ترجمة حفصة جودة
بالنظر إلى المياه التي تقع أسفل البيوت الآيلة للسقوط في سيهانوك بكمبوديا، من الصعب أن تتخيل أن البحر يقع هنا، فبدلًا من ذلك هناك طبقات كبيرة من القمامة البلاستيكية التي تغطي المياه وتتجمع حول الأعمدة التي تحمل المنازل الخشبية وتغطي الشاطئ تمامًا.
ترسم الصور الحديثة لمدينة سيهانوك جنوب غرب البلاد صورة للتفاصيل المرعبة لمشكلة انتشار القمامة البلاستيكية في كمبوديا، وكيف أصبح انتشار القمامة غير المتحللة جزءًا من الحياة في المجتمعات الفقيرة.
تقول المصورة نيام بيرين إنها كانت مندهشة للغاية من مستوى التلوث البلاستيكي المنتشر على الشواطئ والأرصفة في سيهانوك، لكنها تؤكد أن هذه الجبال من القمامة تحكي قصة أخرى يتم تجاهلها في النقاشات العالمية بخصوص البلاستيك، حيث يلقى اللوم على الدول الفقيرة في انتشار النفايات البلاستيكية.
تضيف بيرين: “لا يوجد أي نوع من التعاطف مع حقيقة أن هؤلاء الذين يعيشون في سيهانوك لا يملكون نظامًا لتنقية المياه، ولذا فمياه الصنابير ملوثة وغير صالحة للشرب، وللبقاء على قيد الحياة فهم مضطرون لشراء زجاجات المياه ثم العيش وسط هذه القمامة التي تخلقها”.
على مدى الـ20 عامًا الماضية تحسن نظام المياه في كمبوديا بشكل أسرع من جيرانها الإقليميين، لكن هذه الجهود في الصرف الصحي تتركز بشكل أساسي في العاصمة بنوم بنه، ووفقًا لمؤسسة “Water.Org” فهناك نحو 4 ملايين شخص في كمبوديا لا يستطيعون الحصول على مياه نظيفة، وليس أمامهم خيار سوى شراء عبوات المياه بشكل لا نهائي، مما يعني استمرار دورة التدمير البيئي.
تقول بيرين: “هناك لوم كبير بشأن من السبب في توليد تلك القمامة وانتشار هذا التلوث البلاستيكي، لكن القصة إنسانية في النهاية، فهذا التلوث الذي يعيش فيه الناس هنا لا يمكن تجنبه لأنهم لا يستطيعون بالطبع إطعام أطفالهم من ذلك السائل الأسود اللزج الذي يخرج من الصنابير، إنه سام”.
ولعدم وجود خدمات لجمع القمامة في المنطقة، ينتهي الحال بتجمع زجاجات المياه على الشاطئ بجوار القمامة الأخرى؛ ولأن مئات العائلات يعيشون هنا بجوار المياه فإن القمامة اليومية تكون هائلة.
تصف بيرين مشهد قوارب الصيد وهي تدخل الميناء بعد رحلة طويلة لتلقي القمامة التي تجمعت معها لعدة أشهر في المياه، كما تلقي العائلات التي تسكن الأكواخ على الشاطئ قمامتها هناك أيضًا التي تتكون غالبيتها من عبوات وزجاجات بلاستيكية.
كما تشكل الأكياس البلاستيكية جزءًا كبيرًا من هذه القمامة، مما يثير القضية الكمبودية لاستهلاك الأكياس البلاستيك، ففي المناطق الحضرية يستهلك كل شخص نحو 2000 كيس بلاستيك سنويًا وهو معدل أعلى 10 مرات من استهلاك الفرد في الصين والمملكة المتحدة، ووفقًا لمنظمة مكافحة الفقر “ACRA” يُستخدم نحو 10 ملايين كيس بلاستيك في المتوسط يوميًا في بنوم بنه وحدها.
وعلى الرغم من ذلك وبالمقارنة مع جيرانها في جنوب شرق آسيا مثل فيتنام والفلبين وإندونيسيا، فكمبوديا ليست أكثر الدول تلوثًا بالبلاستيك، فقد نشر الغطاس البريطاني ريتش هورنر فيديو شهير يوثق سباحته في أكوام من القمامة البلاستيكية أمام شواطئ بالي، وتقول بيرين إن سكان سيهانوك وقعوا في دائرة قاسية من التلوث تتكرر في جميع المدن الفقيرة في كمبوديا.
إذا لم يكن هناك من يجمع تلك القمامة ولم يكن هناك أي آلية لوقفها، فهذا الواقع لن يتغير أبدًا وسيستمر للأبد، وسوف يمتلئ كل نهر وكل بحيرة بجبال من البلاستيك كما هو الحال في كمبوديا.
المصدر: الغادريان