“خليه ينتن” (دعه يتعفن) و”خليها يصدّي” (اتركها تصدأ) و”خليه يريب” (دعه يفسد)، شعارات أطلقها أهل تونس والجزائر والمغرب، ضمن حملات متوازية لمقاطعة ماركات تجارية وبضائع استهلاكية بهدف الحدّ من ارتفاع أسعارها وغلاء المعيشة الذي أصبح السمة الطاغية في البلاد.
حملات واسعة كان فضاؤها الأول مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتوتير)، لكن سرعان ما وصلت أرض الواقع؛ مما أجبر بعض الشركات على تعديل أسعارها خشية مزيد من تضررها.
“خليها تصدّي”
البداية كانت من الجزائر، حيث أطلق ناشطون حملة المقاطعة تحت وسم “خليها تصدّي” أي اتركها تصدأ، بهدف مقاطعة شراء السيارات الجديدة والمستعملة، احتجاجًا على ارتفاع أسعارها، وبدأت الحملة غداة كشف وزارة الصناعة والمناجم الأسعار الحقيقية للسيارات المركبة في الجزائر، وهي الأسعار التي أشعلت جدلًا كبيرًا بشأن قيمة هامش الربح الخيالي الذي تحصّله الجهات المسؤولة عن تسويق السيارات في الجزائر.
https://www.youtube.com/watch?v=oKeg3fJ0UK4
ونشرت وزارة الصناعة والمناجم الجزائرية مؤخرًا، ما وصفتها بالأسعار الحقيقية للسيارات المركّبة عند خروجها من المصنع، وحسب قائمة الأسعار التي نشرها الوزارة، فإن الزيادات في الأسعار بين سعر السيارة الحقيقي عند خروجها من المصنع، والسعر النهائي المعروض على المواطن، تراوحت بين (881 دولارًا) إلى 2640 دولارًا حسب نوعية السيارة.
أظهرت مشاهد فيديو تناقلها الجزائريون الأسواق فارغة من الباعة والمشترين
وعدّدت الوثيقة الصادرة من مصالح وزارة الصناعة أربعة شركاء معتمدين في تركيب السيارات بالجزائر هم: الشركة الفرنسية رونو المسوقة للعلامة “رنو سيمبول”، والمتعامل الجزائري “طحكوت” المحتكر لعلامة “هيونداي”، والشركة الألمانية “سوفاك” المركّبة للعلامة “فولسفاغن”، والشركة “GLOVIZ” المنتجة للعلامة “كيا”، وكتب جزائري يدعى وليد في حسابه على توتير: “أرخسوها بالترك حملة #خليها_تصدي متواصلة”، إلى جانب ذلك نشرت العديد من الفيديوهات الفكاهية والأغاني في موقع يوتيوب لمساندة للحملة.
أرخسوها بالترك
حملة #خليها_تصدي متواصلة…
— walid liver (@LiverWalid) April 16, 2018
فيما نشر آخر يدعى العربي في حسابه الخاص على موقع توتير صور لبعض أنواع السيارات والشاحنات وتحتها أسعار قال إنها الأسعار التي يريدها الشعب، وكتب: “الأسعار المتفق عليها من طرف الشعب هي كالآتي.. #خليها_تصدي”.
الاسعار المتفق عليها من طرف الشعب هي اكالاتي#خليها_تصدي pic.twitter.com/gUyYHmOyTD
— larbihaj (@Larbihaj) April 17, 2018
ونتيجة هذه الحملة شهدت أسواق بيع السيارات في الجزائر شللًا شبه تامٍ، وأظهرت مشاهد فيديو تناقلها الجزائريون الأسواق فارغة من الباعة والمشترين، فضلاً عن ذلك شرع بعض وكلاء بيع السيارات المعتمدين في البلاد في تخفيض الأسعار.
#خليها_تنتن
هذه الحملة وصلت إلى الجارة الشرقية للجزائر، تونس، حيت أطلق نشطاء حملة مقاطعة تحت شعار “خليه ينتن”، للاحتجاج على الارتفاع الكبير التي تعرفه أسعار الأسماك والمنتجات البحرية في معظم الأسواق التونسية.
