يتصدر المغرب دول المنطقة في المجال السياحي، لما تمتلكه مدنه المنتشرة في كامل ربوع المملكة من خصائص سياحية عدة جمعت بين ما هو طبيعي وتاريخي وعمراني، فأينما وجهت بوصلتك وحليت تجد ضالتك وراحتك التي تسعى وراءها، من هذه المدن “تنزنيت” أو ما تعرف بـ”عاصمة الفضة” ذات التاريخ العريق والعمارة الأندلسية الفريدة.
تيزنيت ..مؤهلات جذب كثيرة
على بعد قرابة 700 كيلومتر جنوب العاصمة الرباط، شرق المحيط الأطلسي، في جهة سوس ماسة، تقع المدينة التي تعددت الروايات التاريخية بشأن أصل اسمها، غير أن الراجح أن هذا الاسم أمازيغي لسيدة أمازيغية تحمل نفس الاسم، ويقال إنها بنت من بنات الملوك الأمازيغ الذين حكموا المنطقة.
فضلاً عن اسم “تنزنيت” و”عاصمة الفضة”، يطلق بعض الباحثين أيضًا على المدينة اسم “المدينة السلطانية” في حين يسميها البعض الآخر المدينة الحسنية نسبة إلى السلطان الحسن الأول الذي زارها لأول مرة سنة 1882ميلاديًا، فقرر تحصينها وجعلها مركزًا مخزنيًا متميزًا، وكان هذا الإجراء بداية انطلاق مرحلة ارتقاء البلدة إلى حاضرة.
تتميز “تنزينت” عن باقي المدن بصناعة الحلي بأشكالها التقليدية وبتجلياتها الثقافية العميقة
ويفضل الآلاف من السياح من داخل المملكة زيارة تيزنيت الساحرة، فضلاً عن السياح الأجانب من جنسيات مختلفة الذين اختاروا المدينة للاستمتاع بمؤهلاتها السياحية والطبيعية الغنية، ومآثرها التاريخية وظواهرها التراثية المتميزة.
عاصمة الفضة
أهم ما يشد السائح في تيزنيت “الفضة”، فمنذ القدم تعرف “تنزينت” بتجارة الفضة، إذ يقصدها الزوار من أماكن عدة لاقتناء ما يلزمهم من الفضة الصافية، حتى إن حرفي هذه المهنة خصصوا لتجارتهم دارًا سميت قديمًا بـ”تيكمي ن نقرت” أي دار الفضة، ناهيك عن تخصيصهم محلات عديدة لهذه التجارة منتشرة قرب ساحة المشور.
وتتميز تنزينت عن باقي المدن بصناعة الحلي بأشكالها التقليدية وبتجلياتها الثقافية العميقة، ولعل هذا البُعد الرمزي للفضة هو ما يعطي قيمة مضافة للصناع التقليديين المحليين المعروفين بمهاراتهم وإبداعاتهم الخلاقة.
تشتهر المدينة بصناعة الفضة
وتعتبر صناعة الفضة في تيزنيت، موروثًا تاريخيًا وحضاريًا ورمزًا لقيم الجمالية والإبداع بالمنطقة، ورافدًا تنمويًا يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية، علمًا أن عدد الحرفيين العاملين بالمدينة يفوق حاليًّا 150 محلاً لبيع الحلي، موزعة على عدد من القيساريات المركزية بساحة المشور الشهيرة.
في وسط هذه المدينة، لك أن تتمتع برؤية عين ماء متدفقة يطلق عليها السكان المحليون اسم “العين الزرقاء”
وعرف تصنيع الفضة، تطورًا كبيرًا حيث انتقل من صناعة تقليدية يدوية خالصة إلى صناعة تقليدية تعتمد على الآلة في تحويل المادة الخام وتحضيرها لتصبح مهيأة للتقطيع والاشتغال عليها حسب شكل المنتج المطلوب على شكل سبائك أو أسلاك أو تقطيعات منبسطة ومحكمة مما ييسر عمل الصانع التقليدي فيما بعد.
سهول وأشجار وعين جارية
فضلاً عن تجارة الفضة، تشتهر تيزنيت بسهولها الخضراء وغاباتها الغناء ذات أشجار الأركان الكثيفة، وتنتمي هذه الشجرة إلى فصيلة الأشجار الصنوبرية، وتستطيع العيش لمدة قرون، ولأركان فوائد صحية لا حصر لها، فهي تنشط الدورة الدموية وتحد من أمراض القلب، ولها فوائد مهمة في مجال التجميل والحفاظ على نظارة البشرة ومقاومة لعوامل الأكسدة.
العين الزرقاء
في وسط هذه المدينة، لك أن تتمتع برؤية عين ماء متدفقة يطلق عليها السكان المحليون اسم “العين الزرقاء”، وتحكي الأسطورة عن كونها خلاصة صراع فتاة هاربة من إحدى القبائل منهكة فنبش كلبها في الأرض لتتدفق عين مائها أزرق صافي لتروي عطشها وتكون مهدًا لاستقرار حاضرة تيزنيت، وقد كان الحدث بداية تأسيس النواة الأولى لتجمع “أيت تزنيت” بعد نزوح جماعات وافدة من مناطق مختلفة، كونت في نهاية المطاف التجمعات المعروفة داخل البلدة.
مآثر عمرانية
إلى جانب ذلك، تتمتع المدينة بمعالم أثرية كثيرة ميزتها عن باقي مدن المنطقة من أهمها القصبة المخزنية أو ما يصطلح عليه باسم “قصبة أغناج”، حيث تعد من أقدم القصبات التاريخية بتيزنيت وتقع قرب العين الزرقاء ويبلغ عدد أبراجها خمسة.
تنسب القصبة إلى القائد الحاحي محمد أغناج الذي قام بحملة على منطقة سوس بإيعاز من المولى سليمان سنة 1810، وكان قد اتخذ تيزنيت حينها مركزًا ومنطلقًا لتثبيت سلطة المخزن على مجموع مناطق سوس.
سور المدينة
ما يشد الانتباه في المدينة أيضًا، السور الممتد على طول 7.5 كيلومتر الذي يتكون من 62 برجًا، وقد فتحت به أربعة أبواب تاريخية بجانب أبواب أخرى محدثة، وتم بناء هذا السور عقب زيارة السلطان الحسن الأول للمنطقة سنة 1882، رغبة منه في تحصين المدينة.