلى هولاندا بعد تكفيرها
تعرضت البوعيسي إثر نشر هذه الرواية إلى حملة تكفير واسعة من قبل المساجد في بنغازي، اتهمت وفاء بأن الرواية تتناول سيرتها الذاتية وأنها كانت تكتب عن تجاربها الشخصية في الحياة والجنس، ومن هنا بدأت تتعرض لمضايقات شديدة وصلت إلى حد التحرش بها في الشارع وملاحقتها في عملها.
شريفة القيادي
تعتبر شريفة القيادي، إحدى أبرز الكاتبات الليبيات، توفيت في ديسمبر/كانون الثاني سنة 2014، وتعد الأديبة الراحلة “شريفة القيادي” من أغزر الكاتبات الليبيات كتابة، وقد تنوع إنتاجها الإبداعي بين أجناس القصة القصيرة والرواية والخاطرة والمقالة والدراسة النقدية والتوثيقية. وبلغت مؤلفاتها حوالي 13 إصدار.
اهتمت القيادي بهموم المرأة
وقد راهنت “القيادي” في كتاباتها على المرأة في ليبيا، وقد عبّرت عن هواجسها في هذا الشأن في الكثير من اصداراتها التي زينت المكتبة الليبية، منها “هدير الشّفاه الرّقيقة” 1983، و”كأيّ امرأة أخرى” 1984، و”نفوس قلقة” 1993، و”هكذا صوّرت المرأة نفسها” 2008.
كما اهتمت أيضا بالسياسة، ففي كتابها “رحلة القلم النّسائي اللّيبي” الصادر عام 1997، كتبت شريفة القيادي أن اللّيبيين شطر من هذا العالم قريبه وبعيده، “ولا بدّ أن نهضم هذه الحقيقة ونتصرّف على أساسها”، في إشارة منها إلى سياسة الانغلاق التي تبنّاها نظام معمّر القذافي، منذ وصوله إلى السّلطة عام 1969.