التهجير القسري وفق سلسلة هجمات جوية يتبعها النظام وحلفاؤه على المناطق المحاصرة في دمشق التي تقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة، يُخضع النظام المعارضة للقبول بالتهجير القسري بعد سلسلة من الهجمات البرية والجوية، وبشكل فعلي هذه المناطق كانت قد حوصرت منذ سنوات عدة وسط نقص كارثي في المواد الغذائية والأدوية، حيث يواجه الناس في المناطق نقص حاد في الأدوية ما يخلف كوارث إنسانية سيئة للغاية، تُجبر فيها المعارضة بالقبول لعدم إلحاق الضرر بما تبقى من سكان المنطقة.
توصلت فصائل المعارضة المسلحة من جهة وقوات النظام من جهة أخرى لاتفاق نهائي، جنوب دمشق، ويقضي الاتفاق بدخول النظام بلدات (يلدا وببيلا وبيت سحم) الخاضعة للمعارضة ثم تنفيذ مصالحة شاملة فيها، وخروج من يرفض المصالحة من عناصر المعارضة والمدنيين إلى مناطق الشمال السوري.
وأعلنت لجنة التفاوض الأحد 29 من أبريل/نيسان، والممثلة لفصائل المعارضة من جيش الإسلام وجيش الأبابيل ولواء شام الرسول وحركة أحرار الشام الإسلامية وفرقة دمشق، التوصل لاتفاق نهائي مع قوات النظام تحت رعاية روسية، ويقضي الاتفاق بخروج رافضي “المصالحة الوطنية” من عناصر المعارضة والمدنيين إلى مناطق الشمال السوري.
كما ينص الاتفاق على مهلة 6 أشهر للمنشقين والمتخلفين عن الخدمة العسكرية في قوات النظام، وتقع مسؤولية حماية القرى والبلدات بعد التهجير على عاتق الشرطة الروسية كما تنص اتفاقات التسوية السابقة مع الجانب الروسي أو النظام، ومن جانبها الحكومة السورية تلتزم بتقديم الدعم الإنساني للمتبقين في البلدات جنوب دمشق.
اتفاق هيئة تحرير الشام مع النظام
تسيطر هيئة تحرير الشام التي تنشط فعليًا في إدلب وريفها – وهي المكون العسكري لـ”جبهة النصرة” سابقًا – على مخيم اليرموك الذي يقع في الريف الجنوبي لدمشق، حيث توصلت أمس لاتفاق مع قوات النظام خلال عمليات المفاوضات معه.
وذكرت وسائل إعلام النظام ليل الأحد أن النظام توصل لاتفاق مع هيئة تحرير الشام في مخيم اليرموك الواقع تحت سيطرة الأخيرة، يقضي بوقف إطلاق النار، كما ينص الاتفاق أيضًا على خروج مقاتلي الهيئة إلى إدلب إضافة إلى المدنيين الراغبين بذلك، مقابل السماح لعدد من سكان بلدتي (كفريا والفوعة) في ريف إدلب والبالغ عددهم نحو 5 آلاف شخص بالخروج إلى مناطق النظام.
وأضافت وسائل إعلام النظام أن الاتفاق بدأ فجر الإثنين وسيخرج قرابة الـ1500 شخص من كفريا والفوعة في المرحلة الأولى من الاتفاق، و85 أسيرًا من بلدة اشتبرق، ووصلت عند منتصف ليل الأحد/الاثنين الحافلات التي ستقل مقاتلي هيئة تحرير الشام من دمشق إلى الشمال السوري، في حين دخلت الحافلات إلى بلدتي الفوعة وكفريا صباح أمس الإثنين، وخرجت عبر معبر العيس الذي افتتحته هيئة تحرير الشام في ريف حلب الجنوبي، وذكرت أن الاتفاق ستستكمل جميع بنوده قبل بداية شهر رمضان.
من جانبه أفاد خالد الحمصي عضو المكتب الأمني في هيئة تحرير الشام لوكالة إباء التابعة لهيئة تحرير الشام: “شن النظام المجرم والميليشيات الإيرانية وحزب الله هجومًا بريًا مع غطاء مدفعي وجوي مكثف على أحياء مخيم اليرموك جنوب دمشق المحاصرة بين النظام المجرم من جهة ومناطق الخوارج من جهة أخرى، واستخدم سياسة الأرض المحروقة على منطقة تفتقر لأدنى مقومات الحياة بعد حصار دام أكثر من 4 سنوات”.
