هذه الانتخابات دون غيرها وصفها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بأنها بمثابة الانتخابات العامة بالنسبة لحزبه، وذلك لأسباب كثيرة، من بينها أنها أول انتخابات تجرى منذ إعلان الحرب بين حزب العدالة والتنمية وجماعة فتح الله كولن، بالإضافة إلى الهالة الإعلامية الكبيرة التي أثيرت حول مصطفى ساري غول مرشح حزب الشعب الجمهوري لرئاسة بلدية اسطنبول والذي يفترض أن يكون المنافس الأقوى على رئاسة الوزراء في الانتخابات التشريعية التي ستقام خلال سنة.
وإن أبدى أردوغان ثقة عمياء في حتمية فوز حزبه بالمرتبة الأولى في هذه الانتخابات دون أن يشكك معارضوه في ذلك، فإن التحدي الأكبر لحزب العدالة والتنمية يكمن في الفوز بنسبة تفوق الأربعين بالمائة، في حين تأمل المعارضة في أن تكون النسبة التي سيفوز بها حزب أردوغان دون الـ35 بالمائة.. وبين هذا وذاك تنحصر الاحتمالات.
فوز العدالة والتنمية بما دون الـ35 بالمائة:
في هذه الحالة يكون حزب العدالة والتنمية قد مني يهزيمة رغم فوزه، وحسب الدكتور محمد العادل رئيس المعهد التركي العربي للدراسات الاستراتيجية، ستطالب المعارضة التركية آن ذاك بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة مما سيزيد من ضعف موقف حزب العدالة والتنمية.
وحسب محمد العادل فإن نتيجة كهذه ستحقق أحد أهم أهداف خصوم حكومة أردوغان في الداخل والخارج، إذ سيجد أردوغان نفسه مجبرا على التحالف مع أحد الأحزاب المعارضة والدخول في حكومة ائتلافية مما سيؤدي إلى كسر شوكة الحكومة وسيجعلها تحت وطئة التوافقات الداخلية.. وهو ما لا يتناسب مع طبيعة المرحلة التي تمر بها تركيا.
وفي ظل استبعاده لإمكانية أن يتحالف حزب العدالة والتنمية مع أحد الحزبين الأقوى في البلاد، حزب الشعب الجمهوري وحزب الشعب القومي، لا يستبعد محمد العادل أن يشجع تراجع حزب العدالة والتنمية هاذين الحزبين على التقارب وربما التحالف قبل أو بعد الانتخابات التشريعية القادمة.
وفي إطار التوقعات المرتبطة بفرضية حصول حزب العدالة والتنمية على نسبة أصوات دون الـ35 بالمائة، يرى خبراء أتراك أن حزب العدالة والتنمية سيقترب أكثر من الأحزاب الكردية وقد يتحالف معها بصفة غير مباشرة معتمدا بذلك على التقدم الذي أنجزه في الفترة الماضية في ملف السلام الداخلي والذي سيحتاج إلى أن يستثمر فيه أكثر في حال أراد الاستعانة بالأكراد.
فوز العدالة والتنمية بنسبة تفوق الـ40 بالمائة:
في حال حدوث هذا، سيكون حزب العدالة والتنمية قد حقق نصرا حقيقيا، وستصاب المعارضة بخيبة أمل كبرى قد تجعلها تفقد الأمل بالكامل في إمكانية إنهاء حكم العدالة والتنمية عبر الانتخابات، في حين سيعلن حزب العدالة والتنمية انطلاقة جديدة له في الحكم.
ففوز أردوغان بنسبة كهذه في هذا التوقيت وعدم تشكيك المعارضة في نزاهة الانتخابات، سيمثل تثبيتا لشعبيته التي ادعت المعارضة أنها قد تراجعت أمام تحالف حزب الشعب الجمهوري، الأتاتوركي العلماني، مع جماعة فتح الله كولن، الدينية، وسيثبت أن حكومته تجاوزت أزمة عملية 17 ديسمبر التي أتهم فيها عشرات المقربين من أردوغان بالفساد، وأن شعبيتها لم تتأثر بالقرارات المتخذة مؤخرا بغلق موقع تويتر ويوتيوب.
وأما الخطوات التي سيتخذها أردوغان في حال تحقيق حزبه لنصر كهذا، فيرجح محللون أتراك أن تتمثل في ضربات قاسية جدا لجماعة فتح الله كولن قد تصل إلى أن يعلن أردوغان هذه الجماعة تنظيما إرهابيا ويأذن باجتثاثها بالكامل من داخل مؤسسات الدولة.
وإن كان المحللون يعتقدون أن تستمر معركة الحكومة مع الجماعة إلى حين عقد الانتخابات الرئاسية في أغسطس المقبل، فإنهم يرجحون أن يستغل الحزب أجواء النصر لإعادة تنظيم الصفوف الداخلية وللمضي عمليا في خطة تصعيد شخصية قيادية شبابية لخلافة رجب طيب أردوغان.