الرجل الثاني في قائمة الأربعين حوثيًا المطلوبين الذي وضعتهم المملكة العربية السعودية في نوفمبر 2017، صالح الصماد رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى، قتل وفقًا لما أعلنته وكالة الأنباء اليمنية سبأ التي يسيطر عليها الحوثيون.
وجاء في نبأ مقتل الحوثي وفقًا للوكالة، أنه ظهر الخميس 19 من أبريل 2018 في محافظة الحديدة قتل “الصماد” إثر استهدافه بغارة جوية من طيران “العدوان الأمريكي السعودي وهو يؤدي واجبه الوطني”، وفقًا للوكالة.
استغل عبد الملك الحوثي هذا الحدث كما يستغل كل الأحداث المأساوية في اليمن لصالح جماعته، دون أن يكترث بما يعيشه اليمن من معاناة في المرض والحياة المعيشية بسببهم، واتهامه لأمريكا من أجل دغدغة مشاعر اليمنيين وقبائلهم من أجل النفير بالمقاتلين
وفي كلمة متلفزة له، نعى عبد الملك الحوثي المطلوب الأول للتحالف العربي، صالح الصماد، واتهم الولايات المتحدة الأمريكية في المقام الأول بقتل رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى الذي تم تأسيسه بناءً للاتفاق المبرم مع المؤتمر الشعبي العام في أغسطس 2016، لكنهم تمسكوا بالمنصب الذي كان يقتضي أنه دوريًا كل ستة أشهر بين المؤتمر الشعبي العام والحوثيين.
صحيفة الشرق الأوسط، كانت قد أثارت خلال الأيام الماضية معلومات تشير إلى أن هناك خلافات داخل الجماعة الحوثية بين التيار المتشدد الذي يتزعمه محمد علي الحوثي والتيار المعتدل الذي يتزعمه صالح الصماد.
ووفقًا للمعلومات، فإن الجمعة الماضية، دب خلاف كبير وسط الجماعة، واشتباكات داخلية بالأسلحة وتراشق بالأسلحة وتبادل الاتهامات بالسرقة بين أعضائها، بعدها تسربت معلومات عن وضع صالح الصماد تحت الإقامة الجبرية، بعد اختفاء الموارد المالية التي اغتنموها من الشعب اليمني، ليعلن الحوثيون يوم الثلاثاء 23 من أبريل مقتل الرجل الثاني في الجماعة صالح الصماد.
استغلال الحوثي للحدث
أول استهداف لشخصية حوثية كبيرة وسط أنباء عن اختلافات داخل الحركة بين الجناح المتشدد الذي يقوده محمد علي الحوثي والجناح المعتدل الذي يمثله الصماد يثير علامات استفهام كثيرة، ولا يدل على أن التحالف من استهدفه، لكن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران تريد أن تستغل مثل هذا الحدث لصالحها في حشد المقاتلين.
وكعادته، استغل عبد الملك الحوثي هذا الحدث كما يستغل كل الأحداث المأساوية في اليمن لصالح جماعته، دون أن يكترث بما يعيشه اليمن من معاناة في المرض والحياة المعيشية بسببهم، واتهامه لأمريكا من أجل دغدغة مشاعر اليمنيين وقبائلهم من أجل النفير بالمقاتلين، وهذا ما يشير إلى أن جماعته تمر بأزمة وجود مقاتلين وفراغ منذ بداية العام 2018، وبعد تنصلهم من الاتفاقيات السياسية كافة، سواء مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، أم الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح الذي كان يمثل لهم مظلة سياسية وعسكرية كبيرة.
بالنسبة للحوثي فقوله إن التحالف قتل الصماد يخدمه من ناحية رفع معنويات أتباعه، وإجراء ترتيبات داخلية تخدمه في إطار جماعته، ولذا نجد أن بيان نعي الحوثيين لصالح الصماد تم بعد أن تم اختيار رئيس لما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى للحوثيين مهدي المشاط مدير مكتب عبد الملك الحوثي عديم الخبرة والصغير السن حيث لا يتجاوز الثلاثين عامًا، وهو ما يعني أن زعيم الحركة بات لا يثق إلا بالدائرة المقربة منه بعد حصر جماعته في زاوية واحدة، وهذا ما يخالف الاتفاق المبرم بين جماعته مع حزب المؤتمر الشعبي العام.
ليس من المنطقي أن يكون التحالف قد استهدف موكب الصماد يوم الخميس الماضي دون أن يعلم من المستهدف، ومن غير المعقول إذا كان التحالف هو الذي استهدف موكب الصماد أن يكون عدد القتلى ستة دون أن يكون هناك قيادات أخرى
وفقًا لوثيقة إعلان تحالف المؤتمر والحوثي التي أنتجت ما يسمى المجلس السياسي، فإن نائب رئيس المجلس يحل محل الرئيس في حالة غيابه.
نائب رئيس المجلس السياسي هو النائب البرلماني المؤتمري قاسم الكسادي الذي غادر صنعاء نحو بلدته في أبين يوم مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، ولم يعلن منذ ذلك الوقت أي موقف من حزبه فيما التحالف مع الحوثي، وهذا الأخير يؤكد أن تحالفه مع المؤتمر ما زال قائمًا، وهو ما ينسفه هذا التعيين.