وتداول النشطاء على نطاق واسع في موقعي توتير وفيسبوك صورًا وفيديوهات التقطت في أسواق الأسماك في مختلف المدن التونسية، تظهر مدى ارتفاع الأسعار، وقالوا إنها تفوق بكثير نظيرتها في العاصمة الفرنسية باريس، وكتبت تونسية تدعى مروى المنّاعي في صفحتها على توتير “الحوت في تونس أغلى من الذهب #خليها_تنتن”.
الحوت في تونس اغلى من الذهب #خليها_تنتن
— marwa mannai 🇵🇸🇵🇸🇵🇸 (@marwamannai6) April 9, 2018
غير أن حملة مقاطعة شراء الأسماك التي أطلقها ناشطون على مواقع التواصل في تونس لم تؤثر في الأسعار أو في إقبال المشترين، حيث تواصل أسواق الأسماك نشاطها بشكل عادي، ويرجع الباعة ارتفاع الأسعار إلى كثرة الوسطاء المتدخلين في عملية تزويد الأسواق، إضافة إلى انخفاض كمية الإنتاج في الظروف المناخية السيئة، مما يجعل الطلب أكثر من العرض.
“خليه_يريب”
في المغرب أيضًا، شنّ نشطاء حملة مقاطعة واسعة في مواقع التواصل الاجتماعي تحت عنوان “خليه_يريب” (دعه يفسد)، لمحاربة الغلاء وارتفاع أسعار المنتجات التي انتشرت بشكل كبير، وذلك في محاولة لدفع عدد من الشركات المنتجة لها إلى خفض أسعارها.
وانتصارًا لهذه الحملة، كتب المغربي فتّاح بلعيد، في حسابه على توتير “المقاطعة خيانة للوطن.. ماذا نسمي الذي يقتلون الشعب بالأسعار الملتهبة، أليست هذه هي قمة الخيانة؟! #خليه_يريب #مقاطعون”.
https://twitter.com/fattah_belaid/status/989258563603353601
وتم استهداف ثلاث شركات بعينها هي “حليب سونطرال” التابعة لشركة “دانون سونطرال”، وهي جزء من المجموعة الفرنسية “جيرفي دانون”، ويعدّ حليب هذه الشركة من الأكثر انتشارًا في المغرب، حيث تتجاوز حصتها في السوق المحلية 60%.
فضلاً عن شركة “إفريقيا غاز”، وهي جزء من المجموعة المغربية “أكوا” الناشطة في عدة مجالات منها الغاز والوقود والزيوت والعقار التي تقترب حصتها في السوق من 50%، ويترأس المجموعة الملياردير المغربي عزيز أخنوش وهو وزير الفلاحة والصيد البحري في الحكومة المغربية، (يشغل المنصب منذ عام 2007)، وهو كذلك رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار.
أما ثالث هذه الشركات، فهي شركة مياه “سيدي علي”، باعتبارها واحدة من أهم شركات صناعة المياه المعدنية في المغرب التي تتوفر منتجاتها بأسعار مبالغ فيها، وتكون مرتفعة أكثر في المحطات الطرقية، وتعود هذه الماركة إلى شركة “أولماس للمياه المعدنية” التي تترأسها مريم بنصالح، وهي رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب.
برّر المقاطعون اختيار الماركات الثلاثة بالقول إنه خيار بديل للمقاطعة الشاملة
وتوعد منظمو حملات المقاطعة بمواصلتها على مدى شهر كامل حتى تحقيق مطلبهم، وفي تأكيد لتفاعل بعض التجار مع الحملة، تم نشر عدد من الصور من مختلف المدن توضح اشتراك عدد من المحلات بالامتناع عن شراء هذه المنتجات كمرحلة أولى.
وبرّر المقاطعون اختيار الماركات الثلاثة بالقول إنه خيار بديل للمقاطعة الشاملة، بحيث يتوقعون أن تقدم الشركات التي تضرّرت بخفض أسعار منتجاتها، ممّا يجعل بقية المنافسين يقومون كذلك بخفض الأسعار، ويطالب المقاطعون بأن تتماشى أسعار المنتجات اليومية مع القدرة الشرائية للمواطن المغربي.
وأثارت الحملة غير المسبوقة في المملكة التي تشن عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من أجل مقاطعة بعض السلع في البلاد، انتقادًا حادًا من طرف وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد، أول من أمس، حيث اعتبر أن من الضروري دعم الشركات الوطنية، واصفًا مطلقي تلك الحملة بـ”المداويخ”.