لو حدث أن سألت أي مواطن عربي عن الأخطار التي تحدث بـ لبنان، ذاك البلد الصغير الذي يحد شمال فلسطين المحتلة حيث العدو الإسرائيلي ومزارع شبعا التي ما زالت تحت سيطرته، وحدوده الشرقية مع سوريا حيث القذائف لا تتوقف عن التسلسل، ومشاكل التعدد العرقية والدينية والتكتلات السياسية التي لم تهدأ منذ انتهاء الحرب الأهلية باتفاق الطائف، أو اشتباكات طرابلس أو سيارات حزب الله التي تجوب بيروت والجنوب دون أن يوقفها أمن البلد الرسمي.
لكن كل ذلك غير صح نظرياً!
حيث قالت الممثلة الإقليمية لمكتب المفوض السامي للأمم المتحدة للاجئين في لبنان نينت كيلي أن “تدفق حوالي مليون لاجئ سوري الى لبنان -المنهك بالفعل- يشكل تهديداً خطيرا للبلد”، مضيفة أن الدول المانحة ربما لا تدرك التأثير المحتمل اذا تعرض لبنان للمزيد من زعزعة الاستقرار.
مؤكدة أنه لا توجد دولة واحدة في العالم فيها هذه النسبة الكبيرة من اللاجئين كلبنان قياساً الى حجمها، حيث يشكل مليون لاجئ سوري ما يعادل ربع سكان هذا البلد تقريبا، مرجحة في حال عدم تقديم دعم الى لبنان احتمال انهياره وامتداد الصراع في سوريا بقوته الكاملة اليه.
ويعاني اللاجؤون السوريون في لبنان كثيراً من المخاطر – فضلاً على كونهم يشكلون خطراً على لبنان! – أولها التهديد على حياتهم في ظل التواجد الكبير من بقايا النظام السوري أو مؤيديه أو حتى مخابراته التي لن تتوانى على قتل أي شخص يدعم الثورة السورية “بشكل مؤثر” إعلامياً أو إغاثياً أو غير ذلك، وليس ذلك من أتباع النظام السوري وحسب، بل حتى من الأمن اللبناني ذاته حيث تحدث كثير من النشطاء السوريين المؤيدين للثورة عن مضايقات وتحقيقات تمت بحقهم من قبل الأمن اللبناني.
وجاءت تصريحات كيلي بعد تصريحات لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل الاثنين الماضي في مؤتمر صحفي في الكويت بأن اللاجئين السوريين إلى لبنان يشكلون “خطراً رئيسيا” على البلاد، موضحاً أن “هناك خطرين رئيسين على لبنان الأول يتمثل بالنازحين السوريين والثاني الإرهاب”، مقدماً بذلك النازحين على الإرهاب!
إضافة إلى ما سبق من تهديدات أمنية يعانيها السوريون في لبنان، فالقصف يكاد لا يهدأ على المناطق اللبنانية المتاخمة للحدود السورية والتي يقيم فيها العديد من اللاجئين السوريين في لبنان لا سيما عرسال وما حولها. كذلك يعاني السوريون من خطاب عنصري ممنهج بحقهم يتهمهم بـ”احتلال” لبنان وغلاء الأسعار وانخفاض الأجور.
وعلى إثر قام العديد من النشطاء اللبنانيون بتدشين حملة حملة لدعم اللاجئين السوريين فيلبنان في ظل تنامي خطاب العنصرية والاتهامات المتكررة بحقهم عبر مواقع التواصل الأجتماعي بكتابة عبارات مثل “النازح السوري مش عدوّك ..عدوّك هو اللي كان سبب نزوحه” و “ازا بدك السوري يطلع من عندك .. اطلع انت من أرضه”، في إشارة إلى قوات حزب الله التي تقاتل إلى جانب قوات الجيش السوري في قتل الشعب السوري.