هل هي معركة أم حرب؟ بين من ومن؟ وما دائرة تأثيرها؟
سبعة أيام على قرار جامعة التعليم الثانوي حجب الأعداد وتعليق الدورس، يبدو أنها لم تكف لحل الأزمة بين الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) والحكومة، بل ربما زادتها تعقيدًا؛ الأمر الذي قد يهدد السنة الدراسية برمتها ويحيلها إلى بياض.
معركة كسر عظام
لقد بات الأمر يتهدد علاقة الحكومة ممثلة في وزارة التربية ووزيرها حاتم بن سالم الذي هاجم مطالب النقابة، والهيئة الإدارية للجامعة العامة للتعليم الثانوي (نقابة التعليم الثانوي ضمن اتحاد الشغل)، ودخولهما في معركة كسر عظام، بين أحقية النقابة في مطالب مادية ومهنية، وأعباء مالية وفق رأي الحكومة، فأشهرت الأخيرة عصا التهديد باقتطاع أيام الإضراب مع التمسك بالتفاوض.
إشكالية جديدة تضع الديمقراطية داخل اتحاد الشغل على المحك، فأيهما أعلى سلطة الهيئة الإدارية أم سلطة ما أسماها البعض بنقابة اليعقوبي؟
وبين تقاذف التهم بين الطرفين أضحى الولي والتلميذ، ضحيتيْ معركة حامية ليسا طرفًا فيها.
حرب طاحنة للجميع
في الأثناء ظلت الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل تُساند الهيئة القطاعية لنقابة التعليم، حتى إذا ما استشعر أمين عام اتحاد الشغل نورالدين الطبوبي شبح السنة البيضاء، اصطف إلى جانب المطالبين باستئناف الدروس، فكانت حربًا طاحنة عاصفة بالجميع، أظهرت انقسامًا صلب منظمة الشغيلة، بل تمردًا على النقابة الأم، فلمن سلطة القرار؟ إشكالية جديدة تضع الديمقراطية داخل اتحاد الشغل على المحك، فأيهما أعلى سلطة الهيئة الإدارية أم سلطة ما أسماها البعض بنقابة اليعقوبي؟
ليس من باب العدل شخصنة القضية في وزير أو نقابي أو ولي أو تلميذ، فوضع التعليم وبرامج إصلاحه ليست جديدة، وهي نتاج سنوات من القرارات التعسفية والإصلاحات المشروطة، هذا دون تجاهل أن نقابة التعليم اتخذت قرارًا متسرعًا غير مدورس العواقب، ولعل في دعوة الأسعد اليعقوبي مجلس نواب الشعب ورئاسة الحكومة بالتدخل ما يثبت ذلك.
وقف الموقعون على وثيقة قرطاج على الربوة، مكرهين غير قادرين على الفعل، ربما لم تعد الوساطة مهمة في ظل توصيف البعض لاتحاد الشغل “بالدولة داخل الدولة”، يقود الوساطات لا ينقاد إليها
إذًا كثرت أطراف الصراع، وتكاثرت الاتهامات بلعب ورقة التلميذ، لتنضاف أخيرًا، ورقة الأستاذ لتأليب الرأي العام ضد النقابة، ولجر الاتحاد إلى مستتقع السياسة أو ربما سعيًا لضرب الرؤوس ببعضها، لكن – يقول نقابيون – إن من يؤجج هكذا معتركًا، سيخسره لا محالة، طالما أنه يمس بمؤسسات اعتبارية لا يمكن المس بها سواء كانت الاتحاد أم التعليم أم السلطة السيادية، فإلى من يعود الضمير الغائب؟
وثيقة قرطاج والضمير الغائب
وقف الموقعون على وثيقة قرطاج على الربوة، مكرهين غير قادرين على الفعل، ربما لم تعد الوساطة مهمة في ظل توصيف البعض لاتحاد الشغل “بالدولة داخل الدولة”، يقود الوساطات لا ينقاد إليها، كما لم يعد مهمًا توصيف البعض الآخر لحكومة الشاهد بحكومة وحدة أو تصريف أعمال أو محاصصة، كما لم يعد مهمًا المطالبات بتعديلها حاليًّا، بل الأهم من كل ذلك ترحيل القضية إلى ما بعد الانتخابات البلدية وإفرازات المشهد السياسي الجديد، حينها فقط، تصبح إطالة الأزمة حلاً، صدق من قال إنها حكومة مطافئ.