الأطفال في اليمن البسمة الممزقة على قارعة الطريق، فالمآسي والآلام تفتك بهم وتخطف مستقبلهم، فهم بين مرارة الفقر والحرب وجائحة الأمراض الفتاكة وسوء التغذية، فالأطفال في اليمن يفتقدون إلى أبسط الحقوق الإنسانية الأساسية كحق الحياة والتعليم والغذاء.
الآلاف من القتلى والجرحى سقطوا جراء الحرب التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية والصراع اليمني الداخلي، فاليمن يعيش أسوأ مراحله التاريخية، بل إنه يعاني من أزمة سياسية جعلته يتربع على قائمة الدول الأكثر جوعًا وفقرًا، فوفقًا للأمم المتحدة فإن “الأزمة الغذائية في اليمن هي الأكبر عالميًا، والمساعدات الإنسانية غير كافية”.
فقد وصف وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، الأوضاع الإنسانية التي يعيشها الشعب اليمني في الوقت الراهن بأنها تبدو كـ”الحال في يوم القيامة”، وبالتالي فإن الأطفال الفئة الأشد تضررًا بين مختلف الفئات الاجتماعية، حيث ذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) أن ما يقارب 5000 طفل يمني توفوا منذ مارس 2015 وهو تاريخ الحرب التي شنها التحالف العربي على اليمن.
“الحرب في اليمن حرب على الأطفال” هكذا أوضح المدير الإقليمي لمنظمة اليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، واعتبرت المنظمة أن اليمن أسوأ الأماكن على وجه الأرض بالنسبة للأطفال، وحذرت من كارثة وشيكة إذا لم تصل المساعدات لأكثر من 11 مليون طفل يمني، وأن نحو 400 ألف طفل آخر يواجهون خطر الموت جوعًا.
أثر الحرب على الصحة
كل عشر دقائق يموت طفل يمني بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، هذا ما أشارت إليه منظمة (اليونيسيف)، وأنه ومع ارتفاع حدة الصراع قتل وأصيب أكثر من خمسة آلاف طفل وبمعدل خمسة أطفال في اليوم، مشيرة إلى أن مليونًا ونصف المليون طفل يعانون من سوء التغذية، منهم 400 ألف طفل يعانون سوء التغذية الحاد.
يعد قطاع التعليم من أشد المجالات التي تأثرت جراء الحرب في اليمن، حيث اضطر نحو نصف مليون طفل يمني لترك الدراسة منذ تصاعد النزاع في البلد
مدير منظمة “انقذوا الأطفال” في اليمن، تامر كيرولوس، ذكر أن هناك نحو 600 إلى 700 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، أما بخصوص المشاكل الصحية فهي موجودة بكثرة، وأشار إلى أن سوء التغذية مشكلة منتشرة بشكل كبير في اليمن، حتى قبل اندلاع الصراع، غير أن الوضع تفاقم بشكل كبير بعد حرب السعودية على اليمن منذ مارس 2015، واستمرار النزاع لثلاث سنوات، حيث لا يستطيع نحو 8 ملايين يمني تأمين وجبة غذائية، من ضمنهم عدد كبير من الأطفال.
الأثر على التعليم
يعد قطاع التعليم من أشد المجالات التي تأثرت جراء الحرب في اليمن، فقد اضطر نحو نصف مليون طفل يمني لترك الدراسة منذ تصاعد النزاع في البلد وانطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية عام 2015، ويشير تقرير “لليونيسف” إلى أنه لم يتم صرف رواتب الكوادر التعليمية العاملة في ثلاثة أرباع المدارس الحكومية في اليمن منذ أكثر من عام، مما يجعل تعليم قرابة 4.5 مليون طفل على المحك وأشارت المنظمة أيضًا إلى أن حرمان الأطفال من حصولهم على التعليم وبقاؤهم خارج المدارس يعرض البنين للاستغلال وإمكانية تجنيدهم من الجماعات المسلحة.
المنظمة ذكرت أن الأسر الفقيرة في اليمن تلجأ إلى خيارات سلبية من أجل التعامل مع الأزمة الراهنة، مثل تقليل عدد الوجبات والشراء بالآجل والاقتراض وتزويج الفتيات الصغيرات؛ الأمر الذي يتطلب اتخاذ تدابير اجتماعية واقتصادية عاجلة تهدف إلى خلق سبل عيش مرنة توفر شبكات أمان للأطفال الأشد فقرًا وعائلاتهم.
كارثة إنسانية بحق الكبار والصغار الذين يعانون من أسوأ الأوضاع المعيشية، فثلاثي الموت “الحرب والأمراض وسوء التغذية” يعصف بهم، فالأطفال الذين يسلمون من الغارات والمواجهات المسلحة فأنهم يصبحون لقمة سائغة إمام الإمراض الفتاكة وسوء التغذية.