الاتفاق بين هيئة تحرير الشام من جهة، وقوات النظام وإيران من جهة أخرى متمم للاتفاق السابق الذي جرى في أبريل/نيسان من العام الماضي، الذي يقضي بإخلاء الفوعة وكفريا ومضايا والزبداني وجبل بلودان ومخيم اليرموك في جنوب دمشق على مرحلتين
وأشار إلى اتباع الميليشيات الإيرانية أسلوب الضغط على أهالي المخيم بغية أسرهم والتفاوض عليهم لإخراج كامل سكان ومقاتلي بلدتي الفوعة وكفريا، وتابع “بعد رفضنا القاطع للخضوع لهذه الضغوط ومع استمرار الحملة الشرسة على المخيم دون تقدم يُذكر توصلنا لاتفاق مع العدو الإيراني ضمن الشروط التالية: إخراج 1000 شخص من بلدتي الفوعة وكفريا – ضمنهم عدد من المسلحين – وإخراج كل المحاصرين من مخيم اليرموك مع عوائلهم، وإطلاق سراح نصف أسرى قرية اشتبرق البالغ عددهم 40 شخصًا”.
وذكرت مصادر مطلعة أن هذا الاتفاق بين هيئة تحرير الشام من جهة، وقوات النظام وإيران من جهة أخرى متمم للاتفاق السابق الذي جرى في أبريل/نيسان من العام الماضي، الذي يقضي بإخلاء الفوعة وكفريا ومضايا والزبداني وجبل بلودان ومخيم اليرموك في جنوب دمشق على مرحلتين، وقد نُفِّذت المرحلة الأولى بإخلاء 8000 نسمة من الفوعة وكفريا مقابل إخراج مضايا والزبداني وجبل بلودان، وتعثر تطبيق المرحلة الثانية التي تقضي بإخلاء بقية سكان ومقاتلي الفوعة وكفريا مقابل إخراج المقاتلين والمطلوبين من مخيم اليرموك جنوبي دمشق، إضافة لإطلاق سراح 1500 معتقل من سجون النظام، إلا أنها الآن أستكملت وفق بنود مختلفة عن السابقة تمامًا.
على ما يبدو إذا خرجت قوات المعارضة المسلحة من مناطقها وهيئة تحرير الشام، سيبقى حي القدم والحجر الأسود تحت سيطرة تنظيم “داعش” وهناك أنباء غير مؤكدة إلى الآن عن اتفاق بين قوات النظام والتنظيم في جنوب دمشق
وتنقسم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في الجنوب الدمشقي إلى 3 أقسام حيث تسيطر قوات المعارضة على بلدات (بيت سحم، وببيلا، ويلدا)، وتسيطر هيئة تحرير الشام على مخيم اليرموك، فيما يسيطر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على حي القدم والحجر الأسود إضافة إلى أجزاء من حي التضامن ومخيم اليرموك.
وعلى ما يبدو إذا خرجت قوات المعارضة المسلحة من مناطقها وهيئة تحرير الشام، سيبقى حي القدم والحجر الأسود تحت سيطرة تنظيم “داعش” وهناك أنباء غير مؤكدة إلى الآن عن اتفاق بين قوات النظام والتنظيم في جنوب دمشق، الذي يقضي بنقل عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” إلى البادية في الشرق السوري، وليس من المعقول أن يتفق النظام مع التنظيم بنقله إلى البادية السورية، لأن مراحل تهجيره تنتقل من منطقة إلى أخرى وقد تسلم النظام عدة نقاط من جهة يلدا مواجهة للتنظيم، وتستمر العملية العسكرية للنظام على أحياء مخيم اليرموك والحجر الأسود والتضامن والقدم والعسالي لليوم الـ12 على التوالي.
وتحقق قوات النظام تقدمًا ميدانيًا على محاور جورة الشريباتي في العسالي والمادنية بحي القدم، بعد سيطرتها في وقت سابق على نقاط بساتين بلدة يلدا المحررة المواجهة لحي الزين في الحجر الأسود المعقل الرئيسي للتنظيم، ومعطيات الواقع تقول إن التنظيم مستمر في القتال لفترة من الزمن، قبل الدخول في مسار التفاوض مجددًا مع النظام، ومع خروج المعارضة والهيئة من أحياء الجنوب الدمشقي يتفرد النظام بالتنظيم للقضاء عليه إن لم تجرِ مفاوضات.