من قتل الصماد؟
وفقًا لمقتضيات الحرب، فإن التحالف العربي عندما يستهدف شخصًا، يعلن فورًا، ليغير من معادلات الحرب في اليمن، لكن التحالف لم يعلن أنه استهدف أي قيادة حوثية بهذا القدر، إلا بعد أن أعلن عبد الملك الحوثي شخصيًا مقتل صالح الصماد، وهو أيضًا من حدد الزمان والمكان وعدد الغارات.
وليس من المنطقي أن يكون التحالف قد استهدف موكب الصماد يوم الخميس الماضي دون أن يعلم من المستهدف، ومن غير المعقول إذا كان التحالف هو الذي استهدف موكب الصماد أن يكون عدد القتلى ستة دون أن يكون هناك قيادات أخرى مثل علي أبو الحاكم الذي لا يفارق الصماد، وقيادات عسكرية كبيرة، ودون أن يكون هناك جرحى في موكب فيه العشرات.
قناة المسيرة التابعة للحوثيين، قالت إن الصماد زار يوم الأحد الماضي 22 من أبريل 2018، ورشة التصنيع العسكري، وأوردت فيديو وصور تقول إن الإعلام الحربي التابع للجماعة وزعه، مساء الأحد، ويظهر في تلك المشاهد الصماد برفقة رئيس هيئة الأركان الحوثية اللواء الركن محمد الغماري.
صورة وزعها الإعلام الحربي التابع للجماعة يتحدث عن زيارته إلى ورشة التصنيع العسكري بعد مقتله بثلاثة أيام!
تشير الأحداث المذكورة آنفًا، أن صالح الصماد تمت تصفيته من الحوثيين للأسباب التالية:
أولًا: اتهم قبل أيام بأنه سبب الهزائم المتلاحقة في الجبهات لعدم قدرته على الحشد، وثانيها، وضعه عبد الملك الحوثي تحت الإقامة الجبرية بتاريخ 4 من نوفمبر متهمًا إياه بعدم الحشد لذكرى مقتل حسين الحوثي، وفقًا للمعلومات التي سربت في ذلك الوقت.
ثالثًا: أعلن الصماد انتهاء دور علي عبد الله صالح، وتمكن الحوثيين من السيطرة على البلاد التي يحكمونها بشكل كامل ولم تعد هناك حاجة لوجود لجان ثورية يتزعمها محمد علي الحوثي، مطالبًا بإقامة مؤسسات الدولة من دون اللجان الشعبية التي تعيث في الأرض فسادًا.
رابعًا: الخلاف بشأن تعيين بديل عن رئيس البرنامج الوطني لمكافحة الألغام الذي يتقاضى 17 مليون دولار سنويًا من الأمم المتحدة.
أخيرًا، كان الصماد قد أعلن مؤخرًا ندمه على مقتل الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وقال كان ذلك خطأ كبيرًا، كونهم فقدوا الغطاء السياسي والعسكري، وقد خسر الحوثيون الكثير من أنصارهم منذ مقتله، إضافة إلى تراجعهم في جبهات عدة، إضافة إلى أن الصماد كان غالبًا ما يدعو إلى فتح صفحة جديدة مع التحالف والحوار معهم كما كان يدعو الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح.
على التحالف أن يقول الحقيقة حتى يأخذ أنصار الصماد ثأرهم من قاتليه لأن تبني التحالف سيجعل دمه يتوزع بين التحالف، وسيغطي على تصفيات قادمة ستطال قيادات أخرى ولعل وزير الدفاع علي العاطفي هو الرأس المطلوب بعد الصماد خاصة بعدما قدم الرجل استقالته، وهناك تداخل بين مسؤوليته ومسؤوليات محمد علي الحوثي فيما يتعلق بالجبهات.
إعلان مقتل صالح الصماد قد يرفع معنويات الطرف الآخر، ويفتح شهية التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لاصطياد قيادات حوثية أخرى
وعلى كل، فإن إعلان مقتل صالح الصماد تشير الأحداث إلى أنه تم اغتياله من الجماعة، وليس التحالف العربي الذي لم يستطع أن يستهدف أي قيادي حوثي منذ ثلاث سنوات، أقلها، عدم تمكنه من رصد العروض العسكرية التي تنظمها الحركة من حين إلى آخر وسط العاصمة صنعاء وفي بعض المحافظات، وذلك يشير إلى أن الحوثيين يرفضون أن يكون لهم أي شريك في الحكم لكون الصماد ليس هاشميًا كما ينص قاموس الحركة الحوثية، أن من يحكم لا بد أن يكون هاشميًا.
المجلس السياسي الأعلى الذي تم تشكيله بين الحوثيين والمؤتمر الشعبي العام بات في حكم العدم، لأن من أقامه وشكله هما علي عبد الله صالح وصالح الصماد اللذين قتلا بالأداة الحوثية نفسها، وتعيين البديل من طرف عبد الملك كشف النزعة التفردية بكل جلاء ودليل ناصع على نوايا الأحادية الحاكمة الكامنة، وبماذا تفكر الحوثية مستقبلًاً في حكم اليمن.
بكل تأكيد سيكون لغياب صالح الصماد تأثير كبير على معنويات الحوثيين الذين واجهوا ضغطًا شديدًا في الجبهات خاصة في الساحل الغربي بظهور طارق صالح وفي صعدة والبيضاء حيث فتحت جبهات عدة هناك، وهو ما يعني أيضًا انتهاء الحل السياسي.
إعلان مقتل صالح الصماد قد يرفع معنويات الطرف الآخر، ويفتح شهية التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية لاصطياد قيادات حوثية أخرى!