شرق العاصمة الجزائر، على بعد قرابة 400 كيلومتر منها، تقع “لؤلؤة الساحل” الجزائري مدينة “جيجل” التي جمعت بين جمال شواطئها الرملية وروعة جبالها الصخرية، رائحة المدن تأخذكم في جولتها الأسبوعية إلى هذه المدينة المتوسطية حيث الكهوف والمغارات والغابات الخضراء التي شكلت مجتمعة لوحة فنية تجذب السياح من كل مكان.
جيجل
يجد محبو الطبيعة في جيجل هذه الأيام كل مقومات الجذب، ففي هذه المدينة الساحلية ذات الطابع الريفي الجبلي تلتقي كل معاني الجمال والاسترخاء، حيث تتمتع مدينة جيجل بسواحل تمتد لعشرات الكيلومترات، جمعت بين الشواطئ الرملية ذات اللون الذهبي وخضرة الغابات وزرقة المياه.
ليس بحر جيجل وحده الذي يجذب محبيه، إنما توجد تشكيلة كاملة من المواقع التي تمثل مصدر جذب كبير
إن كنت من هواة البحر، فالبحر الأحمر مقصدك وأول ما يعترضك في هذه المنطقة الساحرة، وهو من أروع الشواطئ الجزائرية التي يكون أغلبها على شكل خلجان صغيرة، فهناك لك أن تحظى بشرف مشاهدة لوحة طبيعية خلابة تتعانق فيها الجبال التي تزينها الغابات مع البحر.
فضلاً عن السباحة، هناك فرصة للسائح للتخييم في شواطئ جيجل ذات الطبيعة العذراء، ففي شاطئ أفتيس مثلاً أو شاطئ الخليج الصغير أو شاطئ الولجة، لك أن تنصب خيمتك وتتمتع بالتخييم في الطبيعة وفرص زيارة الجبال والغابات والجزر المترامية وسط البحر.
تتميز المدينة بجمال شواطئها
من أبرز هذه الجزر “جزيرة العوانة” أو ما يطلق عليها “جوهرة البحر الأبيض المتوسط” أو “جزيرة الأحلام” كما يحلو للكثيرين تسميتها، لا تبعد عن شاطئ العوانة سوى 900 متر، تتميز الجزيرة بطبيعة خلابة تجعلها جوهرة تتزين بها جيجل خاصة والبحر المتوسط عامة، فالجزيرة بها غابات خضراء تمتزج مع زرقة البحر، وأصوات الأمواج تمتزج مع أصوات طائر النورس.
محميات طبيعية رائعة
ليس بحر جيجل وحده الذي يجذب محبيه، إنما توجد تشكيلة كاملة من المواقع تمثل مصدر جذب كبير، فجيجل تمتاز أيضًا بمحمياتها الطبيعية الزاخرة بمختلف أنواع النباتات والأشجار وتعج بالحياة البرية، وتعتبر “تازا” أشهر وأهم تلك المحميات، تقع داخل منطقة غنية طبيعيًا يطلق عليها اسم “خليج بجاية” واكتشفت عام 1923 وصنفت رسميًا ضمن المناطق المحمية سنة 1984.
يعيش في المحمية 16 نوعًا من الثدييات المتوحشة
وتتوسط “تازا” مرتفعات تسمى “جبال قروش” و”دار الواد” ويمتد ساحلها على نحو تسعة كيلومترات وهو ساحل وعر لكنه جميل تلتقي فيه زرقة البحر النظيف والهادئ باخضرار الأشجار المنتشرة فوقه في شكل مظلات عملاقة تعانق السماء وترمي بأطرافها لتداعبها الأمواج.
وينتشر في هذه المحمية الطبيعية نحو 450 نوعًا نباتيًا موجهًا للأغراض العلمية يمثل 14% من التراث النباتي المستخدم لهذا الغرض في الجزائر، وقرابة 55 نوعًا آخر مصنفًا بين النباتات النادرة المهددة بالاختفاء و145 نوعًا من الأعشاب الطبية و25 نوعًا من النباتات التي تستعمل في البستنة التزيينية و20 نوعًا من الأشجار.
تحتوي محمية “تازا” على عشرات الحيوانات الفريدة
ويعيش هناك 16 نوعًا من الثدييات المتوحشة أي ما يعادل 21% من أنواع الثدييات البرية التي تعيش في الجزائر، بعضها معرض للانقراض كالوشق والضبع المخطط والأيل البربري أو غزال الجبال، و110 أنواع من الطيور أبرزها طائر “كاسر الجوز” الذي ينحدر أصلًا من أوروبا الغربية ثم استوطن المنطقة.
كهوف عجيبة
إلى جانب شواطئها ومحمياتها الطبيعية، تمتاز المدينة أيضًا بكهوفها العجيبة الواقعة على منحدرات صخرية، ويمكن الوصول إلى هذه الكهوف التي تعرف باسم “غار الباز” عن طريق الجسر الحديدي الموصل إليها عوضًا عن الممر القديم الذي كان من مادة الإسمنت.
تتميز هذه المغارات بدرجة حرارة ثابتة تبلغ 18 درجة مئوية
وتتميز هذه المغارات التي اُكتشفت سنة 1917، بجمالها الفريد من نوعه وروعتها النادرة التي تخفي في ثنايا هندستها الجميلة أسرارًا تعجز العين المجردة عن اكتشافها خاصة مظهر تلك الصواعد والنوازل المنحوتة بأشكال غريبة.
اُكتشفت هذه المغارات قبل أكثر من قرن
يمكن لزائر هذه الكهوف العجيبة أن يرى أشكالاً تشكلت بفعل ظاهرة تسرب مياه الأمطار المحملة بالكلس والأملاح المعدنية من بينها تمثال الحرية بأمريكا وكأس العالم وبرج بيزا بإيطاليا وقصر الكريملين بموسكو وتمثال بوذا والقردة الثلاث التي تمثل رمز الحكمة، ولا تمل أعين الزوار من مشاهدة صور الحيوانات الكثيرة والأشكال التي أبدعتها أنامل الطبيعة داخل المغارة.
تتميز هذه المغارات أيضًا، بدرجة حرارة ثابتة تبلغ 18 درجة مئوية، فيما تتراوح درجة الرطوبة بين 60 و80 درجة مئوية، وقد أثبتت الدراسات أن تلك التشكيلات الحجرية الكلسية المعروفة بالصواعد والنوازل الموجودة في هذه المغارات تنمو بمعدل سنتيمتر في القرن.