تعتمد الدولة الجزائرية في اقتصادها على قطاع المحروقات بالدرجة الأولى، وهذا القطاع أدى إلى تذبذب وتيرة التنمية الاقتصادية في البلاد لعدم استقرار أسعاره، فاتخذت الدولة إجراءات وتدابير منها وقف الاستيراد والذهاب نحو التصنيع وتشجيع الإنتاج المحلي تحت شعار “منتوج بلادي”، فاستثمرت الدولة في قطاع تركيب وتصنيع السيارات محليًا في إطار التخفيف على أعباء الخزينة من شبح الاستيراد، والذهاب كذلك نحو بناء إستراتيجية هادفة لرفع المستوى الاقتصادي المتدني وضبط السوق الجزائرية بتوفير منتجات مصنعة محليًا.
عُرف سوق السيارات في الجزائر بعدم توازنه في الأسعار وأسعار غير مضبوطة، وهذا الخلل مس السيارات المستعملة، ففي الجزائر فقط السيارة المستعملة تباع بأكثر من السعر الذي بيعت به سابقًا، فعُرف هذا السوق بالغلاء الكبير الى درجة أن السيارة المركبة محليًا أغلى من المستوردة، رغم استفادة أصحاب مصانع التركيب والتجميع في الجزائر من تسهيلات وامتيازات جبائية، إلى جانب إعفاءات جمركية وضعتها الدولة لتشجيع صناعة السيارات في الجزائر.
إستراتيجية تركيب أو تجميع وتصنيع السيارة محليًا إستراتيجية هادفة تسعى لرفع المستوى الاقتصادي المتدني وضبط السوق الجزائرية بتوفير منتجات مصنعة محليًا
وحسب جريدة الخبر الجزائرية فإن وزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي وعد الرأي العام بالكشف عن الأسعار الحقيقية للسيارات، في إطار العملية التي باشرتها الحكومة لمراقبة أسعار السيارات التي تنتجها وحدات التركيب وتجميع السيارات.
ومن ذات المصدر: “أفرز التحقيق الأوليّ الذي باشرته وزارة الصناعة والمناجم بشأن سوق السيارات في الجزائر في مرحلته الأولى، عن إصدار وزارة الصناعة لقائمة تكشف الأسعار الحقيقية للسيارات عند خروجها من المصنع، مما كشف فوارق مهمة بين الأسعار المعتمدة داخل مصانع تركيب وتجميع السيارات وتلك المعمول بها في أسواق السيارات التي تتعدى في معدلها 30 مليون سنتيم”.
“أسعار السيارات من كيا في الوثيقة التي أعلاه، وسيارات من نوع سامبول (رونو) وساندورو (داسيا) وهيونداي في الوثيقة أدناه”.
وغداة نشر الوزارة هذه الأسعار أطلق رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة متعلقة بمقاطعة عملية شراء السيارات، وأُطلقت الحملة تحت شعار “خليها تصدي” أو اتركها تصدأ، ولقيت الحملة مساندة من المجتمع الجزائري احتجاجًا على الأسعار الباهظة التي دخلت بها السيارات عام 2018، ولقيت الحملة تفاعلاً كبيرًا من طرف الجزائريين، حيث تراجع غالبية الشعب عن شراء السيارات، وأتت هذه الخطوة ساعية إلى إعادة ضبط الأسعار بعقلانية مع مراعاة القدرة الشرائية للمواطن الجزائري في ظل الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد والتحديات الاقتصادية التي تواجهها.
إستراتيجية تركيب أو تجميع وتصنيع السيارة محليًا إستراتيجية هادفة وكما ذكرنا سابقًا تسعى لرفع المستوى الاقتصادي المتدني وضبط السوق الجزائرية بتوفير منتجات مصنعة محليًا، وكذلك تمكن من ضبط الأسعار فيكون سعر السيارة المصنعة محليًا مماثل لسعر السيارة المستوردة أو أقل منطقيًا هكذا وليس العكس.
يبقى سوق السيارات الجزائري ناجحًا إن تميز بإستراتيجية بعيدة المدى لا تقتصر على التركيب فقط بل التصنيع
وتبقى هذه الإستراتيجية متأخرة نوعًا ما، لأن العالم الآن يسعى لإدراج السيارات الكهربائية في الطرقات – وهي صديقة البيئة – والاستثمار في تصنيعها، ولكن حاليًّا في الجزائر يمكن لسوق السيارات تحقيق امتياز ونجاح في البيع بتصدير السيارات الى دول الجوار في خطوة قادمة بعد تحقيق الاكتفاء الذاتي، ولكن في حال لم يتم ضبط سعرها محليًا فالدول الإفريقية المجاورة لن تستورد من الجزائر لأنها ستكون أغلى من استيرادها من بلد آخر أو البلد المصنعة.
يبقى في المجمل سوق السيارات الجزائري ناجحًا إن تميز بإستراتيجية بعيدة المدى لا تقتصر على التركيب فقط بل التصنيع، ولا تقتصر على البيع محليًا بل التصدير، وهذا في حال إعادة ضبط ومراجعة ما يوجد من خلل في الحسابات.